وجوب معرفة المهدي


ولا يکون الإيمان صحيحاً من مؤمن إلّا من بعد علمه بحال مَن يؤمن به، کما قال اللَّه تبارک وتعالي «إلّا مَن شَهِد بالحقّ و هم يَعلمون» [1] فلم يوجِب لهم صحّة ما يشهدون به إلّا مِن بعد علمهم، ثمّ کذلک لن ينفع إيمان مَن آمن بالمهدي القائم عليه السلام حتّي يکون عارفاً بشأنه في حال غيبته، وذلک انّ الائمة: قد أخبروا بغيبته، و وصفوا کونها لشيعتهم فيما نُقل عنهم واستحفظ في الصحف، و دُوِّن في الکتب المؤلّفة من قبل أن تقع الغَيبة بمائتي سنة أو أقل أو أکثر، فليس أحد من أتباع الائمّة عليهم السلام إلّا وقد ذکر ذلک في کثير من کتبه ورواياته، ودوَّنه في مصنفاته. وهي الکتب الّتي تُعرف بالأصول مدوَّنة عند شيعة آل محمّد عليهم السلام من قبل الغَيبة بما ذکرنا من السنين، وقد أخرجت ما حضرني من الأخبار المسندة في الغَيبة في هذا الکتاب في مواضعها، فلا يخلو حال هؤلاء الأتباع المؤلّفين للکتب أن يکونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغَيبة، فأ لّفوا ذلک في کتبهم ودوَّنوه في مصنّفاتهم من قبل کونها، وهذا محال عند أهل اللُبّ والتحصيل، أو أن يکونوا قد أسّسوا في کتبهم الکذب، فاتّفق الأمر لهم کما ذکروا، وتحقّق کما وضعوا من کذبه بهم علي بُعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم ومحالهم، وهذا أيضاً محال کسبيل الوجه الأول، فلم يبق في ذلک إلّا أ نّهم حفظوا عن أئمّتهم المستحفظين للوصيّة، عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من ذِکر الغَيبة وصفة کونها في مقام بعد مقام إلي آخر المقامات ما دوَّنوه في کتبهم وأ لّفوه في أصولهم، وبذلک وشِبهه فلج الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل کان زهوقاً.

و إنّ خصومنا ومخالفينا من أهل الأهواء المضلّة قَصدوا لدفع الحقّ وعناده بما وقع من غيبة صاحب زماننا القائم عليه السلام واحتجابه عن أبصار المشاهدين، ليُلبسوا بذلک علي مَن لم تکن معرفته متقنة، ولا بصيرته مستحکمة.


پاورقي

[1] الزخرف: 86.