المهدي بقية اللَّه في الأرض


346 - روي الشيخ الصدوق أعلي اللَّه مقامه، بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفيّ، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام يقول: القائم منا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوي له الأرض، وتظهر له الکنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر اللَّه عزّوجلّ به دينه علي الدّين کلّه ولو کره المشرکون، فلا يبقي في الأرض خراب إلّا قد عمر، وينزل روح اللَّه عيسي ابن مريم عليه السلام فيصلّي خلفه، قال: قلت: يا ابن رسول اللَّه متي يخرج قائمکم؟

قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واکتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورکب ذوات الفروج السروج، وقُبلت شهادات الزور، ورُدَّت شهادات العدول، واستخفّ الناس بالدماء وارتکاب الزنا وأکل الربا، واتُّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفيانيّ من الشام، واليمانيّ من اليمن، وخسف بالبَيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلي الله عليه وآله بين الرکن والمقام، اسمه محمّد ابن الحسن النفس الزکيّة، وجاءت صَيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلک خروج قائمنا.

فإذا خرج أسند ظهره إلي الکعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وأوّل ما ينطق به هذه الآية: «بقيّة اللَّه خير لکم إن کنتم مؤمنين» ثمّ يقول: أنا بقيّة اللَّه في أرضه، وخليفته وحجّته عليکم، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال: السلام عليک يا بقيّة اللَّه في أرضه.

فإذا اجتمع إليه العقد، وهو عشرة آلاف رجل، خرج، فلا يبقي في الأرض معبود دون اللَّه عزّوجلّ من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نارٌ فاحترق، وذلک بعد غيبة طويلة، ليعلم اللَّه من يطيعه بالغيب ويؤمن به. [1] .

347 - روي فرات الکوفي معنعناً عن عمر بن ذاهب، قال: قال رجل لجعفر بن محمّد عليه السلام: نسلّم علي القائم بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذلک اسم سمّاه اللَّه به أميرالمؤمنين، لا يسمّي به أحد قبله ولا بعده إلّا کافر، قال: کيف نسلّم عليه؟ قال: تقول: السلام عليک يا بقيّة اللَّه، قال: ثمّ قرأ جعفر: «بقيّةُ اللَّه خَير لکم إن کُنتم مُؤمِنين». [2] .

348 - وروي الصدوق رحمه الله، بإسناده إلي أحمد بن اسحاق قال: دخلت علي العسکري عليه السلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فابتدأني: إنّ اللَّه لا يُخلي الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يخلها إلي أن تقوم الساعة من حجّة له علي خلقه. قلت: ومن الخليفة بعدک؟ فأسرع ودخل البيت، وخرج وعلي عاتقه غلام وقال: لولا کرامتک علي اللَّه وعلي حُججه ما عرضت عليک ابني هذا، إنّه سمّي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وکنيّه، مثله في هذه الأمّة کالخضر وذي القرنَين، ليغيبنّ غيبة لا ينجو مِن الهلکة فيها إلّا مَن ثبّته اللَّه علي القول بإمامته، ووفّقه الدعاء بتعجيل فرجه، ويرجع من هذا الأمر أکثر القائلين به، هذا سرّ اللَّه فخُذ واکتُمه، وکُن من الشاکرين، تکن معنا في علّيين. فقلت: هل مِن علامة؟ فنطق الغلام فقال: أنا بقية اللَّه في أرضه والمنتقم من أعدائه. [3] .

349 - وروي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن الصقر بن أبي دلف، قال: لمّا حمل المتوکل سيّدنا أبا الحسن عليه السلام، جئت لأسال عن خبره، قال:

فنظر إليّ حاجب المتوکل، فأمر أن أدخل إليه، فأُدخلت إليه، فقال:

يا صَقر ما شأنک؟ قلت: خير أيّها الأستاذ، فقال: اقعد، قال صقر: فأخذني ما تقدّم وما تأخّر، وقلت: أخطأتُ في المجي ء، قال: فوحي الناس عنده ثمّ قال: ما شأنک وفيم جئت؟ قلت: لخبر ما، قال: لعلّک جئت تسأل عن خبر مولاک؟ فقلت له: ومَن مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين، فقال: اسکت، مولاک هو الحقّ، لا تحتشمني فإنّي علي مذهبک، فقلت: الحمد للَّه، فقال: اُتحبّ أن تراه؟ فقلت: نعم، فقال: اجلس حتّي يخرج صاحب البريد، قال: فجلست، فلمّا خرج، قال لغلام له: خذ بيد الصقر، فأدخله إلي الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس وخلِّ بينه وبينه.

قال: فأدخلني الحجرة وأومأ إلي بيت، فدخلت فإذا هو عليه السلام جالس علي صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلّمت، فرد عليّ السلام، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست، ثمّ قال لي: يا صقر ما أتي بک؟ قلت: ياسيّدي جئت أتعرّف خبرک. قال: ثمّ نظرت إلي القبر وبکيت، فنظر إليّ وقال: يا صقر لا عليک لن يصلوا إلينا بسوء، فقلت: الحمد للَّه، ثمّ قلت: يا سيّدي حديث يُروي عن النبيّ صلي الله عليه وآله لا أعرف معناه قال: فما هو؟ قلت: قوله صلي الله عليه وآله: لا تعادوا الأيّام فتعاديکم، ما معناه؟ فقال:

نعم، الأيّام نحن، بنا قامت السموات والأرض، فالسبت: اسم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، والأحد أميرالمؤمنين، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق، والأربعاء موسي بن جعفر وعليّ بن موسي ومحمّد بن عليّ وأنا، والخميس ابني الحسن، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحقّ، وهو الّذي يملأها قسطاً وعدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً، فهذا معني الأيّام. ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوکم في الآخرة، ثمّ قال عليه السلام ودِّع واخرُج فلا آمن عليک. [4] .

وفي رواية - إثبات الوصية - والجمعة ابنه، وعليه تجتمع هذه الأمّة، ثمّ قرأ:بسم اللَّه الرحمن الرحيم «بقيّة اللَّه خير لکم إن کنتم مؤمنين» ثمّ قال: نحن بقيّة اللَّه. [5] .

الآية السادسة قوله تعالي: «وارتقبوا إنّي معکم رقيب». [6] .

350 - روي العيّاشيّ بإسناده عن البزنطيّ، قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول اللَّه تعالي: «فارتقبوا إنّي معکم رقيب» وقوله عزّوجلّ: «فانتظِروا إنّي معکم من المنتظرين» [7] فعليکم بالصبر، فإنّه إنّما يجي الفرج علي اليأس، فقد کان الّذين من قبلکم أصبرَ منکم. [8] .

351 - نهج البلاغة: من کلام لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام: الزموا الأرض، واصبروا علي البلاء، ولا تحرّکوا بأيديکم وسيوفکم، وهوي ألسنتکم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لکم، فإنّه من مات منکم علي فراشه وهو علي معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أوقع أجره علي اللَّه واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه، فانّ لکلّ شي ء مدّة وأجلاً. [9] .

352 - روي العيّاشيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن انتظار الفرج فقال: أوليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ ثمّ قال: إنّ اللَّه تبارک وتعالي يقول: «وارتقبوا إنّي معکم رقيب». [10] .

الآية السابعة قوله تعالي: «ولقد آتينا موسي الکتاب فاختُلف فيه ولولا کلمة سبقت من رَّبِّک لَقُضي بَينهُم و إِنَّهُم لَفِي شَکٍّ مِنهُ مُريب». [11] .

353 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي: «ولقد آتينا موسي الکتاب فاختُلف فيه» قال: اختلفوا کما اختلفت هذه الأمّة في الکتاب، وسيختلفون في الکتاب الّذي مع القائم عليه السلام الّذي يأتيهم به، حتّي ينکره ناس کثير، فيقّدمهم فيضرب أعناقهم. [12] .


پاورقي

[1] کمال الدّين 331:1 ح 16؛ بحارالأنوار 191:52.

[2] تفسير فرات 63؛ بحارالأنوار 211:24.

[3] الصراط المستقيم 232-231: 2.

[4] کمال الدّين 382:2 ح 9.

[5] إثبات الوصيّة 225.

[6] هود: 93.

[7] الأعراف: 71؛ يونس 20 و 102.

[8] تفسير العيّاشيّ 20:2 ح 52؛ بحارالأنوار 129:52.

[9] بحارالأنوار 144:52.

[10] تفسير العيّاشيّ 159:2 ح 62؛ بحارالأنوار 379:12.

[11] هود: 110.

[12] تأويل الآيات الظاهرة 51:2 ح 13؛ تفسير الصافي 474:2.