سوره اعراف


الآية الاولي قوله تعالي: «يا بَني آدمَ لا يَفتِننّکُم الشَّيطانُ کما أَخرجَ أَبوَيکم من الجَنةِ يَنزعُ عنهما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوءاتِهما إنَّه يَراکم هو وقَبيلُهُ مِن حيث لا تَرَونَهم إنَّا جَعَلنا الشياطينَ أولياءَ للّذين لا يُؤمنون». [1] .

213 - روي الشيخ الصدوق رحمه اللَّه، بإسناده عن عبد السلام صالح الهرويّ، عن أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام قال: قال النبيّ صلي الله عليه وآله: وَالّذي بعَثَنَي بالحَقّ بَشيراً، لَيَغيبَنَ القائم مِنْ ولدي، بعهَد معهود إليه منّي، حتّي يقول أکثر الناس: ماللَّه في آل محمّد حاجة، ويَشکّ آخرون في ولادته، فمن أدرک زَمانه فليتمسّک بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلاً بشکّه، فيزيله عن ملّتي، ويخرجه عن ديني، فقد أخرج أبوَيکم من الجنة من قبل، واِنّ اللَّه عزّوجلّ جَعَلَ الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون. [2] .

الآية الثانية قوله تعالي: «ولکُلّ أمّةٍ أَجَل فإذا جاءَ أجَلُهم لا يَستَأخِرون سَاعَةً و لا يَستَقدِمون». [3] .

214 - روي ثقة الإسلام الکلينيّ قدس سره بإسناده عن حمران، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام وذکر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال: إنّي سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موکبه وهو علي فَرَس، وبين يديه خيل، ومن خلفه خيل، وأنا علي حمار إلي جانبه، فقال لي:

يا أبا عبداللَّه قد کان ينبغي لکَ انْ تفرَح بما أعطانا اللَّه من القوّة وفتَحَ لنا من العِزْ، ولا تُخبر الناس أ نّکَ أحَقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتک، فتغرينا بک وبهم، قال: فقلت: ومَن رفع هذا إليک عنّي فقد کذب. فقال لي: أتحلف علي ما تقول؟ قال: فقلت: إنّ الناس سَحَرة، يعني يحبّون أن يفسدوا قلبک عليَّ، فلا تمکّنهم من سمعک، فإنّا إليک أحوج منک إلينا. فقال لي: تذکر يوم سألتک هل لنا مُلک؟ فقلت: نعم، طويل عريض شديد، فلا تَزالُون في مهلةٍ من أمرکم وفسحة من دنياکم، حتّي تُصيبُوا منا دماً حراماً في شهر حرام في بلد حرام، فعرفت أ نّه قد حفظ الحديث، فقلت: لعلّ اللَّه عزّوجلّ أن يکفيک فإنّي لم أخصّک بهذا، وإنّما هو حديث رويته، ثمّ لعلّ غيرک من أهل بيتک يتولّي ذلک، فسکت عني، فلّما رجعت إلي منزلي أتاني بعض موالينا فقال: جُعلت فداک، واللَّه لقد رأيتک في موکب أبي جعفر وأنت علي حمار وهو علي فرس، وقد أشرف عليک يکلّمک کأنّک تحته، فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجّة اللَّه علي الخلق وصاحب هذا الأمر الّذي يُقتدي به، وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفک الدماء في الأرض بما لا يحبّ اللَّه، وهو في موکبه وأنت علي حمار، فدخلني من ذلک شکّ حتّي خفت علي دِيني ونفسي. قال فقلت: لو رأيتَ مَن کان حولي وبين يديَّ ومن خلفي وعن يَميني وعن شمالي من الملائکة، لاحتقرتَه واحتقرتَ ما هو فيه، فقال: الآن سکن قلبي. ثمّ قال: إلي متي هؤلاء يملکون، أو متي الراحة منهم؟ فقلت: أليَس تعلَم أنّ لکلّ شي ءٍ مدّة؟ قال: بلي. فقلت: هل ينفعک علمک أنّ هذا الامر إذا جاءَ کان أسرعُ من طَرفة العين؟ إنّک لو تعلم حالهم عند اللَّه عزّوجلّ وکيف هي، کنت لهم أشد بغضاً، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الاثمّ لم يقدروا، فلا يستفزنّک الشيطان فإنّ العزّة للَّه ولرسوله وللمؤمنين، ولکنّ المنافقين لا يعلمون، ألا تعلم أنّ مَن انتظر أمرنا وصبر علي ما يري من الأذي والخوف، هو غداً في زمرتنا؟ فإذا رأيتَ الحق قد مات وذهب أهلهُ، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ماليس فيه ووُجّه علي الأهواء، ورأيت الدّين قد انکفأ کما ينکفي ء الماء، ورأيت أهل الباطل قد استُعملوا علي أهل الحقّ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا يُنهي عنه ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واکتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يکذب ولا يُردّ عليه کذبه وفِريتهُ، ورأيت الصغير يستحقر (ب) الکبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحک منه ولا يُردّ عليه قوله، ورأيت الغلام يُعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجْنَ النساء، ورأيت الغناء قد کثر، ورأيت الرجل يُنفق المال في غير طاعة اللَّه فلا ينهي ولا يُؤخذ علي يَديه، ورأيت الناظر يتعوَّذ باللَّه مما يري المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الکافر فرحاً لما يري في المؤمن، مرحاً لما يري في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تُشرب علانيةً ويجتمع عليها مَن لا يخاف اللَّه عزّوجلّ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ اللَّه قوّياً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يُحتقَرون ويحتقرُ من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشر مسلوکاً، ورأيت بيت اللَّه قد عُطّل ويُؤمر بترکه، ورأيت الرجل يقول مالا يفعله، ورأيت الرجال يتسمَّنون للرجال، والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دُبره، ومعيشة المرأة من فَرجها، ورأيت النساء يتّخذن المجالس کما يتّخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب وامتشطوا کما تتمشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال علي فروجهم، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وکان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وکان الربا ظاهراً لا يُغَيَّر، وکان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها علي نکاح الرجال، ورأيت اکثر الناس وخير بيت مَن يساعد النساء علي فسقهن، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يُحلَّل، ورأيت الحلال يُحرّم، ورأيت الدّين بالرأي، وعُطّل الکتاب وأحکامه، ورأيت الليل لا يُستخفي به من الجرأة علي اللَّه، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن يذکر إلّا بقلبه، ورأيت العظيم من المال يُنفَق في سخط اللَّه عزّوجلّ، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الکفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحکم، ورأيت الولاية قبالةً لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام يُنکحَن ويُکتفي بهنَّ، ورأيت الرجل يُقتل علي التهمة وعلي الظِنَّة، ويتغاير علي الرجل الذَّکَر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يُعيِّر علي إتيان النساء، ورأيت الرجل يأکل من کسب امرأته من الفجور يعلم ذلک ويُقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق علي زوجها، ورأيت الرجل يُکري امرأته وجاريتهُ ويرضي بالدنيّ من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان باللَّه عزّوجلّ کثيرة علي الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الکفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرُّ بها لا يمنعها أحدٌ أحداً ولا يجترئ أحد علي منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الّذي يُخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يُزوَّر ولا تُقبَل شهادته، ورأيت الزور من القول يُتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل علي الناس استماعه وخفّ علي الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يُکرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عُطّلت وعُمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زُخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المُفتري الکذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغَيبة تُستملح ويُبشّر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير اللَّه، ورأيت السُلطان يذلّ للکافر المؤمن، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المکيال والميزان، ورأيت سفک الدماء يُستخفّ بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليُتَّقي وتسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الکثير ثمّ لم يُزَکِّه منذ ملکهُ، ورأيت الميت يُنبش من قبره ويؤذي وتباع أکفانه، ورأيت الهرج قد کثر، ورأيت الرجل يُمسي نشوان ويصبح سکران لا يهتمّ بما الناس فيه، ورأيت البهائم تُنکح، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلي مصلَّاه ويرجع وليس عليه شي ء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذِکر عليهم، ورأيت السُحت قد ظهر يُتنافَس فيه، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي لِيَراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدّين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذَمّ ويُعيَّر، وطالب الحرام يُمدَح ويُعَظَّم، ورأيت الحرمَين يُعمَل فيهما بما لا يحبّ اللَّه، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمَين، ورأيت الرجل يتکلّم بشي ء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهي عن المنکر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه، فيقول هذا عنک موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلي بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلک الخير وطريقه خالياً لايسلکه احد، ورأيت الميّت يُهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت کلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة أکثر مما کان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطي علي الضحک به ويرحم لغير وجه اللَّه، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون کما يتسافد البهائم لا ينکر أحد منکَراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الکثير في غير طاعة اللَّه ويمنع اليسير في طاعة اللَّه، ورأيت العقوق قد ظهر، واستخف بالوالدَين وکانا من أسوء الناس حالاً عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن علي الملک وغلبن علي کلّ أمريؤتي إلّا مالهن فيه هوي، ورأيت ابن الرجل يفتري علي أبيه ويدعو علي والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يکسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مکيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسکرٍ کئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلک اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتکر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تُقسّم في الزور ويُتَقامَر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يُتداوي بها وتوصف للمريض ويُستشفي بها، ورأيت الناس قد استوَوا في ترک الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر وترک التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة، ورياح أهل الحق لا تحرّک، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف اللَّه، مجتمعون فيها للغيبة وأکل لحوم أهل الحقّ، ويتواصفون فيها شراب المسکر، ورأيت السکران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يُشان بالسکر، وإذا سکر أکرم وأتّقي وخيف وترک لا يعاقب ويُعذَر بسکره، ورأيت مَن اکل اموال اليتامي يُحمَد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر اللَّه، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة علي اللَّه يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوي ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استُخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه اللَّه وتعطي لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أکلوا وما نکحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحقّ قد دُرست، فکن علي حذر واطلب الي اللَّه عزّوجلّ النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط اللَّه عزّوجلّ وإنّما يُمهلهم لأمر يُراد بهم، فکن مترقّباً واجتهد ليراک اللَّه عزّوجلّ في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وکنت فيهم عجّلت إلي رحمة اللَّه، وإن أخرت ابتلوا وکنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة علي اللَّه عزّوجلّ، واعلم أنّ اللَّه لا يُضيع أجر المحسنين، وأنّ رحمة اللَّه قريبٌ من المحسنين. [4] .

الآية الثالثة قوله تعالي: «هَل يَنظُرون إلّا تَأويلَه يَومَ يأتي تأويلُه يقولُ الَّذين نَسُوهُ مِن قَبلُ قد جَاءَت رُسُلُ رَبِّنا بالحقِّ فهل لنا مِن شُفَعَاءَ فَيَشفَعُوا لَنا أو نُرَدُّ فَنَعمَلَ غَيرَ الَّذي کُنَّا نَعْمَلُ قد خَسِرُوا أنفسَهم وضَلَّ عنهم ما کانوا يَفتَرون». [5] .

215 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلي الصادق عليه السلام قال: فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها، قال: ذلک يوم القائم عليه السلام ويوم القيامة «يقول الّذين نَسُوهُ مِن قَبلُ» أي ترکوه: «قد جَآءت رُسُلُ ربِّنا بالحقِّ فهَل لَنا مِن شُفَعاءَ فَيشفَعوا لنا» قال: قال هذا يوم القيامة «أو نُرَدُّ فنَعمل غَيرَ الّذي کُنّا نعمل قد خَسِروا أنفسَهم وضَلَّ عنهم» أي بطل عنهم «ما کانوا يَفتَرون». [6] .

الآية الرابعة قوله تعالي: «وإلي ثَمودَ أخاهُم صالِحاً قال يا قَومِ اعبُدوا اللَّهَ مالَکم مِن إله غَيره..». [7] .


پاورقي

[1] الأعراف: 27.

[2] کمال الدّين 51:1؛ منتخب الأثر 262 ف 2 ب 27 ح 17.

[3] الأعراف: 34.

[4] الکافي 37:8 ح 7؛ بشارة الإسلام 130-125 ب 7.

[5] الأعراف: 53.

[6] تفسير القمّيّ 1 : 234-233؛ تفسير العيّاشيّ 235:1.

[7] الأعراف: 73.