هذا الإنسان الکامل بقي علي مرّ التأريخ مفردات يتحدّث عنها التأريخ، يعني الآن عندما نريد أن نتحدّث في عصر النبي صلي الله عليه وآله نجد أنّ في عصر النبي، وهو من العصور الشريفة، وهذا العصر قد حظي بحضوره صلي الله عليه وآله وحضور أئمة ثلاثة هم: الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الحسن والحسين عليهم السلام إضافة إلي الصدّيقة الکبري فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، مع هذا الوجود ولکن لم تکن البشريّة مؤهّلة لأن تحظي بالکمال التام فتکون هذه البشرية هي الإنسان الکامل، أعني بحيث نحس أنّ المجتمع المدني الذي عاصر النبي صلي الله عليه وآله والمدني ـ أقصد به نسبته إلي المدينة المنورّة علي ساکنها ومشرّفها أفضل الصلاة والسلام ـ أنّ الإنسان المدني مع وجود النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام لم تکن مفردات وجود الإنسان الکامل إلاّ معدودة.

لذلک نعد أفراداً من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله الذين وصلوا مرحلة عظيمة من الکمال بحيث يخدمهم الملائکة، کما في الرواية «سبعة بهم تمطرون وبهم ترزقون» [1] يعني أنّ الله لأجلهم ينزل المطر ولأجلهم يعطي الرزق للعباد، وذکر من جملتهم سلمان والمقداد وعمّار وأباذر، هؤلاء وصلوا بالکمال لهذا المستوي العظيم، ولکن مع هذا المستوي العظيم الذي وصلوا إليه من کمال لم يکونوا جميعهم بهذا المستوي، أي لم يکن جميع من حضر بعد رسول الله صلي الله عليه وآله بهذه الدرجة، وهذا موجود بقوله تعالي:)أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلي أَعْقابِکُمْ). [2] .

يعني أنّ هذا المجتمع مع وجود النبي، وأنّ النبي صلي الله عليه وآله اشتغل لأجل نقل هذا المجتمع إلي هذا المستوي لم يستطع المجتمع أن يتوصّل لأن تکون نسبة الإنسان الکامل فيه نسبة کليّة ونسبة ظاهرة.