بازگشت

حكم خمس در عصر غيبت


4 - حكم الخمس في عصر الغيبة
- السرائر مجلد : 1 صفحه 498
و ما يستحقونه من الأخماس ، في الكنوز ، والمعادن ، والأرباح ، والمكاسب ، والزراعات ، الفاضلة عن مؤونة السنة ، وغير ذلك في حال الغيبة ، فقد اختلفت أقوال الشيعة الإمامية في ذلك ، وليس فيه نص معين ، فقال بعضهم : إنه جار في حال الاستتار ، مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر والمساكن ، وهذا لا يجوز العمل عليه ، ولا يلتفت إليه ، ولا يعرج عليه ، لأنه ضد الدليل ونقيض الاحتياط ، وأصول المذهب ، وتصرف في مال الغير ، بغير اذن قاطع . وقال قوم : انه يجب حفظه ما دام الانسان حيا ، فإذا حضرته الوفاة ، وصى به إلى من يثق بديانته ، من إخوانه ، ليسلم إلى صاحب الامر ، إذا ظهر ، ويوصى به ، كما وصي إليه إلى أن يصل إلى صاحبه عليه السلام وقال قوم : يجب دفنه ، لان الأرضين تخرج ما فيها ، عند قيام القائم ، مهدي الأنام عليه السلام ، واعتمد في ذلك على خبر واحد . قال محمد بن إدريس رحمه الله : والأولى عندي الوصية به ، والوديعة ، ولا يجوز دفنه ، لأنه لا دليل عليه . وقال قوم : يجب أن يقسم الخمس ، ستة اقسام : فثلاثة اقسام للامام ، يدفن أو يودع من يوثق بأمانته ، والثلاثة الأقسام الاخر ، تفرق على مستحقيها ، من أيتام بني هاشم ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، لأنهم المستحقون لها ، وهم ظاهرون ، وعلى هذا يجب أن يكون العمل والاعتماد والفتيا ، لان مستحقها ظاهر ، وانما المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر ، فهو مثل الزكاة ، في أنه يجوز تفرقتها وإن كان الذي يجبي الصدقات ويتولاها ليس بظاهر ، فأما القول الأول فلا يجوز العمل به على حال . قال محمد بن إدريس رحمه الله : هذا الذي اخترناه ، وحققناه ، وأفتينا به ، هو الذي يقتضيه الدين ، وأصول المذهب ، وأدلة العقول ، وأدلة الفقه ، وأدلة الاحتياط ، وإليه يذهب ويعول عليه ، جميع محققي أصحابنا المصنفين ، المحصلين ، الباحثين ، عن مأخذ الشريعة ، وجهابذة الأدلة ، ونقاد الآثار ، فان جميعهم يذكرون في باب الأنفال هذه المقالة ، ويعتمدون على القول الأخير الذي ارتضيناه ، بغير خلاف بينهم ، ويقولون ما حكيناه . ويذكرون ما شرحناه ، ويصرحون بأنه ليس فيه نص معين ، فلو كان الخبران الضعيفان صحيحين ، ما كانوا يقولون ليس فيه نص معين . وشيخنا المفيد ، يقول : وإنما اختلفوا في ذلك ، لعدم ما يلجأ إليه من صريح المقال ، وما سطرناه ، واخترناه ، مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله واختياره في مبسوطه وهذا الكتاب ، اللهم آخر ما صنفه في الفقه ، فإنه بعد النهاية ، والتهذيب والاستبصار ، والجمل والعقود ، ومسائل الخلاف ، وإن كان في جميع كتبه هذا اختياره ، وفتواه ، واعتقاده ، مع اختلاف عباراته في كتبه ، وتصنيفاته ، وإن كان المعنى واحدا ، وقد أفتى فتيا صريحة ، في جواب المسائل الحائريات ، فقال له السائل : وعن رجل وجد كنزا ، لم يجد من يستحق الخمس منه ، ولا من يحمله إليه ، ما يصنع به ؟ فقال : الجواب ، الخمس نصفه لصاحب الزمان ، يدفنه أو يودعه عند من يثق به ، ويأمره بأن يوصي بذلك إلى أن يصل إلى مستحقه ، والنصف الآخر يقسمه في يتامى آل الرسول ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، فإنهم موجودون ، وإن خاف من ذلك ، أودع الخمس كله ، أو دفنه هذا اخر فتياه رحمه الله ، فلو كان يرى أن حق صاحب الزمان ، يجوز صرفه إلى بني هاشم ، في حال الغيبة ، لما أفتى بما ذكرناه عنه .
والسيد المرتضى رضي الله عنه أفتى في المسائل الموصليات الثانية الفقهية ، وهي المسألة الثلاثون فقال : والخمس ستة أسهم ، ثلاثة منها للامام القائم بخلافة الرسول وهي سهم الله ، وسهم رسوله ، وسهم الامام ، والثلاثة الباقية ، ليتامى آل الرسول ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، خاصة ، دون الخلق أجمعين . وتحقيق هذه المسألة ، ان إخراج الخمس واجب ، وفى جميع الغنائم ، والمكاسب ، وكل ما استفيد بالحرب وما استخرج أيضا من المعادن ، والغوص ، والكنوز ، وما فضل من أرباح التجارات ، والزراعات ، والصناعات ، عن المؤونة والكفاية ، وقسمة هذا الخمس ، وتمييز أهله ، هو أن يقسم على ستة سهام ، ثلاثة منها للامام القائم مقام الرسول عليهما السلام وهي سهم الله وسهم رسوله ، وسهم ذي القربى ، لان إضافة الله تعالى ذلك إلى نفسه ، هي في المعنى للرسول عليه السلام ، انما أضافها إلى نفسه ، تفخيما لشأن الرسول ، وتعظيما ، كإضافة طاعة الرسول عليه السلام إليه تعالى ، وكما أضاف رضاه عليه السلام وأذاه إليه ، جلت عظمته . والسهم الثاني المذكور المضاف إلى الرسول عليه السلام ، له بصريح الكلام ، وهذان السهمان معا للرسول عليه السلام في حياته ، ولخليفته القائم مقامه بعده . فأما المضاف إلي ذي القربى ، فإنما عنى به ولي الأمر من بعده ، لأنه القريب إليه ، الخصيص به . والثلاثة أسهم الباقية ، ليتامى آل محمد عليهم السلام ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، وهم بنو هاشم خاصة ، دون غيرهم . وإذا غنم المسلمون شيئا من دار الكفر ، بالسيف ، قسمه الامام على خمسة أسهم ، فجعل أربعة منها بين من قاتل عليه ، وجعل السهم الخامس على ستة أسهم ، وهي التي قدمنا بيانها ، ثلاثة منها ، له عليه السلام ، وثلاثة للثلاثة الأصناف من أهله ، من أيتامهم ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، والحجة في ذلك اجماع الفرقة المحقة عليه ، وعملهم به .
- شرائع الاسلام مجلد : 1 صفحه 137
الثاني : في كيفية التصرف في مستحقه وفيه مسائل : الأولى : لا يجوز التصرف في ذلك بغير اذنه ، ولو تصرف متصرف كان غاصبا ، ولو حصل له فائدة كانت للامام .
الثانية : إذا قاطع الامام على شئ من حقوقه ، حل له ما فضل عن القطيعة ، ووجب عليه الوفاء .
الثالثة : ثبت إباحة المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة ، وان كان ذلك بأجمعه للامام أو بعضه ، ولا يجب اخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه .
الرابعة : ما يجب من الخمس يجب صرفه إليه مع وجوده . ومع عدمه ، قيل : يكون مباحا ، وقيل : يجب حفظه ثم يوصي به عند ظهور امارة الموت ، وقيل : يدفن ، وقيل : يصرف النصف إلى مستحقيه ويحفظ ما يختص به بالوصاة أو الدفن ، وقيل : بل تصرف حصته إلى الأصناف الموجودين أيضا ، لان عليه الاتمام عند عدم الكفاية . وكما يجب ذلك مع وجوده ، فهو واجب عليه عند غيبته ، وهو الأشبه .
الخامسة : يجب أن يتولى صرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين ، من إليه الحكم بحق النيابة ، كما يتولى أداء ما يجب على الغائب .
- المعتبر مجلد : 2 صفحه 640
و ما الذي يفعل مع غيبته ؟ قال المفيد ( ره ) : اختلف أصحابنا في الخمس عند الغيبة ، فمنهم من أسقطه لغيبة الإمام عليه السلام ، محتجا بأحاديث الترخص فيه ، ومنهم من أوجب كنزه ، لما روي ( ( ان الأرض تخرج كنوزها عند ظهور الإمام وان الله يدله عليها ) ) ومنهم من يصله الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب ومنهم من يرى عزله ، فان خشى ادراك الموت قبل ظهوره
أوصى به إلى من يثق به في عقله ودينه ، ليسلمه إلى الامام ان أدركه ، وإلا أوصى به هكذا إلى أن يظهر . قال الشيخ ( ره ) في التهذيب : وهذا أوضح من جميع ما تقدم ، لأنه حق وجب لمالك لم يرسم فيه بما يجب الانتهاء إليه ، فيجب حفظه ويجري مجري الزكاة عند عدم المستحق ، كما لا يحكم بسقوطها ولا التصرف فيها بل يجب حفظها بالنفس والوصية ، فان ذهب ذاهب إلى ما ذكرناه في النصف الخالص للامام . ومصرف النصف الاخر لليتامى والمساكين وأبناء السبيل على ما جاء في القرآن كان على صواب
- مختلف الشيعة مجلد : 1 صفحه 208
مسئلة اختلف أصحابنا في مستحق الإمام ( ع ) في حال الغيبة من الأخماس والأنفال وغيرها قال المفيد وقد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة وذهب كل فريق منهم إلى مذهب فقال قوم منهم يسقط فرض اخراجه لغيبة الامام وما ورد فيه من الرخص من الاخبار وبعضهم يوجب كنزه وتناول خبرا ورد ان الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام القائم وانه ( ع ) إذا قام دله الله سبحانه على الكنوز فيأخذها من كل مكان وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب قال ولست ادفع قرب هذا القول من الصواب وبعضهم يرى عزله لصاحب الامر ( ع ) فان خشى ادراك المنية قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته وتسليمه إلى الإمام ( ع ) إذا أدرك ( فإذا أدرك قيامه وإلا أوصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر امام الزمان ( ع ) قال وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدمه لان الخمس حق وجب لغايبه لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه عليه إلى وقت إبانة أو التمكن من ايصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه . . . .
و اما ما يستحقونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه وليس فيه نص معين إلا أن كل واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط فقال بعضهم انه جاز في حال الاستتار مجزى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر وقال قوم انه يجب حفظه ما دام الانسان حيا فإذا حضرته الوفاة أوصى به إلى من يثق به من إخوانه ليسلمه إلى صاحب الامر ( ع ) إذا ظهر ويوصي به حسب ما وصى به إليه إلى أن يصل إلى صاحب الامر وقال قوم يجب دفنه لان الأرض يخرج كنوزها عند قيام الإمام ( ع ) وقال قوم يجب ان يقسم الخمس ستة اقسام فثلاثة اقسام للامام تدفن أو تودع من يثق بأمانته والثلاثة الأقسام الاخر تفرق على مستحقيه من أيتام آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم وهذا مما ينبغي ان يعمل عليه لان هذه الثلاثة الأقسام مستحقها ظاهر وان كان المتولي لتفريق ذلك فيهم ليس بظاهر كما أن مستحق الزكاة ظاهر وان كان المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر ولا أحد يقول في الزكاة انه لا يجوز تسليمها إلى مستحقها
- تحرير الأحكام مجلد : 1 صفحه 75
ز اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الامام فأسقطه قوم ومنهم من أوجب دفنه ومنهم من يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب ومنهم من يرى عزله فان خشى من الموت وصى به إلى من يثق بدينه وعقله ليسلمه إلى الامام ان أدركه وإلا وصى به كذلك إلى أن يظهر ومنهم من يرى صرف حصته إلى الأصناف الموجودين أيضا لان عليه الاتمام عند عدم الكفاية وهو حكم يجب مع الحضور والغيبة وهو أقوى
- جواهر الكلام مجلد : 16 صفحه 145
المسألة ( الثالثة ) صرح جماعة بأنه ( ثبت ) شرعا ( إباحتهم ( عليهم السلام ) المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة ) كما نطق بعين ذلك المرسل عن الصادق ( عليه السلام ) المروي عن غوالي اللئالي ، بل اختص هو من بين أخبار الباب بهذا الجمع وهذا اللفظ ، قال : ( ( سأله بعض أصحابه فقال : يا بن رسول الله ما حال شيعتكم فيما خصكم الله به إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم ؟ فقال ( عليه السلام ) : ما أنصفناهم إن واخذناهم ، ولا أجبناهم إن عاقبناهم ، نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم ، ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم ، ونبيح لهم المتاجر ليزكوا أموالهم ) ) والمراد كما صرح به أيضا الإباحة ( وإن كان ذلك بأجمعه للإمام ( عليه السلام ) ) كأرض الموات وغنائم دار الحرب بغير إذنه على الأصح ، التي منها الجواري المسبية ( أو بعضه ) كالمغتنم باذنه مثلا ، فإنه مباح أيضا ( ولا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه ) وإن كان في عباراتهم نوع اختلاف بالنسبة للمباح هل هو الأنفال ، أو الخمس ، أو الأعم ، بل وفي انه المناكح خاصة أو هي والمتاجر والمساكن ؟ ففي المقنعة بعد ذكر الخمس والأنفال وأخبار التحليل والتشديد قال :
( ( واعلم أرشدك الله تعالى ان ما قدمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخمس والتصرف فيه إنما ورد في المناكح خاصة ، للعلة التي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمة ( عليهم السلام ) لتطيب ولادة شيعتهم ، ولم يرد في الأموال وما أخرته عن المتقدم مما جاء في التشديد في الخمس والاستبداد به فهو يخص الأموال ) ) انتهى . وبذلك نفسه جمع بين الاخبار في الاستبصار حاكيا له عنه مستوجها إياه ، وفي النهاية ( ( فأما حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم ( عليهم السلام ) مما يتعلق بالأخماس وغيرها مما لابد لهم من المناكح والمتاجر والمساكن ، فأما ما عدا ذلك فلا يجوز التصرف فيه على حال ) ) . وفي التهذيب ( ( فان قال قائل : إذا كان الامر في أموال الناس مما ذكرتموه من لزوم الخمس فيها ، وفي الغنائم ما وصفتم من وجوب إخراج الخمس فيها ، وكان أحكام الأرض ما بينتم من وجوب اختصاص التصرف فيها بالأئمة ( عليهم السلام ) إما لأنها مما يخصون برقبتها دون سائر الناس مثل الأنفال والأرضين التي ينجلي أهلها عنها ، أو للزوم التصرف فيها بالتقبيل والتضمين لهم ، مثل أرض الخراج وما يجري مجراها ، فيجب ان لا يحل لكم منكح ولا يتخلص لكم متجر ولا يسوغ لكم مطعم على وجه من الوجوه ، وسبب من الأسباب ، قيل له : إن الامر وإن كان على ما ذكرتموه من السؤال من اختصاص الأئمة ( عليهم السلام ) بالتصرف في هذه الأشياء ، فان لنا طريقا إلى الخلاص مما ألزمتموناه ، أما الغنائم والمتاجر والمناكح وما يجري مجراها مما يجب للإمام ( عليه السلام ) فيها الخمس فإنهم قد أباحوا ذلك لنا ، وسوغوا لنا التصرف فيه ، وقد قدمنا فيما مضى ذلك ، ويؤكده أيضا ما رواه إلى أن قال بعد أن ذكر بعض أخبار التحليل : فأما الأرضون فكل أرض تعين لنا انها مما قد أسلم أهلها عليها فإنه يصح لنا التصرف فيها بالشراء منهم والمعاوضة وما يجري مجراها ، وأما أراضي الخراج وأراضي الأنفال والتي قد انجلى أهلها عنها فانا قد أبحنا أيضا التصرف فيها ما دام الإمام ( عليه السلام ) مستترا ، فإذا ظهر يرى هو في ذلك رأيه ، فنكون نحن في تصرفنا غير آثمين ، وقد قدمنا ما يدل على ذلك ، والذي يدل عليه أيضا ما رواه إلى أن قال بعد أن ذكر بعض الأخبار الدالة عليه : فان قال قائل : إن جميع ما ذكرتموه إنما يدل على إباحة التصرف لكم في هذه الأرضين ، ولم يدل على أنه يصح لكم تملكها بالشراء والبيع ، فإذا لم يصح الشراء والبيع فما يكون فرعا عليه لا يصح أيضا كالوقف والنحلة والهبة وما يجري مجرى ذلك ، قيل له : إنا قد قسمنا الأرضين فيما مضى على اقسام ثلاثة : أرض يسلم أهلها عليها ، وهي تترك في أيديهم ، وهي ملك لهم ، فما يكون حكمه هذا الحكم صح لنا شراؤها وبيعها ، وأما الأرضون التي تؤخذ عنوة أو يصالح أهلها عليها فقد أبحنا شراءها وبيعها لان لنا في ذلك قسما ، لأنها أراضي المسلمين وهذا القسم أيضا يصح الشراء والبيع فيه على هذا الوجه ، وأما الأنفال وما يجري مجراها فليس يصح تملكها بالشراء والبيع ، وإنما أبيح لنا التصرف حسب ) ) ثم ذكر بعض الأخبار الدالة على بعض ذلك ، انتهى .
وفي السرائر بعد أن ذكر الأنفال وانها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم للقائم مقامه قال : ( ( فأما في حال الغيبة وزمانها واستتاره ( عليه السلام ) من أعدائه خوفا على نفسه فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها مما لابد لهم منه من المناكح والمتاجر ، والمراد بالمتاجر ان يشتري الانسان مما فيه حقوقهم ( عليهم السلام ) ويتجر في ذلك ، فلا يتوهم متوهم انه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس ، فليحصل ما قلناه ، فربما اشتبه والمساكن ، فأما ما عدا الثلاثة الأشياء فلا يجوز التصرف فيه على حال ) ) إلى آخره وتبعهم في هذا التعبير وهذا الاجمال جماعة من المتأخرين بل جميعهم ، ففي المتن ما عرفت ، وفي النافع ( ( لا يجوز التصرف فيما يختص به الإمام ( عليه السلام ) مع وجوده إلا بإذنه ، وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر به ) ) وفي القواعد بعد ذكر الأنفال ( ( وأبيح لنا خاصة حال الغيبة المناكح والمساكن والمتاجر ، وهي ان يشتري الانسان ما فيه حقهم ( عليهم السلام ) ويتجر فيه ، لا إسقاط الخمس من ربح ذلك المتجر ) ) وفي التحرير ( ( أباح الأئمة ( عليهم السلام ) لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام ( عليه السلام ) وغيبته ، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر وإن كان ذلك بأجمعه للامام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه ، قال ابن إدريس : المراد بالمتاجر ) ) إلى آخر ما سمعته في كلامه ، وفي المنتهى ( ( مسألة وقد أباح الأئمة حالتي ظهور الإمام وغيبته ، وعليه علماؤنا أجمع ، لأنه مصلحة لا يتم التخلص من المآثم بدونها ، فوجب في نظرهم ( عليهم السلام ) فعلها ، والاذن في استباحة ذلك من دون إخراج حقهم ( عليهم السلام ) منه لاعلى ان الواطئ يطأ الحصة بالإباحة ، إذ قد ثبت ان يجوز إخراج القيمة في الخمس ، فكان الثابت قبل الإباحة في الذمة إخراج خمس العين من الجارية أو قيمته ، وبعد الإباحة ملكها الواطئ ملكا تاما فاستباح وطأها بالملك التام ) ) إلى آخره ، ونحوه في التذكرة إلا أنه لم يحك الاجماع فيها ، وزاد تفسير المتاجر بما سمعته من السرائر ، وفي الدروس بعد ذكر الأنفال
( ( وفي الغيبة يحل المناكح كالأمة المسبية ، ولا يجب إخراج خمسها ، وليس من باب التحليل بل تمليك الحصة أو للجميع من الإمام ( عليه السلام ) والأقرب أن مهور النساء من المباح وإن تعددن لرواية سالم ما لم يؤد إلى الاسراف ، كاكثار التزويج والتفريق ، وتحل المساكن ، إما من المختص بالإمام ( عليه السلام ) كالتي انجلى عنها الكفار ، أو من الأرباح بمعنى انه يستثنى من الأرباح مسكن فما زاد مع الحاجة ، وأما المتاجر فعند ابن الجنيد على العموم ، لرواية يونس بن يعقوب وعند ابن إدريس ان يشتري متعلق الخمس ممن لا يخمس ، فلا يجب عليه إخراج الخمس إلا أن يتجر فيه ويربح ) ) إلى آخره ، وفي البيان ( ( ورخص في حال الغيبة المناكح والمساكن والمتاجر أي جلب الأمة المسبية وإن كانت للإمام ( عليه السلام ) ، وسقوط الخمس في المهر وفي المسكن وفيما يشتري ممن لا يخمس إلا إذا نمى فيجب في النماء ، وقول ابن الجنيد : بأن الإباحة انما هي من صاحب الحق في زمانه فلا يباح في زماننا ضعيف ، لان الروايات ظاهرها العموم ، وعليه إطباق الامامية ) إلى غير ذلك من العبارات ، كعبارة المختلف والارشاد والمسالك المشترك كثير منها في الاجمال بالنسبة إلى إرادة الإباحة في الأنفال أو في الأعم منها والخمس ، والى المراد بالمناكح والمتاجر والمساكن ، والى إرادة الإباحة لكل أحد أو لمن في يده والى غير ذلك وإن أطنب العلامة في المختلف بنقل العبارات والأدلة معللا ذلك بأنها من أمهات المسائل . لكن في حاشية الشهيد على القواعد ( ( للمناكح تفسيران : الأول إسقاط الخمس من السراري المغنومة حال الغيبة ، الثاني إسقاط مهور الزوجات ، لان ذلك من جملة المؤن ، وللمساكن تفسيرات : الأول مسكن يغنم من الكفار فيجوز تملكه ولا يجب إخراج الخمس منه ، الثاني مسكن الأرض المختصة بالامام عليه السلام كرؤوس الجبال ، الثالث المراد بالمسكن مطلق المنزل وإن كان من غير ذين ، كما لو حصل بكسب من ربح تجارة أو زراعة أو صناعة ، فإنه يخرج منه الخمس بعد المؤونة التي من جملتها دار السكنى ، وللمتاجر تفسيرات : الأول ما يشترى من الغنائم الحربية حال الغيبة ، فإنها بأسرها أو بعضها للإمام ( عليه السلام ) وهي مباح لنا لا بمعنى إسقاط الخمس من مكسبها بل عن أصلها ، الثاني ما يكتسب من الأرض والأشجار المختصة به ( عليه السلام ) ولو ألحق هذا بالمكاسب المطلقة كان أقوى ، الثالث ما يشترى ممن لا يخرج الخمس استحلالا أو اعتقادا لتحريمه ، فإنه يباح التصرف وان كان بعضه للإمام ( عليه السلام ) وذويه وهذه التفسيرات كلها حسنة ، وقد علل الأئمة ( عليهم السلام ) ذلك بحل الصلاة والمال وطيب الولادة ) ) انتهى . وقد تبعه في أكثر ذلك جماعة منهم الشهيد في مسالكه ، قال فيها : ( ( المراد بالمناكح السراي المغنومة من أهل الحرب في حال الغيبة ، فإنه يباح لنا شراؤها ووطؤها وان كانت بأجمعها للإمام ( عليه السلام ) على ما مر ، أو بعضها على القول الاخر ، وربما فسرت بالزوجات والسراري التي يشتريها من كسبه الذي يجب فيه الخمس ، فإنه حينئذ لا يجب إخراج خمس الثمن والمهر ، وهذا التفسير راجع إلى المؤونة المستثناة ، وقد تقدم الكلام فيها ، وانه مشروط بحصول الشراء والتزويج في عام الربح ، وكون ذلك لائقا بحاله ، والمراد بالمساكن ما يتخذه منها في الأرض المختصة به ( عليه السلام ) كالمملوكة بغير قتال ورؤوس الجبال ، وهو مبني على عدم إباحة مطلق الأنفال في حال الغيبة وفسرت أيضا بما يشتريه من المساكن بمال يجب فيه الخمس كالمكاسب ، وهو راجع إلى المؤونة أيضا كما مر ، وبالمتاجر ما يشتري من الغنائم المأخوذة من أهل الحرب حال الغيبة وان كانت بأسرها أو بعضها للامام ، أو ما يشتري ممن لا يعتقد الخمس كالمخالف مع وجوب الخمس فيها ، وقد علل إباحة هذه الثلاث في الاخبار بطيب الولادة وصحة الصلاة وحل المال ) ) انتهى . مضافا إلى ما سمعته سابقا من الدروس والبيان وغيرهما . لكن قد يناقش في التفسير الأول للمناكح بأنه وان كان يدل عليه بعض الأخبار السابقة بل وخبر الفضيل عن الصادق ( عليه السلام ) ( ( من وجد برد حبنا في كبده فليحمد الله على أول النعم ، قلت : جعلت فداك ما أول النعم ؟ قال : طيب الولادة ، ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة ( عليه السلام ) : أحلي نصيبك من الفيء لاباء شيعتنا ليطيبوا ، ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) ، إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا ) ) وخبر ضريس الكناسي قال : " قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) أتدري من أين دحل الناس الزنا ؟ فقلت لا أدري ، فقال :
من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين ، فإنه محلل لهم ولميلادهم ) ) وغيرهما ، إلا أنه فيه ما عرفت من حل سائر التصرفات في سائر الأنفال حال الغيبة لا خصوص النكاح معه ، فلا يناسبه هذا التخصيص الموهم ، على أنه لا تلائمه بعض العبارات بل والاخبار الظاهرة في أن متعلق التحليل الخمس والجواري المغتنمة من دار الحرب بغير إذنه التي كلها للامام لا الخمس خاصة له ولقبيله ، بل ولا يلائمه ظهور بعض الاخبار في إباحة ذلك حالتي ظهور الإمام وغيبته كما صرح به بعضهم ، بل قد عرفت أنه معقد إجماع المنتهى إلا أن يدفع الثاني بإرادة الأعم من الحالين من الغيبة تنزيلا للظهور الذي لأبسط فيه لليد منزلتها ، كما أنه قد يدفع الأول بأنه مبني على مساواة المغتنم بغير إذنه له معها في استحقاق الخمس أو حيث يكون فيه الخمس ، كما لو كان مع الاذن كما في بعض فتوح الثاني ، أو خصوص من أذن لهم من الشيعة بأن يكونوا معهم تحت لوائهم ، أو في نحو المأخوذ سرقة بناء على تعلق الخمس فيه ، لكونه من الاكتساب أو لان الخمس يجب في كل فائدة أو غير ذلك . وأما التفسير الثاني لها الذي قد عرفت التصريح من غير واحد برجوعه إلى المؤونة المستثناة بل قد يظهر من المدارك أولويته من التفسير الأول بالنسبة إلى عبارة المتن ففيه انه لا يناسب ذكرهم له بالخصوص بعد ذكرهم المؤونة وانه منها بل ولا يناسب تخصيصه بالشيعة ولا زمن الغيبة ، بل ولا إطلاق الإباحة ، إذ هو مستثنى من خمس الأرباح خاصة في خصوص عام الربح مع اشتراط مناسبة الحال فيه على أنه ليس من حقوق الأئمة ( عليهم السلام ) كي يستثنى أو يباح منهم ، ضرورة عدم تعلق حقهم ( عليهم السلام ) به إلا بعد المؤونة التي هو منها ، بل ولا يناسبه التعليل بطيب الولادة ، ضرورة عدم مدخلية حرمة المهر فيه ، لعدم اشتراطه في صحة النكاح . ومن ذلك كله يظهر لك المناقشة أيضا في التفاسير الاخر للقسمين الأخيرين فلا ريب في إجمال عبارات الأصحاب في هذا المقام وسماجتها وعدم وضوح المراد منها ، أو عدم صحته ، بل يخشى على من أمعن النظر فيها مريدا إرجاعها إلى مقصد صحيح من بعض الأمراض العظيمة قبل أن يأتي بشئ ، وظني انها كذلك مجملة عند كثير من أصحابها وإن تبعوا في هذه الألفاظ بعض من تقدمهم ممن لا يعلمون مراده ، وليتهم تركونا والاخبار فان المحصل من المعتبر منها أوضح من عباراتهم ، إذ هو إباحتهم حقوقهم التصرفية والمالية كالأنفال مطلقا ، سواء كان ابتداء حصولها في أيدينا أو انتقلت إلينا من يد غيرنا ممن خالفنا في الدين حتى ما يحصل للشيعة من الغنائم مع سلاطين الجور مناكح وغيرها ، وإن كان في حسنة الحلبي عن الصادق ( عليه السلام ) المتقدمة سابقا أمر مثله بتأدية الخمس وانه يطيب له بعده ، لكن قد يراد به بالنسبة إلى خصوص ذلك الوقت من زمان ذلك الإمام ( عليه السلام ) لازمان غيره ولو زمان الغيبة ، كأمره عليه السلام مواليه بالخمس مما صار في أيديهم من أموال الخرمية الفسقة في صحيحة ابن مهزيار الطويلة ، وكذا حقوقهم من الأخماس التي لهم وقبيلهم مما حصل وثبت استحقاقهم إياه في يد غيرنا ممن خالفنا من سائر الفرق تشبثوا بصورة الاسلام أولا ، فأباحوا لنا سائر التصرفات بما في أيديهم من مأكل ومشرب ومنكح ومتجر ومسكن واستيهاب وهدايا وعطايا وميراث وغير ذلك ، وإن علمنا ثبوت حقوقهم ( عليهم السلام ) فيها ، للحكمة التي أشاروا ( عليهم السلام ) لها في المتواتر من أخبارهم ، وهي تزكية شيعتهم وطيب ولادتهم حيث علموا عليهم السلام انه لابد لشيعتهم من الاختلاط معهم والبيع والشراء منهم وغير ذلك ، وانه لا يمكنهم اعتزالهم عنهم وبوجه من الوجوه ، بل لعل خصوص خبر سالم بن مكرم المتقدم في المسألة ظاهر في ذلك كله ، إن لم يكن صريحا عند التأمل ، كما أن خبر الثمالي مشعر بذلك أيضا ، قال : ( ( سمعته يقول : من أحللنا له شيئا أصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال ، وما حرمناه من ذلك فهو حرام ) ) بل وخبر عبد العزيز بن نافع قال : ( ( طلبنا الاذن على أبي عبد الله ( عليه السلام ) وأرسلنا إليه ( عليه السلام ) فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين ، فدخلت أنا ورجل معي ، فقلت للرجل : أحب ان تستأذنه المسألة ، فقال : نعم ، فقلت له : جعلت فداك ان أبي ممن كان سباه بنو أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا كثير ، وإنما ذلك لكم ، فإذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد على عقلي ما أنا فيه ، فقال له : أنت في حل مما كان من ذلك ، وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك ) )
إلى آخره ، إلى غير ذلك من الاخبار المشعرة بإرادة الحل من نحو ذلك الذي من الواضح عسر التعيش وحرجه بدونه ، لا حقوقهم ( عليهم السلام ) من الأخماس التي تثبت في الأموال التي بيد الشيعة بسبب اكتساب أو وجدان كنز أو غوص أو غير ذلك ، وإن كان قد يشعر به بعض الاخبار لكنه معارض بما هو أقوى منه مما ستعرفه في المسألة الرابعة من غير فرق في ذلك بين نصف الخمس الذي لقبيلهم والنصف الذي لهم ، وإن ظهر من صاحب المدارك الميل إلى عموم إباحتهم ( عليهم السلام ) مالهم من الأنفال ومن نصف الخمس الذي في أيدي الشيعة أو انتقل إليهم من يد غيرهم ممن خالفهم ، لاطلاق كثير من الأدلة إباحة حقوقهم الشامل لذلك كله ، إلا أنك ستعرف فيما يأتي ضعفه ، ووجوب تنزيله على ما ذكرنا من حقوقهم ، لمكان قوة المعارض ، فان أكثرها لا يأباه عند التأمل حتى قول الصادق ( عليه السلام ) في خبر حكيم مؤذن بني عبس في تفسير الغنيمة : ( ( هي والله الإفادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا في حل من ذلك ليزكوا ) ) على أن يراد به الحل مما يقع في أيديهم ممن وجب عليه ذلك من غير الشيعة ، أو يحمل هو نظيره على إرادة التحليل من خصوص ذلك الإمام عليه السلام في خصوص ذلك الزمان ، أو غير ذلك كما ستعرف إن شاء الله ، هكذا . ويمكن ان يراد باستثناء المناكح والمساكن انه لا بأس باتخاذهما من الربح في أثناء السنة وإن تعلق به الخمس ، وانه لا يجب إخراجه بعد السنة بخلاف غيرهما من المؤن ، فإنه لا يستثنى له إلا مقدار السنة ، ويجب عليه الخمس فيها بعد السنة كما أشرنا إليه في بحث المؤونة
- جواهر الكلام مجلد : 16 صفحه 177
المسألة ( الخامسة ) صرح غير واحد بأنه ( يجب أن يتولى صرف حصة الإمام ( عليه السلام ) في أصناف الموجودين ) بناء على أن الحكم فيه ذلك في زمن الغيبة ( من إليه الحكم ) ممن جمع شرائط الفتوى ( بحق النيابة ) التي جعلها الشارع له خاصة في أمثال ذلك ، فيصرفه مؤديا به ما على الإمام ( عليه السلام ) من الاتمام للخمس ( كما يتولى أداء ما يجب على الغائب ) غير الامام بل في الرياض نسبته إلى المتأخرين ، وفي المسالك إلى كل من أوجب صرفه بذلك ، وفي المحكي عن زاد المعاد إلى أكثر العلماء ، لانحصار ولاية ذلك وأمثاله فيه ، خلافا لما عساه يظهر من المحكي من غرية المفيد من جواز صرفه لمن في يده ، ومال إليه في الحدائق محتجا بأنا لم نقف على دليل يوجب صرف الأموال ونحوها إليه لا عموما ولا خصوصا ، بل أقصاه نيابته بالنسبة للترافع والاخذ بحكمه وفتاواه ، وقياسه على النواب الذين ينوبونهم ( عليهم السلام ) حال وجودهم لذلك أو لما هو أعم منه لا دليل عليه ، وهو وإن كان كما ذكر خصوصا بالنسبة إلى ما يخص الإمام ( عليه السلام ) من الأموال إذ دعوى ولايته عن الغائبين حتى الامام وحتى في ذلك كما ترى ، وإلا كان من الواجب دفع تمام الخمس والزكاة إليه على حسب ما كان حال ظهور الإمام ( عليه السلام ) كما اعترف به المجلسي في المحكي عنه في زاد المعاد ، حيث قال : ( ( وأكثر العلماء قد صرحوا بان صاحب الخمس لو تولى دفع حصة الإمام ( عليه السلام ) لم تبرأ ذمته بل يجب عليه دفعها إلى الحاكم ، وظني أن هذا الحكم جار في جميع الخمس ) ) انتهى . اللهم إلا أن يفرقوا بينهما بظهور الأدلة في ولاية الإمام ( عليه السلام ) على الخمس والزكاة ونحوهما حال ظهوره ، فيقتصر عليها في الخروج عن ظاهر الخطابات المقتضى الاجزاء بتولي المكلفين بهما صرفهما لا ما يشمل زمان الغيبة ، فتسقط حينئذ ولايته فيه لا أنها باقية حتى يتولاها الحاكم عنه ، وفيه بحث ، على أن ذلك لو سلم لا يجدي فيما نحن فيه من دعوى عموم ولاية الحاكم حتى لمثل المقام الموقوفة على دليل ، وليس ، لكن ظاهر الأصحاب عملا وفتوى في سائر الأبواب عمومها ، بل لعله من المسلمات أو الضروريات عندهم .
بل صرح غير واحد منهم هنا بعدم براءة الذمة لو صرفه غيره وبضمانه ، بل في الكفاية عن الشهيد الثاني إجماع القائلين بوجوب الصرف للأصناف على الضمان ، لكن في كشف الأستاذ ( ( ان للمجتهد الإجازة . إن كان الأحوط الإعادة ) ) كما أن فيه أيضا ( ( لو دفع إلى من ظنه مجتهدا فظهر خلافه فان بقيت العين استرجعت منه ، وإن تلفت وكان عالما بأنه حق الصاحب عليه السلام ضمن ، وإن تعذر إرجاعها وكان المذكور معذورا فلا ضمان عليه ، وإلا ضمن ) ) إلى غير ذلك من الأحكام المذكورة هنا المبنية على المفروغية مما عرفت من ولايته ونصبه ، بل في زماننا هذا من يصالح عن حقه بمقدار يحتمل نقيصته وزيادته في ذمة المصالح بمراتب ، ولا يكلف بالدفع حتى يتيقن البراءة أو لا يتيقن بقاء الشغل ، وبالجملة يجرونه مجرى حضور الإمام ( عليه السلام ) بالنسبة إلى جميع ذلك ، ومنه عدم جواز تولي غيره صرفه ، نعم في كشف الأستاذ ( ( جوازه لعدول المسلمين إذا تعذر الوصول إليه ولم يمكن حفظ المال حتى يصل الخبر ) ) كما أن فيه وفي غيره التصريح بجواز التوكيل فيه ، إلا أنه لا يخفى عليك عدم جرأة المتورع على بعض هذه الأحكام ، لعدم وضوح مأخذها خصوصا بعد أن شرع له العقل والشرع طريق الاحتياط .
ثم إن ظاهر بعضهم ان ايجاب الدفع المزبور للحاكم إنما هو حيث نقول بأن الحكم فيه الصرف وإلا فبناء على وجوب حفظه لأنه أمانة أو التخيير بينه وبين الدفع واختار المكلف الحفظ مثلا لا يجب ، وقد يشكل بأن مقتضى ولاية المجتهد ومنصوبيته وجوب تسليمه إليه لان وصوله إليه وصول إلى مالكه ، ثم هو يرى رأيه فيه من دفع للأصناف أو حفظ أو غيرهما كما هو ظاهر الروضة أو صريحها ، وقد يدفع بمنع الولاية له على حفظ مال الغائب الذي هو في يد امين ولو شرعي مكلف بحفظه حتى يوصله إلى مالكه بل قد يشكل وجوب الدفع إليه ولو للصرف بناء على أن تصرفه فيه باذن الفحوى ونحوها لا لتأدية واجب عن الإمام ( عليه السلام ) ضرورة جواز التصرف لمن تحصل له وان لم يكن الحاكم إذ ليس له خصوصية حينئذ ، بل لا يجب دفعه إليه وان كان الفحوى حاصلة له أي الحاكم دونه ، بل لعله لا يجوز له في وجه ، اللهم إلا أن يكون دفعه إليه لتشخيص كونه مالا له ، ضرورة عدم طريق إلى تعينه غير قبض النائب في زمن الغيبة ، إذ ليس هو كقبض المستحق في الزكاة ونصف الخمس ، لكونه مال شخص مخصوص لا يتعين بعد إشاعته في المال إلا بقبضه أو من يقوم مقامه كما هو واضح .

***


***