ما جاء في الامامة والوصية، و انهما من الله


(وباختياره، وأمانة يؤديها الامام إلي الامام بعده)

1 - أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الکوفي، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن أحمد بن مستورد الاشجعي [1] من کتابه في صفر سنة ست وستين ومائتين، قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن عبيد الله الحلبي [2] ، قال: حدثنا عبدالله ابن بکير، عن عمر [و] بن الاشعث قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول - ونحن عنده في البيت نحو من عشرين رجلا - فأقبل علينا وقال: لعلکم ترون أن هذا الامر في الامامة إلي الرجل منا يضعه حيث يشاء، والله إنه لعهد من الله نزل علي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلي رجال مسمين رجل فرجل حتي تنتهي إلي صاحبها.

2 - وأخبرني أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف ابن يعقوب الجعفي من کتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزوجل: إن الله يأمرکم أن تؤدوا الامانات إلي



[ صفحه 52]



اهلها وإذا حکمتم بين الناس أن تحکموا بالعدل إن الله نعما يعظکم به [3] قال: هي الوصية يدفعها الرجل منا إلي الرجل.

3 - وأخبرنا علي بن أحمد البندنيجي، عن عبيدالله بن موسي العلوي.

قال: حدثنا علي بن الحسن [4] عن اسماعيل بن مهران، عن المفضل بن صالح، عن معاذ بن کثير، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: الوصية نزلت من السماء علي رسول الله (صلي الله عليه واله وسلم) کتابا مختوما [5] ، ولم ينزل علي رسول الله (صلي الله عليه واله وسلم) کتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد هذه وصيتک في امتک إلي أهل - بيتک [6] فقال رسول الله (صلي الله عليه واله وسلم): أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ فقال: نجيب الله منهم وذريته [7] ليورثک علم النبوة قبل إبراهيم [8] وکان عليها خواتيم، ففتح علي (عليه السلام) الخاتم الاول ومضي لما امر فيه [9] ثم فتح الحسن (عليه السلام) الخاتم الثاني ومضي لما امر به، ثم فتح الحسين (عليه السلام) الخاتم الثالث فوجد فيه أن قاتل وأقتل وتقتل [10] واخرج بقوم للشهادة، لاشهادة لهم إلا معک ففعل وثم دفهعما إلي علي بن الحسين (عليهما السلام) ومضي،



[ صفحه 53]



ففتح علي بن الحسين الخاتم الرابع فوجد فيه أن أطرق واصمت [11] لما حجب العلم، ثم دفعها إلي محمد بن علي (عليهما السلام) ففتح الخاتم الخامس فوجد فيه أن فسر کتاب الله تعالي وصدق أباک وورث ابنک العلم واصطنع الامة [12] ، وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلي الذي يليه، فقال معاذ بن کثير: فقلت له: وأنت هو؟ فقال: ما بک في هذا إلا أن تذهب يا معاذ فترويه عني [13] نعم أنا هو، حتي عدد علي اثني عشر اسما ثم سکت، فقلت: ثم من؟ فقال: حسبک.

4 - أخبرنا علي بن أحمد البندنيجي، عن عبيد الله بن موسي، قال: حدثنا محمد بن أحمد القلانسي [14] قال: حدثنا محمد بن الوليد [15] عن يونس بن يعقوب [16] .



[ صفحه 54]



عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: دفع رسول الله (صلي الله علي وآله) إلي علي عليه السلام صحيفة مختومة باثني عشر خاتما، وقال: فض الاول واعمل به، وادفعها إلي الحسن (عليه السلام) يفض الثاني ويعمل به، ويدفعها إلي الحسين (عليه السلام) يفض الثالث ويعمل بما فيه، ثم إلي واحد واحد من ولد الحسين (عليهم السلام).

5 - وأخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسي، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر محمد ابن علي (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجل: إن الله يأمرکم أن تؤدوا الامانات إلي أهلها وإذا حکمتم بين الناس أن تحکموا بالعدل قال: أمر الله الامام منا أن يؤدي الامامة إلي الامام بعده، ليس [له] أن يزويها عنه ألا تسمع إلي قوله: وإذا حکمتم بين الناس أن تحکموا بالعدل إن الله نعما يعظکم به هم الحکام، أو لا تري أنه خاطب بها الحکام.

6 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الکوفي قال: حدثني أحمد بن يوسف ابن يعقوب، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: لا والله لا يدع الله هذا الامر إلا وله من يقوم به إلي يوم تقوم الساعة.

7 - وأخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسي العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني المفضل بن صالح أبوجميلة عن أبي [عبدالله] عبدالرحمن [17] ، عن أبي عبدالله (عليه السلام):



[ صفحه 55]



قال: إن الله جل اسمه أنزل من السماء إلي کل إمام عهده وما يعمل به، وعليه خاتم فيفضه ويعمل بما فيه [18] .

وإن في هذا يا معشر الشيعة لبلاغا لقوم عابدين وبيانا للمؤمنين، ومن أراد الله تعالي به الخير جعله من المصدقين المسلمين للائمة الهادين بما منحهم الله تعالي من کرامته، وخصهم به من خيرته، وحباهم [19] به من خلافته علي جميع بريته دون غيرهم من خلقه، إذ جعل طاعتهم طاعته بقوله عزوجل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منکم وقوله: من يطع الرسول فقد أطاع الله [20] ، فتدب الرسول (صلي الله عليه وآله سلم) الخلق إلي الائمة من ذريته الذين أمرهم الله تعالي بطاعتهم ودلهم عليهم، وأرشدهم إليهم بقوله (عليه السلام): إني مخلف فيکم الثقلين: کتاب الله وعترتي أهل بيتي، حبل ممدود بينکم وبين الله، ما إن تمسکتم به لن تضلوا وقال الله تعالي محثا للخلق إلي طاعته [21] ، ومحذرا لهم من عصيانه فيما يقوله ويأمر به فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [22] .

فلما خولف رسول الله (صلي الله عليه وسلم) ونبذ قوله وعصي أمره فيهم (عليهم السلام) واستبدوا بالامر دونهم، وجحدوا حقهم، ومنعوا تراثهم، ووقع التمالئ عليهم [23] بغيا وحسدا وظلما وعدوانا حق علي المخالفين أمره والعاصين ذريته [وعلي التابعين لهم والراضين بفعلهم] ما توعدهم الله من الفتنة والعذاب الاليم، فعجل لهم الفتنة في الدين بالعمي عن سواء السبيل والاختلاف في الاحکام والاهواء، والتشتت في



[ صفحه 56]



الآراء وخبط العشواء [24] ، وأعدلهم العذاب الاليم ليوم الحساب في المعاد.

وقد رأينا الله عزوجل ذکر في محکم کتابه ما عاقب به قوما من خلقه حيث يقول فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلي يقوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما کانوا يکذبون [25] فجعل النفاق الذي أعقبهموه عقوبة ومجازاة علي إخلافهم الوعد وسماهم منافقين [26] ثم قال في کتابه: إن المنافقين في الدرک الاسفل من النار [27] .

فإذا کانت هذه حال من أخلف الوعد في أن عقابه النفاق المؤدي إلي الدرک الاسفل من النار، فماذا تکون حال من جاهر الله عزوجل ورسوله (صلي الله عليه وآله) بالخلاف عليهما، والرد لقولهما، والعصيان لامرهما، والظلم والعناد لمن أمرهم الله بالطاعة لهم والتمسک بهم والکون معهم [28] حيث يقول: يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله وکونوا مع الصادقين [29] وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عزوجل عليه من جهاد عدوه، وبذل أنفسهم في سبيله، ونصرة رسوله، وإعزاز دينه حيث يقول: رجال صدوقا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا [30] فشتان بين الصادق لله وعده، والموفي بعهده، والشاري نفسه له [31] والمجاهد في سبيله، والمعز لدينه، الناصر لرسوله، وبين العاصي والمخالف رسوله (صلي الله عليه وآله)، والظالم عترته، ومن فعله أعظم من إخلاف الوعد المعقب للنفاق المؤدي إلي الدرک الاسفل من النار؟ نعوذ بالله منها.



[ صفحه 57]



وهذه - رحمکم الله - حال کل من عدل عن واحد من الائمة الذين اختارهم الله عزوجل، وجحد امامته، وأقام غيره مقامه، وادعي الحق لسواه إذ کان أمر الوصية والامامة بعهد من الله تعالي وباختياره لامن خلقه ولا باختيارهم، فمن اختار غير مختار الله وخالف أمر الله سبحانه ورد مورد الظالمين والمنافقين الحالين في ناره بحيث وصفهم الله عزوجل، نعوذ بالله من خلافه وسخطه وغضبه وعذابه ونسأله التثبت علي ماوهب لنا، والا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا برحمته ورأفته.


پاورقي

[1] عده الخطيب في تاريخه من مشايخ ابي العباس ابن عقدة.

[2] في بعض النسخ محمد بن عبدالله الحلبي وهو تصحيف.

[3] النساء: 58.

[4] يعني ابن فضال، وفي بعض النسخ علي بن الحسين کما في الکافي والظاهر تصحيفهما وقد يظن کون ما في الکافي علي بن الحسين المسعودي صاحب المروج ولکنه خطأ.

[5] أي مکتوبا بخط الهي مشاهدا من عالم الامر، کما أن جبرئيل (ع) کان ينزل عليه في صورة آدمي مشاهد من هناک.ولا يمکن لاحد أن يقرأ هذا الکتاب الا من اختاره الله للنبوة أو الامامة.

[6] في الکافي ج 1 ص 279 عند أهل بيتک.

[7] أي من نجبائه، والنجيب بمعني الکريم الحسيب، کني به عن اميرالمؤمنين عليه السلام.کما قاله في الوافي.

[8] کذا، وفي الکافي ليرثک علم النبوة کما ورثه ابراهيم (ع) ولعل عليه السلام زائد من النساخ والمراد بابراهيم ابراهيم بن رسول الله صلي الله عليه وآله.

[9] علي تضمين معني الاداء ونحوه أي مؤديا لما أمر به فيه.والضمير المذکر باعتبار الکتاب، والمؤنث باعتبار لفظ الوصية.

[10] في بعض النسخ أن قاتل إلي أن تقتل.

[11] قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: هذا کناية عن عدم الالتفات إلي ما عليه الخلق من آرائهم الباطلة وأفعالهم الشنيعة.

[12] أي أحسن اليهم وربهم بالعلم والعمل.

[13] أي ما بک بأس في اظهاري لک باني هوالا مخافة أن تذهب وتروي ذلک عني فأشتهر بذلک.وفي الکافي ما بي بأس وهو الاصوب.وفي نسخة فقال شأنک في هذا الا أن تذهب فتروي عني.

[14] هو محمدبن احمد بن خاقان النهدي حمدان القلانسي، ضعفه النجاشي بقوله انه مضطرب، ووثقه أبوالنضر العياشي وقال: کوفي فقيه ثقة خير.

[15] هو محمد بن الوليد الخزاز البجلي أبوجعفر الکوفي ثقة عين نقي الحديث کما في جش.

[16] هو يونس بن يعقوب بن قيس أبوعلي الجلاب البجلي الدهني الکوفي مولي نهد، له کتب وکان ثقة يتوکل لابي الحسن (ع) واختص بابي عبدالله صلوات الله عليه، ومات في ايام ابي الحسن الرضا (ع) بالمدينة فبعث اليه ابوالحسن (ع) بحنوطه وکفنه وجميع مايحتاج اليه، وأمر مواليه وموالي أبيه أن يحضروا جنازته، وأمر محمد بن الحباب أن يصلي عليه وقال: احفروا له في البقيع وان منعکم أهل المدينة وقالوا: انه عراقي لا ندفنه في البقيع فقولوا لهم: هذا مولي أبي عبدالله (ع) وکان يسکن العراق، فان منعتمونا أن ندفنه بالبقيع منعناکم ان تدفنوا مواليکم، فدفن في البقيع، وروي الکشي باسناده عن محمد بن الوليد قال: رآني صاحب المقبرة - وانا عند القبر بعد ذلک - فقال: من هذا الرجل صاحب القبر فان أبا الحسن علي بن موسي (ع) أوصاني به، وأمرني أن ارش قبره شهرا أو أربعين يوما في کل يوم، وقال لي ايضا: ان سرير رسول الله صلي الله عليه وآله عندي، فاذا مات رجل من بني هاشم صرالسرير - اي صوت - فأقول أيهم مات؟ حتي أعلم بالغداة، فصر السرير في الليلة التي مات فيها يونس، فقلت: لا أعرف احدا من بني هاشم مريضا فمن ذا الذي مات؟ فلما ان کان الغد جاؤوا فأخذوا السرير مني وقالوا: مولي لابي عبدالله (ع) مات کان يسکن العراق، وبالجملة کانت امه اخت معاوية بن عمار واسمها منية بنت عمار.

[17] کذا والظاهر کونه عبدالرحمن بن الحجاج المکني بابي عبدالله، وروي ابو - جميلة عنه في التهذيبين في غير مورد.فان کان ما بين القوسين زيادة من النساخ کما خط عليه في بعض النسخ فالظاهر کونه ابا عبدالرحمن الحذاء لکن لم أعثر علي رواية ابي جميلة عنه.

[18] فض ختم الکتاب: کسره وفتحه.

[19] منحه الشئ وحباه بکذا أي أعطاه اياه.

[20] النساء: 80.

[21] کذا، والقياس محثا الخلق علي طاعته وحثه علي الامر حضه وحمله عليه.

[22] النور: 63.

[23] تمالا القوم علي امر - مهموزا -: اجتمعوا عليه، وقيل: تعاونوا.

[24] الخبط: المشي علي غير الطريق، والعشواء: الناقة التي في بصرها ضعف تخبط بيديها اذا مشت لا تتوفي شيئا.

وهذا مثل يضرب لمن رکب امرا بجهالة، ولمن يمشي في الليل بلا مصباح فيتحير ويضل، وربماتردي في بئر أو سقط علي سبع.

[25] التوبة 77.

[26] في بعض النسخ وسماه نفاقا.

[27] النساء: 145.

[28] في بعض النسخ لمن امره الله بالطاعة له والتمسک به والکون معه.

[29] التوبة: 119.

[30] الاحزاب: 23.

[31] المراد من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله.