الشيخ ابوعمرو عثمان بن سعيد العمري الاسدي


يُکنّي بأبي عمرو، ويُلقّب بالسمّان والزيّات لأنه کان يتّجر بالسمن، وبالعسکري لأنه کان يسکن العسکر(سامراء).

ويذکر ابن شهر آشوب المتوفي سنة (588 ه)أنّه کان باباً لأبي جعفر محمد بن علي التقي عليه السلام [1] .

ومثل ذلک العلامة الحلي، فقد عدّه من أصحاب الإمام الجوادعليه السلام، قال: خدمه وله إحدي عشرة سنة وله إليه عهد معروف [2] .

الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله [3] ذکر أنه کان من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام، وأن التحاقه - بهذه السن(إحدي عشرة سنة)- به کان ولخدمته، وأن العهد المعروف کان منه عليه السلام ثم ذکره في أصحاب ابنه العسکري [4] .

روي الشيخ الطوسي رحمه الله بسنده عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال: دخلت علي أبي الحسن علي بن محمد صلوات اللَّه عليه في يوم من الأيام فقلت: ياسيدي، أنا أغيب، وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليک إذا شهدت في کل وقت، فقول من نقبل؟ وأمر من نمتثل؟

فقال لي صلوات اللَّه عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لکم فعنّي يقوله وما أداه إليکم فعني يؤديه.

وشهد الإمام الحسن العسکري عليه السلام بأنه رحمه الله کان ثقة الإمام الهادي عليه السلام، قال أحمد بن إسحاق وهو يواصل الحديث السابق:

فلما مضي أبو الحسن عليه السلام، وصلت إلي أبي محمد ابنه الحسن العسکري عليه السلام ذات يوم، فقلت له مثل قولي لأبيه عليه السلام، فقال لي:«هذا أبو عمرو الثقة الأمين ثقة الماضي، وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لکم فعني يقوله، وما أدّي إليکم فعني يؤديه» [5] .

وروي أيضاً عن جعفر بن محمد بن مالک الفزاري البزار عن جماعة من الشيعة - ذکرناهم في الرواية السادسة عن الإمام الحسن العسکري عليه السلام - أنّ الإمام العسکري أنذرهم بعد أن أراهم ولده المهدي عليه السلام بأنهم لا يرونه بعد يومهم ذاک وقال:

فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلي أمره، واقبلوا قوله فهو خليفة إمامکم والأمر إليه [6] .

وفي کتاب الإمام أبي محمد الحسن العسکري عليه السلام إلي إسحاق ابن إسماعيل النيسابوري، قال الإمام عليه السلام في آخر الکتاب:«فلا تخرجن من البلد حتي تلقي العَمري رضي اللَّه عنه برضائي عنه فتسلم عليه، وتعرفه، ويعرفک، فإنه الطاهر الأمين العفيف القريب منا وإلينا، فکل ما يحمله إلينا من النواحي فإليه يصير آخر أمره ليوصل ذلک إلينا» [7] .

وبالإسناد عن عبداللَّه بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبوعمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري فغمزني أحمد أن أسأله عن الخلف عليه السلام فقلت له:

«يا أبا عمرو إني اُريد أن أسألک وما أنا بشکٍّ في ما اُريد أن أسألک عنه، فإن اعتقادي وديني؛ إن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا کان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً. فإن کان ذلک وقعت الحجة، وأغلق باب التوبة فلم يکن ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في إيمانها خيراً.. إلي أن قال: ولکن أحببت أن أزداد يقيناً، فإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يُريه کيف يحيي الموتي، فقال:«أوَلَم تُؤمِنْ قالَ بَلي وَلکِنْ لِيَطمَئِنَّ قَلبِي» [8] .

ثم قال الحميري وهو يکلم أبا عمرو:«وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام عن مثل ذلک فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليک فعنّي يؤديان، وما قالا لک فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان.

فهذا قول إمامين قد مضيا فيک.

قال: فخرّ أبو عمرو ساجداً وبکي، ثم قال: سل.

فقلت له: أنت رأيت الخلف من أبي محمدعليهما السلام؟ فقال: إي واللَّه، ورقبته مثل ذا... وأومأ بيديه [9] .

قلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات.

قلت: فالاسم.

قال رحمه الله: مُحرّم عليکم أن تسألوا عن ذلک، ولا أقول هذا من عندي، وليس لي أن اُحلّل واُحَرّم، ولکن عنه عليه السلام، وفسّر لهم حکمة ذلک قائلاً:(فإن الأمر عند السلطان، إن أبا محمدعليه السلام مضي ولم يخلف ولداً وقسّم ميراثه وأخذه من لا حق له - يعني جعفراً الکذّاب - وصبر علي ذلک. وهو ذا عيال يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم، أو ينيلهم شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا اللَّه، وأمسکوا عن ذلک) [10] [11] .


پاورقي

[1] ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، إمامة الإمام الجوادعليه السلام: 483 - 469.

[2] الخلاصة، الباب 8، القسم الأول من حرف العين، نقل عنه السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج11، ص120، ط1.

[3] رجال الطوسي، ص 240، ط 1، النجف.

[4] المصدر السابق: 434.

[5] الطوسي، الغيبة، ص 215، المجلسي، البحار، ج51، ص 344، السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج11، ص 120، ط 1.

[6] الغيبة، الطوسي: 217.

[7] رجال الکشي، ص 485،ط 1، النجف.

[8] البقرة: 260.

[9] قال المجلسي، رحمه اللَّه، ص 345 من م 51: أغلظ الرقاب حسناً وتماماً، ويبدو لي أنه يريد نفي ما في أذهان الناس من عدم وجوده أو موته وأنه حي، وهو تعبير شعبي ما زال مستعملاً لتأکيد حياة من يتوهم موته.

[10] الطوسي، الغيبة، ص 218 و 219، وفي ص 146، والمجلسي، البحار، ج51، ص 345.

[11] هذه الرواية تؤکد ما أشرنا إليه من أن هذا التحريم لا يتناول ما وراء الغيبة الصغري. وفي المعني نفسه ورد إلي محمد بن عثمان العمري رحمه اللَّه توقيع من الإمام عليه السلام ابتداء، وفيه يقول: ليخبر الذين يسألون عن الاسم إما السکوت والجنة وإما الکلام والنار، فإنهم إن وقفوا علي الاسم أذاعوه، وإن وقفوا علي المکان دلوا عليه. راجع: البحار، ج51، ص 351. وهناک روايات اُخري يفاد منها أن التحريم يرتبط بظروف التقية وجوداً وغاية(الصدوق، کمال الدين وتمام النعمة، ص 450 و 451).