نبذة من حالات النواب الاربعة و السفراء في الغيبة الصغري


في ذکر نبذة من أحوال النواب الاربعة و السفراء في الغيبة الصغري رضوان الله تعالي عليهم:

قال الصدوق حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال کنت عند الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه مع جماعة فيهم علي بن عيسي القصري فقام اليه رجل فقال له: اني اريد أن اسألک عن شي ء فقال له: سل عما بدالک فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي عليه السلام أهو ولي الله؟ قال: نعم.

قال: أخبرني عن قاتله أهو عدو الله قال: نعم قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله عزوجل عدوه وليه؟ فقال له أبوالقاسم الحسين بن روح قدس الله روحه:



[ صفحه 92]



افهم عني ما أفول لک اعلم ان الله عزوجل لايخاطب الناس بمشاهدة العيان و لا يشافههم بالکلام، ولکنه جل جلاله يبعث اليهم رسلا من أجناسهم و اصناقهم بشرا مثلهم، و لو بعث اليهم رسلا من غير صنفهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤوهم و کانوا من جنسهم يأکلون الطعام و يمشون في الاسواق قالوا لهم: انتم بشر مثلنا و لا نقبل منکم تي تأتوننا بشي ء نعجز أن تأتي بمثله فنعلم أنکم مخصوصون دوننا بما لانقدر عليه فجعل الله عزوجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها.

فمنهم من جاء بالطوفان بعد الانذار و الاعذار، فغرق جميع من طغي و تمرد و منهم من ألقي في النار فکانت بردا و سلاما.

و منهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة و أجري من ضرعها لبنا.

و منهم من فلق له البحر و فجر له من الحجر العيون و جعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفکون.

و منهم من ابرأ الاکمه و الايرص و أحيي الموتي باذن الله، و انبأهم بما يأکلون و ما يدخرون في بيوتهم.

و منهم من انشق له القمر و کلمته البهائم مثل البعير و الذئب و غير ذلک.

فلما أنوا بمثل ذلک و عجز الخلق عن أمرهم، و عن أن يأتوا بمثله کان من تقدير الله عزوجل و لطفه و حکمته أن جعل انبيائه عليهم السلام مع هذه القدرة و المعجزة في حالة غالبين و في اخري مغلوبين و في حال قاهرين و في اخري مقهورين و لو جعلهم الله عزوجل في جميع احوالهم غالبين و قاهرين و لم يبتلهم و لم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل و لما عرف فضل صبرهم علي البلاء و المحن و الاختيار.

ولکنه عزوجل جعل احوالهم في ذلک کاحوال غيرهم ليکونوا في حال المحنة



[ صفحه 93]



و البلاء صابرين و في حال العافية و الظهور علي الاعداء شاکرين، و يکونوا في جميع احوالهم متواضعين غير شامخين و لا متجبرين.

وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام الها هو خالقهم و مدبرهم فيعبدوه و يطيعوا رسله و تکون حجة الله ثابتة علي من تجاوز الحدفيهم و ادعي لهم الربوبية أو عاند أو خالف و عصي و جحد بما أنت به الرسل و الانبياء عليهم السلام «ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة».

قال محمد بن ابراهيم بن اسحاق رضي الله عنه فعدت الي الشيخ ابي القاسم بن روح قدس الله روحه من الغد و أنا اقول في نفسي: أتراه ذکر ما ذکر لنا يوم أمس من عند نفسه فابتدأني فقال لي: يامحمد بن ابراهيم لان أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مکان سحيق أحب الي من أن اقول في دين الله عزوجل برأيي أو من عند نفسي بل ذلک عن الاصل و مسموع عن الحجة صلوات الله عليه و سلامه» [1] .

قال الشيخ الطوسي اخبرني الحسين بن عبيدالله (استاذه) عن أبي الحسن محمد بن احمد بن داود القمي قال حدثني سلامة بن محمد قال أنفذ الشيخ الحسين بن روح -رضي الله عنه- کتاب التأديب الي قم و کتب الي جماعة الفقهاء بها و قال لهم: أنظروا في هذا الکتاب و انظروا فيه شي ء يخالفکم؟ فکتبوا اليه انه کله صحيح و ما فيه شي ء يخالف الا قوله: الصاع في الفطرة نصف صاع من طعام و الطعام عندنا مثل الشعير من کل واحد صاع». [2] .

و قال الشيخ الصدوق اخبرنا محمد بن علي بن متيل قال: کانت امرأة يقال لها: زينب من أهل آية و کانت امرأة محمد بن عبديل الايي معها ثلاثمائة دينار



[ صفحه 94]



فصارت الي عمي جعفر بن محمد بن متيل و قالت: أحب ان أسلم هذا المال من يد الي يد ابي القاسم بن روح قال: فأنفدني معها أترجم عنها فلما دخلت علي أبي القاسم رضي الله عنه أقبل يکلمها بلسان آبي فصيح فقال لها: «زينب! چونا، خوبذا، کوابذا، چون استه» [3] و معناه کيف انت؟ و کيف کنت؟ و ما خبر صبيانک؟ قال: فاستغنت عن الترجمة و سلمت المال و رجعت» [4] .

و قال الشيخ الطوسي اخبرني الحسين بن ابراهيم عن ايوب بن نوح عن الي نصر هبةالله بن محمد بن بنت ام کلثوم بنت الي جعفر محمد بن عثمان العمري (النائب الثاني في الغيبة الصغري) قال: حدئتني أم کلثوم بنت ابي جفعر رضي الله عنه قالت: کان ابوالقاسم الحسين بن روح رضي الله عنه و کيلا لابي جعفر -رضي الله عنه- سنين کثيرة ينظر له في أملاکه و يلقي بأسراره الرؤساء من الشيعة و کان خصيصا به حتي أنه کان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه و أنسه.

قالت: و کان يدفع اليه في کل شهر ثالثين دينارا رزقا له غير ما يصل اليه من الوزراء و الرؤساء من الشيعة مثل آل الفرات و غيرهم لجاهه و لموضعه و جلالة محله عندهم، فحصل في أنفس الشيعة محصلا جليلا لمعرفتهم باختصاص ابي اياه و توثيفه عندهم و نشر فضله و دينه و ما کان يحتمله من هذا الامر فمهدت له الحال في طول حياة أبي الي أن انتهت الوصية اليه بانص عليه.

فلم يختلف في أمره و لم نشک فيه أحد الاجاهل بأمر ابي اولا ما لست أعلم أن احدا من الشيعة شک فيه، وقد سمعت هذا من غير واحد من بني نوبخت رحمهم الله مثل الي الحسن بن کبرياء و غيره» [5] .



[ صفحه 95]



و بني النوبخت هو البيت الذي بنتمي اليه النائب الثالث في الغيبة الصغري و هو ابوالقاسم الحسين بن روح النوبختي رضوان الله تعالي عليه، و هذا البيت خرج منه العلماء في الفنون المختلفه سيما علم الکلام فقد تصدر هذا البيت رياسة هذا العلم في الشيعة سنين طويلة و کذلک في علم النجوم و العلوم الاخري.

و قال الطوسي اخبرني جماعة عن ابي عبدالله الحسين بن علي بن بابويه القمي (أخي الصدوق محد بن علي بن بابويه و کلا الاخوين و ادا بدعاء الامام العسکري عليه السلام و ابو هما کان و کيلاله) قال: حدثني جماعة من أهل قم منهم عمران الصفا و قريبه علوية الصفار و الحسين بن احم بن علي بن أحمد بن ادريس رحمهم الله.

قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها ابي علي بن الحسين بن موسي بن بابويه -و کان أبوالحسن علي بن محمد السمري قدس سره- «و هو النائب الرابع في الغيبة الصغري» يسألنا کل قريب عن خبر علي بن الحسين رحمه الله فنقول قدورد الکتاب باستقلاله حتي کان اليوم الذي بقض فيه فسألنا عنه فذکرنا له مثل ذلک، فقال: آجرکم الله في علي بن الحسين فقد قبض في هذه الساعة (قالوا) فأثبتنا تأريخ الساعة و اليوم و الشهر، فلما کان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنه قبض في تلک الساعة التي ذکرها الشيخ ابوالحسن (السمري) قدس سره [6] .

و رواه أيضا عن جماعة عن أبي جفعر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه (الصدوق) قال حدثنا ابوالحسن صالح بن شعيب الطالقاني -رحمه الله في ذي القعدة سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة قال حدثنا ابوعبدالله احمد بن ابراهيم بن مخلد قال حضرت بغداد عند المشايخ رحمهم الله (و جهاء و علماء الطائفة)



[ صفحه 96]



فقال الشيخ أبوالحسن علي به محمد السمري قدس سره ابتداء منه: رحم الله علي بن الحسين بن بابويه القمي (قال) فکتب المشايخ تأريخ ذلک اليوم فورد الخبر انه توفي في ذلک اليوم و مضي ابوالحسن السمري رضي الله عنه في النصف من شعبان سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة» [7] .

و روي الصدوق بسنده عن احمد الداودي قال: کنت عند أبي القاسم الحسين ابن روح قدس الله روحه فسأله رجل ما معني قول العباس للنبي صلي الله عليه و آله «ان عمک أباطالب قد أسلم بحساب الجمل- و عقد بيده ثالثة و ستين- فقال عني بذلک اله أحد جواد. و تفسير ذلک أن الالف واحد واللام ثالثون و الهاء خمسة و الالف واحد و الحاء ثمانية و الدال أربعة و الجيم ثلاثة و الواو ستة و الالف واحد و الدال أربعة فذلک ثلاثة و ستون» [8] .

و قال الصدوق حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال: کنت ببخاري فدفع الي المعروف بابن جاوشير عشرة سبائک ذهبا و أمرني أن اسلمها بمدينة السلام الي الشيخ أبي القاسم الحسين به روح -قدس الله روحه- فحملتها معي فلما بلغت آمويه [9] ضاعت مني سبيکة من تلک السبائک و لم أعلم بذلک حتي دخلت مدينة السلام.

فأخرجت السبائک لاسلمها فوجدتها قد نقصت واحدة فاشتريت سبيکة مکانها بوزنها و أضفتها الي التسع السبائک ثم دخلت علي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه و وضعت السبائک بين يديه.

فقال لي: خذ تلک السبيکة التي اشتريتها- و أشار اليها بيده- و قال: ان



[ صفحه 97]



السبيکة التي ضيعتها قد وصلت الينا و هو ذاهي ثم أخرج الي تلک السبيکة التي کانت ضاعت مني بآمويه فنظرت اليها فعرفتها.

قال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي البغدادي و رأيت تلک السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وکيل مولانا عليه السلام من هو؟

فأخبرها بعض القميين أنه ابوالقاسم الحسين بن روح و أشار اليها فدخلت عليه و أنا عنده فقالت له أيها الشيخ أي شي ء معي؟ فقال: ما معک فألقيه في الدجلة ثم اثتبني حتي أخبرک.

قال: فذهبت المرأة و حملت ما کان معها فألقته في الدجلة ثم رجعت و دخلت الي أبي القاسم الروحي -قدس الله روحه- فقال ابوالقاسم لمملوکة له: اخرجي الي الحق فأخرجت اليه حقة فقال للمرأة: هذه الحقة التي کانت معک و رميت بها في الدجلة اخبرک بما فيها دو تخبريني؟ فقالت له: بل أخبرني أنت فقال: في هذه الحقة زوج سوار ذهب و حلقة کبيرة فيها جوهرة و حلقتان صغيرتان فيهما جوهر و خاتمان احدهما فيروزج و الاخر عقيق فکان الامر کما دکر لم يغادر منه شيئا.

ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها فنظرت المرأة اليه فقالت: هذا الذي حملته بعينه و رميت به في الدجلة، فغشي علي و علي المرأة فرحا بما شاهدناه من صدق الدلالة ثم قال الحسين لي بعد ما حدثني بهذا الحديث: أشهد عند الله عزوجل يوم القيامة بما حدثت به أنه کما ذکرته لم أزد فيه و لم أنقص منه و حلف بالائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدث به و مازاد فيه و ما نقص منه» [10] .

و روي الشيخ الطوسي عن مشايخه عن ابي الحسن علي بن محمد الدلال القمي قال: دخلت علي أبي جعفر محمد بن عثمان (النائب الثاني) -رضي الله



[ صفحه 98]



عنه- يوما لاسلم عليه فوجدته و بين يديه ساجة و نقاش ينقش عليها و يکتب آيأ من القرآن و اسماء الائمة عليهم السلام علي حواشيها فقلت له يا سيدي ما هذه الساجة؟ فقال: لي هذه لقبري تکون فيه أوضع عليها (أو قال: اسند اليها) و قد عرفت منه، و أنا في کل يوم انزل فيه فاقرأ جزءا من القرآن فيه فاصعد.

و اظنه (قال): فاخذ بيدي و أرانيه، فاذا کان يوم کذ و کذا من شهر کذ و کذا من سنة کذ و کذا صرت الي الله عزوجل و دفنت فيه و هذه الساجة معي فلما خرجت من عنده أثبت ما ذکره و لم أزل مترقبا به ذلک فما تأخر الامر حتي اعتل ابوجعفر فمات في اليوم الذي ذکره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذکرها و دفن فيه» [11] .

و روي بسنده عن محمدبن علي بن الاسود القمي أن أباجعفر العمري -قدس سره- حفر لنفسه قبرا و سواه بالساج فسألته عن ذلک فقال: للناس أسباب و سألته عن ذلک فقال: قد أمرت أن اجمع أمري فمات بعد ذلک بشهرين -رضي الله عنه و أرضاه-.

و قال الشيخ الطوسي و اخبرنا عن أبي محمد هارون بن موسي (شيخ الطائفة في زمانه) قال: اخبرني ابوعلي محمد بن همام (اشهر من أن يعرف) -رضي الله عنه و أضاه- أن اباجعفر محمد بن عثمان العمري (قدس الله روحه) جمعنا قبل موته- و کنا وجوه الشيعة و شيوخها- فقال لنا:

ان حدث علي حدث الموت فالامر الي أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد أمرت أن اجعله في موضعي بعدي فارجعوا اليه و عولوا في امورکم عليه.

و روي ايضا بسنده الي ابي ابراهيم جعفر بن احمد النوبختي (قال) قال لي أبواحمد ابن ابراهيم و عمي ابو جعفر عبدالله بن ابراهيم و جماعة من أهلنا-



[ صفحه 99]



يعني بني نوبخت-:

أن اباجعفر العمري لما اشتدت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة منهم ابوعلي بن عمام و ابوعبدالله بن محمد الکاتب و ابوعبدالله الباقطاني و ابوسهل اسماعيل بن علي النوبختي و ابوعبدالله بن الوجناء و غيرهم من الوجوه و الاکابر فدخلوا علي أبي جعفر (رض) فقالوا له:

ان حدث أمر فمن يکون مکانک؟ فقال لهم: هذا ابوالقاسم الحسين بن روح النوبختي القائم مقامي و السفير بينکم و بين صاحب الامر عليه السلام و الوکيل و الثقة و الامين فارجعوا اليه في امورکم و عولوا عليه في مهماتکم فبذلک أمرت و قد بلغت» [12] .

و قال الشيخ (قال ابن نوح) أخبرني أبونصر هبةالله ابن بنت اوکلثوم بنت ابي جعفر (قال) کان لابي جعفر العمري محمد بن عثمان العمري کتب مصنفة في الفقه مماسمعها من ابي محمد الحسن (العسکري) عليه السلام و من الصاحب عليه السلام و من أبيه عثمان بن سعيد عن أبي محمد و عن أبيه علي بن محمد عليهم السلام فيها کتب ترجمتها کتب الاشربة ذکرت الکبيرة ام کلثوم بنت أبي جعفر -رضي الله عنه- انها وصلت الي أبي القاسم الحسين بن روح -رضي الله عنه- عند الوصية اليه و کانت في يده.

(قال أبونصر): و أظنها قالت وصلت بعد ذلک الي أبي الحسن السمري -رضي الله عنه و أرضاه-» [13] .

و قال (قال أبوالعباس) و أخبرني هبةالله بن محمد بن بنت ام کلثوم بنت ابي جعفر العمري -رضي الله عنه- عن شيوخه قالوا: لم تزل الشيعة مقيمة علي



[ صفحه 100]



عدالة عثمان بن سعيد و محمد بن عثمان -رحمها الله تعالي- الي أن توفي أبوعمر و عثمان بن سعيد -رحمه الله تعالي- و غسله ابنه أبوجعفر محمد بن عثمان و تولي القيام به و جعل الامر کله مردودا اليه و الشيعة مجتمعة علي عدالته وثقته و امانته لماتقدم له من النص عليه بالامانة و العدالة و الامر بالرجوع اليه في حياة الحسن (العسکري) عليه السلام و بعد موته في حياة أبيه عثمان بن سعيد لا يختلف في عدالته و لا يرتاب بامانته.

و التوقيعات تخرج علي يده الي الشيعة في المهمات طول حياته بالخط لذي کانت تخرج في حياة أبيه عثمان لايعرف الشيعة في هذا الامر غيره و لايرجح الي أحد سواه و قد نقلت عنه دلائل کثيرة و معجزات الامام ظهرت علي يده و امور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الامر بصيرة و هي مشهورة عند الشيعة و قد قدمنا طرفا منها فلا نطول باعادتها فان ذلک کفاية للمنصف ان شاء الله تعالي» [14] .

و قال الشيخ الطوسي في کتاب الغيبة (فأما السفراء الممدوحون في زمان الغيبة): فأولهم من نصبه أبوالحسن علي بن محمد (الهادي) العسکري و أبو محمد الحسن بن علي بن محمد ابنه عليهم السلام و هو الشيخ الموثوق به أبوعمر عثمان ابن سعيد العمري رحمه الله و کان أسديا.

(الي أن قال) فأخبرني جماعة عن أبي محمد هارون بن موسي عن أبي علي محمد بن همام الاسکافي قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال حدثنا أحمد بن اسحاق ابن سعد القمي [15] قال: دخلت علي أبي الحسن علي بن محمد (الهادي) صلوات الله عليه في يوم من الايام فقلت: ياسيدي أنا أغيب و أشهد و لا يتهيأ لي الوصول اليک اذا شهدت في کل وقت فقول من نقبل و أمر من نمتثل؟ فقال لي



[ صفحه 101]



صلوات الله عليه: هذا أبوعمرو الثقة الامين ماقاله لکم فعني يقوله، و ما أداه اليکم فعني يوديه.

فلما مضي أبوالحسن (الهادي) عليه السلام وصلت الي أبي محمد ابنه الحسن العسکري عليه السلام ذات يوم فقلت له عليه السلام مثل قولي لابيه فقال لي: هذا أبوعمرو الثقة الامين ثقة الماضي و ثقتي في المحيا و الممات فما قاله لکم فعني يقوله و ما أدي اليکم فعني يؤديه.

(قال أبومحمد هارون) قال أبوعلي: قال ابوالعباس الحميري فکنا کثيرا ما نتداکر هذا القول و نتواصف جلالة محل الي عمرو». [16] .

و روي بسنده الي محمد بن اسماعيل و علي بن عبدالله الحسنيان قالا: دخلنا علي ابي محمد الحسن عليه السلام بسر من رأي و بين يديه جماعة من اوليائه و شيعته حتي دخل عليه بدر خادمه فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غير فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن.

(في حديث طويل يسوقانه) الي أن ينتهي الي أن قال الحسن (العسکري) عليه السلام لبدر: فامض فائتنا بعثمان بن سعيد العمري.

فما لبثنا الا يسيرا حتي دخل عثمان فقال له: سيدنا أبومحمد عليه السلام: امض ياعثمان فانک الوکيل و الثقة المأمون علي مال الله و اقيض من هولاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال (ثم ساق الحديث) الي أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا ياسيدنا و الله ان عثمان لمن خيار شيعتک و لقد زدتنا علما بموضعه من خدمتک و انه و کيلک و ثقتک علي مال الله تعالي، قال: نعم و اشهدوا علي أن عثمان بن سعيد العمري وکيلي و ان ابنه محمد و کيل ابني مهديکم.» [17] .



[ صفحه 102]



و روي بسنده عن جماعة من الشيعة منهم محمد بن معاوية بن حکيم و الحسن ابن أيوب بن نوح (في خبر طويل مشهور) قالوا جميعا:

اجتمعنا الي ابي محمد الحسن بن علي (العسکري) عليهم السلام نسأله عن الحجة من بعده و في مجلسه عليه السلام اربعون رجلا فقام اليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري فقال له: يابن رسول الله اريد أن أسألک عن أمر أنت أعلم به مني فقال له: اجلس ياعثمان فقام مغضيا ليخرج فقال: لايخرجن أحد فلم يخرج منا أحد الي أن کان بعد ساعة فصاح عليه السلام بعثمان فقام علي قدميه فقال: أخبرکم بما جئنم؟ قالوا: نعم يابن رسول الله (قال) جئنم تسألوني عن الحجة من بعدي قالوا نعم فاذا غلام کأنه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمد عليه السلام فقال: هذا امامکم من بعدي و خليفتي عليکم أطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي فتهلکوا في أديانکم الا و انکم لاترونه من بعد يومکم هذا حتي يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله و انتهوا الي أمره و اقبلوا قوله فهو خليفة امامکم و الامر اليه (في حديث طويل) [18] .

و قال (و أخبرنا جماعة) عن أبي القاسم جعفر بن محمد قولويه و أبي غالب الزراري و أبي محمد التلعکبري کلهم عن محمد بن يعقوب الکليني رحمه الله تعالي عن محمد بن عبدالله و محمد بن يحيي عن عبدالله بن جعفر الحميري [19] .

قال اجتمعت أنا و الشيخ أبوعمرو عند احمد بن اسحاق بن سعد الاشعري القمي فغمزني أحمد أن اسأله عن الخلف فقلت له يا أباعمر اني اريد أسألک و ما أنا بشاک فيما اريد عن أسألک عنه فان اعتقادي و ديني أن الارض لاتخلو من حجة الا اذا کان قبل يوم القيامة باربعين يوما فاذا کان ذلک وقعت الحجة و غلق باب التوبة فلم يکن ينفع نفسا ايمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في ايمانها خيرا



[ صفحه 103]



فاولئک أشرار من خلق الله عزوجل و هم الذين تقوم عليهم القيامة.

ولکن أحببت أن ازداد يقينا فان ابراهيم عليه السلام سأل ربه أن يريه کيف يحيي الموتي فقال: (أو لم تؤمن قال بلي ولکن ليطمئن قلبي).

و قد اخبرنا احمد بن اسحاق أبوعلي عن ابي الحسن عليه السلام قال سألته فقلت له لمن أعامل و عمن آخذ و قول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدي اليک فعني يؤدي و ما قال لک فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون.

(قال) و أخبرني أبوعلي أنه سأل ابامحمد الحسن بن علي عن مثل ذلک فقال له: العمري و ابنه ثقتان فما أديا اليک فعني يؤديان و ما قالا لک فعني يقولان فاسمع لهما و أطعهما فانهما الثقتان المأمونان فهذا قول امامين قد مضيا فيک.

(قال) فخر أبوعمرو ساجدا و بکي ثم قال: سل فقلت له: أنت رأيت الخلف من ابي محمد عليه السلام فقال: اي و الله و رقبته مثل ذا و اوما بيديه فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات قلت: فالاسم قال: محرم عليکم أن تسألوا عن ذلک و لا أقول هذا من عندي و ليس لي أن احلل و احرم ولکن عنه عليه السلام فان الامر عند السلطان أن ابامحمد عليه السلام مضي و لم يخلف وادا و قسم ميراثه و أخذه من لاحق له و صبر علي ذلک، و هو ذا عياله يجولون و ليس أحد يجسر ان يتعرف اليهم أو ينيلهم شيئا و اذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله و أمسکوا عن ذلک» [20] .

و روي عن جماعة عن الصدوق عن ابن هارون الفامي عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري عن أبيه قال: خرج التوقيع الي الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري -قدس الله روحه- في التغزية بأبيه- رضي الله تعالي عنه و في فصل من الکتاب.

«انا لله و انا اليه راجعون تسليما لامره و رضاه بقضائه عاش ابوک سعيدا



[ صفحه 104]



و مات حميدا فرحمه الله و ألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام فلم بزل مجتهدا في امرهم ساعيا فيما يقربه الي الله عزوجل و اليهم، نضر الله وجهه و اقاله عترته».

و في فصل آخر «أجزل الله لک الثواب و أحسن لک العزاء رزيت و رزينا و أو حشک فراقه و أو حشتا فسره الله في منقلبه کان من کمال سعادته ان رزقه الله تعالي ولدا مثلک يخلفه من بعده و يقوم مقامه بأمره و يترحم عليه.

و أفول الحمدلله فان الانفس طيبة بمکانک و ما جعله الله عزوجل فيک و عندک أعانک الله و قواک و عضدک و وفقک و کان لک وليا و حافظا و اعيا و کافيا» [21] .

أقول: هذا طرف يسير من ماورد في النواب الاربعة في الغيبة الصغري (329 -260 ه. ق) و منه تتنبه لمراد الشيخ الطوسي حيث يقول:

«و قد نقلت عنه (اي عن النائب الثاني) دلائل کثيرة و معجزات الامام ظهرت علي يده و امور أخبرهم بها عنه زادتهم (اي زادت الشيعة) في هذا الامر بصيرة و هم مشهورة عند الشيعة» [22] .

و لمراد الشيخ الطبرسي حيث يقول:

«و لم يقم أحد منهم (أي من الاربعة) الا بنص من قبل صاحب الامر عليه السلام و نصب صاحبه الذي تقدم عليه، و لم تقبل الشيعة قولهم الا بعد ظهور آية معجزة تظهر علي يد کل واحد منهم من قبل صاحب الامر عليه السلام ندل علي صدق مقالهم و صحة بابيتهم» [23] .

أقول: بل النائب الاول و الثاني نص عليهما الامام الحسن العسکري عليه السلام کما تقدمت الرواية التي رواها أعلام الطائفة عن الامام العسکري عليه السلام و النائب



[ صفحه 105]



الاول کان و کيلا خاصا للامام الهادي عليه السلام ثم للامام الحسن العسکري عليه السلام ثم سفيرا للصاحب (عج).

فليتنبه اللبيب الي کيفية ثبوت سفارة النواب الاربعة و يدوها و انتهاوها لدي الشيعة و أعلامها و شيوخها و أن ذلک کان بحضور الامام العسکري عليه السلام ثم تنصيص کل علي الاخر مع ماظهر من البراهين و الدلائل علي ايديهم و مع مکانتهم العلمية و الفقهية و جلالة محلهم لدي علماء الطائفة.


پاورقي

[1] اکمال الدين، ص507.

[2] الغيبة، ص240.

[3] لسان آو جي محلي.

[4] اکمال الدين، ص503.

[5] الغيبة ص227.

[6] الغيبة ص243.

[7] الغيبة ص242.

[8] اکمال الدين ص519.

[9] مدينة آمل في شمال ايران.

[10] اکمال الدين ص518.

[11] الغيبة ص222.

[12] الغيبة ص227.

[13] الغيبة ص221.

[14] الغيبة ص220.

[15] السند و الطريق کلهم من اعلام و اجلاء الطائفة.

[16] الغيبة ص215.

[17] الغيبة ص216.

[18] الغيبة ص216.

[19] و الطريق کله من أعلام الطائفة و شيوخها.

[20] الغيبة ص218.

[21] الغيبة ص219.

[22] الغيبة ص221.

[23] الاحتجاج ج2 ص297.