في مناقشة بعض الأسئلة و الاشکالات التي قد ترد علي علامات الظ


في مناقشة بعض الأسئلة و الاشکالات التي قد ترد علي علامات الظهور:

الاشکال الأول:

ان بعض العلامات المذکورة في الأخبار متضمنة للمعجزات و خوارق الطبيعة... و هي مما لا يمکن حدوثها، و معه لابد من الاقتصار علي ما يقع بشکل طبيعي من العلامات.

و الجواب عن ذلک: ان قانون المعجزات هو الحکم الفصل في ذلک، و قد سبق أن لخصنا مضمونه. و بتطبيقه علي العلامات نعرف أن کل علامة کانت واردة



[ صفحه 445]



بشکل منحصر في مقام اقامة الحجة من قبل الله تعالي علي البشر، فهي ممکنة الوقوع بل ضرورية لا محالة... و مطابقة للقواعد العامة المبرهن علي صحتها في الاسلام.

و ان لم تکن العلامة المنقولة واقعة في هذا السبيل، لم تکن مطابقة للقاعدة و لزم رفض دليلها ما لم يکن قطعيا. و ليس في الاسلام دليل قطعي يدل علي ذلک.

و اذا تصفحنا العلامات، لم نجد منها ما هو قائم علي أساس اعجازي، غير بعض الحوادث الکونية السابقة علي الظهور، کالخسوف و الکسوف في غير أوانه و الصيحة... و سوف ياتي عند التعرض الي تفاصيل العلامات ما هو متفق منها مع قانون المعجزات، و ما هو مخالف.

الاشکال الثاني:

ان کل علامات الظهور تتضمن أخبارا بالمستقبل... فکيف يمکن أن نتأکد من صحتها، مع أنه لا يمکن للبشر الاطلاع علي المستقبل.

و الجواب علي ذلک: أنه لا يمکن الاخبار بالمستقبل الا عن طريق التعليم من قبل علام الغيوب جل شانه، أما بالوحي أو بما يمت اليه بصلة بواسطة أو بوسائط، کما کانت عليه صفة النبي (ص)و الائمة المعصومين من بعده، علي ما هو الثابت في عقيدة الاسلام. و أما المناقشة في ذلک، فهي تحتاج في جوابها الي الاستدلال من جديدعلي أصل العقيدة، و هو مما لا مجال له في هذا التاريخ.

اذن، فما دام المعصوم (ع) عارفا بحودث المستقبل، أمکنه الاخبار بها بطبيعة الحال. و هناک من المصالح ما يدعو الي ذلک،و هي أن تکتسب العلامات کاشفيتها المطلوبة علي الظهور. فاننا قلنا بأن جملة منها يتوقف علي الاخبار به ووروده في الأخبار. و يکون في هذه الاخبارات مشارکة حقيقية في التخطيط الالهي لليوم الموعود.

و معه، فليس علينا الا أن ننظر الي ما وصلنا من هذه الأخبار، فان کانت اثباتا تاريخيا کافيا للعلامة المعينة، أمکن الأخذ به بطبيعة الحال. و الا لزم رفضه، لأنه غير کاف للاثبات، لالکونه موضعا للمناقشة في أساسه النظري.

[ صفحه 446]





[ صفحه 446]



الاشکال الثالث:

ان علامات الظهور، کما تکون منبهة للمخلصين الممحصين المويدين للمهدي (ع)، فتعدهم نفسيا لاستقباله و موازرته. کذلک تکون العلامات منبهة لأعداء المهدي (ع) الذين من المحتمل أن يعدوا العدة ضده. و خاصة اذا حدثت العلامات القريبة من الظهور، في يوم من الايام. فيکون هذا التنبيه ضد مصلحة اليوم الموعود، کما هو واضح. فکيف کان ذلک؟!.

و الجواب علي هذا الاشکال يتم علي عدة مستويات:

المستوي الأول:

أننا اذا لاحطنا ما عليه البشر اليوم، بل علي الخط التاريخي، وجدنا أن هذا الاشکال غير ذي موضوع بالنسبة الي أي فرد منهم.

أما منکرو اليوم الموعود و وجود المهدي أساسا، باعتبار الاتجاه المادي أو غيره. فهم بطبيعة الحال ينکرون علائم الظهور جملة و تفصيلا، و لا يعتبرون شيئا من الحوادث کاشفا عنه أو دالا عليه. و هم في نهاية الشوط لا يتوقعون الظهور لکي يستعدوا ضده بعدة أو عدد.

و أما المعترفون باليوم الموعود من أهل الأديان المختلفة، فليس عندهم علامات له و لم يلتفتوا الي أي تقديمات اليه أو کواشف عنه. و معه يکون حالهم في عدم توقع الظهور حال منکريه.

و مثلهم من هذه الجهة، المسلمون المنحرفون الذين ساروا علي أساس مادي أو مصلحي في انحرافاتهم، في عصر الفتن و الانحراف.

و لا يبقي - بعد ذلک - الا المسلمون المنحرفون الذين ساروا علي أساس مادي أو مصلحي في انحرافاتهم، في عصر الفتن و الانحراف.

و لا يبقي - بعد ذلک - الا المسلمون المخلصون الذين يعتقدون بالمهدي (ع) و ينتظرون ظهوره، و هم علي احاطة ذهنية کاملة بالعلامات، فهم الذين تلفتهم الحوادث الي يوم الظهور، و تعدهم نفسيا و ايمانيا و اجتماعيا لاستقباله و موازرته... بعد أن يکون التمحيص الالهي قد أثر أثره فيهم و أنتج نتيجته، علي أحد المستويات الأربعة السابقة.

المستوي الثاني:

ان هولاء المنحرفين أو الکافرين الذين يخشي من التفاتهم الي علائم



[ صفحه 447]



الظهور... لن يلتفتوا اليها، و ان عرفوا مجملا أن هناک أخبارا تدل علي ذلک.

و تعود غفلتهم عن ذلک الي عدة أسباب. أهمها ما يلي:

السبب الأولي:

ان الانحراف بنفسه يحمل الفرد علي التشاغل بما تقتضيه مصالحه و انحرافه... و يبتعد به عن الالتفات الي النقاط المنبهة الي الحق في الکون. و من هنا قد تمر بعض العلائم أو کلها و هو في غفلة عن هذا، قد جعل انحرافه من بين يديه سدا و من خلفه سدا عن ادراک الحق و التفاعل معه.

السبب الثاني:

أنهم بعيدون نفسيا و فکريا عن الفحص عن أخبار هذه العلامات في بطون الکتب و المصادر القديمة، و عن الفحص عن وجودها الکوني أو الاجتماعي حين تحققها. بعد أن کانت الحياة قد أخذت بتلابيبهم و استغرقت أوقاتهم وجهودهم.

السبب الثالث:

ان هولاء حتي لو صادف أن اطلعوا علي بعض الأخبار الناقلة لعلامات الظهور أو سمعوها علي الأفواه... فسوف لن يأخذوا منها محصلا واضحا أو دليلا موثوقا، بعد ما عرفنا من اکتنفاقها بالرمزية و سيرها طبقا لفهم الناس المعاصرين لعصر الصدور. مضافا الي تحقيق السند و تذليل سائر المشکلات التي يحتاج تذليلها الي فهم مترابط متکامل، و هو مما يفقده الأعم الأغلب من البشر.

و حيث لايفهم الفرد المراد، لم يستطع تطبيق العلامة الخبر عنها. علي هذه الخادثة أو تلک، بل يبقي مرددا لديه علي طول الخط... و تبقي العلامات مشتبهة التطبيق في نظره.

السبب الرابع:

ان هولاء لو صادف أن رأوا علامة من علائم الظهور، مهما کانت واضحة، کالکسوف و الخسوف في غير أوانه... فانهم سوف يفهمونها فهما ماديا «علميا»!! بحتا، فان لم يجدوا حاولوا أن يفکروا في ايجاده. فان لم يستطيعوا انتظروا أن يأتي العلم بجديد في هذا المضمار!!. و أمامنا الان محاولاتهم عن فهم وجود الحياة علي الأرض،و لم يصلوا الي الان الي نتيجة حاسمة، و لم يقنعوا بعد، باسنادها الي غير



[ صفحه 448]



المادة... مع أن صراحتها الميتافيزيقية أضعاف الصراحة في علامات الظهور.

المستوي الثالث:

أنه لو فرضنا أن أعداء المهدي (ع) ضبطوا علامات الظهور و رأوها عند تحققها و فهموا مغزاها، و استعدوا ضد المهدي (ع). فان الظهور، ليس أمرا أتوماتيکيا قهريا بعد حدوث العلامات مباشرة. بل هو أمر اختياري مخطط من قبل الله تعالي عزوجل. و معه فمن الممکن تأجيل الظهور و لو لعدة سنوات، حتي ينقطع الاستعداد. و لا يظهر المهدي (ع) الا علي حين غرة من أعدائه.

فان قال قائل: فکيف بالعلامات التي دل الدليل علي قربها من الظهور. فان تخلفه عنها و تأجيله بعدها، خلاف المفروض.

قلنا: يجاب علي ذلک بوجهين:

الوجه الأولي:

ان معني القرب من الظهور، ليس هو الفصل الزماني بعدة أيام فقط... و ما دل علي ذلک يمکن طرحه بالتشديد السندي الذي نمشي عليه،کما سيأتي في قتل النفس الزکية... بل القرب الزماني ما يکون مقابلا للتأخر لقرن أو عدة قرون... و معه تکون العشر أعوام و الاقل و الأکثر قريبا من الظهور. و من المعلوم أن الاستعداد العسکري لايبقي مرکزا طيلة هذه المدة.

الوجه الثاني:

ان الدلالات العديدة، علي ما سنذکر في التاريخ القادم، تدلنا علي حصول الظهور في وقت يصعب جدا علي أعداء المهدي (ع) مقابلته بالسلاح. و لو قابلوه فان ظروفهم الاجتماعية و الاقتصادية والطبيعية، توجب لهم الهزيمة لامحالة.

و معه فمن الممکن أن نفترض، أو لا بد لنا أن ندرک أن هذه العلامات القريبة من الظهور، لا تحدث الا في زمان يعجز أعداء المهدي (ع) عن مقابلته بالسلاح... و بعد أن تحدث يمکن أن يتبعها الظهور مباشرة... و هم لا يستطيعون المقاومة، و لو استطاعوا شيئا، فانهم سيفشلون حتما.

هذا، علي أن کل من يؤمن بالله تعالي و باليوم الموعود، يؤمن لامحالة بأن الله تعالي هو الضامن لتطبيق العدد المطلق في الأرض کلها في ذلک الحين، تطبيقا



[ صفحه 449]



لغرضه الأساسي من ايجاد البشرية. و اذا کان الله هو الضامن، فهو القادر علي تنفيذه علي کل حال، و لن يحول دونه حائل.