کيفية اعتناق بولس للنصرانية


بما أن بولس کان متفوقا في الديانة اليهودية کما ذکر. فإنه کان يعلم بمنزلة هارون وبنيه في الشريعة اليهودية، والراصد لحرکة بولس في اتجاه النصرانية. يجد أنه ادعي لنفسه منزلة هارون لتکون مدخله إلي الحي النصراني، وبعد الدخول ادعي لنفسه أن منهجه لم يتسلمه من إنسان بل من الله، وإنه اطلع علي السر الذي لم يطلع عليه بنو البشر في الأجيال الماضية، وقال إن النعمة الموهوبة إليه لم تکن عبثا. لأنه عمل جاهدا أکثر من الرسل الآخرين، ومن تحت هذا السقف خرجت عقيدة



[ صفحه 189]



بولس. لتعمل من أجل ميراث بني إسرائيل الذي لم تفارق ثقافته فرقة الفريسيين أصحاب التفسير الشفهي (التلمود) علي امتداد المسيرة، وبولس نفسه يثبت هذا الهدف بعد دخوله إلي الحي النصراني. قال لي رجاء بأنه يحقق الله ما وعد به آبائنا وما زالت أسباط شعبنا الاثني عشر تواظب علي العبادة ليل نهار راجية تحقيقه. [1] .

ومنزلة هارون جاءت علي لسان بولس عندما قال إن الکاهن الأعلي کان يؤخذ من بين الناس، ويعين للقيام بمهمته نيابة عنهم في ما يخص علاقتهم بالله، وذلک لکي يرفع إلي الله التقدمات والذبائح...

ولم يکن أحد يتخذ لنفسه هذه الوظيفة الشريفة متي أراد، بل کان يتخذها من دعاه الله إليها کما دعا هارون [2] وعلي هذه الخلفية. ذکر بولس أنه کان في طريقه إلي دمشق لإنجاز مهمة کلف بها. وهي القبض علي بعض أتباع المسيح وسوقهم مقيدين إلي أورشاليم، وقال وفيما هو منطلق إلي دمشق وقد اقترب منها. لمع حوله فجأة نور من السماء فوقع علي الأرض. وسمع صوتا يقول له: شاول. شاول. لماذا تضطهدني؟ فسأل: من أنت يا سيد؟ فجاءه الجواب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. والآن قم وأدخل المدينة فيقال لک ما يجب أن تفعله. [3] .

وإذا کان بولس قد ذکر هنا أن المسيح أمره بدخول المدينة ليتلقي الأوامر. فإنه ذکر في موضع آخر أن المسيح عينه خادما له وحمله رسالة إلي الأمم. قال فسألت: من أنت يا سيد؟ فأجاب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده، أنهض وقف علي قدميک فقد ظهرت لک لأعينک



[ صفحه 190]



خادما لي، وشاهدا بهذه الرؤيا التي تراني فيها الآن. وبالرؤي التي ستراني فيها بعد اليوم، وسأنقذک من شعبک ومن الأمم التي أرسلک إليها الآن... [4] وعلي خلفية منزلة هارون ومشاهدته نور من السماء لمع حوله فجأة، کتب بولس رسائله من بولس. وهو رسول لا من قبل الناس ولا بسلطة إنسان، بل بسلطة يسوع المسيح [5] وقال أيها الأخوة. إن الإنجيل الذي بشرتکم به ليس إنجيلا بشريا، فلا أنا تسلمته من إنسان ولا تلقنته تلقينا، بل جائني بإعلان من يسوع المسيح، [6] وقال أن المسيح قد أرسلني لا لأعمد. بل لأبشر بالإنجيل. [7] وقال ونعمته الموهوبة لي لم تکن عبثا، إذ عملت جاهدا أکثر من الرسل الآخرين جميعا، إلا أني لم أکن أنا العامل بل نعمة الله التي کانت معي. [8] .


پاورقي

[1] أعمال الرسل 26 / 5 - 7.

[2] عبرانيين 5 / 1 - 5.

[3] أعمال الرسل 9 / 3 - 7.

[4] أعمال الرسل 26 / 15 - 17.

[5] غلاطية 1 / 1.

[6] غلاطية 1 / 11.

[7] کورنثوس 1 / 17.

[8] کور 1 / 10.