سوره زخرف


الآية الاولي قوله تعالي: «وجَعَلَها کَلِمةً باقيةً في عَقِبِه» [1] .

829 - روي العلّامة المجلسي رحمه الله بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ياابن رسول اللَّه، إنّ قوماً يقولون: إنّ اللَّه تبارک وتعالي جعل الإمامة في عقب الحسن والحسين.

قال: کذبوا واللَّه، أو لم يسمعوا اللَّه تعالي ذکره يقول: «وجَعَلَها کَلِمةً باقيةً في عَقِبِه» فهل جعلها إلّا في عقب الحسين عليه السلام؟ ثمّ قال: ياجابر إنّ الأئمّة هم الّذين نصّ عليهم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بالإمامة، وهم الّذين قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لمّا اُسري بي إلي السماء وجدت أساميهم مکتوبة علي ساق العرش بالنور إثني عشر إسماً، منهم عليّ وسبطاه، وعليّ ومحمّد وجعفر وموسي وعليّ ومحمّد وعليّ والحسن والحجّة القائم، فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة والطهارة، واللَّه لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا حشره اللَّه تبارک وتعالي مع إبليس وجنوده.

ثمّ تنفّس عليه السلام الصعداء وقال: لا رعي اللَّه حقّ هذه الاُمّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها، أما واللَّه لو ترکوا الحقّ علي أهله لما اختلف في اللَّه تعالي إثنان.

ثمّ أنشأ عليه السلام يقول:



إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم

أمنوا بوائق حادث الأزمانِ



والمؤمنون بحبّ آل محمّد

يُرمَون في الآفاق بالنيرانِ



قلت: ياسيّدي أليس هذا الأمر لکم؟ قال: نعم.

قلت: فلِمَ قعدتم عن حقّکم ودعواکم، وقد قال اللَّه تبارک وتعالي: «وجَاهِدوا في اللَّه حَقَّ جِهادِه هو اجتَبَاکُم» [2] ، قال: فما بال أمير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقّه حيث لم يجد ناصراً؟ أو لم تسمع اللَّه تعالي يقول في قصّة لوط: «قَالَ لَو أَنّ لي بِکم قُوَّةً أو آوي إلي رُکنٍ شَديد» [3] ، ويقول في حکاية عن نوح: «فَدَعا رَبَّه أنّي مَغلُوبٌ فَانتَصِر» [4] ، ويقول في قصّة موسي: «رَبِّ إنّي لا أَملِک إلّا نَفسي و أَخي فَافرُق بَينَنا و بَينَ القَوم الفاسِقين» [5] ، فإذا کان انبيّ هکذا فالوصيّ أعذر.

ياجابر مثل الإمام مثل الکعبة إذ يؤتي ولا يأتي. [6] .

830 - الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وجَعَلها کَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه» قال: هي الإمامة جعلها اللَّه عزّوجلّ في عقب الحسين عليه السلام باقية إلي يوم القيامة. [7] .

831 - الشيخ الصدوق بإسناده من طريق العامّة عن أبي هريرة، قال: سألت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عن قوله عزّوجلّ: «وجَعَلها کَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه» قال: جعل الأئمّة في عقب الحسين، يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الاُمّة. ثمّ قال: لو أنّ رجلاً ظعن بين الرکن والمقام ثمّ لقي اللَّه مبغضاً لأهل بيتي دخل النار. [8] .

832 - وعنه رفعه إلي هشام بن سالم، قال: قلت للصادق عليه السلام: الحسن أفضل أم الحسين؟

فقال: الحسن أفضل من الحسين.

قلت: وکيف صارت من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟

فقال: انّ اللَّه تبارک وتعالي أحبّ أن يجعل سنّة موسي وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام، ألا تري أنّهما کانا شريکين في النبوّة کما کان الحسن والحسين شريکين في الإمامة، جعل النبوّة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسي وان کان موسي أفضل من هارون.

قلت: فهل يکون إمامان في وقت واحد؟

قال: لا إلّا أن يکون أحدهما صامتاً مأموماً لصاحبه، والآخر ناطقاً إماماً لصاحبه، فإمّا أن يکونا إمامَين ناطقَين فلا.

قال: قلت: فهل تکون الإمامة في أخوَين بعد الحسن والحسين؟

قال: لا، إنّما هي جارية في عقب الحسين، کما قال اللَّه عزّوجلّ: «وجَعَلها کَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه» ثمّ هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلي يوم القيامة. [9] .

833 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضلّ بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وإذِ ابتَلي إبراهيمَ رَبُّه بکَلِماتٍ فأتمّهنّ» ما هذه الکلمات؟ قال: هي الکلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللَّه عليه، وهو أ نّه قال: «أسألک بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ» فتاب اللَّه عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.

فقلت له: يابن رسول اللَّه، فما يعني عزّوجلّ بقوله «فأتمّهنّ»؟

قال: فأتمّهنّ إلي القائم إثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين عليه السلام.

قال المفضّل فقلت: يابن رسول اللَّه فأخبرني عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وجَعَلَها کَلِمَةً باقية في عَقِبِه» قال: يعني بذلک الإمامة جعلها اللَّه تعالي في عقب الحسين إلي يوم القيامة.

قال: فقلت له: يابن رسول اللَّه فکيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام وهما جميعاً ولدا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟

فقال عليه السلام: إنّ موسي وهارون کانا نبيّين مرسلَين وأخوَين، فجعل اللَّه عزّوجلّ النبوّة في صلب هارون دون صُلب موسي عليهما السلام، ولم يکن لأحد أن يقول لِمَ فعل اللَّه ذلک؟ وإنّ الإمامة خلافة اللَّه عزّوجلّ في أرضه، وليس لأحد أن يقول لِمَ جعلها اللَّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السلام، لأنّ اللَّه تبارک وتعالي هو الحکيم في أفعاله لا يُسأل عمّا يفعل وهم يسألون. [10] .

الآيةالثانية قوله تعالي: «وإنّه لعِلم للسَّاعةِ فلا تَمتَرُنّ بِها و اتَّبِعون هذا صِراطٌ مُستقيم». [11] .


پاورقي

[1] الزخرف: 28.

[2] الحجّ: 78.

[3] هود: 80.

[4] القمر: 10.

[5] المائدة: 25.

[6] بحارالأنوار 36 : 358-357؛ تفسير البرهان 4 : 140-139.

[7] تفسير البرهان 138:4 ح 1.

[8] تفسير البرهان 140:4 ح 9.

[9] تفسير البرهان 138:4 ح 4.

[10] کمال الدّين 358:2 ح 57.

[11] الزخرف: 61.