الامام المهدي المنتظر في سطور


إنّ قضية الإمام المهدي المنتظر الذي بشّر به الإسلام وبشّرت به الأديان من قبل، قضية انسانية قبل أن تکون دينية أو إسلامية؛ فإنها تعبير دقيق عن ضرورة تحقق الطموح الإنساني بشکله التام.

وقد تميّز مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بالاعتقاد بالإمامة محمّد بن الحسن المهدي(عليه السلام) الذي ولد في سنة 255 هـ، واستلم زمام الأمر وتصدي لمسؤولياته القيادية سنة 260 هـ. وهو الآن حي يرزق يقوم بمهامّه الرسالية من خلال متابعته الأحداث فهو يعاصر التطورات ويرقب الظروف التي لابد من تحققها کي يظهر الي العالم الإنساني بعد أن تستنفذ الحضارات الجاهلية کل ما لديها من قدرات وطاقات، وتتفتح البشرية بعقولها وقلوبها لتلقّي الهدي الإلهي من خلال قائد ربّاني قادر علي قيادة العالم أجمع، کما يريده الله له.

وهذا الإمام الثاني عشر هو من أهل البيت الذين نصّ الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله) علي إمامتهم وبشّر بهم وبمستقبلهم اُمته. وقد تحقّقت ولادته في ظروف حرجة جداً لم تکن لتسمح بالاعلان العام عن ولادته، ولکنّ أباه الإمام الحسن العسکري(عليه السلام) وعدّة من أهل بيته وأقربائه کحکيمة ونسيم وغيرهما قد شهدوا ولادته وأعلنوا فرحهم وسرورهم بذلک. وأطلع شيعته



[ صفحه 18]



واتباعه علي ولادته وحياته وأنه إمامهم الثاني عشر الذي بشّر به خاتم الرسل(صلي الله عليه وآله) وتبعه نشاط الإمام المهدي(عليه السلام) نفسه طيلة خمس سنوات من أجوبة المسائل والحضور في الأماکن الخاصة التي کان يؤمن فيها عليه من ملاحقة السلطة، وبعد استشهاد أبيه، أقام الأدلّة القاطعة علي وجوده حتي استطاع أن يبدّد الشکوک حول ولادته ووجوده وإمامته ويمسک بزمام الاُمور ويقوم بالمهام الکبري وهو في مرحلة الغيبة الصغري کل ذلک في خفاء من عيون الحکّام وعمّالهم.

واستمرّ بالقيام بمهامّه القيادية في مرحلة الغيبة الکبري بعد تمهيد کاف لها وتعيينه لمجموعة الوظائف والمهام القيادية للعلماء بالله، الاُمناء علي حلاله وحرامه ليکونوا نوّابه علي طول خط الغيبة الکبري وليقوموا بمهام المرجعية الدينية في کل الظروف التي ترافق هذه المرحلة حتي تتوفر له مقدّمات الظهور للاصلاح الشامل الذي وعد الله به الاُمم.

لقد بدأت غيبته الکبري سنة (329 هـ) و لازالت هذه الغيبة مستمرة حتّي عصرنا هذا.

وقد مارس الإمام محمد بن الحسن المهدي(عليه السلام) خلال مرحلة الغيبة الصغري نشاطاً مکثّفاً وهو مستتر عن عامّة أتباعه لتثبيت موقعه کإمام مفترض الطاعة، وأنه الذي ينبغي للاُمة أن تنتظر خروجه وقيامه حين تتوفّر الظروف الملائمة لثورته العالمية الشاملة.

وقد واصل الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) ارتباطه بأتباعه من خلال نوّابه الأربعة خلال مرحلة الغيبة الصغري، غير أنها انتهت قبل أن تکتشف السلطة محل تواجد الامام ونشاطه، وانقطعت الاُمة عن الارتباط بوکلائه عند اعلانه انتهاء الغيبة الصغري، وبقي يمارس مهامّه القيادية وينفع الاُمة کما تنتفع



[ صفحه 19]



بالشمس إذا ظللها السحاب.

وقد ترک الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) للاُمة الإسلامية خلال مرحلة الغيبة الصغري، تراثاً غنياً لا يمکن التغافل عنه.

وهو لا يزال يمارس ما يمکنه من مهامه القيادية خلال مرحلة الغيبة الکبري. وهو ينتظر مع سائر المنتظرين اليوم الذي يسمح له الله سبحانه فيه أن يخرج ويقوم بکل استعداداته وطاقاته التي أعدّها وهيّأها الله له ليملأ الأرض عدلاً بعد أن تُملأ ظلماً وجوراً. وذلک بعد أن تتهيّأ کل الظروف الموضوعية اللازمة من حيث العدد والعدّة، وسائر الظروف العالمية التي ستمهّد لخروجه وظهوره کقائد ربّاني عالمي، وتفجير ثورته الإسلامية الکبري، وتحقيق أهداف الدين الحق وذلک حين ظهوره علي الدين کلّه ولو کره المشرکون.



[ صفحه 21]