دعاء الحکمة


الاحتجاج أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص317 - 318: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة - حرسها الله - بعد المسائل.

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألک أن تصلي علي محمد نبي رحمتک وکلمة نورک [1] وأن تملأ قلبي نور اليقين، وصدري نور الإيمان، وفکري نور الثبات، وعزمي نور العلم، وقوتي نور العمل، ولساني نور الصدق، وديني نور البصائر من عندک، وبصري نور الضياء، وسمعي نور وعي الحکمة، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله (عليهم السلام) [2] حتي ألقاک وقد وفيت بعهدک وميثاقک فلتسعني رحمتک يا ولي يا حميد.

اللهم صل علي حجتک في أرضک، وخليفتک في بلادک، والداعي إلي سبيلک، والقائم بقسطک، والثائر بأمرک، ولي المؤمنين، وبوار الکافرين، ومجلي الظلمة، ومنير الحق، والساطع بالحکمة والصدق، وکلمتک التامة في أرضک، المرتقب الخائف [3] والولي الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدي، ونور أبصار الوري، وخير من تقمص وارتدي، ومجلي العمي، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً کما ملأت ظلماً وجوراً، إنک علي کل شيء قدير.

اللهم صل علي وليک وابن أوليائک الذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقهم وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيراً.

اللهم انصر وانتصر به أولياءک وأولياءه، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم.

اللهم أعذه من کل باغ وطاغ، ومن شر جميع خلقک، واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، واحرسه، وامنعه من أن يوصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولک وآل رسولک، وأظهر به العدل وأيده بالنصر، وانصر ناصريه واخذل خاذليه، واقصم به جبابرة الکفرة، واقتل به الکفار والمنافقين وجميع الملحدين، حيث کانوا في مشارق الأرض ومغاربها، برها وبحرها، واملأ به الأرض عدلاً، وأظهر به دين نبيک، واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه، وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمد ما يأملون، وفي عدوهم ما يحذرون إله الحق آمين يا ذا الجلال والإکرام يا أرحم الراحمين.


پاورقي

[1] تدل أحاديث بدء الخلقة علي أن الله أوجد کلمة، ثم قسمها قسمين... وتسللت الخلقة - بالشکل المأثور عن أهل البيت (عليهم السلام) - فالکلمة التي خلق الله منها النور، هي روح النبي، أو الحقيقة النبوية - حسب تعبير المتکلمين - فالنبي (صلّي الله عليه وآله) هو کلمة النور.

[2] الثابت - بمقتضي أحاديث الخلقة - إن أول ما خلق الله من الکلمة هو النور، وباستمرار تموجات النور وامتداداته حدث تشعب فيه، فصار کل شعبة منه شيئاً مختلفاً عن بقية شعبة، وکل شعبة: منها إذا تفاعلت مع الإنسان تطور إلي شيء، فشعبة منها تطور إلي اليقين وأخري إلي الإيمان، وثالثة إلي الثبات ورابعة إلي العلم... وهکذا. ولعل الإمام أخذ کل تفاعلات الخلقة بنظر الاعتبار، ثم علمنا أن نسأل الله ذلک...

[3] جميع الأنبياء والأوصياء، وربما جميع الأولياء إذا سألوا الله شيئاً أجابهم، کما أنهم يملکون من أسماء الله الحسني والقدرات الروحية ما أحيوا بها الموتي ومشوا علي الماء وأبرءوا الأکمه والأبرص، وفعلوا الأعاجيب، ولکنهم لم يکونوا يستخدمون تلک القدرات في کل صغيرة وکبيرة من حياتهم، وإنما کانوا يعيشون بشراً بالوسائل والأساليب التي يتبعها البشر، فکانوا يفلحون ويصنعون ويبيعون ويشترون کما کانوا يأکلون ويلبسون مثل سائر الناس وإذا قابلهم عدو دافعوا عن أنفسهم بالطرق المألوفة.

فکانوا يخافون من أعدائهم کما يخاف غيرهم من عدوه، بفارق أنهم ما کانوا يتنازلون لأعدائهم عن شيء، ويغيرون مسيرتهم نتيجة الخوف، فشأن الإمام المهدي (عليه السلام) في فترة الغيبة شأن موسي بن عمران فترة ما قبل الرسالة وکما خرج موسي بن عمران - يومئذ - من مصر خائفاً يترقب أن يلحقه الطلب هکذا غاب الإمام المهدي خائفاً يترقب أن يعرفه الأعداء فيجهزوا عليه.