محي الدين بن عربي


قال في کتابه الفتوحات المکية إعلم ايدنا الله ان لله خليفة يخرج وقد امتلأت الارض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا، ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طول الله ذلک اليوم حتي يلي ذلک الخليفة من عترة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - من ولد فاطمة يواطي اسمه اسمه رسول الله - صلي الله عليه وسلم -.

... يشهد الملحمة العظمي مأدبة الله بمرج عکا، يبيد الظلم واهله، يقيم الدين فينفخ الروح في الاسلام، يعز الاسلام به بعد ذلة، ويحيا بعد موته، يضع الجزية، ويدعو الي الله بالسيف، فمن ابي قتل، ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه ما لو کان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لحکم به، يرفع المذاهب من الارض فلا يبقي الا الدين الخالص.

اعداؤه مقلدة الفقهاء اهل الاجتهاد، لما يرونه من الحکم بخلاف ما حکمت به ائمتهم، فيدخلون کرها تحت حکمه خوفا من سيفه وسطوته، ورغبة فيما لديه.

يفرح به عامة المسلمين اکثر من خواصهم، ويبايعه العارفون من اهل الحقائق عن شهود وکشف بتعريف إلهي، له رجال إلهيون يقيمون دولته وينصرونه، هم الوزراء، يحملون اثقال المملکة، ويعينونه علي ما قلده الله ... فشهداؤه خير الشهداء، وامناؤه افضل الامناء، وان الله يستوز له طائفة خبأهم له في مکنون غيبه، اطلعهم کشفا وشهودا علي الحقائق، وما هو امر الله عليه في عباده، فبمشاورتهم يفصل ما يفصل، وهم العارفون الذين عرفوا ما ثم.

واما هو نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مدنية، يعرف من الله قدر ما تحتاج اليه مرتبته ومنزله، لانه خليفة مسدد، يفهم منطق الحيوان، يسري عدله في الانس والجان، من اسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له لقوله وکان حقا علينا نصر المؤمنين وهم علي اقدام (و) رجال من الصحابة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الاعاجم ما فيهم عربي، لکن لا يتکلمون الا بالعربية، لهم حافظ ليس من جنسهم، ما عصي الله قط، هو اخص الوزراء و افضل الامناء. (المصدر ج 1 ص 106 - 107)