بازگشت

عقيدهء شيعيان درباره حضرت مهدي (ع)


عقيدة الشيعة في الإمام المهدي عليه السلام
الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام ، من أصول مذهبنا . . بل هو محوره الذي سمي لأجله " المذهب الامامي " و " مذهب التشيع " و " مذهب أهل البيت " عليهم السلام . وسمينا لأجله " الامامية " و " الشيعة " شيعة أهل البيت .
وأول الأئمة الأوصياء المعصومين عندنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وخاتمهم الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري عليه السلام ، الذي ولد في سنة 255 هجرية في سامراء ، ثم مد الله في عمره وغيبه إلى أن ينجز به وعده ، ويظهره ويظهر به دينه على الدين كله ، ويملأ به الأرض قسطا وعدلا .
فالاعتقاد بأن المهدي الموعود عليه السلام هو الامام الثاني عشر ، وأنه حي غائب جزء من مذهبنا . وبدونه لا يكون المسلم شيعيا اثني عشريا ، بل مسلما سنيا ، أو زيديا أو إسماعيليا .
* * *
ويستغرب بعض إخواننا اعتقادنا بإمامة الأئمة عليهم السلام ، وبعصمتهم ، وبغيبة المهدي المنتظر أرواحنا فداه . ولكن الميزان في الأمور الممكنة ليس هو الاستبعاد ولا الاستحسان ، بل ثبوت النص عن النبي صلى الله عليه وآله ، وقد ثبتت عندنا النصوص المتواترة القطعية ، الدالة على إمامته وغيبته عليه السلام . . ومتى ثبت النص وقام الدليل ، فعلى المسلم أن يقبله ويتعبد به ، وعلى الآخرين أن يعذروه أو يقنعوه . ورحم الله القائل :
نحن أتباع الدليل * أينما مال نميل
*
وإخواننا السنة وان لم يوافقونا على انطباق المهدي الموعود على الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام ، إلا أنهم يوافقوننا على كل ما ورد بشأنه من الأحاديث الشريفة ، من البشارة به ، وحركة ظهوره ، وتجديد الاسلام على يده ، وشموله العالم ، حتى أنك تجد أحاديثه عليه السلام واحدة أو متقاربة في مصادر الفريقين ، كما سترى في الفصل التالي إن شاء الله .
على أن عددا من علماء السنة يوافقنا أيضا على أنه هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام ، مثل ابن عربي والشعراني وغيرهم ، ممن صرحوا باسمه ونسبه ، وثبت عندهم أنه حي غائب . وقد ذكر أسماء مجموعة منهم صاحب كتاب " المهدي الموعود " وهذا الاشتراك في عقيدة المهدي عليه السلام بين جميع المسلمين ، يجب أن يستثمره العلماء والعاملون لنهضة الأمة ، لأنه عقيدة ذات تأثير حيوي في جماهير المسلمين ، من شأنها أن ترفع مستوى إيمانهم بالغيب ، وبوعد الله تعالى لهم بالنصر ، وترفع معنوياتهم في مقاومة أعدائهم ، والتمهيد لامامهم الموعود عليه السلام .
ولا يصح أن يكون عدم ثبوت انطباقه على الإمام محمد بن الحسن عليه السلام عند إخواننا السنة ، موجبا لانتقاد من يعتقد بذلك ، ويتقرب به إلى الله تعالى .
* *
وليس غرضنا هنا أن نطرح بحثا كلاميا في عقيدتنا في الإمام المهدي عليه السلام . . بل أن نعطي فكرة عن هذه الروحية الفياضة التي تعيش بها أوساطنا الشيعية عقيدة المهدي ، والتي كونت في ضمير المسلم الشيعي ، عبر الأجيال وتربية الاباء والأمهات ، مخزونا عظيما من الحب والتقديس والتطلع إلى ظهوره عليه السلام .
فالإمام المهدي أرواحنا فداه هو بقية الله في أرضه من أهل بيت النبوة ، وخاتم الأوصياء والأئمة ، وأمين الله على قرآنه ووحيه ، ومشكاة نوره في أرضه . . ففي شخصيته تتجسد كل قيم الاسلام ومثله ، وشبه النبوة وامتداد نورها .
وفي غيبته تكمن معان كبيرة ، من الحكم والاسرار الإلهية ، ومظلومية الأنبياء والأولياء والمؤمنين ، على يد حكام الظلم وسلاطين الجور . . وفي الوعد النبوي بظهوره ، تخضر آمال المؤمنين ، وتنتعش قلوبهم المهمومة ، وتقبض أكفهم على الراية ، وإن عتت العواصف ، وطال الطريق . . فهم وصاحبها على ميعاد . .
ولئن كان الشيعة معروفين بغنى حياتهم الروحية مع النبي وآله صلى الله عليه وآله ، فإن شخصية الإمام المهدي أرواحنا فداه ومهمته الموعودة ، بجاذبيتها الخاصة ، رافد حيوي في إغناء روح الشيعي بالأمل والحب والحنين .
* *
ينتقد البعض شدة احترام الشيعة لعلمائهم ، بينما يعجب به آخرون ويقدرونه . ويزداد الاعجاب أو الانتقاد إذا رأوا احترام الشيعة لمرجع التقليد نائب الإمام المهدي أرواحنا فداه ، وتقديسهم له وتقيدهم بفتواه . .
أما إذا وصل الامر إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام فيتهمنا البعض بالمبالغة والمغالاة ، ويفرط بعضهم في التهمة فيقول إن الشيعة يؤلهون النبي والأئمة والمراجع ويعبدونهم ، والعياذ بالله . .
ولكن المشكلة ليست في شدة احترام الشيعة وإطاعتهم وتقديسهم لعلمائهم وأئمتهم . . بل هي ، في الواقع ، ابتعادنا نحن المسلمين جميعا عن النظرة الاسلامية إلى الانسان والتعامل بها معه . .
فنحن نلاحظ في القرآن الكريم ثلاثة مذاهب في مسألة قيمة الانسان : المذاهب البدوي ، الذي تذكره آيات الاعراب والمنادين من وراء الحجرات . والمذهب المادي ، الذي تذكره آيات أعداء الأنبياء وأصحاب الحضارات الكافرة . والمذهب الاسلامي ، تذكره آيات تكريم الانسان والتوجيه إلى عالمه العقلي والروحي والعملي . . وأحسبنا في عالمنا الاسلامي نعيش تأثيرات كثيرة للبداوة وللمادية الغربية في نظرتنا إلى الأنبياء والأئمة والأولياء والشهداء والمؤمنين . والى جمهورنا وشعوبنا الاسلامية . بل إلى أنفسنا أيضا .
لقد أوجد الانحطاط الحضاري والتسلط الغربي في مجتمعاتنا ظروفا قاسية سياسية واقتصادية واجتماعية ، لم تعد معها حياة الانسان المسلم في أصلها محترمة ، فكيف نطمح إلى احترام أبعاد وجوده الأخرى وتقديسها ؟ !
كما حول أذهاننا إلى أذهان بدوية تنزع دائما إلى " البساطة " بمفهومها المنطقي وتعادي الجمع والتركيب . . فترانا نريد الشيء ببعد واحد ، ونرفض أن تكون له أبعاد متعددة في آن . . ونريد في قلوبنا لونا واحدا من العاطفة ، ولا نسمح لها أن تحمل ألوانا متعددة في آن . . ونرى في الأولياء والأئمة والأنبياء صلوات الله عليهم ، ظاهر أمرهم وحالهم ، ولا نرى قممهم الشامخة ، وعوالمهم العقلية والروحية العالية . . وإذا رأى أحد شيئا من ذلك نقول عنه مغال ، وإذا جاش بذلك عقله أو قلبه ، نقول مجنون أو منحرف .
ويبلغ الامر أقصى خطورته عند ما نلبسه ثوبا دينيا فنقاوم تقديس الأولياء والأئمة والأنبياء بحجة أنه يتنافى مع تقديس الله تعالى وتوحيده . . فكأن معنى أنهم بشر عليهم الصلاة والسلام أن يكونوا حفنة من رمل الصحراء . وكأن الامر يدور بين رمل الصحراء والسماء ، ولا ثالث . . فلا رياض ولا أنهار ، ولا روابي ولا قمم . .
وكأن مثل النور الإلهي الذي حدثنا عنه الله تعالى في سورة النور " مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " موجود في غير أرضنا ، ومتجسد في غير هؤلاء العظماء ، صلوات الله عليهم .
* *
أعتقد أن هذه الصحوة الاسلامية المباركة ، وحركة الأمة نحو إسلامها ومقاومة أعدائها ، هي الطريق لان نجد ذاتنا الاسلامية وإنساننا المسلم ، ونجد من جديد نبينا صلى الله عليه وآله ، وأئمتنا وعلماءنا ، ونتعامل معهم بما يليق بغنى شخصياتهم الربانية ، ومقاماتهم العالية ، وتمتلئ قلوبنا مجددا بمخزون الحب والعشق المقدس لهم ، الذي يهيؤنا ويفتح لنا باب الحب والعشق الأكبر لمولاهم ومولانا تبارك وتعالى . إن على من تحجبه الشجرة عن الغابة أن يعذر من يرى الشجرة والغابة معا ، والجبال والسماء . وعلى من يرى أن تقديس العلماء والأولياء والأئمة والأنبياء ، والعيش في عوالمهم ، مانعا عن تقديس الله تعالى وتوحيده . . أن يعذر من يرى ذلك درجات من التعظيم شرعها الاسلام ، لتنتظم بها الحياة ، وتفتح الطريق إلى تعظيم وتقديس وتسبيح الذي ليس كمثله شئ ، تبارك وتعالى .
فإذا كان إناء عقلي محدودا ، وإناء قلبي صغيرا ، يمتلئ ويغص بحب عظماء المخلوقين فلا يبقى فيه لحب الخالق مجال . . فعلي أن أعذر أصحاب العقول الوافرة ، والقلوب الكبيرة ، التي تتسع للجمع والتركيب ، وفهم قمم الأرض وآفاق السماء ، ومعايشتها جميعا . .
* * *
مقام الإمام المهدي عند الله تعالى
" " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " "
ومن المناسب قبل أن نقدم مقطوعات من الأحاديث والأدعية والزيارات ، لتكون نماذج عن عقيدتنا بالامام المهدي أرواحنا فداه ، ومشاعرنا نحوه . . أن نذكر شيئا من الأحاديث التي وردت في مقامه ، فقد ورد في مصادر الفريقين أن مقامه أرواحنا فداه مقام عظيم عند الله تعالى ، وأنه سيد في الدنيا والآخرة ، وأنه من سادة أهل الجنة ، وطاووس أهل الجنة ، وأن عليه من نور الله تعالى جلابيب تتوقد ، وأنه ملهم مهدي من الله تعالى وان لم يكن نبيا ، وأن الله تعالى يجرى على يديه كثيرا من الكرامات والآيات والمعجزات . . بل إن الحديث المعروف الذي روته المصادر المعتبرة عند الشيعة والسنة يدل على أنه أرواحنا فداه في مصاف الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم . . فعن النبي صلى الله عليه وآله قال " نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا وحمزة وعلي والحسن والحسين والمهدي " غيبة الطوسي 13 وصواعق ابن حجر 158 .
وقد وردت في مصادرنا أحاديث مفصلة في فضائل الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، ومقامهم العظيم عند الله تعالى ، ومنها أحاديث خاصة بالامام المهدي المنتظر أرواحنا فداه ، وأنه نور الله في أرضه ، وحجته على خلقه ، والقائم بالحق ، وخليفة الله في الأرض ، وشريك القرآن في وجوب الطاعة ، ومعدن علم الله تعالى ومستودع سره . . إلى آخر ما فصله العلماء في كتب العقائد والتفسير والحديث . وقال أكثرهم بتفضيله على بقية الأئمة بعد أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام ، ووردت به الرواية . وقد ورد عند السنة تفضيله على أبي بكر وعمر ، فعن ابن سيرين ، قيل له " المهدي خير أو أبو بكر وعمر " ؟ قال " أخير منهما ويعدل بنبي " ابن حماد ص 98 .
* * *
من كلمات الأئمة في الإمام المهدي
" " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " "
من الملفت في هذا المجال ، أن نجد أن الأئمة عليهم السلام كانوا في طليعة المعبرين عن مشاعرهم وحبهم للإمام المهدي عليه السلام قبل ولادته ، إيمانا بوعد النبي صلى الله عليه وآله به ، وتطلعا إلى ولدهم الموعود ، وما سيحققه الله تعالى على يده . . ونكتفي من ذلك بذكر كلمات عن الإمام علي والإمام الصادق ، عليهما السلام .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ألا إن مثل آل محمد ، صلى الله عليه وآله ، كمثل نجوم السماء : إذا خوى نجم طلع نجم . . فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون " نهج البلاغة - خطبة رقم 100 .
" فانظروا أهل بيت نبيكم ، فإن لبدوا فالبدوا ، وإن استنصروكم فانصروهم . . فليفرجن الله بغتة برجل منا أهل البيت . بأبي ابن خيرة الإماء . لا يعطيهم إلا السيف ، هرجا هرجا موضوعا على عاقته ثمانية أشهر ، حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا . . " .
" يعطف الهوى على الهدى ، إذا عطفوا الهدي على الهوى . ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي . . وتخرج له الأرض أفاليذ أكبادها ، وتلقي إليه سلما مقاليدها . فيريكم كيف عدل السيرة . ويحيي ميت الكتاب والسنة " خطبة 138 . " قد لبس للحكمة جنتها ، وأخذ بجميع أدبها ، من الاقبال عليها والتفرغ لها ، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها ، وحاجته التي يسأل عنها . فهو مغترب إذا اغترب الاسلام ، وضرب بعسيب ذنبه ، وألصق الأرض بجرانه . . بقية من بقايا حجته ، خليفة من خلائف أنبيائه " . خطبة 182 .
* *
عن سدير الصير في قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق ، بلا جيب مقصر الكمين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلي ، ذات الكبد الحري ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول :
سيدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وأسرت مني راحة فؤادي . . سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما أحس بدمعة ترقأ من عيني ، وأنين يفتر من صدري . . .
قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة ، أو حلت به من الدهر بائقة ، فقلنا لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك ، من أي حادثه تستنزف دمعتك ، وتستمطر عبرتك ، وأيه حالة حتمت عليك هذا المأتم .
قال : فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتد منها خوفه ، وقال : " ويحكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام ، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته ، وإبطاءه وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم ، التي قال الله تقدس ذكره : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية ، فأخذتني الرقة ، واستولت علي الأحزان .
فقلنا : يا بن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم قال : إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل ، قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام ، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام ، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلا على عمره .
فقلت : إكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني .
قال : أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة ، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من ( نساء ) بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولد ، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه . كذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم والامراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وأما غيبة عيسى عليه السلام فان اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل ، وكذبهم الله عز وجل بقوله : " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " كذلك غيبة القائم عليه السلام فان الأمة تنكرها لطولها . . .
وأما إبطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث الله عز وجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة ( سبع ) نويات فقال : يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك : إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين .
فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به ، فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا : ولو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف .
ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد أخرى ، إلى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة ، إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال : يا نوح الان أسفر الصبح عن الليل لعينك ، حين صرح الحق عن محضه وصفي ( الامر للايمان ) من الكدر ، بارتداد كل من كانت طينته خبيثة . . .
قال الصادق عليه السلام وكذلك القائم عليه السلام تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، ويصفوا الايمان من الكدر . . . " البحار ج 51 ص 219 - 222 .
* * *
نماذج من الأدعية له وزيارته
" " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " " "
" اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن ، صلواتك عليه وعلى آبائه ، في هذه الساعة وفي كل ساعة ، وليا وحافظا وقائدا وناصرا ، ودليلا وعينا . . حتى تسكنه أرضك طوعا ، وتمتعه فيها طويلا " .
" اللهم وصل على ولي أمرك ، القائم المؤمل ، والعدل المنتظر ، وحفه بملائكتك المقربين ، وأيده منك بروح القدس يا رب العالمين .
اللهم اجعله الداعي إلى كتابك ، والقائم بدينك . استخلفه في الأرض كما استخلفت الذين من قبله . مكن له دينه الذي ارتضيته له . أبدله من بعد خوفه أمنا يعبدك لا يشرك بك شيئا .
اللهم أعزه وأعزز به ، وانصره وانتصر به ، وافتح له فتحا يسيرا ، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا .
اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة ، تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها ( الكفر ) والنفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاء إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة .
اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه ، وما قصرنا عنه فبلغناه .
اللهم المم به شعثنا ، واشعب به صدعنا ، وارتق به فتقنا ، وكثر به قلتنا ، وأعزز به ذلتنا ، وأغن به عائلنا ، واقض به عن مغرمنا ، واجبر به فقرنا ، وسد به خلتنا ، ويسر به عسرنا ، وبيض به وجوهنا ، وفك به أسرنا ، وأنجح به طلبتنا ، وأنجز به
مواعيدنا ، واستجب به دعوتنا ، وأعطنا به سؤلنا ، وبلغنا به من الدنيا والآخرة آمالنا ، وأعطنا به فوق رغبتنا .
يا خير المسؤولين وأوسع المعطين ، اشف به صدورنا ، وأذهب به غيظ قلوبنا ، واهدنا به لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ، وانصرنا به على عدوك وعدونا إله الحق آمين .
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله ، وغيبة ولينا ، وكثرة عدونا ، وقلة عددنا ، وشدة الفتن بنا ، وتظاهر الزمان علينا ، فصل على محمد وآل محمد ، وأعنا على ذلك كله بفتح منك تعجله ، وضر تكشفه ونصر تعزه ، وسلطان حق تظهره ،
ورحمة منك تجللناها ، وعافية منك تلبسناها ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
" . . . اللهم صلى على محمد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيبة ، لا يحيط بها إلا أنت ، ولا يسعها إلا علمك ، ولا يحصيها أحد غيرك .
اللهم صلى على وليك المحيى سنتك ، القائم بأمرك ، الداعي إليك ، الدليل عليك ، وحجتك على خلقك ، وخليفتك في أمرك ، وشاهدك على عبادك .
اللهم أعز نصره ، ومد عمره ، وزين الأرض بطول بقائه .
اللهم اكفه بغي الحاسدين ، وأعذه من شر الكائدين ، وازجر عنه إرادة الظالمين ، وخلصه من أيدي الجبارين .
اللهم أعطه في نفسه ، وذريته ، وشيعته ، ورعيته ، وخاصته ، وعامته ، وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقربه عينه ، وتسر به نفسه ، وبلغه أفضل أمله في الدنيا والآخرة . انك على كل شئ قدير .
اللهم جدد به ما محي من دينك ، وأحي به ما بدل من كتابك ، وأظهر به ما غير من حكمك ، حتى يعود دينك به وعلى يديه غضا جديدا خالصا مخلصا ، لا شك فيه ولا شبهة معه ، ولا باطل عنده ولا بدعة لديه .
اللهم نور بنوره كل ظلمة ، وهد بركنه كل بدعة ، واهدم بعزته كل ضلالة ، واقصم به كل جبار ، وأخمد بسيفه كل نار ، وأهلك بعدله كل جبار ، وأجر حكمه على كل حكم ، وأذل لسلطانه كل سلطان .
اللهم أذن كل من ناواه ، وأهلك كل من عاداه ، وامكر بمن كاده ، واستأصل من جحد حقه واستهان بأمره ، وسعى في إطفاء نوره ، وأراد إخماد ذكره " .
* * *
" . . . اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذا اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقربتهم ، وقدمت لهم الذكر العلي ، والثناء الجلي ، وأهبطت عليهم ملائكتك ، وأكرمتهم بوحيك ، ورفدتهم بعلمك ، وجعلتهم الذرائع إليك ، والوسيلة إلى رضوانك .
فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها . وبعض حملته في فلكك ونجيته ومن آمن معه من الهلكة برحمتك . وبعض اتخذته خليلا ، وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته ، وجعلت ذلك عليا . وبعض كلمته من جشرة تكليما ، وجعلت له من أخيه ردءا ووزيرا . . وبعض أولدته من غير أب ، وآتيته البينات ، وأيدته بروح القدس .
وكلا شرعت له شريعة ، ونهجت له منهاجا ، وتخيرت له أوصياء ، مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة على عبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ، ويغلب الباطل على أهله ، ولا يقول أحد : لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا ، وأقمت لنا علما هاديا ، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى . .
إلى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلى الله عليه وآله فكان كما انتجبته ، سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضل من اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته ، قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، وأوطأته مشارقك ومغاربك وسخرت له البراق وعرجت به إلى سمائك ، وأودعته علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقك . .
" فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتذرف الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويضج الضاجون ، ويعج العاجون .
أين الحسن ، أين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق . . أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أين الشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين أعلام الدين ، وقواعد العلم . .
أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الطاهرة ، أين المعد لقطع دابر الظلمة ، أين لمنتظر لإقامة الأمت والعوج ، أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان ، أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن ، أين المتخير لإعادة الملة والشريعة ، أين المؤمل لاحياء الكتاب وحدوده ، أين محيي معالم الدين وأهله ، أين قاصم شوكة المعتدين ، أين هادم أبنية الشرك والنفاق .
أين معز الأولياء ومذل الأعداء ، أين جامع الكلم على التقوى ، أين السبب المتصل بين أهل الأرض والسماء ، أين صاحب يوم الفتح ، وناشر رايات الهدى ، أين مؤلف الشمل الصلاح والرضا ، أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء ، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء . " بأبي أنت وأمي ، ونفسي لك الوقاء والحمى ، يا بن السادة المقربين ، يا بن النجباء الأكرمين ، يا بن الهداة المهتدين يا بن الخيرة المهديين . . عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى ، ولا أسمع لك حسيسا ولا نجوى ، عزيز علي أن لا تحيط
بي دونك البلوى ، ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى . . بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا ، بنفسي أنت من نازح لم ينزح عنا . . إلى متى أحار فيك يا مولاي والى متى . وأي خطاب أصف فيك وأي نجوى . عزيز علي ان أجاب دونك وأناغى . عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الورى . عزيز على أن يجري عليك دونهم ما يجرى . هل من معين فأطيل معه العويل والبكا . هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا . هل قذيت عين فتسعدها عيني على القذى . هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى هل يتصل يومنا منك بغده فنحظى . ترى أترانا نحف بك وأنت تؤم الملا ، وقد ملأت الأرض عدلا ، وأذقت أعداءك هوانا وعقابا ، واجتثثت أصول الظالمين ، ونحن نقول الحمد لله رب العالمين . اللهم أنت كشاف الكرب والبلوى ، واليك أستعدى فعندك العدوى ، وأنت رب الآخرة والأولى . . . . اللهم ونحن عبيدك التائقون إلى وليك ، المذكر بك وبنبيك ، الذي خلقته لنا عصمة وملاذا ، وأقمته لنا قواما ومعاذا ، وجعلته للمؤمنين منا إماما ، فبلغه منا تحية وسلاما . . . . اللهم وأقم به الحق ، وادحض به الباطل ، وأدل به أولياءك ، وأذلل به أعداءك وصل اللهم بيننا وبينه وصلة تؤدي إلى مرافقة سلفه ، واجعلنا ممن يأخذ بحجزتهم ، ويكمن في ظلهم ، وأعنا على تأدية حقوقه إليه ، والاجتهاد في طاعته ، والاجتناب عن معصيته ، وامنن علينا برضاه ، وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه ، وخير ما ننال به سعة من رحمتك وفوزا عندك ، واجعل صلواتنا به مقبولة ، وذنوبنا به مغفورة ، ودعاءنا به مستجابا ، واجعل أرزاقنا به مبسوطة ، وهمومنا به مكفية ، وحوائجنا به مقضية ، وأقبل إلينا بوجهك الكريم ، واقبل تقربنا إليك ، وانظر إلينا نظرة رحيمة ، نستكمل بها الكرامة عندك ، ثم لا تصرفها عنا بجودك . واسقنا من حوض جده صلى الله عليه وآله ، بكأسه وبيده ، ريا رويا ، سائغا هنيا ، لا ظمأ بعده . . يا أرحم الراحمين " .
وهذا غيض من فيض ، من آدابنا الشيعية وأدبنا الشيعي مع الإمام المهدي الموعود أرواحنا فداه . . وفي مدحه وحبه من الشعر من صدر الاسلام إلى يومنا مئات القصائد ، وفيها من عيون الشعر العربي ، وآيات الشعر الفارسي والتركي والأوردي . . وسنختم الكتاب بمقطوعات منها ، إن شاء الله .
( من كتاب عصر الظهور )
* *

***


***