الأمر بالتقية في عصر الغيبة الکبري


و هذا المضمون مما اقتصرت عليه أخبار الامامية، دون غيرهم. فقد أخرج الصدوق في اکمال الدين [1] و الشيخ الحر في وسائل الشيعة [2] و الطبرسي في اعلام الوري [3] عن الامام الرضا عليه السلام، انه قال: لا دين لمن لا ورع له، و لا ايمان لمن لا تقية له. و ان أکرمکم عند الله أعلمکم بالتقية قيل: يا ابن رسو لالله، الي متي؟. قال: الي قيام القائم، فمن ترک التقية قبل خروج قائمنا، فليس منا..

الحديث.

و في الوسائل [4] عن معمر بن قلاد، قال: سألت أبا الحسن (ع) عن القيام للولاة. فقال: قال أبو جعفر (ع).

التقية ديني و دين آبائي، و لا ايمان لمن لا تقية له.

و عن أبي عمر الأعجمي قال: قال أبو عبدالله (ع): يا أبا عمر، أن تسعة أعشار الدين في التقية، و لا دين لمن لا تقية له.

و عن أبي عبدالله أنه قال: کان أبي يقول: و أي شي ء أقر لعيني من التقية؟ ان التقية جنة المؤمن!.

و من طرائف ما ورد في التفسير [5] ما روي عن جابر عن أبي عبدالله (ع). قال: أجعل بيننا و بينهم سدا، فما استطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا. قال هو التقية.

و عن المفضل [6] قال سألت الصادق (ع) عن قوله تعالي: أجعل بينکم و بينهم ردما. قال: التقية. فما استطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا. قال: اذا عملت بالتقية لم يقدروا لک علي حيلة، و هو الحصن الحصين. و صار بينک و بين



[ صفحه 353]



أعداء الله سد لا يستطيعون له نقبا. قال: و سألته عن قوله: فاذا جاء وعد ربي جعله دکا. قال: رفع التقية عند الکشف، فانتقم من أعداء الله. أقول: المراد بالکشف ظهور المهدي (ع) في اليوم الموعود.

الي غير ذلک من الأخبار، و هي من الکثرة الي حد الاستفاضة بل التواتر. و مدلولها الاسلامي الصحيح أمران مستشرفان:

الأمر الأول:

المحافظة علي النفس من الأضرار التي لا مبرر لتحملها شرعا... ابتداء بالقتل و انتهاء بما دونه. لا حرصا علي الحياة، بل لأجل الحفاظ علي المعتقدين بالحق الواقعي من المسلمين. و الحد من نقصان عددهم بالقتل الذي قد يقع عليهم من قبل المنحرفين الظالمين.. لو واصلوا الأعمال المثيرة لهم و أعلنوا الجهاد ضدهم.

الأمر الثاني:

اخفاء الأعمال الاجتماعية الصالحة، التي يکون في کشفها نقصان لنتائجها أو اجتثاث لجذورها.

و عن هذا الطريق استطاع الأئمة المعصومون عليهم السلام أن يسندوا الثورات الحاصلة في عصرهم و الداعية الي الرضا من آل محمد (ص).. من دون أن يدعوا أي مجال للاخرين للاطلاع علي مستندات هذا الاسناد. کما أشرنا الي ذلک في التاريخ السابق.

و کلا هذين الأمرين منطلق من منطق عقلائي عام. و هو واضح لدي کل من يعمل عملا سياسيا أو عقائديا، أو غيره. أما الأر الأول فباعتبار وضوح أن الفرد - مهما کانت عقيدته و عمله - ليس علي استعداد أن يضحي بحياته أو بأمنه بلا موجب. أو بموجب ضئيل لايستحق التضحية. و أما الأمر الثاني: فباعتبار وضوح قيام العقائد في العصر الحديث علي الحياة الحزبية، التي يغلب عليها طابع السرية و التکتم. طبقا لما قلناه من أن کشف حقائقها و تفاصيلها قد يکون سببا لنقصان نتائجها أو اجتثاث جذورها.

و من ثم يکون عدم الأخذ بالتقية، موديا - علي اقل تقدير - الي بطء وجود العدد الکافي من المخلصين الممحصين، الذين يشکل وجودهم أحد شرائط



[ صفحه 354]



الأساسية للظهور، ليتکفلوا مسؤولية نشر القسط العدل في العالم تحت قيادة المهدي (ع). فان من يقوم بالجهاد - عادة - في کل عصر، ليس الا النخبة من المخلصين الذين يؤمل فيهم وصول التمحيص الي نتائجه النهائية الصالحة. فالا لم يکن الأمر بالتقية موجودا، لوجبت المبادرة الي الجهاد، و کان أول المطيعين لهذا الوجوب و المطبقين له، هم المخلصون في کل عصر، و معه، يتسبب الجهاد الي استثصالهم أو أکثرهم، مما يؤدي الي بطء وجود شرط الظهور أو تعذره، فيمتنع تحقق الغرض الالهي الکبير في هداية العالم.

و لا داعي للاستعجال بالجهاد، فانه مضافا الي عدم تأثيره العاجل بالنحو المطلوب،يکون معيقا عن اصلاح العالم في اليوم الموعود. و اذا دار الأمرين بين الجهاد المستعجل في جزء من العالم و بين الجهاد المؤجل في کل العالم.. يکون الثاني هو النافذ طبقا للتخطيط الالهي، باعتباره منسجما مع الهدف الأسمي من خلق البشرية، الذي عرفناه.

فان قال قائل: اذا جاهد البعض يبقي البعض الاخر من المخلصين، مذخورا لتحقيق شرط الظهور.

قلنا له: لو لم يکن الأمر بالتقية موجودا، و کان الأمر بالجهاد نافذا، لوجب الجهاد علي کل المسلمين... و لکان ترکه عصيانا منافيا للاخلاص، فيجب علي کل المخلصين في العالم التصدي له و القيام به، فيودي ذلک - تدريجا - الي استثصالهم جميعا في کل جيل. لما عرفناه من کونهم قلة بازاء الکثرة الکاثرة من المنحرفين و الکافرين. فينتج تعذر وجود شرط الظهور.

اذن، فالمفهوم الواعي الصحيح للتقية، و هو بعينه المفهوم الصحيح الذي استخلصناه من الأمر بالعزلة و کف اللسان الذي استفاضت به أخبار المصادر العامة. و ليس أمرا زائدا و لا جديدا بالنسبة اليه ليکون مثارا للاستنکار و الاستغراب من قبل العامة و أهل السنة. فان الأمر بالعزلة و کف اللسان، مع جعله منسجما مع القواعد العامة،يکون موديا الي عين النتيجة التي يوديها الأمر بالتقية، و هو الحفاظ علي المخلصين، لتحقيق شرط الظهور... الحفاظ عليهم عقائديا و حياتيا.



[ صفحه 355]



فان قال قائل: ان أهل السنة و الجماعة، لا يومنون بغيبد المهدي (ع)، فکيف يومنون بشرط الظهور؟.

قلنا: ان شرط الظهور، انما خطط الله تعالي لوجوده، باعتبار استهداف نشر القسط و العدل في العالم في اليوم الموعود. سواء کان القائد المهدي (ع) غائبا قبل ظهوره أو لم يکن. و تکون فکرة شرط الظهور، من الزاوية غير الامامية لفهم المهدي،أن الله تعالي قد خطط لليوم الموعود، قبل ولادة المهدي (ع). ثم انه عز وجل سوف يوجد المهدي (ع) عند علمه بنجاز الشرائط المطلوبة. اذن فبقاء المخلصين ذخرا، أمر صحيح من کلتا الزوايتين الامامية و غيرها، لفهم المهدي (ع).

بل أننا لو تأملنا قليلا، لوجدنا أن القعود و العزلة و کف اللسان، مساوق مع التقية، من الناحية العملية علي طول الخط. فانه لايراد من التقية، الا اتقاء شر الأشرار و تجنب اثارتهم ضد المخلصين و ما قد يقومون به من أعمال. اذن فالتقية لا تتحقق الا بالقعود عن المجابهة وکف اللسان عن المنحرفين. کما أن القعود و کف اللسان محقق للتقية... اذن فقد اتفقت أخبار العامة و الخاصة علي شي ء واحد، أو متشابه.

و من هذا الذي قلناه، نفهم عدة أمور:

الأمر الأول:

أن العمل الاسلامي الاجتماعي، لکي يکون مواکبا مع التخطيط الالهي، يجب أن يتحدد بحدود التعاليم الاسلامية.. بدون أن يزيد عليها أو ينقص عنها. و يمثل کل من الزيادة و النقصان انحرافا عن الشريعة الاسلامية.

أما الزيادة، بمعني ايجاد العمل الاجتماعي في موارد عدم وجوبه أو عند النهي عنه.. فباعتبار کونه موجبا لاستئصال المخلصين، و معيقا عن ايجاد شرط الظهور، کما عرفنا. و أما النقصان: بمعني ترک العمل مع الأمر به في الشريعة، فباعتبار کونه عصيانا و انحرافا.

و من ثم يبدو بوضوح: ان الاحتجاج باخبار التقية و غيرها مما سبق، لاهمال



[ صفحه 356]



العمل الاجتماعي الاسلامي، و ترکه في موارد وجوبه... حجة باطلة، و وجه غير وجيه. حيث عرفنا أن هذه الاخبار، و ان کانت ذات مدلول واسع بطبيعته، الا أنها مقيدة لا محالة، بقيد موارد وجوب العمل مع اجتماع شرائطه التي عرفناها. اذ مع وجوبه، تکون التقية و العزلة و کف اللسان عصيانا و انحرافا.

الأمر الثاني:

أن الأمر بالتقية و ترک العمل الاسلامي، بالشکل الذي فهمناه... خاص بعصرالغيبة، أو بعصر ما قبل الظهور. لما عرفناه من کونه دخيلا في تحقيق شرط الظهور. و قد حدد في الخبر السابق عن الامام الرضا (ع) بذلک، حيث قال: الي قيام القائم، فمن ترک التقية، قبل خروج قائمنا فليس منا.

و أما في عصر ما بعد الظهور، فمن المعلوم لدي کان من يومن بالمهدي و باليوم الموعود من المسلمين، بل من سائر الأديان، أن تطبيق العدل في العالم، لا يکون الا باستعمال السلاح و الجهاد و ترک مجاملة الکافرين و المنحرفين. و يکون حکم التقية و کف اللسان مرتفعا. و من هنا سمعنا المهدي (ع) نفسه، خلال عصر غيبته الصغري يقول - فيمها روي عنه -: و الله مولاکم أظهر التقية، فوکلها بي. فانا في التقية الي يوم يوذن لي بالخروج. [7] .

و من هنا أيضا عبر في بعض الأخبار عن العصر السابق علي الظهور، بعصر الهدنة... کالذي روي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: سمعته يقول: و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنکر، أواجب هو علي الأمة جميعا؟ فقال: لا. فقيل له: و لم؟ قال: انما هو علي القوي المطاع العالم بالمعروف من المنکر. الي أن قال: و ليس علي من يعلم ذلک في الهدنة من حرج، اذا کان لا قوة له و لا عدد و لا طاعة. [8] .

و في خبر آخر: عن حبيب بن بشير عنه عليه السلام، قال: سمعت أبي



[ صفحه 357]



يقول: لا و الله، ما علي وجه الأرض شي ء أحب الي من التقية... الي أن يقول: يا حبيب، ان الناس انما هم في هدنة... الخبر. [9] .

و سترتفع هذه الهدنة، مع الکافرين و المنحرفين، مع بزوغ فجر الظهور. و يکون بينهم و بين الايمان بالحق، حد السيف و وقع السلاح، و مناجزة القتال. و سنسمع تفاصيل ذلک في التاريخ القادم ان شاء الله تعالي.

الأمر الثالث:

ان ما يعتقده الکثيرون من الامامية و غيرهم، من اختصاص حکم التقية، في اتقائهم أهل المذاهب الاسلامية الأخري... باطل غاية البطلان. بل الحکم مشترک بين سائر المسلمين، في اتقاء بعضهم شر بعض، و في اتقائهم من غير المسلمين، عند عدم وجوب العمل. فان المحافظة علي المخلصين تکون بترک التعرض للقتال، علي کلا المستويين، کما هو معلوم. بل أن القتال بين المسلمين لاعظم شرا و أفدح أثرا من القتال مع غيرهم. و حسبنا منه أن نفهم أن وقوعه بين المسلمين، يصدع جمعهم و يشتت شملهم و يطمع بهم عدوهم و يسهل دخول المستعمر الي بلادهم، کما حدث بالفعل خلال القرون المتأخرة.

فان قال قائل: اذن فلماذا ورد الأمر بالتقية في أخبار الامامية دون غيرهم. قلنا: ان المضمون الواعي الصحيح متحصل من أخبار کلا الفريقين. و انما هو اختلاف في الاصطلاح، فقد اصطلح عليه کل فريق باسم مستقل، فسمي في اخبار الامامية بالتقيد، و سمي في مصادر اهل السنة بالعزلة. اذن فلم يختص الامامية برواية المضمون، و ان اختصوا بالاصطلاح.

فان قال قائل: ان بعض الأخبار طبقت وجوب التقية، علي اتقاء الامامية من غيرهم من المسلمين. و هو يدل علي اختصاص هذا الحکم بخصوص هذا المورد، و يکون قرينة علي أن المراد من کل أخبار التقية هو ذلک؟.

قلنا له: صحيح: ان هذا التطبيق موجود في أخبار الامامية و وارد عن الأئمة عليهم السلام. ولکنه من باب تطبيق الکم العام علي بعض موارده... باعتبار



[ صفحه 358]



اقتضاء المصلحة له في عصر الائمة عليهم السلام. لأجل ما کانت تعيشه قواعدهم الشعبية من اضطهاد و تعسف من قبل الحکام في ذلک الحين. فکان الائمة (ع)، لأجل أن يضمنوا من أصحابهم عدم التسرع و التطرف في رد الفعل تجاه ذلک، مما قد يسبب الوصول الي نتائج و خيمد هم في غني عنها... فکان الأئمة (ع)، لأجل أن يضمنوا من أصحابهم عدم التسرع و التطرف في رد الفعل تجاه ذلک، مما قد يسبب الوصول الي نتائج و خيمة هم في غني عنها... فکان الأئمة (ع) يذکرون حکم التقية مطبقا علي هذا المورد المشار اليه. و معه لاتکون هذه الأخبار قرينة علي الاختصاص.

و ان أوضح دليل، علي شمول حکم التقية لجميع المسلمين من ناحية، و ان الطرف المتقي منه قد يکون من غير المسلمين أيضا، من ناحية أخري... قوله عز من قائل: (لا يتخذ المومنون الکافرين أولياء من دون المومنين. و من يفعل ذلک فليس من الله في شي ء، الا أن تتقوا منهم تقاة). [10] حيث دلت علي جواز تقيد المسلمين من الکافرين. و قصة عمار بن ياسر رضوان الله عليه؛ مع المشرکين في ذلک معروفة مشهورة، و انما کانوا يحملونه علي البراءة من الاسلام، لا من مذهب معين!!. هذا، و شمول الکم القرآني، لجميع المسلمين، يعتبر من ضروريات الدين.

الأمر الرابع:

في فهم أخبرا التقية، بمفرداتها وتفاصيلها. علي ضوء ما أسلفناه من الفهم العام. و يکون ذلک ضمن فقرات:

الفقرة الأولي:

«ان التقية جنة المومن» بمعني أنها تستره و تحرسه. و المجن هو الترس الذي يجن صاحبه.

قال عزوجل: اتخذوا ايمانهم جنة. و في الحديث: الصوم جنة. [11] و کله من الحماية و الحراسة من الشر باعتبار اللجو ء والتستر تحت السبب الموجب للحماية، و هو الترس أو الايمان أو الصوم.

و من المعلوم ما للتقية في موارد جوازها أو وجوبها، من أثر بالغ في حماية الفرد



[ صفحه 359]



عن کيد الأعداء، و انحراف المنحرفين، في العقيدة و الحياة و العمل. و ليس علي الفرد - في سبيل نيل ذلک - الا أن يسکت عن القول و العمل الذي لا يکون مشروعا في الاسلام. و من هنا قال الصادق (ع)، فيما سمعناه من الرواية، في تشبيه التقية بالسد الذي بناه ذو القرنين، قال: اذا عملت بالتقية لم يقدروا لک عي حيلة. و هو الحصن الحصين. و صار بينک و بين اعداء الله سد لا يستطيعون له نقبا.. لان الفرد اذا اتقاهم لم يستطيعوا أن يجدوا ضده مستمسکا أو ذريعة لا نزال الشر عليه.

الفقرة الثانية:

«ان من لا تقية له لا دين له» أو لا ايمان له. و ان «تسعة أعشار الدين في التقية».

و هذا واضح المقصود بعد الذي عرفناه، من استلزم ترک التقية استئصال المخلصين، من دون مبرر شرعي فاي دين يمکن أن يبقي لتارک التقية بعد ذلک؟!.

و ذلک: أننا لم نفهم من التقية، فيما سبق، الا ترک المقدار غير المشروع من الجهاد و الأمر بالمعروف مما يؤدي الي ايقاع الخطر الکبير علي المخلصين. و ليس لأدلة التقية مودي أکثر من ذلک. اذن فتر التقية يعني ارتکاب العمل غير المشروع. فاذا کان هذا العمل موجبا لهلاک بعض المخلصين، کان محرما، بل من أشد المحرمات في الشريعة، فيکون فاعله، بعيدا عن الدين و الايمان کل البعد.

کما نطقت به الروايات.

و هذا واضح علي مستوي سائر الاخيار، سواء منها الواردة عن طريق العامة، أو الواردة عن طريق الخاصة، بعد اعطاء الفهم الموحد السابق لها الذي سمعناه.

الفقرة الثالثة:

قول الامام الرضا (ع) - في الرواية -: ان أکرمکم عند الله أعملکم بالتقية.

فقد فسر عليه السلام قوله تعالي: أتقاکم. بمعني أعملکم بالتقية و أشدکم تمسکا بها.

و هذا أيضا مما لا غبار عليه، بعد الذي عرفناه،و ما دلت عليه اللغة من أن



[ صفحه 360]



اتقاه بمعني حذره و خافه و تجنبه، أي وقي نفسه و حماها عن شره. و من هنا کان المتجنب عن عذاب الله تعالي متقيا، و العمل المودي الي النجاة منه تقوي. و کذلک المتنجنب من شر الأشرار و کيد المنحرفين يکون متقيا، و الفعل المودي الي النجاة منه «تقية».

و من هنا، يمکن أن نفهم من الاية، الشمول لکلا المعنيين... بعد أن وافقت اللغة علي ذلک. فيکون المراد: ان أکرمکم عند الله أتقاکم من الله و من الناس. و تفسير الامام الرضا (ع) لها بأحد القسمين، و هو اتقاء شر الناس، لا يعني اختصاصها به، ليکون أمرا مستغربا. و انما ذکر أحد القسمين لمصلحة اقتضت ذلک، کمصلحة التوضيح باعتباره معني خفيا.. مع ابقاء القسم الاخر علي فهم السامع و حکم اللغة.. و هو تقوي الله تعالي.

لکن لا يخفي أن المتقي للناس، العامل بالتقية، انما يکون کريما عند الله عز و جل، فيما اذا کانت التقية واجبة أو جائزة شرعا. اذ تکون تقية الناس من تقوي الله عز و جل: و أما في موارد حرمتها، و هي موارد وجوب العمل الاسلامي العام، فالتقية، تکون معصية مبعدة عن الله عزوجل، منافية مع التقوي، بکل تأکيد.


پاورقي

[1] أنظر المصدر المخطوط.

[2] ج 2، ص 545.

[3] ص 408.

[4] أنظر الأخبار، الثلاثة الاتية في الوسائل، ج 2، ص 544.

[5] المصدر السابق، ص 545.

[6] المصدر السابق، ص 545.

[7] انظر تاريخ الغيبة الصغري، ص 583، و غيبة الشيخ الطوسي، ص 161.

[8] وسائل الشيعة، ج 2، ص 534.

[9] المصدر السابق، ص 544.

[10] آل عمران: 28:3.

[11] مفردات الراغب الاصبهاني، ص 98.