التکامل و عمق الارتباط بين القرآن الکريم و السنة النبوية


القرآن الکريم وبيان النبي لهذا القرآن (السنة النبوية) وجهان لعملة واحدة أو لشئ واحد، فلا يعرف أحدهما إلا بالآخر، ولا يفهم أحدهما فهما يقينيا إلا بالآخر، ولا تستقيم الحياة إلا بالاثنين معا. لقد اقتضت حکمة الله وطبيعة الإسلام کآخر دين، وطبيعة رسالة النبي، کخاتم للنبيين أن يکون التکامل والترابط بين القرآن والبيان النبوي مطلقا، فالنبي خلال حياته المبارکة هو المالک الشرعي واليقيني لمفتاح بيان القرآن، ومعرفة المقاصد الإلهية من کل نص من نصوصه، وحرف من حروفه يفيض علي الناس من هذه المعارف بحجم تطورهم واستيعابهم. وقد أعده الله تعالي وأهله لهذه المهمة.

وأتم الله نعمته وأکمل دينه يوم أعد وأهل وخصص (طواقم) فنية مهمتها القيادة والبيان من بعد النبي، وهم الأئمة الکرام من أهل بيت النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأعلن الله تعالي في القرآن الکريم بأن القرآن کتاب کريم لا يمسه إلا المطهرون، أي لا يعرف معناه ولا يجيد بيانه إلا المطهرون وهم أهل بيت النبوة، وبين النبي معني هذه الآية وحدد من هم آل بيت النبوة بکل وسائل التوضيح والبيان، وفي اجتماع عام للمسلمين أعلن الرسول أن حجته تلک



[ صفحه 87]



هي حجة الوداع، وأنه لن يلقي المسلمين بعد هذا العام، وأنه وبمجرد عودته إلي المدينة سيمرض وسيموت في مرضه، وأنه أراد أن يلقي القول معذرة للمسلمين، وأنه قد ترک من بعده ثقلين أحدهما کتاب الله وهو الثقل الأکبر وثانيهما أهل بيت النبوة، وهم الثقل الأصغر، وأن الأمة لن تهتدي إلا إذا تمسکت بالثقلين معا، ولا يمکن أن تتجنب الضلالة إلا بتمسکها بالاثنين معا، ثم سأل النبي المسلمين المجتمعين في غدير خم قائلا: ألست وليکم؟ ألست مولاکم؟ فأجاب المسلمون بلسان واحد، بلي يا رسول الله أنت ولينا ومولانا!! فقال الرسول: من کنت وليه فهذا علي بن أبي طالب وليه، ومن کنت مولاه فهذا علي مولاه. وفهم المسلمون المغزي، وجلس علي وتقدم المسلمون واحدا واحدا وبايعوه بالولاية وقدموا له التهاني، وعرفوا بأن عليا هو أول أئمة أهل بيت النبوة، وأن الإمام من بعده هو ابنه الحسن، وأن الإمام من بعد الحسن هو ابنه الحسين، وأن نظام الولاية والقيادة من بعد النبي قد انتظم، فالقائم من الأئمة يعهد بالإمامة لمن يليه وفقا لترتيب ألهي عهد الله به لنبيه وعهد النبي به لأول الأئمة. وقد وثقنا کل ذلک في کتابينا:

(المواجهة مع رسول الله وآله) ونظرية عدالة الصحابة، فارجع إليهما إن شئت للتيقن من إجماع أصحاب الحديث علي کل ما ذکرناه.