المقدمة


لما کان القرآن الکريم کتاب هداية للناس کافة، وهو السبيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم يترک شأناً صغيراً أو کبيراً من شؤون الحياة إلّا وبيّنه بأحسن بيان؛ ولذا فمن اتخذ القرآن منهجاً له في الحياة ومرجعاً له في حل مشکلاتها سيأخذ به القرآن الي حيث السعادة في الدارين، ومن أعرض عنه واتّخذ مناهج الضلالة طريقاً ستکون معيشته في الحياة ذليلة ومصيره في الآخرة في النار.

وأحد المشاکل الکبري في حياة الإنسان والتي بدأت منذ القدم ولازال الحديث فيها لم ينتهِ بعد هي مسألة المستقبل البشري والعوامل المؤثرة في التاريخ فيما إذا کان يتحرک نحو هدف محدد أم لا؟ وإذا کان يتجه نحو نهاية محددة فما هي يا تري تلک المحطة التي ستنتهي إليها الإنسانية؟

کما انشغل الإنسان في البحث عن الدولة الفاضلة وسماتها التي تنبّأت بحدوثها الديانات السماوية کما تناولتها الفلسفات المادية وغيرها بالبحث والتحليل.

کل ذلک يدعونا الي طرح المسألة علي القرآن الذي لا يعقل بل لا يليق بالکتاب الکامل الذي خطته يد الغيب في أن يهمل تلک المسألة الحسّاسة والمصيرية في الحياة الإنسانية ويترک الحديث فيها لغيره.

ولکن المتتبّع لهذه المسألة في القرآن رغم التشويش الذي ألقته المناهج التفسيرية المتأثرة بالمدارس الکلامية التي ابتدعتها السياسة بعد وفاة صاحب الرسالةصلي الله عليه وآله سيجد أن القرآن الکريم قد اعتني بها أيما اعتناء.

وتوجد آيات کثيرة تناولت مسألة الإمام المهدي ودولته الإسلامية المرتقبة التي تعم الأرض وتقام علي أساس القسط والعدل بلا ظلم ولا کفر بوجوه شتي کل ذلک من أجل تثقيف الإنسان نحوها لأنها الغاية الکبري التي عمل الأنبياء والمعصومون لأجل وصول الإنسان إليها.

کما سنجد ضحالة التفکير الذي يعمد لفصل هذه المسألة عن الإسلام والقرآن وعن جهد الرسول صلي الله عليه وآله الذي کثيراً ما کان يشير الي خاتم الأوصياء بالاسم وبيان التخطيط الإلهي الذي ينتهي بدولته ضمن آلية مترابطة الحلقات.

من هنا فقد تناولنا مسألة المهدي في القرآن ضمن عدد من الفصول.

الفصل الأوّل: المناهج التفسيرية الطارئة وأثرها في الدراسات القرآنية.

الفصل الثاني: التأويل في القرآن الکريم.

الفصل الثالث: الإمامة في القرآن الکريم.

الفصل الرابع: حتمية الظهور.

الفصل الخامس: الظواهر في مرحلة الانتظار.

الفصل السادس: السنن الإلهية في مرحلة الانتظار.

الفصل السابع: الدولة الإسلامية والمجتمع الفاضل.