تمهيد: حول عوامل التقدير التي تحيل التوقيت


اغلق الائمة من اهل البيت (ع) السؤال: متي؟ لاسباب نذکرهافي ما ياتي:

اولا: لان القوانين التي تحکم التقدير ترفض بطبيعتها التوقيت. وقد اشرنا في بعض ما اجبنا به عن السؤال: ما الحکمة؟ الي ان من اسرار الغيبة انتظار الظرف الملائم للظهور. الظرف الذي يتاهل فيه العالم لقبول الرسالة الاسلامية بکل ابعادها والتسليم بقناعة لقيادة الامام (ع). وتقدير الظرف ليس جبريا «فلا جبر ولا تفويض »، بمعني انه ليس مفروضا خارج الاسباب والقوانين المتصلة بها في هذا العالم، وانما يتم بهذه الاسباب والقوانين نفسها، وهي کما شاء اللّه لدي خلقها ابتداء متشابکة متفاعلة سلبا وايجابا. واذا کان فيها ما هو ثابت، فان فيها ما هو قابل للتغيير، او ما هو واقع تحت الخيار الانساني.. وحين يکون بعضها في موقع المقتضي او الشرط، فان بعضها الاخر قد يکون بالنسبة اليها في منزلة المانع. وطبقا لهذه العلاقة بين المقتضيات والشروط والموانع قد يتاخر الظرف وقد يتقدم، وقد تلغي بعض المقدمات والصور المتوقعة قبله او معه، وقد تحدث اخري لم تکن من قبل، وهو معني «البداء» الذي يمنع من الاخبارات القاطعة بالاحداث الواقعة ضمن نطاق القوانين الطبيعية القابلة للتغيير، وقد ورد عن الامام علي (ع)انه قال: «لولا آية في کتاب اللّه لاخبرتکم بما کان، وبما يکون، وبما هو کائن الي يوم القيامة، وهذه هي: (يمحو اللّه ما يشاء ويثبت، وعنده ام الکتاب) [الرعد: 39]. ومثل ذلک ورد عن الائمة الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق(ع). وبناء علي ذلک، فان تحديد زمن مجي ء الظرف المقدر لظهور الامام المهدي المنتظر (ع) غير وارد، ولهذا رفض الائمة من اهل البيت (ع) التوقيت، وکذبوا من نقله عنهم. روي النعماني بسنده عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (ع) قال: قلت له: جعلت فداک متي خروج القائم (ع)؟ فقال (ع): يا ابا محمد، انا اهل البيت لا نوقت، وقد قال محمد (ص): «کذب الوقاتون ». وروي بسنده عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال: قال ابو عبداللّه (ع): «يا محمد من اخبرک عنا توقيتا فلا تهب ان تکذبه، فانا لا نوقت لاحد وقتا». وبسنده عن عبداللّه بن سنان عنه (ع) قال انه قال (ع): «ابي اللّه الا ان يخلف وقت الموقتين ». وبسنده عن الفضيل بن يسار عن ابي جعفر الباقر (ع) قال: قلت ان لهذا الامر وقتا؟ فقال (ع): کذب الوقاتون کذب الوقاتون. ان موسي (ع) لما خرج وافدا الي ربه واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاده اللّه علي الثلاثين عشرا قال قومه: قد اخلفنا موسي فصنعوا ما صنعوا... (الحديث). وقد مر في التوقيع الصادر عن الامام المهدي (ع) الي اسحاق بن يعقوب بوساطة ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (النائب الثاني): «واما ظهور الفرج فانه الي اللّهوکذب الوقاتون ». ثانيا: ان الامام المهدي المنتظر (ع) نذير بين يدي الساعة بعد انقطاع النبوة وختمها بسيد الرسل (ص) وغياب الاوصياء الاثني عشر (ع)، ولذلک سمي بالنذر الاکبرالذي يصلي المسيح خلفه، وفي زمنه يبدا البعث الجزئي المسمي بالرجعة ليتصل به بعدئذ البعث الشامل، وقد ذکر المفيد رحمه اللّه انه بعد رحيل الامام (ع) باربعين يوماتقوم القيامة الکبري. والقيامة مربوطة بتقدير اللّه لعالمنا لا يجليها لوقتها الا هو، ولذلک فلا توقيت، ولکنهم ذکروا علامات عامة وخاصة.