الرعاية و التسديد


أما وجه الانتفاع لخصوص المؤمنين وحرکتهم، فإن الإمام بوجوده المقدس يرعي ويسدد ويبارک ويرشد وخصوصاً المقام المعظم المتمثل بولاية الأمر لأن هذا المقام إلهي لا يبلغه إلا الصالحون، ولا يمکن أن يطاله الظالمون لأنه عهدٌ من عهود الله. ولا ينال عهدي الظالمين، وهذا التسديد هو الذي يساعد في تطور حرکة الإيمان والمؤمنين وفي تصاعدها بالرغم من غياب الحجة من جهة وبالرغم من تراکم الفساد وانتشاره في البر والبحر، حيث لا يمکن أن يحصل التطور والتصاعد في عديد المؤمنين وفي حالتهم وفي مسيرتهم لولا عين الإمام ورعايته الدائمة وتفقده للأوضاع ومتابعته للأمور ومواکبته للأحداث وإلهامه للقادة وتسديده للمسؤولين ورعايته للظروف الخاصة ومساعدته علي علاج المعضلات وتدخله في الأوضاع الصعبة وفي المحن وعند المخاطر والمنزلقات وعند التحديات حيث في الرخاء والشدة يد الإمام وعينه موجودتان، لکن عدم إلتفاتنا إليهما لا يعني غيابهما، فعندما تحتجب الشمس وراء الغيوم يقول الناس ذهبت الشمس، لکنهم لا يحسون بوجودها من خلال حرارتها التي تبعث الحياة واستمراريتها، ونحن قد لا نشعر بتدخل الإمام وبرعايته الخاصة لکن ذلک ليس إلا من جهة قصر النظر والغشاوة المانعة من الوصول إلي حقانية الحق الذي يجسده الإمام والذي لا يغيب عن العالم حتي لو کنا لا نراه، لأنه لو کان هناک إمکانية لذلک، لکان من الأفضل والأيسر أن يرفع الله إليه وليه الأعظم کما رفع إليه نبيه عيسي بن مريم ع، وإن الأحداث التي حصلت في النصف الثاني من هذا القرن هي خير شاهد ليس فقط علي وجود الإمام بل علي تدخله المباشر في الأحداث، خصوصاً الثورة الإسلامية المبارکة في إيران التي جاءت مخالفةً للسياق الطبيعي الذي تسير عليه البشرية فهي بحصولها أشارت إلي يدٍ غيبية ساهمت في الحصول مما يجعل الموالين والمحبين يتلفتون يميناً وشمالاً لکي يروا وجه صاحب الزمان أرواحنا فداه في کلِّ أبعاد هذه الثورة منذ انطلاقتها إلي ثباتها إلي مواجهتها للاعتداء إلي استمرارها. وأيضاً المقاومة الإسلامية في لبنان، التي قامت في بلدٍ غير مهيأ من ناحية الظروف والمعطيات السياسية والاجتماعية وغيرها، فالمقاومة في لبنان قامت ونهضت واستمرت وتصاعدت وتجاوزت التحديات واجتازت العوائق حتي وصلت إلي الانتصار وکل ذلک کان بفعل عوامل غيبيةٍ کانت ظاهرةً في المحطات وخصوصاً في الشدائد، والعوامل هذه تومي ء إلي صاحب الزمان (ع)ممثّل الغيب في ساحة الشهادة.