المهدي المنتظر من عقائد اهل السنة


نص علي ان الايمان بخروج الامام المهدي المنتظر (ع) من آل البيت من عقائد اهل السنة، او مما تواترت به الاخبار، او نص علي صحتها عدد کبير من علماء اهل السنة،ولم يناقش في ذلک الا من لا شان له عندهم في علم الحديث کما تقدم. ومن هؤلاء: الحسن بن علي البربهاري الحنبلي المتوفي سنة 339 ه، في عقيدته المثبتة ضمن ترجمته من کتاب طبقات الحنابلة لابن يعلي الحنبلي.

ومنهم ابو الحسين الابري السجستاني محمد بن الحسين المتوفي سنة 363 ه، قال في کتابه مناقب الامام الشافعي: «وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه(ص) بذکر المهدي (ع) وانه من اهل بيته ». قال الشيخ مهيب البوريني في مقدمته نقل هذا عنه الامام ابن القيم في کتابه: المنار المنيف وسکت عنه «يعني انه لم يجداعتراضا»، وکذلک الحافظ ابن حجر في فتح الباري م 6 ص 493، وفي تهذيب التهذيب في ترجمة محمد بن خالد الجندي نقله وسکت عليه، ومثلهما القرطبي في التذکرة في احوال الموتي وامور الاخرة. وابو الحجاج المزي في کتابه تهذيب الکمال والسيوط ي في العرف الوردي ومرعي بن يوسف الکرمي کما نقل عنه صديق حسن في الاذاعة. ومن هؤلاء ابن تيمية توفي سنة 728 ه، فقد قال: ان الاحاديث التي يحتج بها علي خروج المهدي (ع) احاديث صحيحة رواها ابو داود والترمذي واحمد وغيرهم، ثم قال:وهذه الاحاديث غلط فيها طوائف، وذکر منهم من احتج بحديث اورده ابن ماجة عن النبي (ص) انه قال: لا مهدي الا عيسي بن مريم. قال: وهذا الحديث ضعيف وقداعتمد ابو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه وليس مما يعتمد عليه. ومن هؤلاء احمد بن السرور بن الضياء الحنفي مفتي الاحناف في مکة في اجابته علي سؤال وجه اليه سنة 952 ه، والي المفتين الاخرين لبقية المذاهب السنية الاربعة:المالکي والشافعي والحنبلي لدي خروج متمهدي في الهند اسمه محمد بن يوسف الحسيني الجونيوري وادعي انه المهدي وان من انکره فقد کفر فاتبعه کثير من الناس فتنوا به حتي توفي سنة 910 ه، فافتي في الاجابة: بوجوب قمع هذه الطائفة اشد القمع لبطلان عقيدتهم بمخالفتها ما وردت به النصوص الصحيحة والسنن الصريحة التي تواترت الاخبار بها واستفاضت بکثرة رواتها من ان المهدي (ع) بظهوره في آخر الزمان يخرج مع سيدنا عيسي علي نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام، ويساعد سيدناعيسي علي قتل الدجال وان تکون له علامات قبل ظهوره منها خروج السفياني، وخسوف القمر في شهر رمضان وورد انه يخسف في شهر رمضان مرتين و کسوف الشمس في نصف رمضان علي خلاف ما جرت به العادة عند حساب النجوم الخ... وافتي فقيه المالکية محمد بن الحطاب المالکي المتوفي سنة 954 ه، فقال: اعتقاد هذه الطائفة في الرجل الميت (کان قد توفي منذ 42 عاما) انه المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان باطل للاحاديث الصحيحة الدالة علي صفة المهدي وصفة خروجه وما تقدم من ذلک من الفتن، وذکر شيئا منها ثم قال: وللاحاديث الدالة علي کون المهدي يملک الارض الخ... وافتي فقيه الشافعية الشيخ احمد بن حجر الهيثمي الشافعي المتوفي سنة 973 ه، فقال: اعتقاد هذه الطائفة باطل قبيح وجهل صريح وبدعة شنيعة وضلالة فضيعة ثم ذکرمستنده في ذلک، والاول منه: مخالفته لصريح الاحاديث المستفيضة المتواترة بانه من اهل بيت النبي (ص) وانه يملک الارض شرقها وغربها ويملاها عدلا لم يسمع بمثله وانه يخرج مع عيسي (ع) فيساعده علي قتل الدجال الخ... وافتي فقيه الحنابلة يحيي بن محمد الحنبلي المتوفي سنة 963 ه، فقال: لا مرية في فساد هذا الاعتقاد لما اشتمل عليه من مخالفة الاحاديث الصحيحة بالعناد، فقد صح عنه کما رواه الثقاة عن الرواة الاثبات انه اخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، وذکر مقدمات لظهوره وصفات في ذاته وامور تقع في زمانه من اعظمها ما لا يمکن لاحددعوي انه وقع، وهو نزول عيسي (ص) في زمنه واجتماعه به وصلاته خلفه وخروج الدجال وقتله الخ.... ومن هؤلاء محمد السفاريني الحنبلي المتوفي سنة 1188 ه، قال في کتابه «لوامع الانوار البهية ج 2 ص 84»: وقد کثرت الروايات بخروجه حتي بلغت حد التواترالمعنوي فالايمان بخروج المهدي واجب کما هو مقرر عند اهل العلم ومدون في عقائد اهل السنة والجماعة. ومن هؤلاء محمد البرزنجي المتوفي سنة 1103 ه، قال في کتابه: «الاشاعة لاشراط الساعة ص 112»: «وقد علمت ان احاديث المهدي وخروجه آخر الزمان وانه من عترة رسول اللّه (ص) من ولد فاطمة (عليها السلام) بلغت حد التواتر المعنوي فلا معني لانکارها». ومنهم العلامة القاضي الشوکاني المتوفي سنة 1250 ه، في کتابه: «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح »: قال بعد ان ساق الاحاديث الواردة في ذلک: «فتقرران الاحاديث الواردة في المهدي المنتظر (ع) متواترة ». وقال: ان ما امکن الوقوف عليه من الاحاديث المرفوعة الي رسول اللّه (ص) خمسون حديثا، واما الاثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي (ع) فهي کثيرة جدا، وقال: ان لهاحکم الرفع اذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلک. ومنهم الشيخ صديق حسن القنوجي المتوفي سنة 1307 ه، في کتابه: «الاذاعة لما کان ويکون بين يدي الساعة ص 112»، قال: «والاحاديث الواردة في المهدي (ع)علي اختلاف رواياتها کثيرة جدا تبلغ حد التواتر». وقال (ص 145): «لا شک في ان المهدي (ع) يخرج آخر الزمان من غير تعيين لشهر وعام لما تواتر من الاخبار في الباب، واتفق عليه جمهور الامة خلفا عن سلف الامن لا يعتد بخلافه فلا معني للريب في ذلک الفاطمي الموعود المنتظر المدلول عليه بالادلة بل انکار ذلک جراة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة البالغة حد التواتر». ومنهم الشيخ محمد جعفر الکتاني المتوفي سنة 1345 ه، قال: «ان الاحاديث الواردة فيه علي اختلاف رواياتها کثيرة جدا تبلغ حد التواتر، وقد ذکرنا ذلک في مناقشته لابن خلدون ».وقال الباحث السعودي الشيخ جاسم بن محمد الياسمين في تعريفه لکتاب البرهان في علامات مهدي آخر الزمان الذي قام بدراسته وتحقيقه قال: «تتاکد قضية المهدي باعتبارها قضية عقيدية من عقائد اهل السنة والجماعة، کما اشار الي ذلک السفاريني في لوامع الانوار، ولثبوت الاحاديث واستفاضتها حتي بلغت حد التواترالمعنوي المفيد للقطع واليقين بمجي ء الموعود». وذکر الباحث المذکور في مقدمته «ان الشيخ علي بن حسام المشهور بالمتقي الهندي الحنفي صاحب کنز العمال » قد اورد في کتابه «البرهان » حشدا عظيما من الاحاديث والاثار فيموضوع المهدي (ع) حتي بلغت (274) مئتين واربعة وسبعين حديثا واثرا». هذا ما يتصل بقضية المهدي (ع) بوصفها عقائدية لدي المسلمين من اهل السنة. اما الشيعة الامامية الاثنا عشرية فان القضية لديهم، من حيث الموقع العقائدي، ومن حيث الاحاديث الواردة فيها، تتجاوز ذلک. فهي من حيث الموقع تتصل باصل من اصول الايمان لديهم وهو «الامامة ». اما الاحاديث الواردة فيه فتتواصل رواياتها عن النبي (ص) والائمة الاثني عشر (ع) من اهل البيت عدا ما ورد عن الصحابة رضوان اللّه عليهم في ما يتصل به اسما وصفة ودورا وآباء واما وعلامات ودلائل امامة حتي تصل الي الالاف. وقد احصي العلامة الباحث المحقق الشيخ لطف اللّه الصافي في کل باب ورد في الفصول: الاول والثاني والثالث والرابع من کتابه: «منتخب الاثر في الامام الثاني عشر» عدد ما اورده فيه من الاحاديث، وقد جمعت ما اشار اليه في هذه الابواب في الفصلين الاول والثاني والابواب الثلاثة من الفصل الثالث فکان مجموع الاحاديث المنتخبة مما رواه السنة والشيعة في ذلک (5303) (خمسة آلاف و ثلاثمئة وثلاثة احاديث). ولکن القضية الهامة التي هي موضع الخلاف في ذلک بين المسلمين تتلخص في الاجابة عن السؤال التالي: