النيابة الخاصة


إنّ النيابة کنظام قد احتمل وأرسي مرتکزاته الإمام المهدي عليه السلام وقد سبقه الأئمةعليهم السلام في الاعتماد علي الثقات والخواص من أهل التقوي وممّن عرفوا بوفرة العلم والاجتهاد.

ونجد أن الإمام الهادي عليه السلام يمهّد للوکالة ويوثّق لقواعده وکيل الإمام المهديّ الأوّل بقوله:«هذا أبو عمرو الثقة الأمين ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فماقاله لکم فعني يقوله، وما أدّي إليکم فعنّي يؤدّيه» [1] .

وقد أحصي الشيخ الصدوق أسماء اثني عشر شخصاً من وکلاء ونوّاب الإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الصغري، وأضاف السيد محمد الصدر إليهم أسماء ستّة آخرين استناداً الي ما ورد في المصادر التاريخية وکتب الرجال [2] .

وکان الإمام عليه السلام يعيّنهم مباشرة ويصدر بيانات وتوثيقات حول ذلک مع نفي الوکالة عمّن کان يدّعيها غيرهم ولم يکن منهم.

وربّما يقال أنّه لم تکن حاجة في زمن الأئمة الذين سبقوا الإمام المهدي عليه السلام الي الوکلاء الخاصين الذين يقومون بنفس أعمال السفراءالأربعة، لأن الإمام عليه السلام کان موجوداً وظاهراً، وکان بالإمکان لکل أحد أن يتّصل به، ولئن مرّ بعض الأئمةعليهم السلام في بعض الظروف بوضع استثنائي يصعب الوصول المباشر إليهم خصوصاً بعد واقعة الطف، وامتداداً مع وجودهم حتي تاريخ الغيبة الصغري؛ فإن ذلک لا يقاس بعصر غيبة الإمام عليه السلام وعدم إمکان الارتباط به.

وممّا لاشک فيه أن الأوضاع السياسية والظروف الخاصة بالکيان الشيعي، عقيب استشهاد الإمام العسکري عليه السلام وبدء مرحلة الغيبة الصغري لم تکن تسمح بأن يکون عمل السفراء علنياً، لذا کان الشرط الأوّل في الوکلاء وخاصة السفراء أن يکونوا علي مرتبة عالية من الإلتزام بالسرية وعدم الکشف عن المهام المناطة بهم خلال هذه المرحلة.

کما وضع الإمام عليه السلام الإطار العام والشروط الواجب توفّرها في النائب العام في مرحلة الغيبة الکبري إتماماً لما ورد عنهم من الصفات اللازمة عن آبائه عليهم السلام.


پاورقي

[1] الغيبة، الطوسي: 215.

[2] الغيبة، الطوسي: 172 ومابعدها.