معجزات الامام الحسن العسکري
170 - و روي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي الصبهان [1] قال: لما مات أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسي عليهم السلام وضع لابي الحسن علي بن محمد عليهما السلام کرسي فجلس عليه، و کان أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام قائما في ناحية فلما فرغ من غسل أبي جعفر التفت أبو الحسن إلي أبي محمد عليهما السلام.
فقال: يا بني أحدث لله شکرا فقد أحدث فيک أمرا [2] .
و أما معجزاته الدالة علي إمامته فأکثر من أن تحصي منها:
171 - ما رواه سعد بن عبد الله الاشعري، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: کنت عند أبي محمد عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن، فدخل رجل طويل جسيم فسلم عليه بالولاية فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟.
[ صفحه 204]
فقال أبو محمد عليه السلام: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع فيها آبائي بخواتيم فانطبعت.
ثم قال: هاتها فأخرج حصاة، و في جانب منها موضع أملس [3] فطبع فيها فانطبع، و کأني أقرأ نقش خاتمه الساعة الحسن بن علي ثم نهض الرجل و هو يقول: رحمة الله و برکاته عليکم أهل البيت ذرية بعضها من بعض، أشهد أن حقک الحق الواجب کوجوب حق أمير المؤمنين و الائمة عليهم السلام، و إليک انتهت الحکمة و الولاية، وأنک ولي الله الذي لا عذر لاحد في الجهل بک.
فسألته عن إسمه فقال: إسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم، و هي الاعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه السلام تمام الحديث [4] .
172 - و روي علي بن محمد بن زياد الصيمري [5] قال: دخلت علي أبي
[ صفحه 205]
أحمد بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر و بين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيها.
إني نازلت الله في هذا الطاغي - يعني المستعين - و هو آخذه بعد ثلاث، فلما کان اليوم الثالث خلع، و کان من أمره ما کان إلي أن قتل [6] .
173 - و روي سعد بن عبد الله، عن أبي هاشم الجعفري قال: کنت محبوسا مع أبي محمد عليه السلام في حبس المهتدي بن الواثق فقال لي: يا با هاشم إن هذا الطاغي أراد أن يعبث [7] بالله في هذه اللية و قد بتر الله عمره و جعله للقائم من بعده، و لم يکن لي [8] ولد، و سأرزق ولدا.
قال أبو هاشم: فلما أصبحنا شغب الاتراک علي المهتدي فقتلوه و ولي المعتمد مکانه، و سلمنا الله تعالي [9] .
[ صفحه 206]
174 - و أخبرني جماعة، عن التلعکبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن الحسين بن علي، عن محمد بن الحسن بن رزين قال: حدثني أبو الحسن الموسوي الخيبري قال: حدثني أبي أنه کان يغشي أبا محمد عليه السلام بسر من رأي کثيرا و أنه أتاه يوما فوجده و قد قدمت إليه دابته ليرکب إلي دار السلطان، و هو متغير اللون من الغضب، و کان يجيئه رجل من العامة، فإذا رکب دعا له و جاء بأشياء يشيع بها عليه، فکان عليه السلام يکره ذلک.
فلما کان ذلک اليوم زاد الرجل في الکلام و ألح فسار حتي انتهي إلي مفرق الطريقين، و ضاق علي الرجل أحدهما من الدواب فعدل إلي طريق يخرج منه و يلقاه فيه، فدعا عليه السلام ببعض خدمه و قال له: أمض فکفن هذا فتبعه الخادم.
فلما انتهي عليه السلام إلي السوق و نحن معه، خرج الرجل من الدرب ليعارضه، و کان في الموضع بغل واقف، فضربه البغل فقتله، و وقف الغلام فکفنه کما أمره، و سار عليه السلام و سرنا معه [10] .
175 - و روي سعد بن عبد الله، عن داود بن قاسم الجعفري قال: کنت عند أبي محمد عليه السلام فقال: إذا قام القائم يهدم المنار [11] و المقاصير التي في المساجد.
[ صفحه 207]
فقلت في نفسي لاي معني هذا؟.
فأقبل علي فقال: معني هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي و لا حجة [12] .
176 - و بهذا الاسناد، عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ليتني لا أؤاخذ إلا بهذا، فقلت في نفسي إن هذا لهو الدقيق، ينبغي للرجل أن يتفقد من أمره و من نفسه کل شيء، فأقبل علي أبو محمد عليه السلام فقال: يا أبا هاشم صدقت فالزم ما حدثت به نفسک فإن الاشراک في الناس أخفي من دبيب الذر علي الصفا في الليلة الظلماء و من دبيب الذر علي المسح [13] الاسود [14] .
[ صفحه 208]
177 - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد [15] قال: أخبرني أبو الهيثم بن سيابة أنه کتب - إليه لما أمر المعتز بدفعه إلي سعيد الحاجب عند مضيه إلي الکوفة و أن يحدث فيه ما يحدث به الناس بقصر ابن هبيرة - جعلني الله فداک بلغنا خبر قد أقلقنا و أبلغ منا.
فکتب عليه السلام إليه: بعد ثالث يأتيکم الفرج فخلع المعتز اليوم الثالث [16] .
178 - أخبرني جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن أبي الحسين محمد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني [17] قال: قال بشر بن سليمان النخاس - و هو من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن و أبي محمد عليهما السلام و جارهما بسر من رأي - أتاني کافور الخادم [18] فقال: مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسکري عليهما السلام يدعوک إليه فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي: يا بشر إنک من ولد الانصار و هذه الموالاة لم تزل فيکم يرثها خلف عن سلف، و أنتم ثقاتنا أهل البيت، و إني مزکيک و مشرفک بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة (بها) [19] بسر أطلعک عليه، و أنفذک في ابتياع أمة فکتب کتابا لطيفا بخط رومي و لغة رومية و طبع عليه خاتمه و أخرج شقيقة [20] صفراء فيها مائتان و عشرون دينارا، فقال: خذها و توجه بها إلي بغداد و أحضر معبر الفرات ضحوة
[ صفحه 209]
يوم کذا، فإذا وصلت إلي جانبک زواريق السبايا وتري الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وکلاء قواد بني العباس و شرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلک فاشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارک إلي أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها کذا و کذا، لابسة حريرين صفيقين [21] تمتنع من العرض، و لمس المعترض و الانقياد لمن يحاول لمسها، و تسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول و اهتک ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: علي ثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود، و علي شبه ملکه ما بدت لي فيک رغبة فاشفق علي مالک.
فيقول النخاس: فما الحيلة و لا بد من بيعک.
فتقول الجارية: و ما العجلة و لا بد من اختيار مبتاع يسکن قلبي إليه و إلي وفائه و أمانته.
فعند ذلک قم إلي عمر بن يزيد النخاس [22] و قل له: إن معک کتابا ملصقا [23] لبعض الاشراف کتبه بلغة رومية وخط رومي و وصف فيه کرمه و وفاءه و نبله و سخاءه، فناولها [24] لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه و رضيته فأنا وکيله في ابتياعها منک.
قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية فلما نظرت في الکتاب بکت بکاء شديدا و قالت لعمر [25] بن يزيد:
[ صفحه 210]
بعني من صاحب هذا الکتاب، و حلفت بالمحرجة و المغلظة [26] إنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت أشاحه في ثمنها حتي استقر الامر فيه علي مقدار ما کان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير فاستوفاه (مني) [27] و تسلمت الجارية ضاحکة مستبشرة، و انصرفت بها إلي الحجيرة التي کنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتي أخرجت کتاب مولانا عليه السلام من جيبها و هي تلثمه و تطبقه علي جفنها و تضعه علي خدها و تمسحه علي بدنها [28] .
فقلت تعجبا منها تلثمين کتابا لا تعرفين صاحبه.
فقالت أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني [29] سمعک و فرغ لي قلبک، أنا ملکية [30] بنت يشوعا [31] بن قيصر ملک الروم، و أمي من ولد الحواريين تنسب إلي وصي المسيح شمعون أنبئک بالعجب.
إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه و أنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين و الرهبان ثلاثمائة رجل، و من ذوي الاخطار منهم سبعمأة رجل، و جمع من أمراء الاجناد و قواد العسکر و نقباء الجيوش و ملوک العشائر أربعة آلاف، و أبرز من بهي ملکه عرشا مصنوعا [32] من أصناف الجوهر (إلي صحن القصر) [33] ، و رفعه [34] فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه و أحدقت الصلب [35] ، و قامت الا ساقفة عکفا، و نشرت أسفار
[ صفحه 211]
الانجيل، تسافلت الصلب من الاعلي فلصقت بالارض و تقوضت أعمدة العرش، فانهارت إلي القرار، و خر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الا ساقفة و ارتعدت فرائصهم، فقال کبيرهم (لجدي) [36] : أيها الملک أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال دولة هذا الدين المسيحي و المذهب الملکاني، فتطير جدي من ذلک تطيرا شديدا و قال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة و ارفعوا الصلبان و أحضروا أخا هذا المدبر العاثر [37] المنکوس جده لازوجه هذه الصبية، فيدفع [38] نحوسه عنکم بسعوده، فلما [39] فعلوا ذلک حدث علي الثاني (مثل) [40] ما حدث علي الاول و تفرق الناس، و قام جدي قيصر مغتما فدخل منزل النساء و أرخيت الستور و أريت في تلک الليلة کأن المسيح و شمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي و نصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا و ارتفاعا في الموضع الذي کان نصب جدي فيه عرشه، و دخل عليهم محمد صلي الله عليه و آله و ختنه و وصيه عليه السلام وعدة من أبنائه عليهم السلام.
فتقدم المسيح إليه فاعتنقه فيقول له محمد صلي الله عليه و آله: يا روح الله إني جئتک خاطبا من وصيک شمعون فتاته مليکة لابني هذا - و أومأ بيده إلي أبي محمد عليه السلام ابن صاحب هذا الکتاب فنظر المسيح إلي شمعون و قال (له) [41] : قد أتاک الشرف فصل رحمک رحم [42] آل محمد عليهم السلام قال: قد فعلت، فصعد ذلک المنبر فخطب محمد صلي الله عليه و آله و سلم و زوجني من
[ صفحه 212]
ابنه، و شهد المسيح عليه السلام و شهد أبناء محمد عليهم السلام و الحواريون.
فلما استيقظت أشفقت أن أقص هذه الرؤيا علي أبي وجدي مخافة القتل فکنت [43] أسرها و لا أبديها لهم، و ضرب صدري بمحبة أبي محمد عليه السلام حتي امتنعت من الطعام و الشراب فضعفت [44] نفسي ودق [45] شخصي، و مرضت مرضا شديدا، فما بقي في [46] مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي و سأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني و هل [47] يخطر ببالک شهوة فأزودکها في هذه الدنيا، فقلت: يا جدي أري أبواب الفرج علي مغلقة فلو کشفت العذاب عمن في سجنک من أساري المسلمين، و فککت عنهم الاغلال، و تصدقت عليهم و منيتهم الخلاص رجوت أن يهب (لي) [48] المسيح و أمه عافية.
فلما فعل ذلک تجلدت في إظهار الصحة من بدني قليلا و تناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلک و أقبل علي إکرام الاساري و إعزازهم، فأريت [أيضا] [49] بعد أربع عشرة ليلة کأن سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام قد زارتني و معها مريم ابنة عمران و ألف من وصائف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجک أبي محمد عليه السلام فأتعلق بها و أبکي و أشکو إليها امتناع أبي محمد عليه السلام من زيارتي.
فقالت سيدة النساء عليها السلام: إن ابني أبا محمد لا يزورک، و أنت مشرکة بالله علي مذهب النصاري، و هذه أختي مريم بنت عمران تبرأ [50] إلي الله
[ صفحه 213]
تعالي من دينک، فإن ملت إلي رضي الله و رضي المسيح و مريم عليهما السلام و زيارة أبي محمد إياک فقولي [51] أشهد أن لا إله إلا الله و أن أبي محمدا رسول الله، فلما تکلمت بهذه الکلمة ضمتني إلي صدرها سيدة نساء العالمين عليها السلام و طيبت نفسي و قالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد فإني منفذته إليک فانتبهت و أنا أنول [52] و أتوقع لقاء أبي محمد عليه السلام.
فلما کان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد عليه السلام و کأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبک فقال ما کان تأخري عنک إلا لشرکک، فقد أسلمت و أنا زائرک في کل ليلة إلي أن يجمع الله تعالي شملنا في العيان.
فما قطع عني زيارته بعد ذلک إلي هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: و کيف وقعت في الاساري فقالت: أخبرني أبو محمد عليه السلام ليلة من الليالي أن جدک سيسير جيشا إلي قتال المسلمين يوم کذا و کذا ثم يتبعهم، فعليک باللحاق بهم متنکرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق کذا، ففعلت ذلک فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي کان من أمري ما رأيت و شاهدت، و ما شعر بأني ابنة ملک الروم إلي هذه الغاية أحد سواک، و ذلک باطلاعي إياک عليه، و لقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنکرته و قلت نرجس، فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب أنک رومية و لسانک عربي؟ قالت: نعم من ولوع جدي و حمله إياي علي تعلم الآداب أن أوعز [53] إلي إمرأة ترجمانة لي [54] في الاختلاف إلي و کانت تقصدني صباحا و مساء و تفيدني العربية حتي استمر لساني عليها و استقام.
قال بشر: فلما انکفأت بها إلي سر من رأي دخلت علي مولاي أبي الحسن
[ صفحه 214]
عليه السلام فقال: کيف أراک الله عز الاسلام و ذل النصرانية و شرف محمد و أهل بيته عليهم السلام؟ قالت: کيف أصف لک يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني، قال: فإني أحببت [55] أن أکرمک فما [56] أحب إليک، عشرة آلاف دينار أم بشري لک بشرف الابد؟ قالت: بشري بولد لي قال لها: أبشري بولد يملک الدنيا شرقا و غربا و يملا الارض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن؟ قال: ممن خطبک رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم له ليلة کذا في شهر کذا من سنة کذا بالرومية (قالت من المسيح و وصيه؟) [57] قال لها ممن [58] زوجک المسيح عليه السلام و وصيه؟ قالت: من ابنک أبي محمد عليه السلام؟ فقال: [59] هل تعرفينه؟ قالت: و هل خلت ليلة لم يرني [60] فيها منذ الليلة التي أسلمت علي يد سيدة النساء صلوات الله عليها، قال: فقال مولانا: يا کافور أدع أختي حکيمة، فلما دخلت قال لها: ها هيه [61] فاعتنقتها طويلا و سرت [62] بها کثيرا، فقال لها أبو الحسن عليه السلام: يا بنت رسول الله خذيها إلي منزلک و علميها الفرائض و السنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام [63] .
[ صفحه 215]
179 - و أخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسي التلعکبري رحمه الله قال: کنت في دهليز أبي علي محمد بن همام رحمه الله علي دکة إذ مر بنا شيخ کبير عليه دراعة، فسلم علي أبي علي بن همام فرد عليه السلام و مضي.
فقال لي: أ تدري من هو هذا؟ فقلت: لا.
فقال: هذا شاکري [64] لسيدنا أبي محمد عليه السلام، أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئا؟ قلت: نعم فقال لي: معک شيء تعطيه؟ فقلت له: معي درهمان صحيحان، فقال: هما يکفيانه.
فمضيت خلفه فلحقته فقلت له: أبو علي يقول لک تنشط للمصير [65] إلينا؟ فقال: نعم، فجئنا إلي أبي علي بن همام فجلس إليه فغمز بي [66] أبو علي أن أسلم إليه الدرهمين [فسلمتها إليه] [67] ، فقال لي: ما يحتاج [68] إلي هذا، ثم أخذهما فقال له أبو علي بن همام: يا با عبد الله محمد! حدثنا عن أبي محمد عليه السلام ما رأيت.
فقال: کان أستاذي صالحا من بين العلويين لم أر قط مثله، و کان يرکب بسرج صفته بزيون [69] مسکي و أزرق قال: و کان يرکب إلي دار الخلافة بسر من رأي في کل اثنين و خميس قال: و کان يوم النوبة يحضر من الناس شيء عظيم،
[ صفحه 216]
و يغص الشارع بالدواب و البغال و الحمير و الضجة، فلا [70] يکون لاحد موضع يمشي و لا يدخل بينهم.
قال: فإذا جاء أستاذي سکنت [71] الضجة، و هدأ صهيل الخيل و نهاق الحمير، قال: و تفرقت البهائم حتي يصير الطريق واسعا لا يحتاج (أن يتوقي من الدواب تحفه [72] ليزحمها) [73] ثم يدخل فيجلس في مرتبته التي جعلت له، فإذا أراد الخروج و صاح البوابون: هاتوا دابة أبي محمد سکن صياح الناس و صهيل الخيل، فتفرقت [74] الدواب حتي يرکب و يمضي.
و قال الشاکري: و استدعاه يوما الخليفة وشق ذلک عليه، و خاف أن يکون قد سعي به إليه بعض من يحسده علي مرتبته من العلويين و الهاشميين، فرکب و مضي إليه، فلما حصل في الدار قيل له: إن الخليفة قد قام و لکن أجلس في مرتبتک أو انصرف [75] قال: فانصرف و جاء [76] إلي سوق الدواب و فيها الضجة و المصادمة و اختلاف الناس شيء کثير.
فلما دخل إليها سکن الناس وهدأت الدواب.
قال: و جلس إلي نخاس کان يشتري له الدواب قال: فجئ له بفرس کبوس لا يقدر أحد أن يدنو منه قال: فباعوه إياه بوکس [77] فقال [لي) [78] يا محمد قم فاطرح السرج عليه قال: فقلت [79] : إنه لا يقول لي ما يؤذيني، فحللت الحزام و طرحت السرج [عليه] [80] .
[ صفحه 217]
فهدأ و لم يتحرک وجئت به لامضي به فجاء النخاس فقال لي: ليس يباع، فقال لي: سلمه إليهم قال: فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاته ذهب منه منهزما.
قال: و رکب و مضينا فلحقنا النخاس فقال: صاحبه يقول: أشفقت أن يرد، فإن کان [قد] [81] علم ما فيه من الکبس فليشتره فقال لي [82] أستادي.
قد علمت فقال: قد بعتک، فقال: [لي] [83] خذه فأخذته [قال:] [84] فجئت به إلي الاصطبل فما تحرک و لا آذاني ببرکة أستاذي.
فلما نزل جاء إليه و أخذ أذنه اليمني فرقاه ثم أخذ أذنه اليسري فرقاه فو الله لقد کنت أطرح الشعير له فأفرقه بين يديه، فلا يتحرک، هذه ببرکة أستاذي.
قال أبو محمد: قال أبو علي بن همام هذا الفرس يقال له الصؤل [85] قال: يرجم بصاحبه حتي يرجم به الحيطان و يقوم علي رجليه و يلطم صاحبه.
قال محمد الشاکري: کان أستاذي أصلح من رأيت من العلويين و الهاشميين، ما کان يشرب هذا النبيذ، کان يجلس في المحراب و يسجد فأنام و أنتبه و أنام و هو ساجد، و کان قليل الاکل، کان يحضره التين و العنب و الخوخ و ما شاکله، فيأکل منه الواحدة و الثنتين، و يقول: شل هذا يا محمد إلي صبيانک، فأقول هذا کله فيقول خذه ما رأيت قط أسدي منه [86] .
فهذه بعض دلائله و لو استوفيناها لطال به الکتاب و کان مع إمامته من أکرم الناس و أجودهم.
[ صفحه 218]
پاورقي
[1] قال الشيخ في الفهرست: محمد بن أبي الصهبان و اسم أبي الصهبان عبد الجبار، له روايات، وعده في رجاله تارة في أصحاب الجواد عليه السلام قائلا: محمد بن عبد الجبار و أخري في أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: محمد بن عبد الجبار و هو ابن أبي الصهبان، قمي، ثقة و ثالثة في أصحاب العسکري عليه السلام قائلا: محمد بن أبي الصهبان قمي، ثقة، و رابعة فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام قائلا: محمد بن أبي الصهبان عبد الجبار.
[2] عنه البحار: 50 / 243 ح 12 و إثبات الهداة: 3 / 395 ح 23.
و روي ذيله في إثبات الوصية: 207 بسند آخر.
[3] أي موضع: ليس بها شيء.
[4] عنه البحار: 50 / 302 صدر ح 78 مفصلا و عن إعلام الوري: 353 - عن ابن عياش بسنده عن سعد - کشف الغمة: 2 / 418 من دلائل الحميري مختصرا - و عن الخرائج: 1 / 428 ح 7 عن أبي هاشم الجعفري.
و في ج 25 / 179 صدر ح 3 عن إعلام الوري و کتابنا هذا و الکافي: 1 / 347 ح 4 باختلاف.
و صدره في إثبات الهداة: 3 / 399 ح 1 عنها.
و أخرجه في کشف الغمة: 2 / 431 عن إعلام الوري.
و في مدينة المعاجز: 564 ح 31 عن الکافي و ابن عياش.
و رواه في إثبات الوصية: 211 بإسناده عن أبي هاشم الجعفري نحوه مختصرا، و في ثاقب المناقب: 245 عن أبي هاشم کما في الکافي و أورده ابن شهر اشوب في مناقبه: 4 / 441.
و قد تقدمت الاشارة إلي هذه القصة في ح 83.
[5] کذا في إثبات الوصية: قائلا: صهر جعفر بن محمود الوزير علي إبنة أم أحمد و کان رجلا من وجوه الشيعة و ثقاتهم و مقدما في الکتابة و الادب و العلم و المعرفة.
و قد عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: علي بن زياد الصيمري.
و أخري من أصحاب العسکري عليه السلام قائلا: علي بن محمد الصيمري و ذکره البرقي في أصحاب الهادي و العسکري عليهما السلام بمثل ما ذکره الشيخ، و في الاصل عمر بن محمد بن ريان الصيمري، و في البحار، عمرو بن محمد بن ريان الصيمري، و في نسخ أ، ف، م عمر بن محمد بن زياد الصيمري.
[6] عنه إثبات الهداة: 3 / 412 ح 45.
و في البحار: 50 / 248 ح 2 عنه و عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 430 - نقلا من الطوسي - و عن الخرائج: 1 / 429 ح 8 عن علي بن محمد بن زياد الصيمري.
و أخرجه في البحار المذکور: 313 عن مهج الدعوات: 274 عن الصيمري.
و في إثبات الهداة: 3 / 419 ح 66 عن الخرائج و کشف الغمة: 2 / 417 نقلا من دلائل الحميري نحوه.
و في کشف الغمة: 2 / 428 عن الخرائج.
و في مدينة المعاجز: 566 ح 49 عن دلائل الامامة: 225 نحوه.
و رواه في إثبات الوصية: 211 عن محمد بن عمر الکاتب، عن علي بن محمد بن زياد الصيمري باختلاف في آخره.
و في الصراط المستقيم: 2 / 206 ح 6 مختصرا.
و لا حظ تعليقة ح 177.
[7] في البحار و نسخ أ، ف، م يتعبث.
[8] في البحار: له.
[9] عنه إثبات الهداة: 3 / 412 ح 46 و في البحار: 50 / 303 ح 79 عنه و عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 430 مختصرا نقلا من الطوسي.
و في ص 313 عن مهج الدعوات: 274 نحوه.
و رواه في إثبات الوصية: 215 عن سعد باختلاف مع زيادة في آخره.
و يأتي في ح 187 أيضا.
[10] عنه إثبات الهداة: 3 / 412 ح 47.
و أخرجه في البحار: 50 / 276 ح 50 عن الخرائج: 2 / 783 ح 109 مثله و مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 430 مختصرا.
و في مدينة المعاجز: 578 ح 116 عن المناقب.
[11] في نسخ أ، ف، م أمر بهدم المنار و في البحار: أمر بهدم المنائر.
[12] عنه البحار: 52 / 323 ح 32 و في ج 83 / 376 ح 44 عنه و عن کشف الغمة: 2 / 418 نقلا من دلائل الحميري عن أبي هاشم.
و في ج 50 / 250 ح 3 عنهما و عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 437 عن أبي هاشم باختلاف و إعلام الوري: 355 نقلا من کتاب ابن عياش بإسناده عن أبي هاشم الجعفري.
و في إثبات الهداة: 3 / 412 ح 48 عن کتابنا هذا و عن إعلام الوري و الکشف و الخرائج: 1 / 453 ح 39 باختلاف يسير.
و صدره في ص 526 ح 425 عن إعلام الوري، و في ص 506 ح 311 عن کتابنا هذا.
و في مستدرک الوسائل: 3 / 379 ح 1 (ط ج) عن الکشف و إثبات الوصية: 215 عن سعد باختلاف في أوله.
و صدره في ص 384 ح 1 عن کتابنا هذا و إثبات الوصية.
[13] المسح: بکسر الميم البلاس، و هو البساط من شعر يقعد عليه (حاشية نسخة الاصل).
[14] عنه البحار: 73 / 359 ح 78 و مستدرک الوسائل: 11 / 351 ح 13 و في البحار 50 / 250 ح 4 عنه و عن مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 439.
و کشف الغمة: 2 / 420 - نقلا من دلائل الحميري عن أبي هاشم الجعفري - و إعلام الوري: 355 نقلا من کتاب ابن عياش بإسناده عن أبي هاشم الجعفري.
و في إثبات الهداة: 3 / 412 ح 49 عن کتابنا هذا و عن إعلام الوري و الخرائج: 2 / 688 ح 11 و کشف الغمة و تنبيه الخواطر: 2 / 7 عن أبي هاشم الجعفري.
و رواه في إثبات الوصية: 212 عن الحميري عن أبي هاشم، و في ثاقب المناقب: 248 عن أبي هاشم الجعفري باختلاف يسير.
و نحو صدره في الفصول المهمة: 285 عن أبي هاشم.
[15] قال النجاشي: أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل أبو جعفر، کوفي، ثقة، من أصحابنا، جده عمر بن يزيد بياع السابري، روي عن أبي عبد الله و أبي الحسن عليهما السلام.
[16] عنه البحار: 50 / 251 ح 5 و إثبات الهداة: 3 / 413 ح 50.
قال في مهج الدعوات: 274 بعد نقل ح 172، أقول: فهذا من أخبار مولانا الحسن العسکري عليه السلام مع المستعين و أما تعرض المسمي بالمعتز الخليفة من بني عباس لمولانا الحسن العسکري عليه السلام فقد رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي ثم ذکر الحديث.
[17] في نسخ أ، ف، م الدهني.
[18] عده الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: کافور الخادم ثقة.
[19] ليس في البحار.
[20] الشقيقة تصغير شقة و هو بالکسر و الضم و هو ما شق من ثوب و نحوه و في البحار: الشقة.
[21] الصفيق من الثوب ما کثف نسجه.
[22] في نسخ أ، ف، م عمرو بن يزيد النخاس.
[23] في البحار و نسخة ح ملطفة.
[24] في البحار: تناولها.
[25] في نسخ أ، ف، م عمرو بن يزيد.
[26] المغلظة: المؤکدة من اليمين، والمحرجة: اليمين التي تضيق مجال الحالف بحيث لا يبقي له مندوحة عن بر قسمه (هامش البحار).
[27] ليس في البحار.
[28] في نسخ أ، ف، م يديها.
[29] من الاعارة أي أعطيني سمعک عارية.
[30] في البحار و نسختي أ، م مليکة.
[31] في نسخة ف يوشعا.
[32] في البحار: مساغا و في نسخ أ، ف، م مصاغا.
[33] ليس في البحار.
[34] في نسخ أ، ف، م فرفعه.
[35] في نسخ أ، ف، م بالصلب.
[36] ليس في نسخة ف .
[37] في البحار و نسخة ح العاهر و في نسخة ف القاهر، و العاثر: الکذاب کما في لسان العرب.
[38] في نسخة ف فيرفع.
[39] في البحار: و لما.
[40] ليس في نسخ أ، ف، م .
[41] ليس في نسخة ف .
[42] في البحار: برحم آل محمد.
[43] في نسخ أ، ف، م و کنت.
[44] في نسخة ف و ضعفت.
[45] في نسختي أ، ف ورق.
[46] في نسخ أ، ف، م من.
[47] في البحار: هل يخطر.
[48] ليس في البحار و نسخ أ، ف، م .
[49] من البحار و نسخ أ، ف، م .
[50] في نسخة ف تتبرأ.
[51] في نسخ أ، ف، م فتقولي.
[52] نالت المرأة بالحديث أو الحاجة نوالا: سمحت أو همت (لسان العرب).
و في نسخ الاصل: أقول و ما أثبتناه (من البحار).
[53] أوعز إليه في کذا أي تقدم.
[54] في البحار و نسخ أ، ف، م له.
[55] في البحار: أحب.
[56] في البحار: فأيما.
[57] ليس في البحار و نسخ أ، ف، م .
[58] في نسخ أ، ف، م فمن.
[59] في نسخ أ، ف، م قال.
[60] في البحار: لم يزرني.
[61] في نسخة ف هي ها هيه.
[62] في نسخ أ، ف، م مالت.
[63] عنه البحار: 51 / 6 ح 12، و في ص 10 ح 13 عن کمال الدين: 418 ذح 1 بإسناده عن أبي الحسين محمد بن يحيي الشيباني نحوه.
و في إثبات الهداة: 3 / 363 ح 17 عنهما، و في ص 408 ح 37 عنهما مختصرا.
و أخرجه في منتخب الانوار المضيئة: 51 - 60 عن ابن بابويه و في حلية الابرار: 2 / 515 عن ابن بابويه و مسند فاطمة (دلائل الامامة).
و رواه في دلائل الامامة: 262 عن أبي المفضل باختلاف.
و أورده في روضة الواعظين: 252 عن بشر بن سليمان مثله.
و في مناقب ابن شهر اشوب: 4 / 440 عن بشر بن سليمان النخاس مختصرا.
[64] الشاکري: الاجير و المستخدم، معرب شاکر (القاموس).
[65] في نسختي ف أ، تبسط المصير.
[66] في البحار و نسخ أ، ف، م فغمزني.
[67] من نسخ أ، ف، م .
[68] في نسخ أ، ف، م ما نحتاج.
[69] البزيون کالعصفور: السندس (هامش الاصل) في نسخ أ، ف، م و ينغض.
[70] في نسخ أ، ف، م و لا يکون.
[71] في نسخة ف سکتت.
[72] في البحار: نحفه.
[73] بدل ما بين القوسين في نسخة ف إلي أن توقي الدواب بحقه ليرجمها.
[74] في البحار: و تفرقت.
[75] في نسخ أ، ف، م و انصرفت.
[76] في الاصل: فجاء.
[77] الوکس: النقص.
[78] من البحار و نسخ أ، ف، م .
[79] في نسخ أ، ف، م فقمت فعلمت.
[80] من نسخ أ، ف، م .
[81] من نسخ أ، ف، م .
[82] في البحار و نسخ أ، ف، م له.
[83] من البحار و نسختي ف، م .
[84] من نسختي ف، م .
[85] قال في الصحاح: قال أبو زيد: صؤل البعير - بالهمز - يصؤل صآلة: إذا صار يقتل الناس و يعدو عليهم، فهو جمل صؤول.
[86] عنه البحار: 50 / 251 ح 6 و قطعة منه في إثبات الهداة: 3 / 413 ح 51.
و أخرجه في حلية الابرار: 2 / 500 عن دلائل الامامة: 226.