في ذکر من رآه


روي الصدوق باسناده عن محمد بن معاويه بن حکيم و محمد بن ايوب بن نوح و محمد بن عثمان العمري رضي الله عنهم، قالوا: عرض علينا ابو محمد الحسن بن علي صلوات الهل عليهما ابنه عليه السلام و نحن في منزله و کنا اربعيين رجلا، فقال: هذا امامکم من بعدي، و خليفتي عليکم اطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي، فتهلکوا في اديانکم، اما انکم لاترونه [1] بعد يومکم هذا، قالوا فخرجنا من عنده فما مضت الا ايام قلائل حتي مضي ابو محمد صلوات الله عليه [2] .

و باسناده عن يعقوب بن منقوش [3] ، قال: دخلت علي ابي محمد الحسن بن علي عليهماالسلام و هو جالس علي دکان [4] في الدار و عن يمينه بيت، عليه ستر مسبل، فقلت له: [يا] [5] سيدي، من صاحب هذا الامر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج الينا غلام خماسي له عشر او ثمان او نحخو ذلک، واضح الجبين، ابيض الوجه، دري [6] المقلتين، شثن الکفين [7] ، معطوف الرکبتين، في خده الايمن خال، و في راسه ذوابه، فجلس علي فخذ ابي محمد عليه السلام، فقال [8] : هذا هو صاحبکم، ثم وثب



[ صفحه 355]



فقال له: يا بني ادخل الي القت المعلوم، فدخل البيت و انا انظر اليه، ثم قال لي: يا يعقوب انظر الي من في البيت؟ فدخلت فما رايت احدا [9] .

و عن علي بن عبدالله الوراق عن سعد عن احمد بن اسحاق، قال: دخلت علي ابن محمد الحسن بن اسحاق، ان الله تبارک و تعالي لم يخل الارض منذ خلق آدم عليه السلام و لا تخلو الي يوم القيامه [10] من حجه لله علي خلقه [به] يدفع البلاء عن اهل الرض، و به ينزل الغيث، و به يخرج برکات الارض، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فمن الامام و الخليفه بعدک؟

فنهض عليه السلام [مسرعا] [11] فدخل البيت، ثم خرج و علي عاتقه غلام کان جهه القمر ليله البدر من ابناء ثلاث سنين، فقال: يا احمد بن اسحاق لولا کرامتک علي الله [عزوجل] و علي حججه ما عرضت عليک ابني هذا، انه سمي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و کنيه، الذي يملا الارض قسطا و عدلا کما ملئت جورا و ظلما.

يا احمد بن اسحاق: مثله في هذه الامه مثل الخضر عليه السلام، و مثله کمثل [12] ذي القرنين، و الله ليغيبن غيبه لا ينجو فيها من الهلکه الا من يثبته [13] الله عزوجل علي القول بامامته، و وفقه [فيها] للدعاء بتعجيل فرجه.

قال احمد بن اسحاق: فقلت له: يا مولاي هل من علامه يطمئن اليها قلبي؟ فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح، فقال: انا بقيه الله في ارضه، و المنتقم من اعدائه، فلا تطلب اثرا بعد عين يا احمد بن اسحاق، قال احمد بن اسحاق: فخرجت مسرورا فرحا.



[ صفحه 356]



فلما کان من الغد عدت اليه، فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما انعمت [14] [به] علي فما السنه الجاريه فيه من الخضر و ذي القرنين؟ فقال: طول الغيبه يا احمد، فقلت له: يا ابن رسول الله و ان غيبته لتطول؟ قال: اي و ربي حتي يرجع عن هذا الامر اکثر القائلين به، فلا يبقي الا من اخذ الله [عزوجل] عهده بولايتنا، و کتب في قلبه الايمان و ايده بروح منه.

يا احمد بن اسحاق: هذا امر من الله، و سر من سر الله، و غيب من غيب الله، فخذ ما اتيتهک و اکتمه، و کن من الشاکرين تکن معنا غدا في عليين. [15] .

روي الشيخ الطوسي عن احمد بن عبدون عن ابي الحسن الشجاعي عن ابي عبدالله محمد بن ابراهيم النعماني عن يوسف بن احمد الجعفري، قال: حججت سنه ست و ثلاثمائه و جاورت بمکه تلک السنه، و ما بعدها الي سنه تسع و ثلاثمائه، فم خرجت عنها منصرفا الي الشام.

فبينا انا في بعض الطريق و قد فاتتني صلاه الفجر فنزلت من المحمل و تهيات للصلاه، فرايت اربعه نفر في محمل، فوقفت اعجب منهم، فقال احدهم: مم تعجب؟ ترکت صلاتک و خالفت مذهبک، فقلت للذي يخاطبني: و ما علمک بمذهبي؟ فقال: تحب ان تري صاحب زمانک؟ قلت: نعم، فاوما الي احد الاربعه، بمذهبي؟ فقال: تحب ان تري صاحب زمانک؟ قلت: نعم، فاوما الي احد الاربعه، فقلت [له] [16] : ان له دلائل و علامات، فقال: ايما احب اليک ان تري الجمل و ما عليه صاعدا الي السماء؟ او تري المحمل صاعدا الي السماء؟ فقلت: ايهما کان فهي دلاله.

فرايت الجمل و ما عليه يرتفع الي السماء، و کان الرجل او ما الي رجل به سمره، و کان لونه الذهب، بين عينيه سجاده [17] .



[ صفحه 357]



عن القطب الراوندي قال: روي ان ابا محمد الدعلجي کان له ولدان، و کان من اخيار اصحابنا و کان قد سمع الاحاديث، و کان احد ولديه علي الطريقه المستقيمه، و هو ابو الحسن، کان يغسل الاموات، و ولد آخر يسلک مسالک الاحداث، في [فعل] [18] الاجرام [19] ، و دفع الي ابي محمد [الدعلجي] جچخ يجچ بها عن صاحب الزمان عليه السلام، و کان ذلک عاده الشيعه و قتئد -، فدفع شيئا منها الي ابنه المذکور بالفساد، و خرج الي الحج.

فلما عاد حکي انه کان واقفا بالموقف، فراي الي جانبه شائبا حسن الوجه، اسمراللون، بذوابتين، مقبلا علي شانه في الابتهال و الدعاء و التضرع و حسن العمل.

فلما قرب نفر الناس التفت الي، و قال: يا شيخ اما تستحيي؟! فقلت: من اي شي ء يا سيدي؟! قال: يدفع اليک حجه عمن تعلم، فتدفع منها الي فاسق يشرب الخمر، يوشک ان تذهب عينک هذه، و اوما الي عيني، و انا من ذلک الي الان علي وجل و مخافه، و سمع ابو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان ذلک، قال: فما مضي عليه اربعون يوما بعد مورده حتي خرج في عينه التي او ما اليها قرحه فذهبت [20] .

عن الشيخ الصدوق، قال: سمعنا شيخا من اصحاب الحديث، يقال له: احمد بن فارس [21] الاديب يقول: سمعت بهمدان حکايه حکيتها کما سمعتها لبعض اخواني، فسالني ان اثبتها له بخطي و لم اجد الي مخالفته سبيلا، و قد کتبتها و عهدتها الي من حکاها: و ذلک ان بهمدان اناسا يعرفون ببني راشد، و هم کلهم يتشيعون و مذهبهم مذهب اهل الامامه، فسالت عن سبب تشيعهم من بين اهل



[ صفحه 358]



همدان؟ فقال لي شيخ منهم - رايت فيه صلاحا و سمتا -: ان سبب ذلک ان جدنا الذي ننسب [22] اليه خرج حاجا، فقال: انه لما صدر عن الحج، و ساروا منازل في الباديه، قال: فنشطت في النزول و المشي فمشيت طويلا حتي اعييت و تعبت [23] ، فقلت في نفسي: انام نومه تريحني: فاذا جاء اواخر القافله قمت.

قال: فما انتبهت الا بحر الشمس، و لم ار احدا، فتوحشت و لم ار طريقا و لا اثرا، فتوکلت علي الله عزوجل، و قلت: اسير حيث وجهني، و مشيت غير طويل فوقعت في ارض خضرا نضره کانها قريبه عهد بغيث، و اذا تربتها اطيب تربه، و نظرت في سواء تلک الارض، الي قصر يلوح کانه سيف، فقلت: يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم اعهده و الم اسمع به؟ فقصدته فلما بلغت الباب رايت خادمين ابيضين، فسلمت عليهما فردا علي [24] ردا جميلا، و قالا: اجلس فقد اراد الله بک خيرا، و قام احدهما فدخل و احتبس غير بعيد، ثم خرج، فقال: قم فادخل.

فدخلت قصرا لم ار بناء احسن من بنائه، و لا اضوا منه، و تقدم الخادم الي ستر عل بت فرقعه، ثم قال لي: ادخل، فدخلت البيت فاذا فتي جالس في وسط البيت، و قد علق علي راسه من السقف سيف طويل تکاد ظبته تمس راسه، و الفتني [کانه] بدر يلوح في ظلام، فسلمت فرد السلام بالطف الکلام و احسنه، ثم قال لي: اتدري من انا؟ فقلت: لا و الله، فقال: انا القائم من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، انا الذي اخرج في آخر الزمان بهذا السيف - و اشار اليه - فاملا الارض عدلا و قسطا کما ملئت جورا و ظلما، فسقطت علي وجهي و تعفرت.

فقال: لاتفعل ارفع راسک انت فلان من مدينه بالجبل، يقال لها همدان، قلت: صدقت يا سيدي و مولاي، قال: فتحب ان تووب الي اهلک؟ قلت: نعم يا سيدي، و ابشرهم بما اتاح الله عزوجل لي، فاوما الي الخادم، فاخذ بيدي و ناولني صره



[ صفحه 359]



و خرج. و مشي معي خطوات، فنظرت الي ضلال و اشجار و مناره مسجد، فقال: اتعرف هذا البلد؟ قلت: ان بقرب بلدنا بلده تعرف باستاباد [25] و هي تشببها، قال: فقال هذه استاباد [26] امض راشدا، فالتفت فلم اره، و دخلت استاباد [27] و اذا في الصره اربعون او خمسون دينارا.

فوردت همدان و جمعت اهلي و بشرتهم بما اتاح الله لي و يسره عزوجل و لم نزل بخير، ما بقي معنا من تلک الدنانير [28] .

اقول: استاباد هي التي تعرف اليوم باسد آباد و هي قريب من همدان و بينهما عقبه کئود [29] ، و سمعت ان قبر هذا الرجل باسد آباد معروف و الله تعالي العالم.

قال العلامه المجلسي، اخبرني و الدي رحمه الله قال: کان في زماننا رجل شريسف صالح کان يقال له: اميراسحاق الاستربادي، و کان قد حج اربعين حجه ماشيا، و کان قد اشتهر بين الناس انه، تطوري له الارض، فورد في بعض السنين بلده اصفهان، فاتيته و سالته عما اشتهر فيه.

فقال: کان سبب ذلک اني کنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين الي بيت الله الحرام، فلما وصلنا الي موضع کان بيننا و بين مکه سبعه منازل او تسعه تاخرت عن القافله لبعض الاسباب حتي غابت عني، و ظللت عن الطريق و تحيرت و غلبني العطش حتي ايست من الحياه، فناديت يا صالح يا ابا صالح ارشدونا الي الطريق يرحمکم الله، فتراءي لي في منتهي الباديه، شبح، فلما تاملته حضر عندي في زمان يسير، فرايته شابا حسن الوجه نقي الثياب اسمر علي هيئه الشرفاء راکبا علي جمل و معه اداوه، فسلمت عليه فرد علي السلام، و قال: انت عطشان؟ قلت: نعم، فاعطاني الاداوه فشربت، ثم قال: تريد ان تلحق القافله؟ قلت: نعم.



[ صفحه 360]



فاردفني خلفه و توجه نحو مکه، و کان من عادتي قراءة الحرز اليماني في کل يوم، فاخذت في قراءته، فقال عليه السلام في بعض المواضع: اقرا هکذا، قال: فما مضي الا زمان يسير حتي قال لي تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فاذا انا بالابطح فقال: انزل، فلما نزلت، رجعت و غاب عني، فعند لذلک عرفت انه القائم عليه السلام، فندمت و تاسفت علي مفارقته و عدم معرفته.

فلما کان بعد سبعه ايام اتت القافله فراوني في مکه، بعدما ايسوا من حياتي، فلذا اشتهرت بطي الارض [30] .

و حکي صاحب کشف الغمه قصه اسماعيل الهرقلي و السيد عطوه الحسيني و تشرفهما بخدمه مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، وبرء ما بهما من التوثه [31] و الادره ببرکته، ثم قال: و الاخبار عنه عليه السلام في هذا الباب کثيره و ان جماعه قد انقطعوا في طرق الحجاز و غيرها، فخلصهم و اوصلهم الي حيث ارادوا و لولا التطويل، لذکرت منها جمله، ولکن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني کاف [32] ، انتهي.

في کشف الغمه، و انا اذکر من ذلک قصتين قرب عهدهما من زماني، و حدثني بهما جماعه من ثقات اخواني، کان في البلاد الحليه شخص يقال له اسماعيل بن الحسن الهرقلي من قريه يقال لها: هرقل، مات في زماني و ما رايته، حکي لي ولده شمس الدين، قال: حکي لي والدي انه خرج فيه و هو شاب علي فخذه الايسر توثه مقدار قبضه الانسان، و کانت في کل ربيع تشقق و يخرج منها دم و قيح، و يقطعه المها عن کثير من اشغاله، و کان مقيما بهرقل، فحضر الحله يوما



[ صفحه 361]



و دخل الي مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس، رحمه الله، و شکا اليه ما يجده منها، و قال: اريد ان اداويها.

فاحضر له اطباء الحله و اراهم الموضوع، فقالوا: هذه التوثه فوق العرق الاکحل و علاجها خطر، و متي قطعت خيف ان ينقطع العرق فيموت، فقال له السعيد رضي الدين قدس الله روحه: انا متوجه الي بغداد و ربما کان اطباوها اعرف و احذق من هولاء فاصحبني، فاصعده معه و احضر الاطباء، فقالوا کما قال اولئک، فضاق صدره.

فقال له السعيد: ان الشرع قد فسح لک في الصلاه في هذه الثياب و عليک الاجتهاد في الاحتراس، و لا تغرر بنفسک فالله تعالي قد نهي عن ذلک و رسوله، فقال له والدي: اذا کان الامر علي ذلک و قد وصلت الي بعداد فاتوجه الي زياره المشهد الشريف بسر من راي علي مشرفه السلام، ثم انحدر الي اهلي فحسن له ذلک، فترک ثيابه و نفقته عند السعيد رضي الدين، و توجه، قال: فلما دخلت المشهد و وزرت الائمه عليهم السلام و نزلت السرداب و استغثت بالله تعالي و بالامام عليه السلام و قضيت بعض الليل في السرداب و بقيت [33] في المشهد الي الخميس، ثم مضيت الي دجله و اغتسلت و لبست ثوبا نظيفا و ملات ابريقا کان معي، و صعدت اريد المشهد، فرايت اربعه فرسان خارجين من باب السور، و کان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون اغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا، فرايت شابين احدهما عبد مخطوط و کل واحد منهم متقلد بسيف، و شيخا منقبا بيده رمح، و الاخر متقلد بسيف و عليه فرجيه ملونه فوق السيف، و هو متحنک بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق، و وضع کعب الرمح في الارض.

ووقف الشابان عن يسار الطريق، و بقي صاحب الفرجيه علي الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجيه: انت غدا تروح الي



[ صفحه 362]



اهلک، فقال: نعم، فقال له: تقدم حتي ابصر ما يوجعک؟ قال: فکرهت ملامستهم، و قلت في نفسي: اهل الباديه ما يکادون يحترزون من النجاسه، و انا قد خرجت من الماء و قميصي مبلول، ثم اني بعد ذلک تقدمت اليه، فلزمني بيده و مدني اليه و جعل يلمس جانبي من کتفي الي ان اصابت يده التوثه فعصرها بيده فاوجعني، ثم استوي في سرجه کما کان، فقال لي الشيخ: افلحت يا اسماعيل، فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: افلحنا و افلحتم ان شاء الله، قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الامام، قال: فتقدمت اليه فاحتضنته و قبلت فخذه، ثم انه ساق و انا امشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت: لا افارقک ابدا، فقال: المصلحه رجوعک، فاعدت عليه مثل القول الاول.

فقال الشيخ: يا اسماعيل ما تستحيي يقول لک الامام مرتين ارجع و تخالفه؟ فجبهني [34] ابصرهم الي ان غابوا عني، وحصل عندي اسف لمفارقته، فقعدت الي الارض ساعه، ثم مشيت الي المشهد.

فاجتمع القوم حولي، و قالوا: نري وجهک متغيرا اوجعک شي ء، قلت: لا، قالوا: اخاصمک احد؟ قلت: لا، ليس عندي مما تقولون خبر لکن اسالکم هل عرفتم الفرسان الذين کانوا عندکم، فقالوا: هم من الشرفاء ارباب الغنم، فقلت: لا، بل هو الامام عليه السلام فقالوا: الامام هو الشيخ او صاحب الفرجيه، فقلت: هو صاحب الفرجيه، فقالوا: اريته المرض الذي فيک؟ فقلت: هو قبضه بيده و اوجعلني، ثم



[ صفحه 363]



کشفت رجلي فلم ار لذلک المرض اثرا فتداخلني الشک من الدهش، فاخرجت رجلي الاخري فلم ارشيئا، فانطبق الناس علي و مزقوا قميصي فادخلني القوم خزانه و منعوا الناس عني.

و کان ناظرا بين النهرين بالمشهد فسمع الضجه و سال عن الخبر فعرفوه فجاء الي الخزانه، و سالني عن اسمي، و سالني منذکم خرجت من بغداد، فعرفته اني خرجت في اول الاسبوع، فمشي عني وبت في المشهد، وصليت الصبح، و خرجت و خرج الناس معي الي ان بعدت عن المشهد، و رجعوا عني و وصلت الي اوانا [35] ، فبت بها و بکرت منها اريد بغداد فرايت الناس مزدحمين علي القنطره العتيقه يسالون من ورد عليهم عن اسمه و نسبه و اين کان، فسالوني عن اسمي و من اين جئت، فعرفتهم فاجتمعوا علي و مزقوا ثيابي، و لم يبق لي في روحي حکم، و کان ناظر بين النهرين کتب الي بغداد و عرفهم الحال، ثم حملوني الي بغداد و ازدحم الناس علي و کادوا يقتلونني من کثره الزحام، و کان الوزير القمي رحمه الله تعالي قد طلب السعيد رضي الدين رحمه الله، و تقدم ان يعرفه صحه هذا الخبر.

قال: فخرج رضي الدين ومعه جماعه فوافينا باب النوبي، فرد اصحابه الناس عني، فلما راني قال: اعنک يقولون، قلت: نعم فنزل [36] عن دابته و کشف عن فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعه و اخذ بيدي و ادخلني علي الوزير، و هو يبکي، و يقول: يا مولانا هذا اخي و اقرب الناس الي قلبي، فسالني الوزير عن القصه، فحکيت له، فاحضر الاطباء الذين اشرفوا عليها و امرهم بمداواتها فقالوا: ما دواوها الا القطع بالحديد و متي قطعها مات، فقال لهم الوزير: فبتقدير ان تقطع و لا يموت في کم تبرا، فقالوا: في شهرين و يبقي في مکانها حفيره بيضاء لاينبت فيها



[ صفحه 364]



شعر، فسالهم الوزير: متي رايتموه، قالوا: منذ عشره ايام فکشف الوزير عن الفخذ الذي کان فيه الالم و هي مثل اختها ليس فيها اثر اصلا، فصاح احد الحکماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يکن عملکم فنحن نعرف من عملها، ثم انه احضر عند الخليفه المستنصر رحمه الله تعالي فساله عن القصه فعرفه بها کما جري، فتقدم له بالف دينار.

فلما حضرت قال: خذ هذه فانفقها، فقال: ما اجسر اخذ منه حبه واحده، فقال الخليفه: ممن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا، قال: لاتاخذ من ابي جعفر شيئا؟ فبکي الخليفه و تکدر و خرج من عنده، و لم ياخذ شيئا.

قال افقر عباد الله تعالي الي رحمته علي بن عيسي عفا الله عنه: کنت في بعض الايام احکي هذه القصه لجماعه عندي، و کان هذا شمس الدين محمد ولده عندي، و انا لا اعرفه.

فلما انقضت الحکايه، قال: انا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتفاق و قلت: هل رايت فخذه و هي مريضه؟ فقال: لا لاني اصبو عن ذلک، ولکني رايتها بعد ما صلحت، و لا اثر فيها، و قد نبت في موضعها شعر، و سالت السيد صفي الدين محمد ابن بشر العلوي الموسوي، و نجم الدين حيدر بن الايسر رحمهما الله تعالي، و کانا من اعيان الناس و سراتهم و ذوي الهبات [37] منهم، و کانا صديقين لي و عزيزين عندي، فاخبراني بصحه هذه القصه، و انهما راياها في حال مرضها و حال صحتها، و حکي لي ولده هذا، انه کان بعد ذلک شديد الحزن لفراقه عليه السلام حتي انه جاء الي بغداد و اقام بها في فصل الشتاء، و کان کل ايام يزور سامراء و يعود الي بغداد، فزارها في تلک السنه اربعين مره، طمعا ان يعود له الوقت الذي مضي او يقضي له الحظ بما قضي، و من الذي اعطاه دهره الرضا، او ساعده بمطالبه صرف القضا فمات رحمه الله بحسرته، و انتقل الي الاخره بغصته، و الله يتولاه و ايانا برحمته، بمنه و کرامته.



[ صفحه 365]



و حکي لي السيد باقي بن عطوه العلوي الحسيني، ان اباه عطوه، کان به ادره و کان زيدي المذهب، و کان ينکر علي بنيه الميل الي مذهب الاماميه، و يقول: لا اصدقکم و لا اقول بمذهبکم حتي يجي ء صاحبکم - يعني المهدي - فيبراني من هذا المرض، و تکرر هذا القول منه.

فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الاخره، اذا ابونا يصيح و يستغيث بناء، فاتيناه سراعا، فقال: الحقوا صاحبکم فالساعه خرج من عندي، فخرجنا فلم نر احدا، فعدنا اليه و سالناه فقال: انه دخل الي شخص، و قال: يا عطوه، فقلت: من انت؟ فقال:انا صاحب بنيک قد جئت لابرئک مما بک، ثم مد يده فعصر قروتي و مشي، و مددت يدي فلم ار لها اثرا، قال لي ولده: و بقي مثل الغزال ليس به قلبه، و اشتهرت هذه القصه و سالت عنها غير ابنه فاخبر عنها، فاقربها. انتهي [38] .


پاورقي

[1] اي اکثرکم او عن قريب، فان الظاهر ان محمد بن عثمان رضي الله عنه کان يراه في ايام سفارته، و الله العالم.

[2] کمال الدين: ج 2 ص 435 ح 2.

[3] في الخطيه:«منفوش» و ما اثبتناه هو الصحيح، لان يعقوب بن منقوش کان من اصحاب الهادي و العسکري عليهماالسلام (انظر رجال الطوسي: 426 و 437).

[4] الدکان: الدکه المبنيه للجلوس عليها (انظر لسان العرب: ماده «دکن» ح 4 ص 384).

[5] کلمه «يا» ساقطه من الخطيه و المطبوعه، و اثبتناه من المصدر.

[6] دري: بالهمز او دونها التوقد و التلالو (انظر الصحاح: ماده «درا» ج 1 ص 48).

[7] شئن الکفين: اي انهما تميلا الي الغلظ و القصر، و قيل: هو الذي في انامله غلظ بلا قصر، کو يحمد ذلک في الرجال لانه اشد لقبضهم، و يذم في النساء (انظر لسان العرب: «ماده شثن» ج 7 ص 30).

[8] في المصدر: «ثم قال لي».

[9] کمال الدين: ج 2 ص 436 ح 5.

[10] في المصدر:«و لا يخليها الي ان تقوم الساعه»بدل «لا تخلو الي يوم القيامه».

[11] مابني المعقوفتين ساقط من الخطيه و المطبوعه، و اثبتناه من المصدر.

[12] «کمثل» لم ترد في المصدر.

[13] في المصدر: «ثبته».

[14] في المصدر: «مننت».

[15] کمال الدين: ج 2 باب ما روي عن ابي محمد الحسن بن علي العکسري عليهماالسلام ص 384 ح 1.

[16] کلمه «له» ساقطه من الخطيه و المطبوع، و اثبتناه من المصدر.

[17] کتاب الغيبه: ص 155.

[18] مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه و المطبوعه، و اثبتناه من المصدر.

[19] في المصدر:«الحرام» بدل «الاجرام».

[20] الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 480 ح 21.

[21] هو: احمد بن فارس بن زکريا القزويني الرازي، ابو الحسين من ائمه اللغه و الادب، و اختلفوا في اصله، فمنهم من قال: اصله من همذان و رحل الي قزوين، ثم انتقل ال يالري، وقرا عليه البديع الهمذاني و الصاحب الن عباد و غيرهما، و توفي في الري سنه 395 ه و دفن فيها. (اعلام الزرگلي: ج 1 ص 193، معجم مقاييس اللغه: ج 1 ص 4).

[22] في المصدر: «ننتسب».

[23] في الصمدر:«و نعست».

[24] «علي» لم ترد في المصدر.

[25] في المصدر: «باسد آباد».

[26] في المصدر: «باسد آباد».

[27] في المصدر: «باسد آباد».

[28] کمال الدين: ج 2 ص 453 ح 20.

[29] معجم البلدان: ج 1 ص 245.

[30] البحار: ج 52 باب نادر في ذکر من رآه عليه السلام في الغيبه الکبري ص 175.

[31] التوثه: بثره متقرحه.

[32] هکذا وردت في النسخه الخطيه، و لم يتناولها المولف رحمه الله کامله، بل اکتفي بالاختصار، و قد ادرجت القصتان في النسخه المطبوعه و اليک تمامهما کما ورد في کشف الغمه: ج 2 ص 497 - 493.

[33] في المصدر:«وبت».

[34] جبهه: نکس راسه. بهذا القول، فوقفت فتقدم خطوات و التفت الي و قال: اذا وصلت بغداد فلا بد ان يطلبک ابو جعفر - يعني الخليفه المستنصر، رحمه الله -، فاذا حضرت عنده و اعطاک شيئا فلا تاخذه، و قل لولدنا الرضي ليکتب لک الي علي بن عوض، فانني اوصيه يعطيک الذي تريد، ثم سار و اصحابه معه، فلم ازل [قائما] **زيرنويس=مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه و المطبوعه، و اثبتناه من المصدر.

[35] اوانا:- بالفتح و النون - بليده کثيره البساتين و الشجر نزهه من نواحي دجيل بغداد بينها و بين بغداد عشره فراسخ من جهه تکريت (انظر معجم البلدان: ج 1 ص 395).

[36] في خ ل «فترجل».

[37] في المصدر: «الهيات».

[38] مابين المعقوفتين لم ترد في الخطيه، و انما ادرجت في المطبوعه، لان المولف رحمه الله اکتفي بالاختصار راجع ص 360 من هذا الکتاب.