استجماع تجارب الأمم السابقة


إن الحکمة الإلهية في تدبير شؤون خلقه تبارک وتعالي اقتضت غيبة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ للحکمةِ نفسها التي اقتضت غيبات الأنبياء في الاُمم السابقة، لأن ما جري في هذه الاُمم مجتمعة يجري علي الاُمة الاسلامية صاحبة الشريعة الخاتمة. فمثلما اقتضي تحقيق أهداف الرسالات السماوية غيبة بعض أنبيائها بدليل عدم استعداد الاُمم السابقة لتحقق هذه الأهداف، کذلک الحال مع الأمة الإسلامية فإن تحقق أهداف شريعتها الخاتمة اقتضي غيبة خاتم أوصيائها الإمام المهدي(عليه السلام) حتي تتأهل بشکل کامل لتحقق هذه الأهداف، وواضح أن هذا السبب مجمل بل إنه يشکل الإطار العام لعلل الغيبة التي تذکرها الطوائف الأخري من الأحاديث الشريفة.

والملاحظ في هذه الطائفة من الأحاديث أنّها تعتبر أمر الغيبة من الأسرار الإلهية التي لا تتضح إلاّ بعد انتهاء الغيبة وظهور الإمام والتي لم يُؤذن بکشفها قبل ذلک، الأمر الذي يشير الي أن ما تذکره الأحاديث الشريفة لا يمثل کل العلل الموجبة للغيبة بل بعضها وثمة علل أخري ليس من الصالح کشفها قبل الظهور ـ للجميع علي الأقل ـ، ولکن الإيمان بها فرع الإيمان بحکمة الله تبارک وتعالي وأنه الحکيم الذي لا يفعل إلاّ ما فيه صلاح عباده.



[ صفحه 168]