فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهدي


1045 - روي العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدس سره، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار - وکانا من الشيعة الإماميّة - قالا: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسکريّ عليهما السلام، قال: حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أ نّه قال: أشدّ من يُتم اليتيم الّذي انقطع من اُمّه وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر علي الوصول إليه، ولا يدري کيف حکمه فيما يُبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن کان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا کان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلي.

1046 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسکريّ عليهما السلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: مَن کان من شيعتنا عالماً بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظُلمة جهلهم إلي نور العلم الّذي حبوناه به، جاء يوم القيامة علي رأسه تاج من نور يضي ء لجميع أهل العرصات، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلک منها الدنيا بحذافيرها، ثمّ ينادي منادٍ: ياعباد اللَّه هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله، فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلي نزهة الجنان، فيخرج کلّ من کان علمه في الدنيا خيراً، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلاً، أو أوضح له عن شبهة. [1] .

1047 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسکريّ عليهما السلام، قال: قال الحسن ابن عليّ عليهما السلام: فضل کافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يُخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه، علي فضل کافل يتيم يطعمه ويسقيه کفضل الشمس علي السماء. [2] .

1048 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسکريّ عليهما السلام، قال: قال الحسين بن عليّ عليهما السلام: مَن کفل لنا يتيماً قطعته عنّا محنتنا باستتارنا، فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّي أرشده وهداه، قال اللَّه عزّوجلّ: أيّها العبد الکريم المواسي لأخيه، أنا أولي بالکرم منک، اجعلوا له ياملائکتي في الجنان بعدد کلّ حرف علّمه ألف ألف قصر، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم. [3] .

1049 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: العالم کمن معه شمعة تضيي ء للناس، فکلّ من أبصر بشمعته دعا بخير، کذلک العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة، فکلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة، أو نجا بها من جهل، فهو من عتقائه من النار، واللَّه يعوّضه عن ذلک بکلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار علي الوجه الّذي أمر اللَّه عزّوجلّ به، بل تلک الصدقة وبال علي صاحبها، لکن يعطيه اللَّه ما هو أفضل من مائة الف رکعة يصلّيها من بين يدي الکعبة. [4] .

1050 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام: علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج علي ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته والنواصب، ألا فمن انتصب لذلک من شيعتنا، کان أفضل ممّن جاهد الروم والترک والخزر الف الف مرّة لأنّه يدفع عن أديان محبّينا وذلک يدفع عن أبدانهم. [5] .

1051 - وعنه عليه السلام بالإسناد المتقدّم، قال: قال موسي بن جعفر عليهما السلام: فقيهٌ واحد يُنقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشدّ علي إبليس من ألف عابد (وفي نسخة: الف الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد اللَّه وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلک هو أفضل عند اللَّه من ألف عابد وألف ألف عابدة. [6] .

1052 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام: يُقال للعابد يوم القيامة: نِعمَ الرجل کنت همّتک ذات نفسک وکفيت مؤنتک فادخل الجنّة، ألا إنّ الفقيه مَن أفاض علي الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفّر عليهم نعم جنان اللَّه تعالي، وحصّل لهم رضوان اللَّه تعالي، ويقال للفقيه: ياأيّها الکافل لأيتام آل محمّد، الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم، قف حتّي تشفع لکلّ من أخذ عنک أو تعلّم منک، فيقف فيدخل الجنّة معه فئاماً وفئاماً وفئاماً - حتّي قال عشراً - وهم الّذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمّن أخذ عنه، وعمّن أخذ عنه إلي يوم القيامة، فانظروا کم صرف ما بين المنزلتين. [7] .

1053 - وعنه عليه السلام، قال: قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما السلام: من تکفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم، المتحيّرين في جهلهم، الأساري في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم، ليحفظوا عهد اللَّه علي العباد بأفضل الموانع، بأکثر من فضل السماء علي الأرض والعرش والکرسيّ والحجب علي السماء، وفضلهم علي العباد کفضل القمر ليلة البدر علي أخفي کوکب في السماء. [8] .

1054 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السلام: لولا من يبقي بعد غيبة قائمکم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج اللَّه، والمنقذين لضعفاء عباد اللَّه من شباک إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين اللَّه، ولکنّهم الّذين يمسکون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة کما يمسک صاحب السفينة سکّانها، اُولئک هم الأفضلون عند اللَّه عزّوجلّ. [9] .

1055 - وعن الإمام الحسن بن عليّ العسکريّ عليه السلام قال: يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم، علي رأس کلّ واحد منهم تاج بهاء، قد انبثّت تلک الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة، فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها کلّها، فلا يبقي هناک يتيم قد کفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه، ومن حيرة التيه أخرجوه إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم إلي العلوّ حتّي تحاذي بهم فوق الجنان، ثمّ ينزلهم علي منازلهم المعدّة في جوار اُستاديهم ومعلّميهم، وبحضرة أئمّتهم الّذين کانوا إليهم يدعون، ولا يبقي ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلک التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اُذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه أشدّ من لهب النيران، فيحملهم حتّي يدفعهم إلي الزبانية فيدعوّنهم إلي سواء الجحيم. [10] .

1056 - وقال أيضاً أبو محمّد الحسن العسکريّ عليهما السلام: إنّ محبّي آل محمّد صلي الله عليه وآله مساکين، مواساتهم أفضل من مواساة مساکين الفقراء، وهم الّذين سکنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء اللَّه الّذين يعيّرونهم بدينهم ويسفّهون أحلامهم، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّي أزال مسکنتهم، ثمّ يسلّطهم علي الأعداء الظاهرين النواصب، وعلي الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّي يهزموهم عن دين اللَّه يذودوهم عن أولياء آل رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، حوّل اللَّه تعالي تلک المسکنة إلي شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم، قضي اللَّه تعالي بذلک قضاءاً حقّاً علي لسان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله. [11] .

1057 - وقال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسکريّ عليهما السلام: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: من قوّي مسکيناً في دينه ضعيفاً في معرفته، علي ناصب مخالف فأفحمه، لقّنه اللَّه تعالي يوم يُدلي في قبره أن يقول: اللَّه ربّي، ومحمّد نبيّي، وعليّ وليّي، والکعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدَّتي، والمؤمنون إخواني. فيقول اللَّه: أدليت بالحجّة فوجبت لک أعالي درجات الجنّة، فيتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة. [12] .

1058 - وقال أبو محمّد عليه السلام: قالت فاطمة عليها السلام وقد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شي ء من أمر الدّين، إحداهما معاندة والاُخري مؤمنة، ففتحت علي المؤمنة حجّتها فاستظهرت علي المعاندة، ففرحت فرحاً شديداً، فقالت فاطمة: إنّ فرح الملائکة باستظهارک عليها أشدّ عليها من فرحک، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها عنک أشدّ من حزنها، وانّ اللَّه عزّوجلّ قال للملائکة: أوجبوا لفاطمة بما فتحت علي هذه المسکينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا کنت أعددت لها، واجعلوا هذه سنّة في کلّ من يفتح علي أسير مسکين فيغلب معانداً مثل ألف ألف ما کان له معدّاً من الجنان. [13] .

1059 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد حَمل إليه رجل هدية فقال له: أيّما أحبّ إليک أن أردّ عليک بدلها عشرين ضعفاً - يعني عشرين ألف درهم - أو أفتح لک باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبيّ في قريتک، تنقذ به ضعفاء أهل قريتک؟ إن أحسنت الإختيار جمعتُ لک الأمرَين، وان أسأتَ الإختيار خيّرتُک لتأخذ أيّهما شئت. فقال: يابن رسول اللَّه فثوابي في قهري ذلک الناصب واستنقاذي لاُولئک الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟ قال: بل أکثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة. قال: يابن رسول اللَّه فکيف أختار الأدون بل أختار الأفضل، الکلمة الّتي أقهر بها عدوّ اللَّه وأذوده عن أوليائه.

فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام: قد أحسنتَ الإختيار، وعلّمه الکلمة وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل، فاتّصل خبره به، فقال له حين حضر معه: ياعبد اللَّه ما ربح أحد مثل ربحک، ولا اکتسب أحد من الأودّاء مثل ما اکتسبت مودّة اللَّه أوّلاً ومودّة محمّد وعليّ ثانياً، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً، ومودّة ملائکة اللَّه تعالي المقرّبين رابعاً، ومودّة إخوانک المؤمنين خامساً، واکتسبت بعدد کلّ مؤمن وکافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة، فهنيئاً لک هنيئاً. [14] .

1060 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال جعفر بن محمّد عليهما السلام: من کان همّه في کسر النواصب عن المساکين من شيعتنا الموالين حميّةً لنا أهل البيت، يکسرهم عنهم، ويکشف عن مخازيهم، ويبيّن عوارهم، ويفخّم أمر محمّد وآله، جعل اللَّه تعالي همّة أملاک الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بکلّ حرف من حروف حججه علي أعداء اللَّه أکثر من عدد أهل الدنيا أملاکاً، قوّة کلّ واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين، فکم من بناء وکم من نعمة وکم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين. [15] .

1061 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام: أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسکنته أن يغيث في الدنيا مسکيناً من محبّينا من يد ناصب عدوّ للَّه ولرسوله، يقوم من قبره والملائکة صفوف من شفير قبره إلي موضع محلّه من جنان اللَّه، فيحملونه علي أجنحتهم يقولون له: مرحباً طوباک طوباک يادافع الکلاب عن الأبرار، وياأيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار. [16] .

1062 - وقال أبو محمّد عليهما السلام لبعض تلامذته - لمّا اجتمع إليه قوم من مواليه والمحبّين لآل محمّد رسول اللَّه بحضرته، وقالوا: يابن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إنّ لنا جاراً من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل الأوّل والثاني والثالث علي أميرالمؤمنين عليه السلام، ويورد علينا حججاً لا ندري کيف الجواب عنها والخروج منها.

قال: مُرَّ بهؤلاء إذا کانوا مجتمعين يتکلّمون فتستمع عليهم، فسيستدعون منک الکلام، فتکلّم وأفحم صاحبهم واکسر عربه، وفلّ حدّه، ولا تبق له باقية.

فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وکلّم الرجل فأفحمه وصيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض.

قالوا: ووقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا اللَّه تعالي، وعلي الرجل والمتعصّبين له من الغمّ والحزن مثل ما لحقنا من السرور.

فلمّا رجعنا إلي الإمام، قال لنا: إنّ الّذين في السماوات لحقهم من الفرح والطرب بکسر هذا العدوّ للَّه کان أکثر ممّا کان بحضرتکم، والّذي کان بحضرة إبليس وعتاة مردته من الشياطين من الحزن والغمّ أشدّ ممّا کان بحضرتهم، ولقد صلّي علي هذا العبد الکاسر له ملائکة السماء والحجب والعرش والکرسي، وقابلها اللَّه تعالي بالإجابة، فأکرم إيابه وعظّم ثوابه، ولقد لعنت تلک الأملاک عدوّ اللَّه المکسورة، وقابلها اللَّه بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه. [17] .


پاورقي

[1] الإحتجاج 1 : 13-6.

[2] الإحتجاج 1 : 13-6.

[3] الإحتجاج 1 : 13-6.

[4] الإحتجاج 1 : 13-6.

[5] الإحتجاج 1 : 13-6.

[6] الإحتجاج 1 : 13-6.

[7] الإحتجاج 1 : 13-6.

[8] الإحتجاج 1 : 13-6.

[9] الإحتجاج 1 : 13-6.

[10] الإحتجاج 1 : 13-6.

[11] الإحتجاج 1 : 13-6.

[12] الإحتجاج 1 : 13-6.

[13] الإحتجاج 1 : 13-6.

[14] الإحتجاج 1 : 13-6.

[15] الإحتجاج 1 : 13-6.

[16] الإحتجاج 1 : 13-6.

[17] الإحتجاج 1 : 13-6.