لماذا البؤس و الحرمان؟


وإذا کان الأمر کذلک؛ فلماذا نجد الغالبية العظمي من البشرية تعيش البؤس والحرمان، وتعاني الويلات وأنواع الاضطهاد والظلم؟ ولماذا أصبحت مصادر الثورة الهائلة والأموال الطائلة وأسباب القوة والهيمنة وقفاً علي أناس معدودين دون غيرهم، بينما يسرح القسم الأکبر من البشرية المعذبة في غياهب الجهل والفقر وظلمات التخلف والانحطاط، تسحقها عجلات ماکنة التقدم التکنلوجي التي يأخذ بمقودها أولئک المترفون الذين وصلوا إلي درجة من الشبع والبطر بحيث لم يدعوا سبيلاً للتبذير والإسراف إلا وسلکوه؟!

وما أکثر الأمثلة علي صور الإسراف والبطر الذي يعيشه أولئک، ولنتصفح في هذا المجال المجلات والصحف ففيها ما يسبب الدوار في الرأس من شدة الاستغراب؛ فذاک يمتلک آلاف الملايين وعندما يدنو منه الموت يوصي بأمواله وممتلکاته تلک إلي قطة صغيرة کان قد ربّاها!!

إنه الشذوذ بجوانبه العديدة الذي أصيبت به تلک الأقلية التي تقود زمام الحضارة والتکنلوجيا المتطوّرة، وعلي رأسه الشذوذ العقلي الناجم عن الشعور والفراغ القاتل الذي يدفع أولئک إلي أن يحترموا الهرة إلي درجة التقديس، بينما لا يلتفتون أدني التفاته إلي ورائهم ليروا تلک الحشود البشرية الجائعة التي تبحث عن فتات رغيف تدفع به الخطر الداهم فلا تجده، ثم تموت أفواجاً بعد أفواج وکأنها ليست بشراً له الحق في الحياة.