في ذکر ظهور نوح بالنبوة بعد ذلک


2ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الکوفي [1] قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد ابن الحسن الميثمي، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام لما أظهر الله تبارک وتعالي نبوة نوح عليه السلام وأيقن الشيعة بالفرج اشتدت البلوي وعظمت الفرية إلي أن ال الامر إلي شدة شديدة نالت الشيعة والوثوب علي نوح بالضرب المبرح [2] حتي مکث عليه السلام في بعض الاوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام، يجري الدم من اذنه ثم أفاق، وذلک بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، وهو في خلال ذلک يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون، ويدعوهم سرا فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولون، فهم بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاک فسلموا عليه، ثم قالوا له: يا نبي الله لنا حاجة، قال: وما هي؟ قالوا: تؤخر الدعاء علي قومک فانها أول سطوة لله عزوجل في الارض قال: قد أخرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخري، وعاد إليهم فصنع ما کان يصنع، ويفعلون ما کانوا يفعلون حتي إذا انقضت ثلاثمائة سنة اخري ويئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحي النهار للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة (وهم ثلاثة أملاک) فسلموا عليه، وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بکرة وجئناک ضحوة، ثم سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم إلي مثل ما أجاب اولئک إليه، وعاد عليه السلام إلي قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا، حتي انقضت ثلاثمائة سنة تتمة تسعمائة سنة فصارت إليه الشيعة وشکوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج،



[ صفحه 134]



فأجابهم إلي ذلک وصلي ودعا فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: إن الله تبارک وتعالي أجاب دعوتک فقل للشيعة: يأکلوا التمر ويغرسوا النوي ويراعوه حتي يثمر، فإذا أثمر فرجت عنهم، فحمد الله وأثني عليه وعرفهم ذلک فاستبشروا به، فأکلوا التمر وغرسوا النوي وراعوه حتي أثمر، [3] ثم صاروا إلي نوح عليه السلام بالتمر وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلک فأوحي الله إليه قل لهم: کلوا هذا التمر وأغرسوا النوي فإذا أثمر فرجت عنکم، فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليهم، ارتد منهم الثلث وثبت الثلثان، فأکلوا التمر وغرسوا النوي حتي إذا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلک، فأوحي الله إليه قل لهم: کلوا هذا التمر، واغرسوا النوي، فارتد الثلث الاخر وبقي الثلث فأکلوا التمر وغرسوا النوي، فملا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام ثم قالوا له: لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوف علي أنفسنا بتأخير الفرج أن نهلک، فصلي نوح عليه السلام ثم قال: يا رب لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة وإني أخاف عليهم الهلاک إن تأخر عنهم الفرج، فأوحي الله عزوجل إليه قد أجبت دعاءک فاصنع الفلک وکان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة.

3ـ حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، ومحمد بن موسي بن المتوکل، وأحمد بن محمد ابن يحيي العطار رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن الحسين بن ـ الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الکريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: عاش نوح بعد النزول من السفينة خمسين سنة [4] ثم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له:



[ صفحه 135]



يا نوح قد انقضت نبوتک واستکملت أيامک فانظر الاسم الاکبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معک فادفعها إلي ابنک سام فاني لا أترک الارض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويکون نجاة فيما بين قبض النبي ومبعث النبي الاخر، ولم أکن أترک الناس بغير حجة وداع إلي، وهاد إلي سبيلي، وعارف بأمري، فاني قد قضيت أن أجعل لکل قوم هاديا أهدي به السعداء ويکون حجة علي الاشقياء، قال: فدفع نوح عليه السلام الاسم الاکبر وميراث العلم وآثار علم النبوة إلي ابنه سام، فأما حام ويافث فلم يکن عندهما علم ينتفعان به، قال: وبشرهم نوح بهود وأمرهم باتباعه، وأن يفتحوا الوصية کل عام فينظروا فيها ويکون عيدا لهم کما أمرهم آدم عليه السلام قال: فظهرت الجبرية في ولد حام ويافث فاستخفي ولد سام بما عندهم من العلم، وجرت علي سام بعد نوح الدولة لحام ويافث وهو قول الله عزوجل: «وترکنا عليه في الاخرين» [5] يقول: ترکت علي نوح دولة الجبارين ويعز الله محمدا صلي الله عليه وآله بذلک، قال: وولد لحام السند والهند والحبش، وولد لسام العرب والعجم، وجرت عليهم الدولة وکانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم حتي بعث الله عزوجل هودا عليه السلام.

4ـ وحدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الکوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمه الحسين ابن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: لما حضرت نوحا عليه السلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم: اعلموا أنه ستکون من بعدي غيبة تظهر فيها الطواغيت، وأن الله عزوجل يفرج عنکم بالقائم من ولدي، اسمه هود، له سمت وسکينة ووقار، يشبهني في خلقي وخلقي، وسيهلک الله أعداءکم عند ظهوره بالريح، فلم يزالوا يترقبون هودا عليه السلام وينتظرون ظهوره حتي طال عليهم الامد وقست قلوب أکثرهم، فأظهر الله تعالي ذکره نبيه هودا عليه السلام عند اليأس منهم وتناهي البلاء بهم واهلک الاعداء بالريح العقيم التي وصفها الله تعالي ذکره،



[ صفحه 136]



فقال: «ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته کالرميم» [6] ثم وقعت الغيبة (به) بعد ذلک إلي أن ظهر صالح عليه السلام.

5ـ حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن ـ رضي الله عنهما ـ قالا: حدثنا سعد بن ـ عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و کرام بن عمرو، [7] عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما بعث الله عزوجل هودا عليه السلام أسلم له العقب من ولد سام، وأما الاخرون فقالوا: من أشد منا قوة فاهلکوا بالريح العقيم، وأوصاهم هود وبشرهم بصالح عليه السلام.


پاورقي

[1] في بعض النسخ «محمد بن هشام قال: حدثنا أحمد بن زياد الکوفي».

[2] في النهاية: برح به: إذا شق عليه، ومنه الحديث «ضربا غير مبرح» أي غير شاق.

[3] في بعض النسخ «فرجت عنهم، فأخبرهم بما أوحي الله إليه ففعلوا ذلک وراعوه حتي أثمر».

[4] أورده المجلسي (ره) في البحار باب جمل أحوال نوح عليه السلام وقال: ذکره في «ص» ـ يعني قصص الانبياء ـ بهذا الاسناد إلي قوله «کما أمرهم آدم عليه السلام» الا أن فيه «خمسمائة سنة» بدل «خمسين سنة» وهو الصواب کما يدل عليه بعض الاخبار. ورواه الکليني (ره) في الکافي أيضا وفيه «خمسمائة سنة».

[5] الصافات: 78.

[6] الذاريات: 42.

[7] کذا. وهو لقب عبد الکريم بن عمرو.