الاجراءات التي اتّخذها الامام العسکري لاثبات ولادة الامام ال


الشيء الذي أريد أن أقوله رغم هذا الکتمان أنّ الامام العسکري سلام

الله عليه کان عنده في جانب آخر موازنة بالعملية، کان حريصاً علي قضية إثبات ولادته ووجوده، فاتخذ جملة اجراءات:

إکثار العقائق عن الامام المهدي:

من أهم هذه الاجراءات ـ هذا الموضوع مهم بارتباطه في موضوع الغيبة الصغري، لاننا لمّا نتکلم عن موضوع الغيبة لابد أن نعرف أنّ هذا الغائب صلوات الله وسلامه عليه مولود موجود ـ بل أوّل إجراء اتخذه الامام العسکري سلام الله عليه فيما تفيد الروايات: أنّه أکثر من العقائق عن الامام المهدي (عليه السلام)، وهذه من خواصه أنه لم يُعق عن مولود علي الاطلاق کما عقّ عن الامام صاحب الامر (عليه السلام)، حتّي ورد في رواياتنا: أنه عُقّ عنه ثلاثمائة عقيقة [1] ، بل أمر الامام العسکري (عليه السلام)عثمان بن سعيد أن يشتري کذا الف رطل ـ الرطل قرابة ثلث کيلو غرام ـ من اللحم وممّا



[ صفحه 35]



شاکل ويوزّعه علي الفقراء [2] ، والشيء الملفت للنظر أنّ الامام نوّع وعدّد الاماکن، مثلاً کتب إلي خواصّه في قم أن يعقّوا [3] وأن يقولوا للناس أن هذه العقيقة بمناسبة ولادة المولود الجديد للامام العسکري (عليه السلام) وأنّه محمد، وهکذا مثلاً کتب إلي خواصه في بغداد وفي سامراء.

هذه عناية من الامام سلام الله عليه، کثرة العقائق وإخبار الناس بمناسبة هذه العقائق ومن ذبحت عنه هذه العقيقة مثلاً، هذا کلّه إجراء أوّل أراد منه الامام سلام الله عليه عملية إعلامية بأنّ هذا الامام الثاني عشر المنتظر صلوات الله وسلامه عليه قد ولد وقد تشرفت البشرية والعالم باشراق نور وجهه المقدس.

من رأي الامام المهدي:

الاجراء الثاني الذي حرص الامام (عليه السلام) عليه: هو أنّه کان يحضر مجاميع من خواصّه وشيعته وکان يعرفهم علي ولده الامام المهدي سلام الله عليه، وهذا ظاهر من جملة روايات:

مثلاً في إکمال الدين للشيخ الصدوق أعلي الله مقامه عن أبي غانم الخادم: أنّ العسکري (عليه السلام)أخرج ولده محمداً (عليه السلام) في الثالث من مولده



[ صفحه 36]



وعرضه علي أصحابه قائلاً: «هذا صاحبکم من بعدي وخليفتي عليکم وهو القائم الذي تمتدّ إليه الاعناق بالانتظار، فاذا امتلات الارض ظلماً وجوراً خرج فيملاها قسطاً وعدلاً» [4] .

وهکذا الرواية السابقة التي رواها شيخ الطائفة أعلي الله مقامه في الغيبة والتي قرأتها علي مسامعکم: أنّ الامام أطلع أربعين ـ تقريباً ـ من خواص أصحابه علي ولده سلام الله عليه.

وهنالک أشخاص آخرون أيضاً لا بعنوان مجاميع، بل بعنوان أشخاص منفردين أيضاً أطلعهم الامام سلام الله عليه.

هذا غير إطلاع من في البيت بمناسبة قضية الولادة، مثل نسيم الخادمة وحکيمة وأم أبي محمد العسکري، کما جاء في الرواية التي يرويها الشيخ الصدوق أعلي الله مقامه، رواية جليلة ومهمة جداً:

دخل أحدهم علي السيدة حکيمة بنت الامام الجواد (عليهما السلام)وسألها عمّا تأتم به من الحجج؟ فعدّت الائمة سلام الله عليهم إلي أن وصلت إلي الامام العسکري (عليه السلام) فقالت بعده: والحجة بن الحسن بن عليّ، فقال لها السائل: سيدتي أتقولين ذلک عن خبر أو معاينة؟ ـ يعني هذا الحجة بن الحسن رأيتيه أم سمعتي به؟ ـ قالت: بل هي معاينة، قلت فلمن يفزع الناس اليوم والحال أنّ الناس لم يعاينوه؟ قالت: ارجعوا إلي أم أبي محمد ـ يعني أم الامام العسکري سلام الله عليه، لاحظوا هذه القضية السائل



[ صفحه 37]



يقول ـ قلت لها: بمن اقتدي الامام العسکري (عليه السلام) في وصيته لام أبي محمد إذا کان الامام هو ابنه محمد الحجة ابن الحسن سلام الله عليه.

يعني کان الامام سلام الله عليه للتغطية علي ولده وللحفاظ علي ولده في بعض المجالات کان يحيل في الظاهر بعض القضايا علي أم أبي محمد يعني أم الامام العسکري سلام الله عليه، کيف کان يحيل عليها؟ لاحظوا الجواب في غاية الاهمية:

قالت (عليها السلام): اقتدي في ذلک بجدّي الحسين بن علي شهيد الطف صلوات الله وسلامه عليه حيث أوصي في الظاهر بأخته العقيلة زينب(عليها السلام)، وفي الواقع أنّ الامامة لولده زين العابدين (عليه السلام)، وذلک حفاظاً علي ولده زين العابدين، فکان ما يخرج من زينب من علم ربما نسب لزينب (عليها السلام)، وهو في الواقع لعلي بن الحسين (عليهما السلام) [5] .

کانت ظروف تقية، بحيث أنّ الراوي إذا روي کان يخاف أن يقول حدثني علي أو روي فلان عن فلان عن علي، کثيراً ما کان يقول مثلاً: حدثني أبو زينب، او روي فلان عن فلان عن أبي زينب، ويعني بأبي زينب أمير المؤمنين سلام الله عليه.

فالخلاصة، أم أبي محمد العسکري رأت الامام، نسيم الخادمة، حکيمة، کذلک أحمد بن إسحاق الاشعري في قضية طويلة أيضاً يرويها



[ صفحه 38]



الشيخ الصدوق [6] ، ويعقوب بن منقوش، مضافاً للعدد الذي ذکرته.

فالاجراء الاول قضية الاعلام والعقائق، والاجراء الثاني قضية عرضه علي الناس، هذا في جانب.

فإذن الامام سلام الله عليه في واقع الامر غيبته کانت غيبة بعد ثبوت مولد، بعد ثبوت وجود، وأنّ الامام سلام الله عليه کان يتعامل مع تلک القواعد عن طريق توقيعاته المقدسة التي کان ينقلها أولئک السفراء.



[ صفحه 40]




پاورقي

[1] راجع: کتاب الامام المهدي (عليه السلام) من المهد الي اللحد.

[2] کمال الدين: 431 ح 6.

[3] راجع: کتاب الامام المهدي (عليه السلام) من المهد إلي اللحد.

[4] کمال الدين: 431 ح 8.

[5] کمال الدين: 501 ح 27، الغيبة للطوسي: 230 ح 196.

[6] کمال الدين: 454 ح 21.