شروط الانتظار


علي ضوء هذا النص والتوضيحات الذي تقدمته يمکن إجمال شروط الانتظار في النقاط التالية التي تتضمن أيضاً توضيح السبيل العملي الذي ينبغي للمؤمن انتهاجه لکي يکون منتظراً حقيقياً:

1 ـ ترسيخ معرفة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ والإيمان بإمامته والقيام بمهامها في غيبته ومعرفة طبيعة دوره التأريخي وأبعاده والواجبات التي يتضمنها ودور المؤمنين تجاهه، وترسيخ الارتباط به(عليه السلام) وبدوره التأريخي. وکذلک الإيمان بأن ظهوره محتمل في أي وقت، الأمر الذي يوجب أن يکون المؤمن مستعداً له في کل وقت. بما يؤهله للمشارکة في ثورته.

ولتحقق هذا الاستعداد اللازم لکي يکون الانتظار صادقاً يجب التحلي بالصفات الأخري التي يذکرها الإمام السجاد(عليه السلام) والتي تمثل في واقعها الشروط الأخري لتحقق مفهوم الانتظار علي الصعيد العملي، کما نلاحظ في الفقرات اللاحقة.

2 ـ ترسيخ الاخلاص في القيام بمختلف مقتضيات الانتظار وتنقيته من



[ صفحه 193]



جميع الشوائب والأغراض المادية والنفسية، وجعله خالصاً لله تبارک وتعالي وبنيّة التعبد له والسعي لرضاه، وبذلک يکون الانتظار «أفضل العبادة»، وقد صرّح آية الله السيد محمد تقي الإصفهاني بأنّ توفر هذه النيّة الخالصة شرط في القيام بواجب الانتظار. وعلي أي حال فإنّ توفر هذا الشرط يرتبط بصورة مباشرة بالإعداد النفسي لنصرة الإمام عند ظهوره؛ لأنّ فقدانه يسلب المنتظر الأهلية اللازمة لتحمل صعاب نصرة الإمام ـ عجل الله فرجه ـ في مهمته الإصلاحية الجهادية الکبري.

3 ـ تربية النفس وإعدادها بصورة کاملة لنصرة الإمام من خلال صدق التمسک بالثقلين والتخلق بأخلاقهما ليکون المؤمن بذلک من أتباع الإمام المهدي(عليه السلام) حقاً: «وشيعتنا صدقاً» وتتوفر فيه شروط الشخصية الإلهية والجهادية القادرة علي نصرة الإمام في طريق تحقيق أهدافه الإلهية، وفي ذلک تمهيد لظهوره(عليه السلام) علي الصعيد الشخصي.

4 ـ التحرک للتمهيد للظهور المهدوي علي الصعيد الاجتماعي بدعوة الناس الي دين الله الحق وتربية أنصار الإمام والتبشير بثورته الکبري، ونلاحظ في حديث الامام السجاد(عليه السلام) وصفه للمنتظرين بأنهم «الدعاة الي دين الله عز وجل سرّاً وجهراً»، وفي ذلک إشارة بليغة الي ضرورة استمرار تحرک المنتظرين في التمهيد للظهور ورغم کل الصعاب، فإذا کانت الأوضاع موائمة دعوا لدين الله جهراً وإلاّ کان تحرکهم سرياً دون أن يسوّغوا لانفسهم التقاعس عن هذا الواجب التمهيدي تذرّعاً بصعوبة الظروف.

وعلي ضوء ماتقدم يتضح أن الانتظار الحقيقي يتضمن حرکة بناء مستمرة واستعداد لظهور المنقذ المنتظر علي الصعيدين الفردي والاجتماعي مهما کانت الصعاب والتضحيات، يقول الإمام الخميني(قدس سره) في آخر بيان



[ صفحه 194]



أصدره بمناسبة النصف من شعبان قبل وفاته: «سلام عليه (المهدي الموعود) وسلام علي منتظريه الحقيقيين، سلام علي غيبته وظهوره، وسلام علي الذين يدرکون ظهوره علي نحو الحقيقة ويرتوون من کأس هدايته ومعرفته سلام علي الشعب الايراني العظيم الذي يمهد لظهوره بالتضحيات والفداء والشهادة...» [1] .


پاورقي

[1] صحيفة نور: 21.