سوره مائده


الآية الاولي قوله تعالي: «اليومَ يئس الّذين کَفَروا من دِينکم فلا تخشَوهُم واخْشَونِ اليومَ أکملتُ لکم دِينَکم وأتمَمتُ عليکم نِعمتي ورَضيت لکم الإسلامَ دِيناً». [1] .

139 - روي العيّاشيّ عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية: «اليوم يئس الّذين کفروا من دينکم فلا تَخشَوهم واخشَونِ» يوم يقوم القائم عليه السلام يئس بنو أميّة، فهم الّذين کفروا يَئسوا من آل محمّد صلي الله عليه وآله. [2] .

الآية الثانية قوله تعالي: «ولقد أَخَذ اللَّهُ ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنَي عشرَ نقيباً». [3] .

140 - روي جابر بن يزيد الجعفيّ، عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، قال: قال الحسن بن عليّ عليهم السلام: «الأئمّة عدد نقباء بني اسرائيل، ومنّا مهدي هذه الأمّة». [4] .

141 - روي عن عبد الغفار بن قاسم قال: دخلتُ علي مولاي الباقر عليه السلام وعنده اُناس من أصحابه فجري ذکر الإسلام، فقلت: يا سيدي فأيّ الإسلام أفضل؟ قال: مَن سلم المؤمنون من لسانه و يده، قلت: فما أفضل الاخلاق؟ قال: الصَبر والسماحة، قلت: فأيّ المؤمنين أکمل ايماناً؟ قال: أحسنهم خُلُقاً، قلت: فأيّ الجهاد أفضل؟ قال: مَن عُقِر جواده وأهريق دمه، قلت: فأيُّ الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قلت: فأيُّ الصَدَقة أفضل؟ قال: أن تهجر ما حرّم اللَّه عزّوجلّ عليک، قلت: يا سيّدي فما تقول في الدخول علي السلطان؟ قال: لا أري لک ذلک، قلت: فإنّي ربّما سافرت إلي الشام فأدخل علي إبراهيم بن الوليد، قال: يا عبد الغفّار، إنّ دخولک علي السلطان يدعو إلي ثلاثة اشياء، محبة الدنيا، ونسيان الموت، وقلّة الرضا بما قسم اللَّه، قلت: يا ابن رسول اللَّه فإنّي ذو عيلة وأتّجر إلي ذلک المکان لجرّ المنفعة، فما تري في ذلک؟ قال: يا عبداللَّه إنّي لستُ آمرک بترک الدنيا، بل آمرک بترک الذنوب، فترک الدنيا فضيلة، وترک الذنوب فريضة، وأنت إلي إقامة الفريضة أحوج إليک منک إلي اکتساب الفضيلة. قال: فقبّلت يده ورجله وقلت: بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول اللَّه فما نجد العلم الصحيح إلّا عندکم، وإنّي قد کَبِرت سني ودقّ عظمي ولا أري فيکم ما أسرّه، أراکم مقتّلين مشرّدين خائفين، وإنّي أقمت علي قائمکم منذ حين أقول: يخرج اليوم أو غداً. قال: يا عبد الغفار، إنّ قائمنا عليه السلام هو السابع من ولدي، وليس هو أوان ظهوره، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: إنّ الائمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل، تسعة من صُلب الحسين، والتاسع قائمهم، يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً. قلت: فإن کان هذا کائن يا ابن رسول اللَّه، فإلي من بعدک؟ قال: إلي جعفر وهو سيّد أولادي وأبو الائمّة، صادق في قوله وفِعله، ولقد سألت عظيماً يا عبدالغفار، وإنّک لاَهْلَّ للاجابة، ثمّ قال عليه السلام: ألا إنّ مفاتيح العلم السؤال وانشأ يقول:



شفاءُ العمي طولُ السؤال وإنّما

تمام العمي طولُ السکوت علي الجهلِ [5] .



142 - روي عن يحي بن يعمر قال: کنتُ عند الحسين عليه السلام إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلّم فردّ الحسين عليه السلام فقال: يابن رسول اللَّه مسألة، قال: هاتِ، قال: کم بين الإيمان واليقين؟ قال: أربع أصابع، قال: کيف؟ قال: الإيمان ما سمعناه، واليقين ما رأيناه، وبين السمع والبصر أربع أصابع، قال: فکم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة، قال: فکم بين المشرق والمغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس قال: فما عزّ المرء؟ قال: استغناؤه عن الناس، قال: فما أقبح شي ء؟ قال: الفسق في الشيخ قبيح، والحدّة في السلطان قبيحة، والکذب في ذي الحسب قبيح، والبُخل في ذي الغِنا، والحرص في العالم. قال: صدقت يابن رسول اللَّه، فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله؟ قال: اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل. قال: فسمِّهم لي. قال: فأطرق الحسين عليه السلام مليّاً ثمّ رفع رأسه فقال: نعم أخبرک يا أخا العرب، إنّ الإمام والخليفة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، والحسن، وأنا وتسعة من ولدي منهم عليّ ابني، وبعده محمّد ابنه، وبعده جعفر ابنه، وبعده موسي ابنه، وبعده عليّ ابنه، وبعده محمّد ابنه، وبعده عليّ ابنه وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي، يقوم الدّين في آخر الزمان. قال: فقام الاعرابي وهو يقول:



مسحَ انبيّ جبينَهُ

فله بريق في الخُدودِ



أبواه من أعلي قريش

وجدّهُ خير الجُدُودِ [6] .



143 - روي ابن شاذان بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول: معاشر الناس اعلموا أنّ اللَّه تعالي جعل لکم باباً مَن دخله أمِنَ من النار ومن الفزع الأکبر. فقام إليه أبو سعيد الخدريّ فقال: يا رسول اللَّه اهدِنا إلي هذا الباب حتّي نعرفه. قال: هو عليّ بن أبي طالب، سيّد الوصيّين، وأميرالمؤمنين، وأخو رسول ربّ العالمين، وخليفة اللَّه علي الناس أجمعين.

معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّک بالعُروة الوثقي الّتي لا انفصام لها، فليتمسّک بولاية عليّ بن أبي طالب، فإنّ ولايته ولايتي، وطاعته طاعتي.

معاشر الناس من أحبّ أن يعرف الحجّة بعدي، فليعرف عليّ بن أبي طالب.

معاشر الناس من أراد أن يتولي اللَّه ورسوله، فليقتد بعليّ بن أبي طالب بعدي والأئمّة من ذرّيتي، فإنّهم خُزّان علمي.

فقام جابر بن عبداللَّه الأنصاريّ فقال: يا رسول اللَّه وما عدّة الأئمّة؟ فقال: يا جابر سألتني رحمک اللَّه عن الإسلام بأجمعه، عدّتهم عدّة الشهور عند اللَّه اثنا عشر شهراً في کتاب اللَّه يوم خلق السموات والأرض، وعدّتهم عدّة العيون الّتي انفجرت لموسي بن عمران عليه السلام حين ضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وعدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل، قال اللَّه تعالي: «وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً» فالائمّة يا جابر اثنا عشر إماماً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وآخرهم القائم المهدي صلوات اللَّه عليهم. [7] .

144 - روي بالإسناد عن سلمان، قال: قال لي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: إنّ اللَّه تعالي لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً، إلّا جعل له اثني عشر نقيباً. فقلت: يا رسول اللَّه لقد عرفت هذا من أهل الکتابين، فقال: هل علمت مَن نقبائي الاثني عشر الّذين اختارهم للامّة من بعدي؟ فقلت: اللَّه ورسوله أعلم، فقال: يا سلمان، خلقني اللَّه مِن صفوة نوره ودعاني فأطعته، وخلق من نوري عليّاً ودعاه فأطاعه، وخلق من نور عليّ فاطمة ودعاها فأطاعتهُ، وخلق مني ومن عليّ وفاطمة الحسن ودعاه فأطاعه، وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين ودعاه فأطاعه، ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه، فاللَّه المحمود وأنا محمّد، واللَّه العليّ وهذا عليّ، واللَّه الفاطر وهذه فاطمة، واللَّه ذو الاحسان وهذا الحسن، واللَّه المُحسن وهذا الحسين.

ثمّ خلق منا ومن نور الحسين تسعة أئمّة ودعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماءً مبنّية وأرضاً مدحيّة ولا ملکاً ولا بشراً، وکنّا نوراً نسبّح اللَّه ثمّ نسمع له ونُطيع. فقلت: يا رسول اللَّه بأبي أنت وامي، فلمن عرف هؤلاء؟ فقال: مَن عرفهم حقّ معرفتهم واقتدي بهم ووإلي وليّهم وعادي عدوّهم، فهو واللَّه منا يردُ حيث نرد، ويسکن حيث نسکن. فقلت: يا رسول اللَّه وهل يکون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال: لا. فقلت: يا رسول اللَّه فأنّي لي بهم، وقد عرفت إلي الحسين؟ قال: ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين، ثمّ ابنه محمّد الباقر علم الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين، ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللَّه الصادق، ثمّ ابنه موسي بن جعفر الکاظم الغيظ صبراً في اللَّه، ثمّ ابنه عليّ بن موسي الرضا لأمر اللَّه، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ المختار لأمر اللَّه، ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلي اللَّه، ثمّ ابنه الحسن بن عليّ الصامت الأمين لسرِّ اللَّه، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهدي القائم بأمر اللَّه. ثمّ قال: يا سلمان إنّک تدرکه، ومن کان مثلک، ومن تولّاه هذه المعرفة، فشکرت اللَّه وقلت: وإنّي مؤجّل إلي عهده؟ فقرأ قوله تعالي: «فإذا جاءَ وَعدُ أوليهما بَعَثنا عليکم عِباداً لنا اُولي بأسٍ شديد فجاسوا خِلال الديار وکان وَعداً مفعولاً - ثمّ رددنا لکم الکَرّة عليهم وأمدَدناکم بأموالٍ وبنين وجَعَلناکم أکثرَ نَفيراً». قال سلمان: فاشتدّ بکائي وشوقي، وقلت: يا رسول اللَّه أبعهدٍ منک؟ فقال: اي واللَّهِ الّذي أرسلني بالحقّ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة وکلّ من هو منا ومعنا ومضامٌ فينا، اي واللَّه ليحضرنّ إبليس له وجنوده، وکلّ من مُحض الإيمان محضاً، ومحض الکفر محضاً، حتّي يؤخذ له بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّک احداً، وذلک تأويل هذه الآية: «ونُريد أن نمُنّ علي الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين - ونُمکّنَ لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون وهامان وجُنودهما منهم ما کانوا يحذَرون». قال: فقمت من بين يديه، وما اُبالي لقيتُ الموت أو لقيني. [8] .

الآية الثالثة قوله تعالي: «ومِن الّذين قالوا إنّا نصاري أخذنا ميثاقهم فنَسُوا حظّاً ممّا ذُکِّروا به فأغرَينا بينهمُ العَداوةَ والبَغضاء إلي يومِ القيامة وسوف يُنبّئهم اللَّه بما کانوا يَصنعون». [9] .

145 - روي ثقة الإسلام الکلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي ربيع الشاميّ. قال: قال لي أبو عبداللَّه عليه السلام: لا تَشتر مِن السودان احداً، فان کان فلابدّ، فمن النوبة، فإنّهم من الّذين قال اللَّه عزّوجلّ: «ومِن الّذين قالوا إنّا نصاري أخذنا ميثاقهم فنسوا حَظاً مما ذکِّروا به» أما إنّهم سيذکرون ذلک الحظّ، وسيخرج مع القائم عليه السلام منّا عصابة منهم...الحديث. [10] .

الآية الرابعة قوله تعالي: «وإذ قال موسي لقَومه يا قومِ اذکُروا نِعمة اللَّه عليکم إذ جَعَل فيکم أنبياءَ وجعلکم مُلوکاً وآتاکم ما لم يُؤتِ أحداً من العالَمين». [11] .

146 - وبالإسناد عن محمّد بن سليمان الديلميّ، عن أبيه قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وجعل فيکم أنبياء وجعلکم مُلوکاً» فقال: الأنبياء رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وإبراهيم وإسماعيل وذرّيته، والملوک الأئمّة عليهم السلام، قال: فقلت: وأيّ مُلک أعطيتم؟ فقال: مُلک الجنة، ومُلک الکرّة. [12] .

الآية الخامسة قوله تعالي: «قال فإنّها مُحرَّمة عليهم أربعينَ سنة يَتيهون في الأرض فلا تأسَ علي القوم الفاسقين». [13] .


پاورقي

[1] المائدة: 3.

[2] تفسير العيّاشيّ 292:1 ح 19؛ بحارالأنوار 55:51.

[3] المائدة: 12.

[4] کفاية الأثر 224؛ بحارالأنوار 383:36.

[5] کفاية الأثر 250.

[6] کفاية الأثر 232؛ بحارالأنوار 384:36.

[7] مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام لابن شاذان 71 المنقبة 41؛ بحارالأنوار 263:36.

[8] دلائل الإمامة 237؛ بحارالأنوار 6:25، و 142:53.

[9] المائدة: 14.

[10] الکافي 352:5 ح 2 تفسير البرهان 544:1.

[11] المائدة: 20.

[12] مختصر بصائر الدرجات 28؛ بحارالأنوار 45:53.

[13] المائدة: 26.