القيادة و القرار الصعب


وهذه العلاقة القلبية ستمنحنا -ولا ريب- القدرة علي مواجهة المشاکل، وأنا أوجه هنا حديثي إلي المؤمنين العاملين في سبيل الله في کل مکان لأقول لهم: إنکم تعيشون الآن مع بعضکم البعض، وتقتبسون النشاط والحيوية من بعضکم البعض، وإذا ما ساءت بکم الأوضاع فإنکم ستستمدون الروحية والمعنوية ممن هو فوقکم، ولکنکم عندما تصبحون -إن شاء الله- قادة هذه الأمة فحينئذ ستشعرون بالوحشة، وفي هذه الحالة يجب أن تتخذوا القرار المناسب الذي ترون أنفسکم مسؤولين عنه أمام الله عز وجل وأمام الناس، وبذلک ستشعرون بالرهبة والوحشة، فلا تعرفون کيف تعملون، وفي نفس الوقت فإنکم لا تستطيعون أن تتهربون من اتخاذ القرار، ولا يمکنکم أن تستعجلوا في اتخاذه.

وقد مرّت هذه الظروف نفسها بالميرزا محمد حسن الشيرازي المرجع الأعلي لأتباع مذهب آل البيت عليهم السلام آنذاک، فقد کان هذا الرجل يشعر بضخامة المسؤولية عندما علم أن البريطانيين أمسکوا بزمام الأمور في إيران، وأن الملک قد تحالف معهم، وأن الناس لاذوا بالصمت، وبعض العلماء قد تعاونوا مع السلطة، وبذلک فقد کان يشعر بالتهيب والوحشة، فهل يتخذ القرار أم لا يتخذه، وعندما اشتد الضغط الجماهيري علي الميرزا بأن يقوم بعمل ما، انتظر حتي کان يوم الجمعة، وفي عشية هذا اليوم ذهب إلي (السرداب) المنسوب إلي الإمام الحجة عليه السلام وأمر الناس أن ينفضّوا من حـولـه، وبقي وحده لفترة في السرداب ثم أصدر بعد ذلک فتواه المعروفة والقاضية بأن استعمال التبغ اليوم يعتبر بمثابة إعلان الحرب ضد الإمام المهدي عليه السلام.

وعندما أصدر رضوان الله عليه هذه الفتوي کانت بمثابة الصاعقة التي نزلت علي هشيم البريطانيين، فاحترق هذا الهشيم، وکانت أول هزيمة لحقت بالاستعمار البريطاني في تأريخه، وهنا أريد أن أسلط الأضواء علي لقطة من هذه الحادثة وهي أن أصدقاء الميرزا الشيرازي والمقربين إليه کانوا قد سألوه بالقول له: لماذا صبرت هذه الفترة الطويلة؟ فأجاب قائلاً: کنت انتظر الأمر من الإمام الحجة.

تري هل کانت لهذا المرجع علاقة مباشرة مع الإمام أو مع بعض أصحابه؟ أنا لا أعلم بالضبط، ولکن الذي أعلمه أن الإنسان عندما يکون مخلصاً للخالق عز وجل ويجد صعوبات حادة في حياته، فإن علاقته بالإمام المنتظر عجل الله فرجه ستنفعه حينئذ وسيسدّد من قبل ولي الله.