شبه غيبة المهدي بغيبة إبراهيم في اعتزاله


494 - روي الصدوق بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: کان أبو إبراهيم عليه السلام منجّماً لنَمرود بن کنعان، وکان نمرود لا يصدُر إلّا عن رأيه، فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال: لقد رأيت في ليلتي هذه عجباً، فقال له نمرود: وما هو؟ فقال: رأيت مولوداً يولد في أرضنا هذه فيکون هلاکنا علي يديه، ولا يلبث إلّا قليلاً حتّي يحمل به، فعجب من ذلک نمرود وقال له: هل حملت به النساء؟ فقال: لا، وکان فيما اُوتي به من العلم أ نّه سيُحرق بالنار، ولم يکن اُوتي أنّ اللَّه تعالي سيُنجّيه.

قال: فحَجَب النساءَ عن الرجال، فلم يترک امرأة إلّا جعلت بالمدينة حتّي لا يخلص إليهنّ الرجال، قال: ووقع أبو إبراهيم علي امرأته فحملت به وظنّ أ نّه صاحبه، فأرسل إلي نساءٍ من القوابل لا يکون في البطن شي ء إلّا عَلِمنَ به، فنظرن إلي اُمّ إبراهيم، فألزم اللَّه تعالي ذِکره ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نري شيئاً في بطنها، فلمّا وضعت اُمّ إبراهيم به، أراد أبوه أن يذهب به إلي نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنک إلي نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلي بعض الغيران أجعله فيه حتّي يأتي عليه أجله ولا يکون أنت تقتل ابنک، فقال لها: فاذهبي به، فذهبت به إلي غار، ثمّ أرضعته، ثمّ جعلَت علي باب الغار صخرة، ثمّ إنصرفَت عنه، فجعل اللَّه عزّوجلّ رِزقه في إبهامه، فجعل يمصّها فيشرب لبناً، وجعل يشبّ في اليوم کما يشبّ غيره في الجمعة ويشبّ في الجمعة، کما يشبّ غيره في الشهر، ويشبّ في الشهر کما يشبّ غيره في السنة، فمکث ما شاء اللَّه أن يمکث.

ثمّ إنّ اُمّه قالت لأبيه: لو أذِنَت لي حتّي أذهب إلي ذلک الصبي فأراه فَعَلتَ، قال: فافعلي، فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم عليه السلام، وإذا عيناه تزهران کأنّهما سراجان، فأخذته وضمّته إلي صدرها وأرضعته ثمّ إنصرفت عنه، فسألها أبوه عن الصبي، فقالت له: قد واريتُه في التراب، فمکثت تعتلّ وتخرج في الحاجة وتذهب إلي إبراهيم عليه السلام فتضمّه إليها وترضعه ثمّ تنصرف، فلمّا تحرّک أتته اُمّه کما کانت تأتيه، وصنعت کما کانت تصنع، فلمّا أرادت الإنصراف أخذ بثوبها فقالت له: ما لک؟ فقال لها: اذهَبي بي معک، فقالت له: حتّي أستأمر أباک. [1] .


پاورقي

[1] کمال الدّين 1 : 139-138. و تتمِة الحديث في الکافي 558:8.