سيرته المالية


يعيد المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام «التسوية في العطاء» [1] الذي کان سائداً علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وآله) ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام علي(عليه السلام) إبان خلافته بنظام التسوية في العطاء وتابعه علي ذلک ابنه الحسن(عليه السلام) في شهور خلافته القليلة لکنه قد غاب بالکامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من عطاء شرعي الي رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم علي الباطل أو يشترون به سکوت البعض عن الحق.

والمهدي المنتظر(عليه السلام) يجعل بيت المال قسمة مشترکة بين المسلمين دونما تفاضل أو تمييز، فالجميع متساوون في الانتفاع من النعم الإلهية والخدمات المستثمرة من الأموال العامة، تطبيقاً لأحد أبعاد العدالة المحمدية المکلّف باقرارها. وتصرح الأحاديث الشريفة بأنه ينهي الحالة الإقطاعية



[ صفحه 227]



حسب النص القائل: «إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع» [2] ، والمقصود بها الأراضي الزراعية أو غيرها من الثروات والمنافع التي يعطيها الحکام للمقرّبين منهم وقد راجت هذه الظاهرة بعد وفاة رسول الله(صلي الله عليه وآله) وخاصة في عهد الخليفة الثالث وفي العصر الأموي بشکل خاص.

وتتحدث الکثير من الأحاديث عن کثرة عطائه(عليه السلام) وتعتبرها علامة مميزة له فهو: «يحثو المال حثواً» [3] عندما يُعطي من سأله، وهذا وإن کان يشير الي کرمه وکثرة الخيرات والبرکات في عصره إلاّ أنها تفصح عن نقطة مهمة أخري في سيرته الاقتصادية(عليه السلام) وهي سيرة إغناء الناس بما يکفيهم ويغنيهم ويجعلهم في رفاهيّة من العيش بحيث يتفرّغوا الي الطاعات والعبادة والعمل الإصلاحي الفردي والاجتماعي.

وعليه يتضح أن سيرته في المجال المالي ترتبط بمهمته الإصلاحية وإقامة المجتمع التوحيدي الخالص في تعبده لله تبارک وتعالي فالمراد منها توفير متطلبات ذلک وإزالة العقبات الصادة عنه.


پاورقي

[1] مسند أحمد: 3 / 37، ملاحم ابن المنادي: 42، ميزان الاعتدال: 3/ 97.

[2] قرب الإسناد للحميري: 39.

[3] مسند أحمد: 3 / 80.