الخاتمة


اعلم ـ رحمک الله ـ أنّ القول بوجود المهديّ عليه الصلاة والسلام، وخروجه هو الحقّ الذي أخبر به نبيّ الاِسلام، وأجمع عليه الاَئمّة الاَعلام، علي مرّ العصور والاَيّام، فمخالفة هذا الاَمر الثابت المقطوع الذي کاد يلحق بالضروريّات، بل هو منها ـ کما مرّ عن شيخ الاِسلام البهائي؛ ـ جرأة عظيمة، ومهلکة سحيقة، يُخشي علي مقتحمها الکفر والارتداد عن ملّة الاِسلام، والعياذ بالله تعالي.

فليحذر الّذين يشکّکون في أمر المهديّ أن تصيبهم بذلک فتنة توجب خسرانهم وهلاکهم في الدارين، نسأل الله السلامة من الخذلان، والاستقامة علي الهدي، والثبات علي الحقّ، آمين.

قال شيخ الاِسلام ابن حجر الهيتميّ المکّيّ في القول المختصر ـ کما في البرهان [1] : الذي يتعين اعتقاده ما دلَّت عليه الاَحاديث الصحيحة من وجود المهديّ المنتظر الذي يخرج الدجّالُ وعيسي في زمانه ويصلّي خلفه، وأنّه المراد حيث أُطلق المهدي.

وقال الشيخ العلاّمة محمّـد بن أحمد السفارينيّ في اللوائح: الصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهديّ غير عيسي، وأنّه يـخرج قـبل نـزول عيسي عليه السلام، وقد کثرت بخروجه الروايات حتّي بلغت حدّ التواتر المعنوي، وشاع ذلک بين علماء السُنّة حتّي عُدّ من معتقداتهم.



[ صفحه 46]



قال: فالاِيمان بخروج المهديّ واجب کما هو مقرّر عند أهل العلم، ومدوّن في عقائد أهل السُنّة والجماعة، وکذا عند أهل الشيعة أيضاً [2] .

وقال الشيخ محمّـد ناصر الدين الاَلبانيّ: إنّ عقيدة خروج المهديّ ثابتة متواترة عنه صلي الله عليه وآله وسلم يجب الاِيمان بها، لاَنّها من أُمور الغيب، والاِيمان بها من صفات المتّقين، کما قال تعالي: (الَم ، ذلک الکتاب لا ريب فيه هدي للمتّقين ، الّذين يؤمنون بالغيب) [3] وإنّ إنکارها لا يصدر إلاّ من جاهل أو مکابر [4] .

وقد صححّ القول بخروج المهديّ المنتظر عليه السلام في آخر الزمان جماعة من أعلام الحفّاظ وأئمّة الحديث کالعُقَيْلي والخطّابي وابن حِبّان البُسْتي والقاضي عياض والقرطبيّ وابن تيميّة وابن کثير وابن حجر العسقلاني وغيرهم، فلا يتجرّأ ـ بعد ذلک کلّه ـ علي ردّ الاَحاديث وإنکار شأن المهدي عليه الصلاة والسلام إلاّ جاهل بليد أو مکابر عنيد، والله المستعان، وعليه التُّکلان.

والحمد لله ربّ العالمين، وصلّي الله علي محمّـد وآله الطيّبين الطاهرين.


پاورقي

[1] البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 168 ـ 169.

[2] انظر: لوائح الاَنوار البهيّة وسواطع الاَسرار الاِلهية، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2 :20 ـ 21.

[3] سورة البقرة 2: 1 ـ 3.

[4] مجلّة التمدّن الاِسلامي ـ السنة 22 ـ المجلّد 27 و 28 ـ ص 646، المطبوعة ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2 :391.