شبه غيبة المهدي بغيبة نوح


342 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله، بإسناده عن عبداللَّه بن الفضل الهاشميّ، قال: قال الصادق جعفر بن محمّدعليهما السلام: لمّا أظهر اللَّه تبارک وتعالي نبوّة نوح عليه السلام وأيقن الشيعة بالفرج، اشتدّت البلوي وعظمت الفرية إلي أن آل الأمر إلي شدّة شديدة نالت الشيعة والوثوب علي نوح بالضرب المبرّح، حتّي مکث عليه السلام في بعض الأوقات مغشيّاً عليه ثلاثة أيّام يجري الدم من أذنه ثمّ أفاق، وذلک بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، وهو في خلال ذلک يدعوهم ليلاً ونهاراً فيهربون، ويدعوهم سرّاً فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولّون، فَهمَّ بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه وفد من السماء السابعة، وهم ثلاثة أملاک فسلّموا عليه، ثمّ قالوا له: يا نبيّ اللَّه لنا حاجة، قال: وماهي؟

قالوا: تؤخّر الدعاء علي قومک، فإنّها أوّل سطوةٍ للَّه عزّوجلّ في الأرض، قال: قد أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخري، وعاد إليهم فصنع ما کان يصنع، ويفعلون ما کانوا يفعلون، حتّي إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخري ويئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحي النهار للدعاء، فهبط عليه وفدٌ من السماء السادسة وهم ثلاثة أملاک، فسلّموا عليه، وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة، خرجنا بکرة وجئناک ضحوة، ثمّ سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم إلي مثل ما أجاب اولئک إليه، وعاد عليه السلام إلي قومه يدعوهم، فلايزيدهم دعاؤه إلّا فراراً، حتّي انقضت ثلاثمائة سنة تتمّة تسعمائة سنة، فصارت إليه الشيعة وشکوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج، فأجابهم إلي ذلک وصلّي ودعا، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: إنّ اللَّه تبارک وتعالي أجاب دعوتک، فقل للشيعة: يأکلوا التمر ويغرسوا النوي ويراعوه حتّي يثمر، فإذا أثمر فرّجت عنهم، فحمد اللَّه وأثني عليه وعرّفهم ذلک، فاستبشروا به، فأکلوا التمر وغرسوا النوي وراعوه حتّي أثمر، ثمّ صاروا إلي نوح عليه السلام بالتمر، وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل اللَّه عزّ وجلّ في ذلک، فأوحي اللَّه إليه: قل لهم: کُلوا هذا التمر واغرسوا النوي، فإذا أثمر فرّجت عنکم! فلمّا ظنّوا أن الخُلف قد وقع عليهم، ارتدّ منهم الثُلث وثبت الثلثان، فأکلوا التمر وغرسوا النوي، حتّي إذا أثمر أتوا به نوحاً عليه السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل اللَّه عزّوجلّ في ذلک، فأوحي اللَّه إليه: قُل لهم: کُلوا هذا التمر واغرسوا النوي، فارتدَّ الثلث الآخر وبقي الثلث، فأکلوا التمر وغرسوا النوي، فلمّا أثمر أتوا به نوحاً عليه السلام ثمّ قالوا له: لم يَبقَ منَّا إلّا القليل ونحن نتخوَّف علي أنفسنا بتأخّر الفرج أن نهلک، فصلّي نوح عليه السلام ثمّ قال: ياربِّ لم يبق من أصحابي إلّا هذه العصابة، وإنّي أخاف عليهم الهلاک إن تأخّر عنهم الفرج، فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليه: قد أجبت دعاءک فاصنع الفُلک، وکان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة. [1] .

الآية الرابعة قوله تعالي: «لَو أنّ لي بِکم قُوَّةً أو آوي إلي رُکنٍ شَديد».

343 - العيّاشيّ، بإسناده عن صالح بن سعيد، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، في قول اللَّه: «لو أنّ لي بکم قُوّة أو آوي إلي رُکنٍ شَديد» [2] قال: قوة: القائم عليه السلام، والرکن الشديد: الثلثمائة وثلاثة عشر أصحابه. [3] .

344 - الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: ما کان قول لوط عليه السلام لقومه: «لو أنّ لي بکم قوّة أو آوي إلي رُکن شَديد» إلّا تمنّياً لقوّة القائم عليه السلام، ولا الرکن ذکر إلّا شدّة أصحابه، فإنّ الرجل منهم ليُعطي قوّة أربعين رجلاً، وإنّ قلبه لأشدّ من زُبر الحديد، ولو مرّوا بجبال الحديد لتدکدکت، ولا يکفّون سيوفهم حتّي يرضي اللَّه عزّوجلّ. [4] .

345 - عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن صالح، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: في قوله: «قوّة» قال: القوّة القائم عليه السلام، والرکن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر.

قال عليّ بن إبراهيم:

فقال جبرئيل، لو علم ما له من القوة؟! فقال: من أنتم؟ فقال جبرئيل:

أنا جبرئيل، فقال لوط: بماذا أُمرت؟ قال: بهلاکهم، فسأله: الساعة؟

قال: «مَوعِدهم الصُّبح أليس الصبحُ بِقَريب» فکسروا الباب ودخلوا البيت، فضرب جبرئيل بجناحه علي وجوههم فطمسها، وهو قول اللَّه عزّوجلّ: «ولقد رَاوَدُوه عن ضَيفه فطَمَسنا أعينهم فذوقوا عَذابي ونُذُر». [5] .

الآية الخامسة قول اللَّه عزّوجلّ: «بقيّةُ اللَّه خيرٌ لکم إن کُنتم مؤمنين». [6] .


پاورقي

[1] کمال الدّين 133:1 و 134 ح 2.

[2] هود: 80.

[3] تفسير العيّاشيّ 256:2 ح 55؛ بحارالأنوار 158:12.

[4] کمال الدّين 673:2 ح 26.

[5] تفسير القمّيّ 336:1.

[6] هود: 86.