صورة ثانية لحديث المولد الشريف


664 - روي المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبدالوهاب من علماء القرن الخامس قال: وقرأت في کتاب الوصايا وغيره بأنّ جماعة من الشيوخ العلماء، منهم: علال الکلابيّ وموسي بن أحمد الفزاريّ وأحمد بن جعفر ومحمّد رووا بأسانيدهم، أنّ حکيمة بنت أبي جعفر عمّة أبي محمّد عليه السلام قالت: وکنت أدعو اللَّه له أن يرزقه ولداً فدعوت له کما کنت أدعو، فقال عليه السلام: ياعمّة أما أ نّه يولد في هذه الليلة - وکانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين - المولود الّذي کنّا نتوقّعه، فاجعلي إفطارک عندنا، وکانت ليلة الجمعة.

قالت حکيمة: ممّن يکون هذا المولود ياسيّدي؟

فقال عليه السلام: من نرجس، قالت: ولم يکن في الجواري أحبّ إليّ منها ولا أخفّ علي قلبي، وکنت إذا دخلت الدار تتلقّاني وتقبّل يدي وتنزع خفّي بيدها، فلمّا دخلت عليها فعَلت بي ما کانتُ تفعل، فانکببت علي يدها فقبّلتها ومنعتها ممّا کانت تفعله، فخاطبتني بالسيادة، فخاطبتها بمثلها فأنکرَت ذلک، فقلت لها: لا تنکري ما فعلتُ، فإنّ اللَّه تعالي سيهب لک في ليلتنا هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، فاستحيت.

قالت حکيمة: فتعجّبتُ وقلت لأبي محمّدعليه السلام: لست أري بها أثر الحمل، فتبسّم عليه السلام وقال لي: إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون، ولکنّا نحمل في الجنوب، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الکريم علي اللَّه إن شاء اللَّه تعالي.

قالت حکيمة: ونمت بالقرب من الجارية، وبات أبو محمّد عليه السلام في صفّ، فلمّا کان وقت الليل، قُمت إلي الصلاة والجارية نائمة ما بها أثر ولادة، وأخذت في صلاتي ثمّ أوترت وأنا في الوتر، فوقع في نفسي أنّ الفجر قد ظهر، ودخل في قلبي شي ء، فصاح أبو محمّد عليه السلام من الصف: لم يطلع الفجر ياعمّة، فأسرعت الصلاة، وتحرّکت الجارية فدنوت منها وضممتها إليّ وسمّيت عليها، ثمّ قلت لها: هل تحسّين؟

قالت: نعم، فوقع عليّ سبات لم أتمالک معه أن نمت، ووقع علي الجارية مثل ذلک فنامت وهي قاعدة، فلم تنتبه إلّا ويحسّ مولاي وسيّدي تحتها، وإذا بصوت أبي محمّدعليه السلام وهو يقول: ياعمّتاه هاتي ابني إليّ، فکشفت عن مولاي عليه السلام وإذا هو ساجد وعلي ذراعه الأيمن مکتوب: «جاءَ الحقُّ و زَهَق الباطلُ إنّ الباطلَ کان زَهوقاً» فضممته إليّ فوجدته مفروغاً منه مطهّر الختانة، فحملته إلي أبي محمّد عليه السلام فأقعده علي راحته اليسري، وجعل يده اليمني علي ظهره، ثمّ أدخل السبّابة في فيه، وأمرّ يده علي عينيه وسمعه (صاهره) ثمّ قال: تکلّم يابني.

فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه، وأنّ أمير المؤمنين عليّاً ولي اللَّه، ثمّ لم يزل يعدّ السادة الأوصياء إلي أن بلغ إلي نفسه، ودعا لأوليائه علي يديه بالفرج ثمّ صمت عليه السلام، فقال أبو محمّد عليه السلام: اذهبي به إلي امِّه ليسلّم عليها ورُدّيه إليّ، فمضيت به، وسلّم عليها ورددته، ووقع بيني وبينه شي ء کالحجاب، فلم أر سيّدي ومولاي. فقلت لأبي محمّد عليه السلام: ياسيّدي أين مولانا؟ فقال: أخذه من هو أحقّ به منک ومنّا، فلمّا کان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست. فقال أبو محمّد عليه السلام: ائتني إليّ بابني، فجي ء بسيّدي وهو في ثياب صفر، ففعل به کفعاله الاُولي، ثمّ قال له: تکلّم يابني. فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأثني بالصلاة علي محمّد وأمير المؤمنين والأئمّة: ووقف عليه السلام علي أبيه، ثمّ قرأ: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم - ونُريد أن نَمُنّ علي الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارِثين - ونُمَکِّن لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون و هامان وجُنودَهما منهم ما کانوا يَحذَرون» فخرجت من عندهم، ثمّ غدوت فافتقدته فلم أره، فقلت لأبي محمّدعليه السلام: ياسيّدي ما فعلت بمولانا عليه السلام؟ فقال: ياعمّة استودعناه الّذي استودعته اُمّ موسي. [1] .

الآية الثانية قوله تعالي: «فأصبَح في المَدينة خائفاً يَترقَّبُ»؛ «فخرج منها خائِفاً يترقَّب». [2] .

665 - روي الشيخ الصدوق أعلي اللَّه مقامه بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان، قال: دخلت علي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام وأنا اُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّي اللَّه عليه وعليهم، فقال لي مبتدءاً: يامحمّد بن مسلم، إنّ في القائم من آل محمّد صلي الله عليه وآله شبهاً من خمسة من الرسل: يونس بن متّي ويوسف بن يعقوب وموسي وعيسي ومحمّد صلوات اللَّه عليهم.

فأمّا شبهه من يونس بن متّي، فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد کبر السنّ.

وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السلام، فالغيبة عن خاصّته وعامّته، واختفاؤه من إخوته وإشکال أمره علي أبيه يعقوب عليه السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.

وأمّا شبهه من موسي عليه السلام، فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذي والهوان، إلي أن أذِنَ اللَّه عزّوجلّ في ظهوره ونصره وأيّده علي عدوّه.

وأمّا شبهه من عيسي عليه السلام، فإختلاف من اختلف فيه، حتّي قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قُتل وصُلب.

وأمّا شبهه من جدّه المصطفي صلي الله عليه وآله، فخروجه بالسيف وقتله أعداء اللَّه وأعداء رسوله صلي الله عليه وآله، والجبّارين والطواغيت، وأ نّه ينصر بالسيف والرعب، وأ نّه لا تُرَدّ له راية.

و إنّ من علامات خروجه: خروج السفيانيّ من الشام، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادياً ينادي من السماء باسمه واسم أبيه. [3] .

666 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين، فقلت: ما سنّة موسي؟ قال: خائف يترقّب، قلت: وما سنّة عيسي؟ فقال: يُقال فيه ما قيل في عيسي، قلت: فما سنّة يوسف؟ قال: السجن والغَيبة. قلت: وما سنّة محمّد صلي الله عليه وآله؟ قال: إذا قام، سار بسيرة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إلّا أ نّه يبيّن آثار محمّد، ويضع السيف علي عاتقه ثمانية أشهر هرجاً هرجاً، حتّي يرضي اللَّه، قلت: فکيف يعلم رضا اللَّه؟ قال: يلقي اللَّه في قلبه الرحمة. [4] .

667 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: في القائم منّا سنن من الأنبياء، سنّة من أبينا آدم عليه السلام، وسنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم وسنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم. فأمّا مِن آدم ونوح فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأمّا من موسي فالخوف والغَيبة، وأمّا من عيسي فاختلاف الناس فيه، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوي، وأمّا من محمّد صلي الله عليه وآله فالخروج بالسيف. [5] .

668 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام قال: قال الحسين بن عليّ عليهما السلام: في التاسع من ولدي سُنّة عن يوسف وسنّة من موسي بن عمران عليهما السلام، وهو قائمنا أهل البيت يصلح اللَّه تبارک وتعالي أمره في ليلة واحدة. [6] .

669 - روي السيّد عليّ بن عبدالحميد؛ بسندٍ يرفعه إلي سماعة عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: کأنّي بالقائم بين ذي طوي قائماً علي رجليه خائفاً يترقّب علي سنّة موسي حتّي يأتي المقام فيدعو. [7] .

670 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبداللَّه بن سنان، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: في القائم عليه السلام سنّة من موسي بن عمران عليه السلام، فقلت: وما سنّته من موسي بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وکم غاب موسي عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة. [8] .

671 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: إنّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياءعليهم السلام، سنّة من موسي بن عمران، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم، فأمّا سنّة من موسي بن عمران فخائف يترقّب وأمّا سنّة من عيسي فيقال فيه ما قيل في عيسي، وأمّا سنّة من يوسف فالستر، يجعل اللَّه بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه، وأمّا سنّة من محمّد صلي الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته. [9] .

672 - وفيه مرسلاً عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أ نّه قال: في القائم سنّة من موسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من عيسي، وسنّة من محمّد صلي الله عليه وآله، فأمّا سنّة موسي فخائف يترقّب، وأمّا سنّة يوسف فإنّ إخوانه کانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه، وأمّا سنّة عيسي فالسياحة، وأمّا سنّة محمّدصلي الله عليه وآله فالسيف. [10] .

673 - روي الطبريّ بإسناده عن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال: يکون في اُمّتي - يعني القائم - سُنّة من أربعة أنبياء: سنّة من موسي خائف يترقّب، وسنّة من يوسف يعرفهم وهم له منکرون، وسنّة من عيسي وما قتلوه وما صلبوه، وسنّة من محمّد يقوم بالسيف. [11] .

674 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله مرسلاً عن الصادق عليه السلام أ نّه قال: کن لِما لا ترجو أرجي منک لما ترجو، فإنّ موسي بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ، فأصلح اللَّه تبارک وتعالي أمر عبده ونبيّه موسي عليه السلام في ليلة، وهکذا يفعل اللَّه تبارک وتعالي بالقائم الثاني عشر من الأئمّةعليهم السلام، يصلح له أمره في ليلة کما أصلح أمر نبيّه موسي عليه السلام، ويخرجه من الحيرة والغَيبة إلي نور الفَرَج والظهور. [12] .

الآية الثالثة قوله تعالي: «ودَخَلَ المَدِينةَ علي حِين غَفَلةٍ مِن أهلِها فَوَجَد فيها رَجُلَين يَقتتِلانِ هذا مِن شِيعَتِه و هذا مِن عَدُوّه فَاستَغاثَه الّذي مِن شِيعَته علي الّذي مِن عَدُوّه». [13] .


پاورقي

[1] عيون المعجزات 144-142؛ و رواه المؤرّخ المسعودي في إثبات الوصيّة 220-219.

[2] القصص: 18 و 21.

[3] کمال الدّين 327:1 ح 7؛ بحارالأنوار 217:51.

[4] الغَيبة للنعمانيّ 164 ح 5.

[5] کمال الدّين 321:1 ح 5-3؛ کشف الغمّة 312:3.

[6] کمال الدّين 317:1 ح 1؛ العدد القويّة 71 ح 112.

[7] منتخب الأنوار المضيئة 189؛ بحارالأنوار 385:52.

[8] کمال الدّين 152:1 ح 14.

[9] کمال الدّين 351-350: 2 ح 46.

[10] نفس المصدر 28:2.

[11] دلائل الإقامة 251.

[12] کمال الدّين 1 : 152-151 ح 13؛ بحارالأنوار 42:13.

[13] القصص: 15.