من معالم المسيرة


في عهد النبي (ص)، کانت الأحکام والفرائض والحدود وسائر السياسات الإسلامية قائمة ومقامة، ثم لم تزل بعد ارتحاله (ص) تنقص وتسقط حکما فحکما يوما فيوما بيد الحکومات الإسلامية، وعلي امتداد



[ صفحه 334]



المسيرة کان هناک شبه انفصال بين الشعوب الإسلامية وحکامهم، فکثير من الحکومات لم تکن تعبر عن شعوبها، وبينما کان الأمراء وأصحاب المقاعد الأولي في الدولة يضيعون الصلاة ويتبعون الشهوات. کانت الشعوب تختزن بداخلها الفطرة النقية ببرکة وجود القرآن الکريم، ونحن في بحثنا هذا في المسيرة الإسلامية. لم نرصد إلا حرکة أصحاب المقاعد الأولي ومن دار في فلکهم، أما حرکة الأمة الإسلامية ورفضها للانحراف فإن لهذا موضع آخر.

وحرکة الدعوة الخاتمة في اتجاه الشعوب هي حرکة المنقذ للفطرة من الانحراف والضلال، ولقد أعطي النبي (ص) الفکرة الصحيحة الداعية للفتح الإسلامي، وبين أن الفتح ليس للقتل أو الانتقام وإنما هو رحمة وشفقة علي البلاد المفتوحة وتخليصها من نير العبودية وتطبيق النظام الإسلامي الفطري عليها، ولم تکن الغنائم هي غاية الفتح، فالغنائم ليس لها أهمية تذکر بجانب هدف الفتح الأسمي، فرفع الظلم عن البلد المفتوح هو المقصد سواء غنم الجيش أو لم يغنم، والإسلام ينظر إلي الغنيمة علي أساس أنها من قبيل جوائز التشجيع للقتال في سبيل الله، لأن المقصود بالحرب الظفر علي الأعداء، فإن غلبوا فقد حصل المطلوب وتکون الأموال التي غنمها المقاتلون زيادة علي أصل الغرض، ولما کانت الغنيمة علي طريق القتال في سبيل الله، وبما أن الله تعالي وضع أحکاما خاصة بالقتال في سبيله، فإنه تعالي قسم الغنيمة علي الجيش المنتصر لرفع معنوياته وترغيبا له علي التکرار. وبالجملة:

الغنيمة زيادة علي أصل الغرض الذي من أجله يقاتل الجيش. وهي ملک لله ورسوله وتوضع حيثما أراد الله ورسوله.

واجتهد الصحابة في غنائم الحرب، فصب هذا الاجتهاد في نهاية المطاف في دوائر التنافس والتحاسد وغير ذلک، ويشهد ذلک



[ صفحه 335]



قوله (ص) وهو يخبر بالغيب عن ربه في ما رواه مسلم عن عبد الله قال قال رسول الله (ص): إذا فتحت عليکم فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: کما أمرنا الله، فقال النبي (ص): أو غير ذلک.

تتنافسون. ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون. أو نحو ذلک.

ثم تنطلقون في مساکن المهاجرين فتجعلون بعضهم علي رقاب بعض. [1] .

فالفتح أنتج ثقافة لم تکن في يوم من أهداف الفتح، وأيقظ الفتح غريزة العرب الجاهلية من الغرور والنخوة بعدما کانت في سکن بالتربية النبوية، والطريق الذي انتهي بالتباغض کما مر في الحديث السابق، امتد لينتهي بالبغي في حديث آخر يخبر فيه النبي (ص) بالغيب عن ربه ويقول سيصيب أمتي داء الأمم. الأشر والبطر. والتکاثر. والتشاحن.

والتباغض. والتحاسد، حتي يکون البغي. [2] .

والطريق إلي البغي کان عليه أمراء لا يمتازون إلا بالسواعد القوية، وروي أن حذيفة قال لعمر بن الخطاب: إنک تستعين بالرجل الفاجر، فقال له عمر: إني لأستعمله لأستعين بقوته. ثم أکون علي قفائه، [3] وقال في فتح الباري: والذي يظهر من سيرة عمر في أمراؤه الذين کان يؤمرهم في البلاد. أنه کان لا يراعي الأفضل في الدين فقط، بل يضم إليه الذي عنده مزيد من المعرفة بالسياسة، فلأجل هذا استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص، مع وجود من هو أفضل منهم في أمر الدين والعلم. [4] .



[ صفحه 336]



وذکر ابن حجر أن عمر ولي إياس بن صبيح القضاء في البصرة، وکان إياس من أصحاب مسيلمة الکذاب، [5] وکتب عمر إلي الأمراء أن يشاوروا طليحة بن خويلد، وکان طليحة قد أسلم ثم ارتد ثم أسلم.

وکان قد ادعي النبوة [6] وروي أن ابن عدي الکلبي قال لعمر: أنا امرؤ نصراني، فقال عمر: فما تريد؟، قال: أريد الإسلام، فعرضه عمر عليه، ثم دعا له برمح، فعقد له علي من أسلم، وقال عوف بن خارجة:

ما رأيت رجلا لم يصل صلاة أمر علي جماعة من المسلمين قبله. [7] .

وإذا کان طريق البغي من علاماته التنافس والتحاسد والتدابر والتباغض، فإنه يختزن في أحشائه معالم الضلال، عن عبد الله قال:

قال رسول الله (ص) لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا، حتي نشأ فيهم المولدون. وأبناء سبايا الأمم التي کانت بنو إسرائيل تسبيها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا، [8] فأبناء الأمم إذ لم يجدوا الرعاية والتربية الصحيحة، يصبحوا من العوامل التي تساعد علي الهدم، وهؤلاء في المسيرة الإسلامية ترعرعوا تحت سقف الدولة الأموية، ثم امتدوا بامتداد المسيرة، وذکر الطبري: إن أول سبي قدم المدينة من العجم کان في عهد أبي بکر، [9] وذکر البلاذري: أن معاوية حاصر قيسارية حتي فتحها فوجد من المرتزقة سبعمائة ألف. ومن السامرة ثلاثين ألفا. ومن اليهود مائتي ألف. [10] فبعث إلي عمر عشرين ألفا من السبي. [11] .



[ صفحه 337]



فالطريق کان عليه ضعيف الإيمان، وکان عليه أبناء الأمم، وکان عليه أمراء التنافس والتحاسد والتدابر والتباغض، والبغي، وکان عليه المنافقين ومنهم اثني عشر رجلا حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، وعلي طريق مثل هذا لا نستبعد أن تضيع الصلاة، وقد سجل حذيفة البادرة الأولي قبل وفاته، فقال ابتلينا، حتي جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا، [12] وکان النبي (ص) قد أخبر بالغيب عن ربه، أن الصلاة في طريقها إلي الضياع، فعن أبي ذر قال قال رسول الله (ص): يا أبا ذر أمراء يکونون بعدي يميتون الصلاة فصل الصلاة لوقتها... [13] قال النووي: أي يجعلونها کالميت الذي خرجت روحه. [14] .

وروي أن الوليد بن عقبة - وکان أخو عثمان لأمه - حين کان واليا لعثمان بن عفان علي الکوفة أخر الصلاة، فقام عبد الله بن مسعود فصلي بالناس، فأرسل إليه الوليد وقال له: ما حملک علي ما صنعت أجاءک من أمير المؤمنين أمرا أم ابتدعت؟ فقال: لم يأتني من أمير المؤمنين أمرا ولم أبتدع. ولکن أبي الله عز وجل علينا ورسوله (ص) أن ننتظرک بصلاتنا وأنت في حاجتک. [15] .

وبينما کان الأمراء يميتون الصلاة، کانت الصلاة تؤدي بروحها خلف علي بن أبي طالب، روي مسلم عن مطرف قال صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب، فکان إذا سجد کبر وإذا رفع رأسه کبر، وإذا نهض من الرکعتين کبر، فلما انصرفنا من الصلاة.

أخذ عمران بيدي ثم قال: قال صلي بنا هذا صلاة محمد (ص)، وفي



[ صفحه 338]



رواية قال عمران: [16] قد ذکرني هذا صلاة محمد (ص)، وروي أن عمران بن حصين مات سنة اثنتين وخمسين هجرية. [17] .

ولما کان حذيفة قد صلي سرا، ولما کان ابن مسعود قد شهد تأخير الصلاة، فإن أبي الدرداء قد شهد شيئا آخر، فعن أم الدرداء قالت. دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: من أغضبک؟ قال:

والله لا أعرف فيهم من أمر محمد (ص) شيئا إلا أنهم يصلون جميعا، [18] ومات أبو الدرداء في خلافة عثمان.

ثم جاء عام ستين، وهو العام الذي حمل الصبيان أعلامه، وفيه قال النبي (ص) تعوذوا بالله من رأس الستين ومن إمارة الصبيان، [19] وقال ويل للعرب من شر قد اقترب. علي رأس الستين تصير الأمانة غنيمة، والصدقة غرامة، والشهادة بالمعرفة، والحکم بالهوي، [20] فرأس الستين تطوير للعربة التي تنطلق بوقود الرأي، ورأس الستين هو الوعاء الذي يصب فيه إماتة الصلاة من العهود التي سبقته، وينطلق منها وقود إضاعة الصلاة وقراءة القرآن بلا تدبر، قال النبي (ص) وهو يخبر بالغيب عن ربه. يکون خلف بعد ستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يکون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن. ومنافق. وفاجر [21] وعن أبي سعيد قال:



[ صفحه 339]



المنافق کافر به، والفاجر يتکل منه، والمؤمن يؤمن به. [22] .

ومن الدليل علي أن جيل الستين أخذ وقوده مما سبقوه، أن النبي (ص) أخبر في حديث آخر بأن کثرة المال هي الخلفية الأساسية التي عليها يتم تفريخ هؤلاء، قال (ص) مما أتخوف علي أمتي أن يکثر فيهم المال حتي يتنافسوا فيقتلون عليه، وإن مما أتخوف علي أمتي أن يفتح لهم القرآن. حتي يقرأه المؤمن والکافر والمنافق. [23] .

فالمال أنتج التنافس. والتحاسد والتدابر والتباغض. والبغي، وفتح القرآن أمام العامة مع عدم وجود العالم به، أدي إلي ترتيله في زحام الأسواق، حيث لا مستمع ولا منصت، ومن الأصاغر أخذ العلم الذي أدي إلي ضياع الصلاة، ولقد سئل النبي (ص) عن أشراط الساعة، فقال أن من أشراطها أن يلتمس العلم عند الأصاغر قال ابن المبارک:

الأصاغر الذين يقولون برأيهم، [24] وعن ابن مسعود قال: لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أکابرهم، فإن أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلکوا، [25] وعن أنس قال. قيل: يا رسول الله متي ندع الائتمار بالمعروف والنهي عن المنکر، قال: إذا ظهر فيکم ما ظهر في بني إسرائيل، إذا کانت الفاحشة في کبارکم. والملک في صغارکم، والعلم في رذالکم. [26] .

وإذا کان أبو الدرداء قد شهد وفاته أنه لا يعرف في الناس من أمر محمد (ص) شيئا إلا أنهم يصلون جميعا، فإن أنس بن مالک شهد عام



[ صفحه 340]



ستين، حيث مقدمة الخلف الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، روي البخاري عن الزهري قال دخلت علي أنس فوجدته يبکي، فقلت:

ما يبکيک؟ قال: ما أعرف شيئا مما أدرکت، إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت، [27] ومات أنس سنة ثلاث وتسعين، وکان يقول: لم يبق أحد صلي القبلتين غيري. [28] .

وفي الخلف الذين يضيعون الصلاة بعد أنبياء الله، يقول تعالي:

(أولئک الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذربة آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل. وممن هدينا واجتبينا. إذا تتلي عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبکيا، فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا). [29] قال المفسرون: ذکر الله حزب السعداء. وهم الأنبياء ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره المؤدين فرائض الله، ثم ذکر سبحانه الخلف: أي البدل السئ. وقوله تعالي: (فخلف من بعدهم) أي قام مقام أولئک الذين أنعم الله عليهم.

وکانت طريقتهم الخضوع والخشوع لله بالتقدم إليه بالعبادة، قوم سوء أضاعوا الصلاة، وضياع الشئ: فساده أو افتقاده، ومعني أنهم أضاعوا الصلاة: أي أفسدوها بالتهاون فيها والاستهانة بها، حتي تنتهي إلي أمثال اللعب بها والتغيير فيها والترک لها، فإذا کانوا قد فعلوا هذا بالصلاة فإنهم لما سواها من الواجبات أضيع. لأنها عماد الدين وقوامه، ثم أخبر سبحانه. بأن القوم السوء الذين أضاعوا الصلاة وهي الرکن الأصيل في العبودية. واتبعوا الشهوات، هؤلاء سيلقون غيا: أي خسارة، وهذه العقوبة سنة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، يعاقب الله بها کل خلف طالح، وذکر ابن کثير في تفسير هذه الآية، أن



[ صفحه 341]



هذا الخلف في هذه الأمة أيضا. [30] .

والخسارة التي توعد الله بها الخلف الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، يحمل أسبابها أمراء السوء وسبايا السوء الذين تربوا علي القصص وتسربت إليهم روح الأمم المستعلية الجبارة، فهؤلاء وغيرهم فتحوا أبواب القتال من أجل الملک، وعند نهاية القتال، وفي نهاية المسيرة کانت الخسارة عنوانا رئيسيا لکل شئ في عالم الاستدراج.

أما القتال علي الملک. فيشهد به أبو برزة الأسلمي. روي البخاري عن أبي المنهال قال لما کان ابن زياد ومروان بالشام، ووثب ابن الزبير بمکة، ووثب القراء بالبصرة، انطلقت مع أبي إلي أبي برزة الأسلمي. فقال أبي: يا أبا برزة. ألا تري ما وقع فيه الناس؟ فقال: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطا علي أحياء قريش، إنکم يا معشر العرب کنتم علي الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذکم بالإسلام وبمحمد (ص)، حتي بلغ ما ترون، وهذه الدنيا أفسدت بينکم، إن ذاک الذي بالشام والله إن يقاتل إلا علي الدنيا، وإن هؤلاء الذين بين أظهرکم والله إن يقاتلون إلا علي الدنيا، وإن ذاک الذي بمکة والله إن يقاتل إلا علي الدنيا. [31] .

ونتيجة القتال علي الملک، لم تستطع الدولة البقاء تحت حکم إدارة مرکزية واحدة، فعند بداية المسيرة. اتسعت الدولة من شواطئ المحيط الأطلسي في المغرب إلي نهر السند في الشرق، ومن بحر مازندران في الشمال إلي منابع النيل في الجنوب، وکما توسعت الدولة بسرعة. تجزأت بسرعة أيضا، فإذا نظرنا علي امتداد المسيرة لنرصد



[ صفحه 342]



معالم الاختلاف والتفرق علي الأرض، نجد أن عبد الرحمن الداخل وهو أحد أفراد الأسرة الأموية، قد أسس دولة مستقلة في إسبانيا سنة 138 ه‍، ورفع يد الحاکم العباسي عن ذلک الجزء من الدولة العباسية، ثم ظهر الأدارسة وأسسوا دولتهم. ثم جاء الأغالبة واستولوا علي بقية مناطق إفريقيا عام 184 ه‍، ثم ظهر ابن طولون في مصر والشام وفصلهما عن الدولة، وعند حلول سنة 323 ه‍ أسس الأخشيد حکمه في مصر، ولم يبق تحت نفوذ الدولة العباسية السياسي من بلاد المغرب سوي رمزها.

أما في المشرق، فتم تأسيس الدولة الطاهرية. بخراسان عام 204 ه‍، وتتابع ظهور الدويلات الصغيرة بعد ذلک شرق إيران، کالصغاريين والسامانين والغزنويين، ثم قامت الدولة البويهية في الجزء المتبقي لهم في إيران، ثم جاء المغول عام 334 ه‍ ونزل الستار علي الدولة العباسية، وکان للدولة فرع يحکم رمزيا في مصر، قضي عليه سليم الأول من سلاطين آل عثمان. بعد استيلائه علي مصر عام 922 ه‍.

وعلي امتداد المسيرة کانت الأصابع اليهودية تعمل في الخفاء، کان تثقب في الجدار بواسطة أبناء الأمة، وتحطم الأقفال بواسطة الحروب الصليبية المتعددة الإشکال، حتي جاء اليوم الذي طبقت فيه اتفاقية سايکس بيکو علي الشام، وفرض الانتداب الفرنسي علي شمال هذه البلاد وقسم إلي کيانين هما: سوريا ولبنان، وفرض الانتداب البريطاني علي جنوبها وقسم إلي کيانين هما: الأردن وفلسطين، وفي عام 1917 ميلادية صدر وعد بلفور، الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وفي عام 1967 ميلادية. بسط اليهود أيديهم علي ما حلموا به طيلة حياتهم، بسطوا أيديهم علي الأرض الواسعة. التي يحيط بها غثاء من کل مکان.



[ صفحه 343]



لقد بدأ الطريق من عند البحث عن الدرهم والدينار، والنبي (ص) أخبر عن ربه جل وعلا، فقال کيف أنتم إذا لم تجبوا دينارا ولا درهما، قالوا: ولم ذاک؟ قال: تنتهک ذمة الله وذمة رسوله. فيشد الله قلوب أهل الذمة فيمنعون ما بأيديهم، [32] وقال يوشک أن تداعي عليکم الأمم من کل أفق کما تداعي الآکلة إلي قصعتها، قالوا: يا رسول الله. فمن قلة بنا يومئذ؟ قال: لا. ولکنکم غثاء کغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبکم وينزع الرعب من قلوب عدوکم، لحبکم الدنيا وکراهيتکم الموت [33] وقال صاحب عون المعبود: أي يدعوا بعضهم بعضا لمقاتلتکم وسلب ما ملکتموه من الديار والأموال، ولقد وصفهم النبي (ص) بغثاء السيل، لقلة شجاعتهم ودناءة قدرهم، وغثاء السيل: أي کالذي يحمله السيل من زبد ووسخ. [34] .

لقد أخبر النبي في أن فتنة أمته في المال. وأن الدرهم والدينار سيهلکهم کما أهلک الذين من قبلهم، وبين النبي (ص) موضع کل مال في الإسلام، وأمر الأمة بأن تتمسک بالکتاب والعترة، وأن تأخذ بأسباب الحياة التي تحقق السعادة في الدنيا بما يوافق الکمال الأخروي، فيأمروا بالمعروف وينهوا عن المنکر، ولکن القافلة ترکت الأمراء الصبيان يعبثون بکل شئ عند المقدمة، خوفا من الجوع والفقر، وفي نهاية المطاف وقف الحاضر أمام الماضي علي رقعة واحدة، يدوي فيها صوت النبي الأعظم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، النبي العربي القرشي الهاشمي المکي المدني صلي الله عليه وآله وسلم، وهو يقول منعت



[ صفحه 344]



العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم. [35] .



[ صفحه 345]




پاورقي

[1] رواه مسلم (الصحيح 97 / 18).

[2] رواه الحاکم وصححه (کنز العمال 526 / 3).

[3] رواه أبو عبيد (کنز العمال 771 / 5).

[4] فتح الباري 116 / 1.

[5] الإصابة 120 / 1.

[6] البداية والنهاية 130 / 7.

[7] الإصابة 116 / 1.

[8] رواه الطبراني (کنز العمال 181 / 1).

[9] تاريخ الأمم 27 / 4.

[10] فتوح البلدان ص 147.

[11] البداية والنهاية 54 / 7.

[12] البداية والنهاية 54 / 7.

[13] رواه مسلم والترمذي وصححه (تحفة الأحوازي 524 / 1).

[14] تحفة الأحوازي 524 / 1.

[15] رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 324 / 1).

[16] رواه مسلم ب قراءة الفاتحة (الصحيح 8 / 2).

[17] الإصابة 26 / 5.

[18] رواه أحمد وإسناده جيد (الفتح الرباني 200 / 1).

[19] رواه أحمد وأبو يعلي (کنز العمال 119 / 11).

[20] رواه الحاکم وصححه (المستدرک 483 / 4).

[21] رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 231 / 6) وقال ابن کثير رواه أحمد وإسناده علي شرط السنن (البداية 228 / 6، التفسير 128 / 3) ورواه ابن حبان في صحيحه والحاکم وصححه والبيهقي (کنز 195 / 11) (المستدرک 507 / 4).

[22] رواه الحاکم وصححه وأقره الذهبي (المستدرک 507 / 4).

[23] رواه الحاکم وصححه (کنز 200 / 10).

[24] رواه ابن عبد البر (جامع العلم 190 / 1).

[25] رواه ابن عبد البر (جامع العلم 192 / 1).

[26] قالع البوصيري: رواه ابن ماجة وإسناده صحيح. ورواه أحمد (الفتح الرباني 177 / 19).

[27] رواه البخاري (الفتح الرباني 200 / 1).

[28] الإصابة 171 / 1.

[29] سورة مريم آية 59.

[30] تفسير ابن کثير 128 / 3.

[31] رواه البخاري (الصحيح 230 / 4).

[32] رواه البخاري ومسلم وأحمد (الفتح الرباني 36 / 23).

[33] رواه أحمد بسند جيد (الفتح الرباني 32 / 24) وأبو داوود.

[34] عون المعبود 405 / 11.

[35] رواه مسلم (الصحيح 20 / 18) وأحمد (الفتح الرباني 37 / 24).