تري کيف نميّز القتال الحق عن الباطل؟


الجواب: الهدف هو وسيلة التمييز، فإذا کان هذا الهدف متمثلاً في طائفة، أو شعب، أو قوم، أو أرض معينة… فإن هذا يعني أن القتال قد يکون في سبيل الطاغوت.

أما إذا کان الإنسان يدافع عن المستضعفين مهما کانوا، وأينما کانوا، فإن الأمر سيختلف، فهذا يعني أن هذا الإنسان يحارب من أجل الله وفي سبيله.

وفي هذا المجال علينا أن نقول إن الإمام الحجة عجل الله فرجه، إنما يأتي من أجل المستضعفين في الأرض، والذي نريد أن نبينه هنا أن وصول البشرية إلي درجة الدفاع عن المستضعفين يعني بلوغها القمة السامقة من الوعي والنضج الفکريين، فالإنسان -شاء أم أبي- لابد أن يکون محدداً ضمن إطار، سواء کان إطار الأرض أم الإقليم أم أي إطار آخر، فهناک- علي سبيل المثال- رجل يدافع عن العراق، وآخر عن أفغانستان، وثالث عن لبنان… وهؤلاء يحق لهم أن يدافعوا عن أرضهم.

ولکن عندما يکون الدفاع عن الأرض فإن هناک واقعين يدفعان الإنسان معاً، وهما؛ دافع الإيمان، ودافع الوطنية؛ ولکن متي يصبح الدافع دافعاً وحيداً؟

الجواب: عندما يقال لک إن إنساناً مستضعفاً في نيکاراغوا، أو في ناميبيا، أو في الفلبين أو أي بلد آخر من بلدان هذه الأرض الشاسعـة يتعرّض اليوم للمأساة والحرمان، فتندفع لنصرتـه، وفـي هذه الحالة فقط سيکون جهادک في سبيل الله سبحانـه وتعالي.

أما إذا اندفعت للقتال في سبيل أرض، أو شعب، أو قوم، أو من اجل قضية دون قضية أخري، في حين أن القضيتين تشترکان في ملاک واحد، ومقياس واحد، فإن قتالک هذا سيکون فيه نظر؛ أي أنه سوف لا يکون خالصاً لوجه الله عز وجل.

إن القرآن الکريم يقول بصريح العبارة: «وَمَا لَکُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْکَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنکَ نَصِيراً» (النساء/75).

وهذا يعني أن هؤلاء المستضعفين يستحقون الدفاع أيا کانت انتماءاتهم؛ سواء کانوا ملوّنين أم بيضاً، فقراء أم أغنياء، وسواء کانوا مؤمنين مخلصين أم لم يکونوا کذلک، بل المهم في هذا المجال أنهم مستضعفون.

وإذا کانت هذه الحقيقة صادقة، فإن هذا يشير إلي إن هناک فئة ستمهّد لظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه وإذا کانت هذه الحقيقة صادقة أيضاً، فإن الصراع بين جبهة الحق والباطل إذا بلغ ذروته، فإن الله تعالي سيأذن لوليه بالظهور. ونريد من بلوغ الصراع لذروته أن يتحول إلي صراع دوليّ وعالميّ، وهذا يعـني أننا نقترب بخطي حثيثة من اليوم الموعود إن شاء الله...

والسبب في ذلک أن الصراع في العصور الماضية کان محدوداً وإقليمياً، فهو لم يمتد من أقصي الأرض إلي أقصاها، في حين أن الصراع الآن يشمل العالم کله، فهذه الحروب يشترک فيها الأميريکيّون، والفرنسيون، والبريطانيون، والروس بالإضافة إلي من يدور في فلکهم، وفي جهة أخري نجد أن المسلم العراقي والإيراني والأفغاني وسائر المسلمين في العالم يقفون في جبهة واحدة ضد جبهة الجاهلية، وهذا يعني أن الحق والباطل أصبحا يمثلان جبهتين عالميتين غير محدودتين بحدود إقليمية أو عنصرية وما إلي ذلک.