الولاية اولا


ما معني الولاية، ولماذا الولاية؟

هل هي المحبة والإخاء، أم المشايعة والإتباع، أم الأولوية والحاکمية؟

قد تکون کل هذه المعاني مکنونة في کلمة الولاية، إلا أن المعني البارز والظاهر من هذه الکلمة هو الأولوية والحاکمية، کما جاء في الآية الکريمة: (إنما وَلِيُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ) (المائدة:55) والآية الکريمة (النَّبِيُّ أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الاَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَي بِبَعْضٍ فِي کِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَي أَوْلِيَائِکُم مَّعْرُوفاً کَانَ ذَلِکَ فِي الْکِتَابِ مَسْطُورًا) . (الاحزاب:6) وهذا يعني إن الرسول حاکم علي النفوس وله الحکومة الإلهية علي جميع الناس. ومن هذا المنطلق جاءت الأحاديث لتؤکد معني الحکومة في کلمة الولاية:

- عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب من تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولي الله حيث يعتمد الإيمان علي ولاية الله عز وجل، والرسول وأهل بيته الأطهار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. کما جاء في الآية السابقة.

وفي بيان تعيين الأوصياء والأولياء من بعد النبي الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم روي المجلسي في البحار عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهما السلام عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: -.. أولهم علي بن أبي طالب وأخرهم مهدي أمتي، فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي، فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدک علي بريتي وهم أوصياؤک وخلفاؤک وخير خلقي بعدک وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم کلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ولأملکنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له السحاب الصعاب ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدنه بملائکتي حتي يعلن دعوتي ويجمع الخلق علي توحيدي، ثم لأديمن ملکه...).

1- عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله علي الخلق بعدي إثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي.

قيل: يا رسول الله ومن أخوک؟

قال: علي بن أبي طالب.

قيل: فمن ولدک؟

قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً-.

2- وعنه إنه صلي الله عليه و آله و سلم قال: - المقرّ بهم مؤمن والمنکر لهم کافر-.

3- عن الإمام الباقر عليه السلام: - ومن أبغضنا ورَدَّنا أو رَدَّ واحداً منا فهو کافر بالله وآياته-.

4- عن الإمام الرضا عليه السلام، وهو يتحدث عن الإمام القائم - عجل الله فرجه-: - ويکون أولي بالناس منهم بأنفسهم-.

ومن دون الولاية ترفض جميع الأعمال مهما کانت صالحة. فکما لا يقبل الله أي عمل من الذي يرفض الإيمان بوحدانيتهِ، کذلک لا يقبل إذا لم يکن الفرد مؤمناً برسالة الرسول الأکرم. بنص الآية الشريفة: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).

وکذلک أيضاً يرفض الله عز وجل جميع أعمال الفرد الذي يرفض الانصياع لطاعة أولي الأمر من آل الرسول الأکرم، الذين فرض الله طاعتهم في القرآن الکريم بعد أن أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، حيث يخاطب المؤمنين في کتابه الحکيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمر مِنْکُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخر ذَلِکَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59).

وإن أي تجزئة بين أولي الأمر من آل الرسول الأکرم وبين النبي صلي الله عليه و آله و سلم أو بين أحد منهم مرفوضة نهائياً، فلا يمکن قبول طاعة أي شخص إذا لم يکن مؤمناً بولاية أهل البيت المعصومين جميعهم. فالتجزئة بقبول ولاية بعضهم دون البعض الآخر يعتبر رفضاً للجميع. وقد جاء في الحديث الشريف عن الإمام الحسن العسکري عليه السلام: - أما إن المقر بالأئمة بعد رسول الله المنکر لولدي، کمن أقرَّ بجميع أنبياء الله ورسله ثم أنکر نبوة محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم والمنکر لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم کمن أنکر جميع الأنبياء، لان طاعة آخرنا کطاعة أولنا والمنکر لأخرنا کالمنکر لأولنا-.

والإمام الحجة عليه السلام هو أحد الأئمة الذين فرض الله طاعتهم علي الناس، فرفض قبول ولايته هو في الحقيقة رفض لولاية الأئمة الأطهار، وقبول ولايته قبول لولايتهم جميعاً.

وبما أن هناک طوائف من الناس ترفض ولاية الإمام المهدي عليه السلام حين قيامه وخروجه، ومن بينهم علماء السوء، لذا رکزت أحاديث أهل البيت علي أن أي نوع من الإنکار لإمامة وولاية الإمام المهدي هو بمثابة إنکار جميع الأئمة السابقين، وإن من يفعل ذلک ترد أعماله حتي ولو کان الفرد يعترف ببقية الأئمة الأطهار. ومن قبل حذَّر القرآن الحکيم مراراً من أية عملية تفرقة بين الأنبياء والرسل حيث تعتبر بمثابة کفر برسالة الله بنص الآية الشديدة التحذير:

(إِنَّ الَّذِينَ يَکْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَکْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِکَ سَبِيلاً - اُوْلَئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْکَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) (النساء:150-151)

وعلي هذا الأساس کان أمر الله بطاعته وإطاعة رسوله، والذين أمنوا من باب واحد. والإيمان يجب أن يکون بجميعهم دون التفريق بينهم، لأنّ أي تفريق بينهم يعتبر رفضاً للکل. ورفضهم يکون العصيان الحقيقي لأمر الطاعة الذي أوجبته الآية الکريمة السابقة الذکر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمر مِنْکُمْ) (النساء،59)

والذين يرفضون الإمام المهدي عليه السلام حکمهم حکم الذين رفضوا ولاية الإمام الرضا عليه السلام أو ولاية الإمام الکاظم عليه السلام، أو ولاية الإمام زين العابدين عليه السلام، حيث تکون أعمالهم غير مقبولة عند الله سبحانه وتعالي، ويعتبرون کالخوارج الذين رفضوا ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام؛ فهؤلاء حکمهم واحد، ومصيرهم واحد، ويحشرون إلي جهنم وبئس الورد المورود.

وقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن الرسول الکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - لما أسري بي إلي السماء أوحي إليَّ ربي جل جلاله فقال: يا محمد.. لو أن عبداً عبدني حتي ينقطع ويصير کالشن البالي، ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسکنته جنتي، ولا أظللته تحت عرشي-.

وتأکيداً لهذه الحقيقة خاطب الإمام الرضا عليه السلام يوم أراد الحرکة من نيشابور وهو علي هودجه خاطب الجماهير الحاشدة حول مرکبه ناقلاً لهم حديثاً قدسياً من الله عز وجل: - کلمة لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.. وأضاف: بشرطها وشروطها وأنا من شروطها-.

وعلي ضوء هذا التصريح الرضوي الصريح فقبول ولاية کل إمام معصوم من أهل البيت عليهما السلام شرط أساسي لدخول حصن الله سبحانه وتعالي، وشرط أساسي في قبول توحيد الموحدين، وإلاّ فلا يعتبر موحداً وقابلاً لولاية الله من يکون رافضاً لولاية من أوجب الله ولايتهم عليهما السلام بنص الآية الشريفة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمر مِنْکُمْ) (النساء:59)

ومن هنا نقول أن عدم قبول ولاية الإمام الحجة حين قيامه وخروجه يکون رفضاً لولاية جميع الأئمة الأطهار، تحت أي عنوان من العناوين کان ذلک الإنکار. وذلک لأن الأحاديث الشريفة لم تدع لأحد مجالاً للشک والترديد حيث بينت شخصَّية الإمام المهدي وعظمته بکل وضوح.

ومن تلک الأحاديث التي تطرقت لولاية الأئمة المعصومين عليهما السلام هذه المجموعة التالية:

1- عن جعفر، عن أبيه: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: - منا سبعة خلقهم الله عز وجل لم يخلق في الأرض مثلهم؛ منا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين، ووصيه خير الوصيين، وسبطاه خير الأسباط حسناً وحسيناً (کذا) وسيد الشهداء حمزة عمه، ومن قد طاف مع الملائکة جعفر، والقائم-.

2- عن الأصبغ بن نباته قال: کنا مع علي عليه السلام بالبصرة، وهو علي بغلة رسول

الله صلي الله عليه و آله و سلم، وقد اجتمع هو وأصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم فقال: - ألا أخبرکم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل-؟ قلنا: بلي يا أمير المؤمنين. قال: - أفضل الرسل محمد، وإن أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وإن خير الأسباط سبطا نبيکم يعني الحسن والحسين، وإن أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، قال ذلک النبي وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مخضبان بکرامةٍ خص الله عز وجل بها نبيکم، والمهدي منا في آخر الزمان لم يکن في أمة من الأمم مهدي ينتظر غيره-.

3- عن الأصبغ بن نباته قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم أفتتح البصرة ورکب بغلة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.... (ثم) قال: - أيها الناس ألا أخبرکم بخير الخلق يوم يجمعهم الله-؟ فقام إليه أبو أيوب الأنصاري، فقال: بلي، يا أمير المؤمنين، حدثنا فإنک کنت تشهد ونغيب. فقال: - إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينکر فضلهم إلا کافر ولا يجحد به إلا جاحد-. فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال: يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم. فقال: - إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل، وإن أفضل الرسل محمد صلي الله عليه و آله و سلم وإن أفضل کل أمة بعد نبيها وصي نبيها، حتي يدرکه نبي، ألا وإن أفضل الأوصياء وصي محمد (عليه وآله السلام)، ألا وإن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان يطير بهما في الجنة لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره، شيء کرم الله به محمداً صلي الله عليه و آله و سلم وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهما السلام يجعله الله متي شاء منا أهل البيت. ثم تلا هذه الآية: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأوْلَئِکَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أولئِکَ رَفِيقاً - ذَلِکَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَکَفَي بِاللَّهِ عَلِيماً) (النساء:67-70).

4- وفي بيان شيق وتفصيل جميل جذاب عن بداية الخليقة والأفضلية جاء في الحديث الشريف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال:

- إن الله حين شاء تقدير الخليقة وذرء البرية وإبداع المبدعات نصب الخلق في صور کالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو في انفراد ملکوته وتوحد جبروته فأتاح (فأساح) نوراً من نوره فلمع، و(نزع) قبساً من ضيائه فسطع، ثم اجتمع النور في وسط تلک الصور الخفية فوافق ذلک صور نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم فقال الله عز من قائل: أنت المختار المنتخب وعندک مستودع نوري، وکنوز هدايتي من أجلک أسطح البطحاء، وأمرج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب، والجنة والنار، وأنصب أهل بيتک للهداية حجتي علي بريتي، والمنبهين علي قدرتي ووحدانيتي. ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية، والإخلاص بالوحدانية فبعد أخذ ما أخذ من ذلک شاء ببصائر الخلق انتخب محمداً وآله (فقبل أخذ ما أخذ جل شأنه ببصائر الخلق أنتخب محمداً وآله) وأراهم أن الهداية معه والنور له والإمامة في آله، تقديماً لسنة العدل وليکون الإعذار متقدماً، ثم أخفي الله الخليقة في غيبه وغيبها في مکنون علمه، ثم نصب العوامل وبسط الزمان، ومرج الماء وأثار الزبد، وأهاج الدخان فطفا عرشه علي الماء، فسطح الأرض علي ظهر الماء (وأخرج من الماء دخاناً فجعله السماء) ثم استجلبهما إلي الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثم أنشأ الله الملائکة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن بتوحيده نبوة محمد صلي الله عليه و آله و سلم فشُهرت في السماء قبل بعثه في الأرض. فلما خلق آدم أبانَ فضله للملائکة، وأراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث عرفه عند استنبائه إياه أسماء الأشياء فجعل الله آدم محراباً، وکعبة، وباباً، وقبلة، وأسجدَ إليها الأبرار والروحانيين والأنوار. ثم نبه آدم علي مستودعه، وکشف له (عن) خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سماه إماماً عند الملائکة، فکان آدم من الخير ما اراه من مستودع نورنا ولم يزل الله تعالي يخبئ النور تحت الزمان إلي أن فضل محمداً صلي الله عليه و آله و سلم في ظاهر الفترات فدعا الناس ظاهراً وباطناً وندبهم سراً وإعلاناً واستدعي عليه السلام التنبيه علي العهد الذي قدمه إلي الذر قبل النسل. فمن وافقه وقبس من مصباح النور المقدم اهتدي إلي سرّه، واستبان واضح أمره، ومن ألبسته الغفلة استحق السخط، ثم انتقل النور إلي غرائزنا، ولمع في أئمتنا فنحن أنوار السماء، وأنوار الأرض، فبنا النجاء ومنا مکنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهدينا تتقطع الحجج، خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة، وغاية النور ومصدر الأمور. فنحن أفضل المخلوقين وأشرف الموحدين وحجج رب العالمين فليهنأ بالنعمة من تمسک بولايتنا وقبض علي عروتنا-.

5- ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث، بن يزيد، عن ابن زرين الغافقي، سمع علياً عليه السلام يقول: - هو من عترة النبي صلي الله عليه و آله و سلم -.

6- عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد اله، عن عبد الله بن محمد الطيالستي، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن النصر بن أبي السري، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق، عن ثعلبة ميمون، عن مالک الجهني، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباته، قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفکراً ينکت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراک متفکراً تنکت في الأرض أرغبت فيها؟ فقال: - لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولکن فکرت في مولود يکون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، وهو المهدي الذي يملؤ الأرض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً، تکون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون-.

فقلت: يا أمير المؤمنين وکم تکون الحيرة والغيبة؟

قال: - ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين-.

فقلت: وإن هذا لکائن؟

فقال: - نعم، کما أنه مخلوق وأني لک بهذا الأمر يا أصبغ، أولئک خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة-.

فقلت: ثم ما يکون بعد ذلک؟

قال: - ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات-.

7- عن الأصبغ بن نباته قال: خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم، ويده في يد ابنه الحسن عليه السلام، وهو يقول: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذات يوم ويدي في يده هکذا، وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام کل مسلم، ومولي کل مؤمن بعد وفاتي.

ألا وإني أقول: خير الخلف بعدي وسيدهم ابني هذا، وهو إمام کل مؤمن، ومولي کل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنه سيُظلم بعدي کما ظُلمت بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، وخير الخلق وسيدهم بعد الحسن إبني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول في أرض کربلاء، أما إنه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة. ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه علي عباده، وأمناؤه علي وحيه وأئمة المسلمين، وقادة المؤمنين وسادة المتقين، تاسعهم القائم الذي يملأ الله عز وجل به الأرض نوراً بعد ظلمتها، وعدلاً بعد جورها، وعلماً بعد جهلها. والذي بعث أخي محمداً بالنبوة، واختصني بالإمامة، لقد نزل بذلک الوحي من السماء علي لسان الروح الأمين جبرئيل، ولقد سأل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم -وأنا عنده- عن الأئمة بعده، فقال للسائل: والسماء ذات البروج إن عددهم بعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور، وإن عددهم کعدد الشهور، فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يده علي رأسي. فقال: أولهم هذا وأخرهم المهدي، من عاداهم فقد عاداني، ومن أحبهم فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنکرهم فقد أنکرني، ومن عرفهم فقد عرفني. بهم يحفظ الله عز وجل دينه، وبهم يعمر بلاده، وبهم يرزق عباده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم يخرج برکات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين-.

8- عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهما السلام. قال: - سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معني قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: إني مخلف فيکم الثقلين: کتاب الله وعترتي، من العترة؟ فقال عليه السلام: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم لا يفارقون کتاب الله، ولا يفارقهم حتي يردوا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حوضه-.

9- عن أبي الحسين محمد بن هارون، عن أبيه قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي قال: حدثنا العباس بن مطر الهمداني قال: حدثنا إسماعيل بن علي المقرئ قال حدثنا محمد بن سليمان قال حدثني أبو جعفر العرجي، عن محمد بن يزيد، عن سعيد بن عباية، عن سلمان الفارسي قال خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة، وقد ذکر الفتنة وقربها، ثم ذکر قيام القائم من ولده وأنه يملؤها عدلاً کما ملئت جوراً. قال سلمان: فأتيته خالياً فقلت: يا أمير المؤمنين! متي يظهر القائم من ولدک؟ فتنفس الصعداء وقال: - لا يظهر القائم حتي يکون أمور الصبيان، وتضييع حقوق الرحمن، ويتغني بالقرآن بالتطريب والألحان، فإذا قتلت ملوک بني العباس أولي الغمار والالتباس أصحاب الرمي عن الأقواس بوجوه کالتراس، وخربت البصرة، وظهرت العشرة... هناک يقوم المهدي من ولد الحسين لا ابن مثله...-.

10- عن أمير المؤمنين عليه السلام - التاسع من ولدک يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل. قال الحسين: فقلت له: يا أمير المؤمنين، وإن ذلک لکائن؟ فقال عليه السلام: أي والذي بعث محمداً صلي الله عليه و آله و سلم بالنبوة، واصطفاه علي جميع البرية، ولکن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها علي دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله عز وجل ميثاقهم بولايتنا، وکتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه-

لقد ظهر بوضوح من خلال هذه الروايات أن الولاية شرط أساسي لقبول الأعمال، کما تبين أن المؤمنين بالإمام المهدي عليه السلام حين قيامه وخروجه عددهم قليل وإنهم آمنوا به في عالم الميثاق قبل المجيء إلي عالم الدنيا بأزمان متمادية وإن الثابتين علي ولايته مع کثرة المعارضين له يعتبرون من الأوائل الذين باشروا روح الإيمان واليقين وأنهم من المخلصين المؤيدين بملائکة الرحمن وهذه القلة في الأنصار والأصحاب قد تکون أيضاً بسبب وجود طائفة من الناس تروج لحالة التشکيک بشخصية الإمام من قبل الأعداء بإشاعة الأحاديث والروايات الموضوعة التي طالما استفادوا منها لأغراضهم الشخصية والمصلحية.

11- جاء في الحديث عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: - يا سليم قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وکذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وخاصاً وعاماً، ومحکماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد کذب علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي عهده حتي قام خطيباً فقال: أيها الناس قد کثرت عليّ الکذابة، فمن کذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. ثم کذب عليه من بعده حين توفي رحمة الله علي نبي الرحمة صلي الله عليه و آله و سلم. وإنما يأتيک بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس: (رجل) منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يکذب علي رسول الله متعمداً، فلو علم المسلمون أنه منافق کذاب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوه، ولکنهم قالوا هذا صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم راه وسمع منه وهو لا يکذب ولا يستحل الکذب علي رسول الله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عزوجل: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُکَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) (المنافِقون:4). ثم بقوا بعده وتقربوا إلي أئمة الضلالة والدعاة إلي النار بالزور والکذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم علي رقاب الناس، وأکلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوک والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أول الأربعة. ورجل سمع من رسول الله فلم يحفظه علي وجهه ووهم فيه ولم يتعمد کذباً، وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا، ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئاً أمر به، ثم نهي عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهي عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه، ورجل رابع لم يکذب علي الله ولا علي رسول الله، بغضاً للکذب وتخوفاً من الله وتعظيماً لرسوله عليه السلام ولم يوهم، بل حفظ ما سمع علي وجهه فجاء به کما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ. وإن أمر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وعام وخاص ومحکم ومتشابه، وقد کان يکون من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الکلام له وجهان: کلام خاص وکلام عام مثل القرآن يسمعه من لا يعرف ما عني الله وما عني به رسول الله. وليس کل أصحاب رسول الله کان يسأله فيفهم، وکان منهم من يسأله ولا يستفهم، حتي أن کانوا يحبون أن يحئ الطارئ والأعرابي فيسأل رسول الله حتي يسمعوا منه، وکنت أدخل علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم کل يوم دخلة وکل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله أنه لم يکن يصنع ذلک بأحد غيري، وربما کان ذلک في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من أبني، إذا أسأله أجابني، وإذا سکت أو نفدت مسائلي أبتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ فکتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني، فما نسيت آية من کتاب الله منذ حفظتها، وعلمني تأويلها فحفظته وأملاه عليّ فکتبته، وما ترک شيئاً علمه الله من حلال وحرام، أو أمر ونهي أو طاعة ومعصية کان أو يکون إلي يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته، ولم أنس منه حرفاً واحداً، ثم وضع يده علي صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وفقهاً وحکماً ونوراً، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسي، فقلت له ذات يوم: يا نبي الله إنک منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً مما علمتني، فلم تمليه عليّ وتأمرني بکتابته، أتتخوف عليّ النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوف عليک النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيک، وفي شرکائک الذين يکونون من بعدک. قلت يا نبي الله ومن شرکائي؟ قال الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه، الذي قال في حقهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمْرِ مِنْکُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء:59). قلت: يا نبي الله ومن هم (.....) الأوصياء إلي أن يردوا علي خوضي، کلهم هاد مهتد، ولا يضرهم کيد من کادهم ولا خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم ولا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم، فقلت: يا رسول الله سمهم له: فقال أبني هذا ووضع يده علي رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده علي رأس الحسين، ثم ابن أبني هذا ووضع يده علي رأس الحسين، ثم ابن له علي اسمي اسمه محمد، باقر علمي وخازن وحي الله، وسيولد علي في حياتکم يا أخي فأقراه مني السلام، ثم أقبل علي الحسين فقال سيولد لک محمد بن علي في حياتک فأقراه مني السلام ثم تکملة الاثني عشر إماماً من ولدک يا أخي. فقلت يا نبي سمهم لي، فسماهم لي رجلاً رجلاً منهم والله - يا أخا بني هلال - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً. والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الرکن والمقام واعرف أسماء الجميع وقبائلهم-.

12- عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: - دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بيت أم سلمه وقد نزلت هذه الآية: (اِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً) (الاحزاب:33)، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يا علي هذه الآية نزلت فيک وفي سبطي والأئمة من ولدک. فقلت: يا سول الله وکم الأئمة بعدک؟ قال: أنت يا علي ثم ابناک الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسي ابنه، وبعد موسي علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، هکذا وجدت أساميهم مکتوبة علي ساق العرش، فسألت الله تعالي عن ذلک، فقال: يا محمد: هم الأئمة بعدک مطهرون معصومون، وأعداؤهم ملعونون-

13- وأسند الحاجب إلي أمير المؤمنين عليه السلام: قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: - من سره أن يلقي الله وهو عنه راض فليتولک يا علي، ومن أحب أن يلقي الله مقبلاً عليه فليتول ابنک الحسن، ومن أحب أن يلقي الله لا خوف عليه فليتول ابنک الحسين، ومن أحب أن يلقاه وقد محص عنه ذنوبه فليتول علي بن الحسين، ومن أحب أن يلقاه وقد رفعت درجاته وبدلت بالحسنات سيئاته فليتول محمد بن علي، ومن أحب أن يلقي الله وهو قرير العين فليتول جعفر بن محمد، ومن أحب أن يلقي الله وهو مطهرّ فليتول ابنه موسي، ومن أحب أن يلقي الله وهو ضاحک فليتول ابنهِ علياً الرضا، ومن أحب أن يلقاه فيعطيه کتابه بيمنه فليتول ابنه محمداً، ومن أحب أن يلقاه فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخل الجنة فليتول ابنه علياً، ومن أحب أن يلقاه وهو من الفائزين فليتول ابنه الحسن، ومن أحب أن يلقاه وقد کمل إيمانه فليتول ابنه المهدي المنتظر عليه السلام، فهؤلاء مصابيح الدجي وأئمة الهدي، من تولاهم کنت ضامناً له علي الله الجنة

14- وأسند أخطب خوارزم برجاله إلي علي بن أبي طالب عليه السلام: قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: - أنا واردکم علي الحوض، وأنت يا علي الساقي، الحسن الذائد، والحسين الامر، وعلي بن الحسين الفارس، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسي بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسي معين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور العين، والحسن بن علي سراج أهل الجنة، والمهدي شفيعهم يوم القيامة-.

15- عن محمد بن الحسين الکوفي، عن إسماعيل بن موسي، عن محمد بن سليمان، عن شريک، عن حکيم بن جبير, عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، قال: خطبنا أمير المؤمنين عن علي بن أبي طالب عليه السلام علي منبر الکوفة خطبة اللؤلؤة، فقال فيما قال: - إنه لعهد عهده إليّ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إن هذا الأمر يملکه اثنا عشر إماماً، تسعة من الحسين. ولقد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لما عرج بي إلي السماء نظرت إلي ساق العرش فإذا مکتوب عليه لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته بعلي. ورأيت اثني عشر نوراً فقلت: يا رب أنوار من هذه؟ فنوديت يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتک. قلت: يا رسول الله أفلا تسميهم لي؟ قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي وبعدک ابناک الحسن والحسين وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين، وبعد علي ابنه محمد يدعي بالباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يدعي بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسي يدعي بالکاظم، وبعد موسي ابنه علي يدعي بالرضا، وبعد علي ابنه محمد يدعي بالزکي، وبعد محمد ابنه علي يدعي بالنقي، وبعده ابنه الحسن يدعي بالأمين، والقائم من ولد الحسن سميّي وأشبه الناس بي، يملأها قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً-.

16- عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حنان بن السراج، عن داود بن سليمان الکسائي عن أبي الطفيل قال: شهدت جنازة أبي بکر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل (الوجه) بهي، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتي قام علي رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بکتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياک أعني وأعاد عليه القول. فقال له عمر: لم ذاک؟ قال: إني جئتک مرتاداً لنفسي، شاکاً في ديني. فقال: دونک هذا الشاب. قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فأقبل اليهودي علي علي عليه السلام فقال: أکذاک أنت؟ قال: نعم. قال: إني أريد أن أسألک عن ثلاثة وثلاث وواحدة. قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا هاروني ما منعک أن تقول سبعاً؟ قال: أسألک عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيکم عالم. قال علي عليه السلام: - فإني أسألک بالإله الذي تعبده لئن أنا أجبتک في کل ما تريد لتدعن دينک ولتدخلن في ديني-؟ قال: ما جئت إلاّ لذلک. قال: فسل. قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت علي وجه الأرض، أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت علي وجه الأرض، أي عين هي؟ وأول شيء اهتز علي الأرض، أي شيء هو؟ فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرني عن الثلاث الأخر، أخبرني عن محمد کم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يکون؟ ومن ساکنه معه في جنته؟ فقال: - يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب من الجبال الرواسي في الأرض، ومسکن محمد في جنته معه أولئک الإثني عشر الإمام العدل-. فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في کتاب أبي هارون، کتبه بيده، وإملاء موسي عمي.

فهذه الروايات والعشرات من الأحاديث والآيات من أمثالها تؤکد وبشکل صريح علي ضرورة الولاية لأهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وإن الموالي لهم هو معهم في الجنة عند مليک مقتدر وان المخالف لهم في نار جهنم بدون شک وريب. فقبول إمامتهم والإقتداء بهم هو قبول ولاية الله والرسول ورفض ولايتهم هو رفض لولاية الله والرسول لما نطق به الکتاب المجيد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر مِنْکُمْ) (النساء: 59). فليس من المعقول أن يأمر الله بإطاعة أولي الأمر من دون أن يُعيَّن ويحدّد مَن هم. بلي فقد حدد وبينه عبر لسان رسوله الأکرم وأهل بيته الأطهار وما ذکرناه من الروايات فهي نبذة من تلک الأحاديث المتواترة التي لا تقبل النقاش والتشکيک فما نص به القرآن وما تحدثت به الأحاديث علي ولاية الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم وعلي ولاية الأئمة الأطهار عليهما السلام لم تدع لأحد شک في أن أُولي الأمر هم الأئمة الأطهار من آل البيت صلي الله عليه و آله و سلم، حيث تجب طاعتهم والسير علي نهجهم والتمسک بولايتهم والتبري من عدوهم. فالولاية شرط في قبول الأعمال والوصول إلي الدرجات الساميات في الجنان وهي أساس الإيمان والإسلام، والإمام المهدي - عجل الله فرجه- من أولي الأمر الذين أمر الله سبحانه بطاعتهم وولايتهم، وجزء من هذا الإيمان الولائي، وطاعته کطاعة الله والرسول وبقية الأئمة الأطهار، ورفضه رفض لولاية الله ورسوله والأئمة المعصومين الأبرار عليهما السلام.

فهل بعد هذا البيان من شک؟!