زوال علل الغيبة


اضافة الي هذه العلامات التي نصت عليها الأحاديث الشريفة؛ فإنّ المستفاد من الأحاديث الشريفة أن من العلائم المهمة لظهور الإمام المهديـ عجل الله فرجهـ؛ زوال العلل والعوامل التي أدت الي غيبته وتوفر الأوضاع المناسبة لقيامه ـ سلام الله عليهـ بمهمته الإصلاحية الکبري [1] ، والتي منها:

1 ـ اکتمال عملية التمحيص والغربلة للمؤمنين وتوفر العدد اللازم من الأنصار الأوفياء بمختلف مراتبهم التي أشرنا اليها ضمن الحديث عن علل



[ صفحه 204]



الغيبة؛ اي المرتبة العليا من الأنصار الذين يتحلون بالکفاءات القيادية اللازمة لمعاونته في اقامة الحکومة الاسلامية العالمية العادلة وإدارة شؤونها وقبل ذلک إدارة حرکة الصراع ضد الکفر والشرک والعبوديات الطاغوتية ودحرها وإزالتها بالکامل.

ولعل أفراد هذه المرتبة هم الذين ذکرت الأحاديث الشريفة بأنّ عددهم (313) کعدة أهل بدر وذکرت لهم صفات عالية من الإيمان ومعرفة الله حق معرفته، ومن شدة التعبد لله والإخلاص له فهم «رهبان الليل»، ومن الشجاعة والکفاءة الجهادية العالية فهم «اُسد النهار» الذين لا يخافون في الله لومة لائم، ومن الکفاءة العلمية العالية والإحاطة بعلوم الشريعة فهم «الفقهاء والقضاة»، ومن الکفاءة الإدارية الفائقة فهم «الولاة العدول» [2] وغير ذلک من الصفات السامية الأخري التي يُستفاد منها أنهم يمثلون جهاز الإمام القيادي والإداري عند ظهوره قبل إقامة دولته العالمية العادلة وبعدها.

2 ـ منها توفر القواعد الإسلامية العريضة المستعدة للتفاعل الإيجابي مع أهداف الثورة المهدوية الکبري وإن تباينت درجاتها في تقديم النصرة العملية [3] .

والذي يوجِد هذه الحالة هو اتضاح حقيقة وأحقية منهج أهل البيت النبوي الذي يمثله المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ، واتضاح زيف



[ صفحه 205]



الشبهات المثارة علي مدي التأريخ الإسلامي ضد هذا المنهج، واتضاح أنه هو المنهج الذي يمثل الإسلام المحمدي الأصيل.

وقد أشارت الأحاديث الشريفة الي ذلک ضمن حديثها عن الحرکة الموطئة للثورة المهدوية ودورها في عرض الصورة النقية لمذهب أهل البيت وعلومه الإسلامية النقية علي الصعيد الإسلامي والعالمي، وبالتالي عرض الصورة الأصيلة للإسلام [4] .

ودور هذه الحرکة التمهيدية التي نصّت الأحاديث الشريفة علي انطلاقها قبيل الظهور المهدوي في عرض الصورة النقية للإسلام يوجِد حالة التطلع للإسلام کبديل حضاري لإنقاذ البشرية والإقبال عليه خارج دائرة العالم الإسلامي ـ کما هو المشهود حالياً في بوادره علي الأقل ـ الأمر الذي يفتح أبواب التفاعل الإيجابي مع الثورة المهدوية الکبري بين الشعوب غير الإسلامية أيضاً خاصةً وأنها جربت المدارس والتيارات الفکرية والسياسية الاُخري وعايشت عملياً فشلها في تحقيق السعادة المنشودة للبشرية بل وجلبها للبشريّة الکثير من الأزمات المادية والمعنوية التي تعتصرها حالياً، الأمر الذي جعلها تتطلع الي بديل منقذ خارج المدارس والتيارات التي عرفتها، والي هذه الحالة أشارت الأحاديث الشريفة التي تحدثت عن أنّ الدولة المهدوية هي آخر الدول کما لاحظنا في الأحاديث الشريفة التي أوردناها في الفصل الخاص بعلل الغيبة وأسبابها.

3 ـ منها أيضاً توفر وسائل الاتصال المتطورة التي تتيح للجميع التعرف



[ صفحه 206]



علي الحقائق، وبالتالي السماح بوصول الحق الي الجميع واتضاح بطلان وزيف المدارس الاُخري، وأحقية الرسالة الإسلامية التي يحملها المهدي(عليه السلام) وبالتالي تبنّي أشخاص للتيار الإسلامي وأهدافه التي يبشر بها المهدي الموعود بعد أن کانوا ينتمون تأريخياً الي المدارس الاُخري، أي الانتقال عملياً الي صفوف أنصاره(عليه السلام)، کما تشير الي ذلک الأحاديث الشريفة المعللة للغيبة بإخراج «ودائع الله» المؤمنين من أصلاب الکافرين.



[ صفحه 207]




پاورقي

[1] تُراجع نصوص الأحاديث الشريفة التي أوردناها في الحديث عن علل الغيبة الکبري.

[2] عقد الدرر: 123 إثبات الهداة: 494، 518، الملاحم والفتن لابن حماد: 95، دلائل الإمامة للطبري الإمامي: 248 ـ 249، حلية الأولياء: 6 / 123، مستدرک الحاکم: 4/ 554 ينابيع المودة: 512، کمال الدين: 673، اختصاص الشيخ المفيد: 26، والأحاديث في مدح أصحاب المهدي وأنصاره کثيرة.

[3] راجع توضيحات السيد الشهيد محمد الصدر(رحمه الله) لهذه المراتب من القواعد المؤيدة في تأريخ الغيبة الکبري: 247 ومابعدها.

[4] بحار الأنوار: 60/ 213، عن تاريخ قم للحسن بن محمد القمي (ق 3) ح 22 و 23 وعنه في منتخب الأثر: 263 و 443.