ليس لاحد أن يختار الخليفة الا الله


وقول الله عزوجل: «وإذ قال ربک للملئکة إني جاعل في الارض خليفة» «جاعل» منون [1] صفة الله التي وصف بها نفسه، وميزانه قوله: «إني خالق بشرا من طين [2] فنونه ووصف به نفسه، فمن ادعي أنه يختار الامام وجب أن يخلق بشرا من طين، فلما بطل هذا المعني بطل الاخر إذ هما في حيز واحد.

ووجه آخر: وهو أن الملائکة في فضلهم وعصمتهم لو يصلحوا لاختيار الامام حتي تولي الله ذلک بنفسه دونهم واحتج به علي عامة خلقه أنه لا سبيل لهم إلي اختياره لما لم يکن للملائکة سبيل إليه مع صفائهم ووفائهم وعصمتهم، ومدح الله إياهم في آيات کثيرة مثل قوله سبحانه: «بل عباد مکرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون» [3] وکقوله عزوجل: «لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون». [4] .

ثم إن الانسان بما فيه من السفه والجهل کيف وأني يستتب له [5] ذلک فهذا والاحکام دون الامامة مثل الصلاة والزکاة والحج وغير ذلک لم يکل الله عز وجل شيئا من ذلک إلي خلقه، فکيف وکل إليهم الاهم الجامع للاحکام کلها و الحقائق بأسرها.

وجوب وحدة الخليفة في کل عصر:

وفي قوله عزوجل «خليفة» إشارة إلي خليفة واحدة ثبت به ومعه إبطال قول



[ صفحه 10]



من زعم أنه يجوز أن تکون في وقت واحد أئمة کثيرة، وقد اقتصر الله عزوجل علي الواحد، ولو کانت الحکمة ما قالوه وعبروا عنه لم يقتصر الله عزوجل علي الواحد، ودعوانا محاذ لدعواهم، ثم إن القرآن يرجح قولنا دون قولهم، والکلمتان إذا تقابلتا ثم رجح إحداهما علي الاخري بالقرآن، کان الرجحان أولي.


پاورقي

[1] يعني قوله تعالي «جاعل» بالتنوين يفيد الحصر.

[2] ص: 71.

[3] أنبياء: 26 و 27.

[4] التحريم: 6.

[5] أي يهيؤ ويستقيم له. وفي بعض النسخ «يستثبت له».