الآن يمکنک أن تتفهم موقف شيعة الخلفاء من اسم المهدي و اسم اب


بعد أن توقفنا بالفقرة السابقة وبعمق عند الأساس الذي قامت عليه دولة الخلافة، وعلي الطريقة التي تکونت منها الثقافة التاريخية المعادية تماما لأهل بيت النبوة، والمنکرة لأي حق من حقوقهم، وعلي المحنة التي تعرض لها الحديث النبوي، والغاية من منع رواية وکتابة الأحاديث النبوية، يمکنک أن تتفهم وتفهم موقف شيعة الخفاء من اسم المهدي واسم أبيه ورهطه. لما رفع الحظر وتفتحت الأبواب والمنافذ علي رواية وکتابة الأحاديث النبوية، وفوجئ علماء أهل السنة ورعايا دولة الخلافة التاريخية بحجم ونوعية وزخم الأحاديث والأخبار التي تحدثت عن المهدي المنتظر الذي بشر به النبي، وهي من الکثرة ومن الصحة ومن التواتر ومن الشيوع بحيث لا يمکن تجاهلها، وهي فوق هذا وذاک مناقضة لواقع وثقافة دولة الخلافة التاريخية، فاحتارت الدولة العباسية المشرفة بطريقة غير مباشرة علي الرواية والکتابة والحاکمة الفعلية للعلماء الذين يروون ويکتبون هذه.



[ صفحه 189]



الأحاديث والأخبار فيمکن للدولة العباسية، کما کان ممکنا للدولة الأموية من قبل، وکما کان ممکنا لأي خليفة أن يقتل أي عالم أو أي إنسان لأي سبب يراه دون بيان الأسباب، فحسب الثقافة التاريخية المستقرة بالنفوس ليس أمام المسلم إلا الالتزام بالطاعة، أو مواجهة الموت، وقد فهم علماء دولة الخلافة مضامين هذه الثقافة وقواعد اللعبة، فلم يحرجوا الدولة، ولم يحرجوا أنفسهم فقاموا بعملهم ضمن الإطار العام لهذه اللعبة الرهيبة.