ما يکون عند ظهوره عليه السلام برواية المفضل بن عمر


أقول: روي في بعض مؤلفات أصحابنا، عن الحسين بن حمدان، عن محمد ابن إسماعيل و علي بن عبد الله الحسني، عن ابي شعيب [و] محمد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر [1] قال: سألت سيدي الصادق عليه السلام هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس؟ فقال: حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا، قلت: يا سيدي و لم ذاک؟ قال: لانه هو الساعة التي قال الله تعالي: و يسألونک عن الساعة



[ صفحه 2]



أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات و الارض. [2] .

الآية [و هو الساعة التي قال الله تعالي يسئلونک عن الساعة أيان مرساها] [3] و قال عنده علم الساعة [4] و لم يقل إنها عند أحد و قال فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها الآية [5] و قال اقتربت الساعة و انشق القمر [6] و قال ما يدريک لعل الساعة تکون قريبا [7] يستعجل بها [8] الذين لا يؤمنون بها و الذين آمنوا مشفقون منها و يعلمون أنها الحق الا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد.

قلت: فما معني يمارون؟ قال: يقولون متي ولد؟ و من رأي؟ و أين يکون؟ و متي يظهر؟ و کل ذلک استعجالا لامر الله، و شکا في قضائه، و دخولا في قدرته



[ صفحه 3]



أولئک الذين خسروا الدنيا و إن للکافرين لشرمآب.

قلت: أفلا يوقت له وقت؟ فقال: يا مفضل لا أوقت له وقتا و لا يوقت له وقت، إن من وقت لمهدينا وقتا فقد شارک الله تعالي في علمه، و ادعي أنه ظهر علي سره، و ما لله من سر إلا و قد وقع إلي هذا الخلق المعکوس الضال عن الله الراغب عن أوليآء الله، و ما لله من خبر إلا و هم أخص به لسره، و هو عندهم و إنما ألقي الله إليهم ليکون حجة عليهم.

قال المفضل: يا مولاي! فکيف بدؤ ظهور المهدي عليه السلام و إليه التسليم؟ قال عليه السلام: يا مفضل يظهر في شبهة ليستبين، فيعلو ذکره، و يظهر أمره، و ينادي باسمه و کنيته و نسبه و يکثر ذلک علي أفواه المحقين و المبطلين و الموافقين و المخالفين



[ صفحه 4]



لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به علي أنه قد قصصنا و دللنا عليه، و نسبناه و سميناه و کنيناه، و قلنا سمي جده رسول الله صلي الله عليه و آله و کنية لئلا يقول الناس: ما عرفنا له اسما و لا کنية و لا نسبا.

و الله ليتحقق الايضاح به و باسمه و نسبه و کنيته علي ألسنتهم، حتي ليسميه بعضهم لبعض، کل ذلک للزوم الحجة عليهم، ثم يظهره الله کما وعد به جده صلي الله عليه و آله في قوله عز و جل هو الذي أرسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين کله و لو کره المشرکون. [9] .

قال المفضل: يا مولاي فما تأويل قوله تعالي: ليظهره علي الدين کله و لو کره المشرکون قال عليه السلام: هو قوله تعالي و قاتلوهم حتي لا تکون فتنة و يکون الدين کله لله [10] فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل و الاديان الاختلاف و يکون الدين کله واحدا کما قال جل ذکره إن الدين عند الله الاسلام [11] و قال الله و من يبتغ الاسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين. [12] .

قال المفضل: قلت: يا سيدي و مولاي و الدين الذي في آبائه إبراهيم و نوح و موسي و عيسي و محمد صلي الله عليه و آله هو الاسلام؟ قال: نعم يا مفضل، هو الاسلام لا.

قلت: يا مولاي أ تجده في کتاب الله؟ قال: نعم من أوله إلي آخره و منه هذه الآية إن الدين عند الله الاسلام و قوله تعالي ملة أبيکم إبراهيم هو سماکم المسلمين [13] و منه قوله تعالي في قصة إبراهيم و إسماعيل و اجعلنا مسلمين لک و من ذريتنا أمة مسلمة لک [14] و قوله تعالي في قصة فرعون حتي إذا أدرکه الغرق قال آمنت أنه لا إله الذي آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين [15] و في قصة سليمان و بلقيس قبل أن يأتوني مسلمين و قولها أسلمت مع سليمان لله



[ صفحه 5]



رب العالمين. [16] .

و قول عيسي عليه السلام من أنصاري إلي الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله و اشهد بأنا مسلمون [17] و قوله عز و جل و له أسلم من في السموات و الارض طوعا و کرها [18] و قوله في قصة لوط فما وجدنا فيها بيت من المسلمين [19] و قوله قولوا آمنا بالله و ما أنزل إلينا إلي قوله لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون [20] و قوله تعالي أم کنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إلي قوله و نحن له مسلمون. [21] .

قلت: يا سيدي کم الملل؟ قال: أربعة و هي شرائع قال المفضل: قلت: يا سيدي المجوس لم سموا المجوس؟ قال عليه السلام: لانهم تمجسوا في السريانية و ادعوا علي آدم و علي شيث و هو هبة الله أنهما أ طلقا لهم نکاح الامهات و الاخوات و البنات و الخالات و العمات و المحرمات من النساء، و أنهما أمراهم أن يصلوا إلي الشمس حيث وقفت في السماء و لم يجعلا لصلاتهم وقتا، و إنما هو افتراء علي الله الکذب و علي آدم و شيث عليهما السلام.

قال المفضل: يا مولاي و سيدي لم سمي قوم موسي اليهود؟ قال عليه السلام: لقول الله عز و جل إنا هدنا إليک [22] أي اهتدينا إليک قال: فالنصاري؟ قال عليه السلام: لقول عيسي عليه السلام من أنصاري إلي الله و تلا الآية [23] إلي آخرها فسموا النصاري لنصرة دين الله؟ قال المفضل: فقلت: يا مولاي فلم سمي الصابئون الصابئين؟ فقال عليه السلام: إنهم صبوا إلي تعطيل الانبياء و الرسل و الملل و الشرائع، و قالوا: کلما جاؤا به باطل، فجحدوا توحيد الله تعالي، و نبوة الانبياء، و رسالة المرسلين، و وصية



[ صفحه 6]



الاوصياء، فهم بلا شريعة و لا کتاب و لا رسول، و هم معطلة العالم.

قال المفضل: سبحان الله ما أجل هذا من علم؟ قال عليه السلام: نعم، يا مفضل فألقه إلي شيعتنا لئلا يشکوا في الدين.

قال المفضل: يا سيدي ففي اي بقعة يظهر المدهي؟ قال عليه السلام: لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته کل عين، فمن قال لکم هذا فکذبوه.

قال المفضل: يا سيدي و لا يري وقت ولادته؟ قال: بلي و الله، ليري من ساعة ولادته إلي ساعة وفاة أبيه سنتين و تسعة أشهر أول ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة، لثمان خلون من شعبان سنة سبع و خمسين و مائتين إلي يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الاول من سنة ستين و مائتين و هو يوم وفاة أبيه بالمدينة التي التي بشاطئ دجلة يبنيها المتکبر الجبار المسمي بإسم جعفر، الضال الملقب بالمتوکل و هو المتأکل لعنه الله تعالي و هي مدينة تدعي بسر من رأي و هي ساء من رأي، يري شخصه المؤمن المحق سنة ستين و مائتين و لا يراه المشکک المرتاب، و ينفذ فيها أمره و نهيه، و يغيب عنها فيظهر في القصر بصابر [24] بجانب المدينة في حرم جده رسول الله صلي الله عليه و آله فيلقاه هناک من يسعده الله بالنظر إليه، ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست و ستين و مائتين فلا تراه عين أحد حتي يراه کل أحد و کل عين.

قال المفضل: قلت: يا سيدي فمن يخاطبه و لمن يخاطب؟ قال الصادق عليه السلام: تخاطبه الملائکة و المؤمنون من الجن و يخرج أمره و نهيه إلي ثقاته و ولاته و وکلائه و يقعد ببابه محمد بن نصير النميري في يوم غيبته بصابر ثم يظهر بمکة.

و و الله يا مفضل کاني أنظر إليه دخل مکة و عليه بردة رسول الله صلي الله عليه و آله، و علي رأسه عمامة صفراء، و في رجليه نعلا رسول الله صلي الله عليه و آله المخصوفة و في يده هراوته عليه السلام يسوق بين يديه عنازا عجافا [25] حتي يصل بها نحو البيت



[ صفحه 7]



ليس ثم احد يعرفه، و يظهر و هو شاب.

قال المفضل: يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبة؟ فقال عليه السلام: سبحان الله و هل يعرف ذلک؟ يظهر کيف شاء و باي صورة شاء إذا جاءه الامر من الله تعالي مجده وجل ذکره.

قال المفضل: يا سيدي فمن اين يظهر و کيف يظهر؟ قال: يا مفضل يظهر وحده و يأتي البيت وحده، و يلج الکعبة وحده، و يجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون و غسق الليل نزل إليه جبرئيل و ميکائيل عليهما السلام، و الملائکة صفوفا فيقول له جبرئيل: يا سيدي قولک مقبول، و أمرک جائز، فيمسح عليه السلام يده علي علي وجهه و يقول: الحمد لله الذي صدقنا وعده، و أورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين. [26] .

و يقف بين الرکن و المقام، فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي و أهل خاصتي و من ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري علي وجه الارض! ائتوني طائعين! فترد صيحته عليه السلام عليهم و هم علي محاريبهم، و علي فرشهم، في شرق الارض و غربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن کل رجل، فيجيئون نحوها، و لا يمضي لهم إلا کلمحة بصر، حتي يکون کلهم بين يديه عليه السلام بين الرکن و المقام.

فيأمر الله عز و جل النور فيصير عمودا من الارض إلي السماء فيستضئ به کل مؤمن علي وجه الارض، و يدخل عليه نور من جوف بيته، فتفرح نفوس المؤمنين بذلک النور، و هم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليه و عليهم السلام.

ثم يصبحون وقوفا بين يديه، و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا بعدة اصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله يوم بدر.

قال المفضل: يا مولاي يا سيدي فاثنان و سبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين بن علي عليهما السلام يظهرون معهم؟ قال: يظهر منهم أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام في اثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة علي عليه السلام و عليه عمامة سوداء.



[ صفحه 8]



قال المفضل: يا سيدي فبغير سنة القائم عليه عليه السلام بايعوا له قبل ظهوره و قبل قيامه؟ فقال عليه السلام: يا مفضل کل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعته کفر و نفاق و خديعة، لعن الله المبايع لها و المبايع له، بل يا مفضل يسند القائم عليه السلام ظهره إلي الحرم، و يمد يده فتري بيضاء من سوء و يقول: هذه يد الله، و عن الله، و بأمر الله ثم يتلو هذه الآية: إن الذين يبايعونک إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نکث فإنما ينکث علي نفسه [27] الآية.

فيکون أول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام ثم يبايعه و تبايعه الملائکة و نجباء الجن، ثم النقباء و يصبح الناس بمکة، فيقولون: من هذا الرجل الذي بجانب الکعبة؟ و ما هذا الخلق الذين معه؟ و ما هذه الآية التي رأيناها الليلة و لم تر مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض: هذا الرجل هو صاحب العنيزات. [28] .

فيقول بعضهم لبعض: أنظروا هل تعرفون أحدا ممن معه، فيقولون: لا نعرف أحدا منهم إلا أربعة من أهل مکة، و أربعة من أهل المدينة، و هم فلان و فلان و يعدونهم بأسمائهم، و يکون هذا أول طلوع الشمس في ذلک اليوم، فإذا طلعت الشمس و أضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين، يسمع من في السماوات و الارضين: يا معشر الخلائق! هذا مهدي آل محمد و يسميه بإسم جده رسول الله صلي الله عليه و آله و يکنيه، و ينسبه إلي أبيه الحسن الحادي عشر إلي الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين بايعوه تهتدوا، و لا تخالفوا أمره فتضلوا.

فأول من يقبل يده الملائکة، ثم الجن، ثم النقباء و يقولون: سمعنا و أطعنا و لا يبقي ذو أذن من الخلائق إلا سمع ذلک النداء، و تقبل الخلائق من البدو و الحضر و البر و البحر، يحدث بعضهم بعضا و يستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم.

فإذا دنت الشمس للغروب، صرخ صارخ من مغربها: يا معشر الخلائق قد ظهر ربکم بوادي اليابس من أرض فلسطين و هو عثمان بن عنبسة الاموي من ولد



[ صفحه 9]



يزيد بن معاوية فبايعوه تهتدوا، و لا تخالفوا عليه فتضلوا، فيرد عليه الملائکة و الجن و النقباء قوله، و يکذبونه، و يقولون له: سمعنا و عصينا، و لا يبقي ذو شک و لا مرتاب و لا منافق و لا کافر إلا ضل بالنداء الاخير.

و سيدنا القائم عليه السلام مسند ظهره إلي الکعبة، و يقول: يا معشر الخلائق ألا وم أراد أن ينظر إلي آدم و شيث، فها أنا ذا آدم و شيث، الا و من أراد أن ينظر إلي نوح و ولده سام فها أنا ذا نوح وسام، الا و من أراد أن ينظر إلي إبراهيم و إسماعيل فها أنا ذا إبراهيم و إسماعيل، الا و من أراد أن ينظر إلي موسي و يوشع، فها أنا ذا موسي و يوشع، الا و من أراد أن ينظر إلي عيسي و شمعون فها أناذا عيسي و شمعون.

الا و من أراد أن ينظر إلي محمد و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما فها أنا ذا محمد صلي الله عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام، الا و من أراد أن ينظر إلي الحسن و الحسين عليهما السلام فها أنا ذا الحسن و الحسين، الا و من أراد أن ينظر إلي الائمة من ولد الحسين عليهم السلام فها أنا ذا الائمة عليهم السلام أجيبوا إلي مسألتي، فاني أنبئکم بما نبئتم به و ما لم تنبئوا به.

و من کان يقرأ الکتب و الصحف فليسمع مني، ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله علي آدم و شيث عليهما السلام، و يقول أمة آدم و شيث هبة الله: هذه و الله هي الصحف حقا، و لقد أرانا ما لم نکن نعلمه فيها، و ما کان خفي علينا، و ما کان أسقط منها و بدل و حرف، ثم يقرأ صحف نوح و صحف إبراهيم و التوراة و الانجيل و الزبور فيقول أهل التوراة و الانجيل و الزبور: هذه و الله صحف نوح و إبراهيم عليهما السلام حقا، و ما أسقط منها و بدل و حرف منها هذه و الله التوراة الجامعة و الزبور التام و الانجيل الکامل و إنها أضعاف ما قرأنا منها. [29] .

ثم يتل القرآن فيقول المسلمون: هذا و الله القرآن حقا الذي أنزله الله



[ صفحه 10]



علي محمد صلي الله عليه و آله، و ما أسقط منه و حرف و بدل.

ثم تظهر الدابة بين الرکن و المقام، فتکتب في وجه المؤمن مؤمن و في وجه الکافر کافر ثم يقبل علي القائم عليه السلام رجل وجهه إلي قفاه، و قفاه إلي صدره [30] و يقف بين يديه فيقول: يا سيدي أنا بشير أمرني ملک من الملائکة أن ألحق بک و أبشرک بهلاک جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم عليه السلام: بين قصتک و قصة أخيک.

فيقول الرجل کنت وأخي في جيش السفياني و خربنا الدنيا من دمشق إلي الزوراء و ترکناها جماء، و خربنا الکوفة و خربنا المدينة، و کسرنا المنبر [31] وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و خرجنا منها و عددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت، و قتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها، فصاح بنا صائح يا بيداء ابيدي القوم الظالمين فانفجرت الارض، و ابتلعت کل الجيش، فو الله ما بقي علي وجه الارض عقال ناقة فما سواه غيري و غير أخي.

فإذا نحن بملک قد ضرب وجوهنا فصارت إلي ورائنا کما تري، فقال لاخي: ويلک يا نذير! أمض إلي الملعون السفياني بدمشق، فأنذره بظهور المهدي من آل محمد عليهم السلام، و عرفه أن الله قد أهلک جيشه بالبيداء، و قال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمکة و بشره بهلاک الظالمين، و تب علي يده، فإنه يقبل توبتک، فيمر القائم عليه السلام يده علي وجهه فيرده سويا کما کان، و يبايعه و يکون معه.

قال المفضل: يا سيدي! و تظهر الملائکة و الجن للناس؟ قال: إي و الله يا مفضل، و يخاطبونهم کما يکون الرجل مع حاشيته و أهله، قلت: يا سيدي و يسيرون معه؟ قال: إي و الله يا مفضل و لينزلن أرض الهجرة ما بين الکوفة و النجف



[ صفحه 11]



و عدد اصحابه عليه السلام حينئذ ستة و أربعون الفا من الملائکة و ستة آلاف من الجن و في رواية أخري: و مثلها من الجن بهم ينصره الله و يفتح علي يديه.

قال المفضل: فما يصنع بأهل مکة؟ قال: يدعوهم بالحکمة و الموعظة الحسنة، فيطيعونه و يستخلف فيهم رجلا من أهل بيته، و يخرج يريد المدينة.

قال المفضل: يا سيدي فما يصنع بالبيت؟ قال: ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببکة في عهد آدم عليه السلام و الذي رفعه إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام منها و إن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي و لا وصي، ثم يبنيه کما يشاء الله و ليعفين آثار الظالمين بمکة و المدينة و العراق و سائر الاقاليم، و ليهد من مسجد الکوفة، و ليبنيه علي بنيانه الاول، و ليهد من القصر العتيق، ملعون ملعون من بناه.

قال المفضل: يا سيدي يقيم بمکة؟ قال: لا يا مفضل بل يستخلف منها رجلا من أهله، فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه، فيرجع إليهم فيأتونه مهطعين مقنعي رؤوسهم يبکون و يتضرعون، و يقولون: يا مهدي آل محمد التوبة التوبة فيعظهم و ينذرهم، و يحذرهم، و يستخلف عليهم منهم خليفة و يسير، فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد إليهم أنصاره من الجن و النقباء و يقول لهم: ارجعوا فلا تبقوا منهم بشرا إلا من آمن، فلو لا أن رحمة ربکم وسعت کل شيء و أنا تلک الرحمة لرجعت إليهم معکم، فقد قطعوا الاعذار بينهم و بين الله، و بيني و بينهم، فيرجعون إليهم، فو الله لا يسلم من المائة منهم واحد لا و الله و لا من ألف واحد.

قال المفضل: قلت: يا سيدي فأين تکون دار المهدي، و مجتمع المؤمنين؟ قال: دار ملکه الکوفة، و مجلس حکمه جامعها، و بيت ماله و مقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، و موضع خلواته الذکوات البيض من الغريين.

قال المفضل: يا مولاي کل المؤمنين يکونون بالکوفة؟ قال: إي و الله لا يبقي مؤمن إلا کان بها أو حواليها، و ليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم و ليودن أکثر الناس أنه اشتري شبرا من ارض السبع بشبر من ذهب، و السبع



[ صفحه 12]



خطة من خطط همدان، و ليصيرن الکوفة أربعة و خمسين ميلا و ليجاورن قصورها کربلا، و ليصيرن الله کربلاء معقلا و مقاما تختلف فيه الملائکة و المؤمنون و ليکونن لها شأن من الشأن، و ليکونن فيها من البرکات ما لو و قفم مؤمن و دعا ربه بدعوة لاعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملک الدنيا ألف مرة.

ثم تنفس أبو عبد الله عليه السلام و قال: يا مفضل إن بقاع الارض تفاخرت: ففخرت کعبة البيت الحرام، علي بقعة کربلا، فأوحي الله إليها أن اسکتي کعبة البيت الحرام، و لا تفتخري علي کربلا، فانها البقعة المبارکة التي نودي موسي منها من الشجرة، و إنها الربوة التي أويت إليها مريم و المسيح و إنها الدالية [32] التي غسل فيها رأس الحسين عليه السلام و فيها غسلت مريم عيسي عليه السلام و اغتسلت من ولادتها و إنها خير بقعة عرج رسول الله صلي الله عليه و آله منها وقت غيبته، و ليکونن لشيعتنا فيها خيرة إلي ظهور قائمنا عليه السلام.

قال المفضل: يا سيدي ثم يسير المهدي إلي أين؟ قال عليه السلام: إلي مدينة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، فإذا وردها کان فه فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين و خزي الکافرين.

قال المفضل: يا سيدي ما هو ذاک؟ قال: يرد إلي قبر جده صلي الله عليه و آله فيقول: يا معاشر الخلائق، هذا قبر جدي رسول الله صلي الله عليه و آله؟ فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد فيقول: و من معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه و ضجيعاه أبو بکر و عمر، فيقول و هو أعلم بهما و الخلائق کلهم جميعا يسمعون: من أبو بکر و عمر؟ و کيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، و عسي المدفون غيرهما.

فيقول الناس: يا مهدي آل محمد صلي الله عليه و آله ما ههنا غيرهما إنهما دفنا معه لانهما خليفتا رسول الله صلي الله عليه و آله و أبوا زوجتيه، فيقول للخلق بعد ثلاث: أخرجوهما من قبريهما، فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما، و لم يشحب لونهما



[ صفحه 13]



فيقول: هل فيکم من يعرفهما؟ فيقولون: نعرفهما بالصفة و ليس ضجيعا جدک غيرهما، فيقول: هل فيکم أحد يقول هذا أو يشک فيهما؟ فيقولن: لا فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام، ثم ينتشر الخبر في الناس و يحضر المهدي و يکشف الجدران عن القرين، و يقول للنقباء: ابحثوا عنهما و انبشوهما.

فيبحثون بأيديهم حتي يصلون إليهما.

فيخرجان غضين طريين کصورتهما فيکشف عنهما أکفانهما و يأمر برفعهما علي دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها، فتحيي الشجرة و تورق و يطول فرعها. [33] .

فيقول المرتابون من أهل ولايتهما: هذا و الله الشرف حقا، و لقد فزنا بمحبتهما و ولايتهما، و يخبر من أخفي نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما و ولايتهما، فيحضرونهما و يرونهما و يفتنون بهما و ينادي منادي المهدي عليه السلام: کل من أحب صاحبي رسول الله صلي الله عليه و آله و ضجيعيه، فلينفرد جانبا، فتتجزء الخلق جزئين أحدهما موال و الآخر متبرئ منهما.

فيعرض المهدي عليه السلام علي أوليائهما البراءة منهما فيقولون: يا مهدي آل رسول الله صلي الله عليه و آله نحن لم نتبرأ منهما، و لسنا نعلم أن لهما عند الله و عندک هذه المنزلة، و هذا الذي بدا لنا من فضلهما، أنتبرأ الساعة منهما و قد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت؟ من نضارتهما و غضاضتهما، و حياة الشجرة بهما؟ بل و الله نتبرأ منک و ممن آمن بک و من لا يؤمن بهما، و من صلبهما، و أخرجهما، و فعل بهما ما فعل فيأمر المهدي عليه ريحا سوداء فتهب عليهم فتجعلهم کأعجاز نخل خاوية.

ثم يأمر بانزالهما فينزلا إليه فيحييهما باذن الله تعالي و يأمر الخلائق بالاجتماع، ثم يقص عليهم قصص فعالهما في کل کور و دور [34] حتي يقص عليهم



[ صفحه 14]



قتل هابيل بن آدم عليه السلام، و جمع النار لابراهيم عليه السلام، و طرح يوسف عليه السلام في الجب، و حبس يونس عليه السلام في الحوت، و قتل يحيي عليه السلام، و صلب عيسي عليه السلام و عذاب جرجيس و دانيال عليهما السلام، و ضرب سلمان الفارسي، و إشعال النار [35] علي باب أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام لاحراقهم بها، و ضرب يد الصديقة الکبري فاطمة بالسوط، و رفس بطنها و إسقاطها محسنا، وسم الحسن عليه السلام و قتل الحسين عليه السلام، و ذبح أطفاله و بني عمه و أنصاره، و سبي ذراري رسول الله صلي الله عليه و آله و إراقة دماء آل محمد صلي الله عليه و آله، و کل دم سفک، و کل فرج نکح حراما، و کل رين و خبث و فاحشة و إثم و ظلم و جور و غشم منذ عهد آدم عليه السلام إلي وقت قيام قائمنا عليه السلام کل ذلک يعدده عليه السلام عليهما، و يلزمهما إياه فيعترفان به ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلک الوقت بمظالم من حضر، ثم يصلبهما علي الشجرة و يأمر نارا تخرج من الارض فتحرقهما و الشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما في اليم نسفا.

قال المفضل: يا سيدي ذلک آخر عذابهما؟ قال: هيهات يا مفضل و الله ليردن و ليحضرن السيد الاکبر محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و الصديق الاکبر أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الائمة عليهم السلام و کل من محض الايمان محضا أو محض الکفر محضا، و ليقتصن منهما لجميعهم حتي أنهما ليقتلان في کل يوم و ليلة ألف قتلة، و يرد ان إلي ما شاء ربهما.

ثم يسير المهدي عليه السلام إلي الکوفة و ينزل ما بين الکوفة و النجف، و عنده أصحابه في ذلک اليوم ستة و أربعون ألفا من الملائکة و ستة آلاف من الجن، و النقباء ثلاثمائة و ثلاثة عشر نفسا.

قال المفضل: يا سيدي کيف تکون دار الفاسقين في ذلک الوقت؟ قال: في لعنة الله و سخطه تخربها الفتن و تترکها جماء فالويل لها و لمن بها کل الويل من الرايات الصلر، و رايات المغرب، و من يجلب الجزيرة و من الرايات التي تسير إليها من کل قريب أو بعيد.



[ صفحه 15]



و الله لينزلن بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الامم المتمردة من أول الدهر إلي آخره، و لينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت و لا أذن سمعت بمثله و لا يکون طوفان أهلها إلا بالسيف، فالويل لمن اتخذ بها مسکنا فان المقيم بها يبقي لشقائه، و الخارج منها برحمة الله.

و الله ليبقي من أهلها في الدنيا حتي يقال: إنها هي الدنيا، و إن دورها و قصورها هي الجنة، و إن بناتهاهن الحور العين، و إن ولدانها هم الولدان و ليظنن أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها، و ليظهرن فيها من الامراء علي الله و علي رسوله صلي الله عليه و آله، و الحکم بغير کتابه، و من شهادات الزور، و شرب الخمور و [إتيان] الفجور، و أکل السحت و سفک الدماء ما لا يکون في الدنيا کلها إلا دونه، ثم ليخربها الله بتلک الفتن و تلک الرايات، حتي ليمر عليها المار فيقول: ههنا کانت الزوراء.

ثم يخرج الحسني الفتي الصبيح الذي نحو الديلم! يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد أجيبوا الملهوف، و المنادي من حول الضريح فتجيبه کنوز الله يا لطالقان کنوز وأي کنوز، ليست من فضة و لا ذهب، بل هي رجال کزبر الحديد، علي البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، و لم يزل يقتل الظلمة حتي يرد الکوفة و قد صفا أکثر الارض، فيجعلها له معقلا.

فيتصل به و بأصحابه خبر المهدي عليه السلام، و يقولون: يا ابن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا، فيقول: أخرجوا بنا إليه حتي ننظر من هو؟ و ما يريد؟ و هو و الله يعلم أنه المهدي، و أنه ليعرفه، و لم يرد بذلک الامر إلا ليعرف أصحابه من هو؟ فيخرج الحسني فيقول: إن کنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدک رسول الله صلي الله عليه و آله و خاتمه، و بردته، و درعه الفاضل، و عمامته السحاب، و فرسه اليربوع و ناقته العضباء، و بغلته الدلدل، و حماره اليعفور، و نجيبه البراق، و مصحف أمير المؤمنين عليه السلام؟ فيخرج له ذلک ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد



[ صفحه 16]



و تورق، و لم يرد ذلک إلا أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السلام حتي يبايعوه.

فيقول الحسني: الله أکبر مد يدک يا ابن رسول الله حتي نبايعک فيمد يده فيبايعه و يبايعه سائر العسکر الذي مع الحسني إلا أربعين ألفا اصحاب المصاحف المعرفون بالزيدية، فانهم يقولون: ما هذا إلا سحر عظيم.

فيختلط العسکران فيقبل المهدي عليه السلام علي الطائفة المنحرفة، فيعظهم و يدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلا طغيانا و کفرا، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا ثم يقول لاصحابه: لا تأخذوا المصاحف، و دعوها تکون عليهم حسرة کما بدلوها و غيروها و حرفوها و لم يعملوا بما فيها.

قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يصنع المهدي؟ قال: يثور سرايا [36] علي السفياني إلي دمشق، فيأخذونه و يذبحونه علي الصخرة.

ثم يظهر الحسين عليه السلام في اثني عشر ألف صديق و اثنين و سبعين رجلا اصحابه يوم کربلا، فيا لک عندها من کرة زهراء بيضاء.

ثم يخرج الصديق الاکبر أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام و ينصب له القبة بالنجف، و يقام أرکانها: رکن بالنجف، و رکن بهجر، و رکن بصنعا، و رکن بأرض طيبة، لکأني أنظر إلي مصابيحه تشرق في السماء و الارض، کاضواء من الشمس و القمر، فعندها تبلي السرائر، و تذهل کل مرضعة عما أرضعت [37] إلي آخر الآية.

ثم يخرج السيد الاکبر محمد رسول الله صلي الله عليه و نله في أنصاره و المهاجرين، و من آمن به و صدقه و استشهد معه، و يحضر مکذبوه و الشاکون فيه و الرادون عليه و القائلون فيه أنه ساحر و کاهن و مجنون، و ناطق عن الهوي، و من حاربه و قاتله حتي يقتص منهم بالحق، و يجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول الله صلي الله عليه و آله إلي



[ صفحه 17]



ظهور المهدي مع إمام إمام، و وقت وقت، و يحق تأويل هذه الآية و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين و نمکن لهم في الارض، و نري فرعون و هامان و جنودهما منهم ما کانوا يحذرون. [38] .

قال المفضل: يا سيدي و من فرعون و هامان؟ قال: أبو بکر و عمر.

قال المفضل: قلت: يا سيدي و رسول الله و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما يکونان معه؟ فقال: لا بد أن يطآ الارض إي و الله حتي ما وراء الخاف، إي و الله و ما في الظلمات، و ما في قعر البحار، حتي لا يبقي موضع قدم إلا وطئا و أقاما فيه الدين الواجب لله تعالي.

ثم لکأني أنظر يا مفضل إلينا معاشر الائمة بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله نشکوا إليه ما نزل بنا من الامة بعده، و ما نالنا من التکذيب و الرد علينا و سبينا و لعننا و تخويفنا بالقتل، و قصد طواغيتهم الولاة لامورهم من دون الامة بترحيلنا عن الحرمة إلي دار ملکهم، و قتلهم إيانا بالسم و الحبس، فيبکي رسول الله صلي الله عليه و آله و يقول: يا بني ما نزل بکم إلا ما نزل بجدکم قبلکم.

ثم تبتدي فاطمة عليها السلام و تشکو ما نالها من أبي بکر و عمر، و أخذ فدک منها و مشيها إليه في مجمع من المهاجرين و الانصار، و خطابها له في أمر فدک، و ما رد عليها من قوله: إن الابياء لا تورث، و احتجاجها بقول زکريا و يحيي عليهما السلام و قصة داود و سليمان عليهما السلام.

و قول عمر: هاتي صحيفتک التي ذکرت أن أباک کتبها لک و إخراجها الصحيفة و أخذه إياها منها، و نشره لها علي رؤوس الاشهاد من قريش و المهاجرين و الانصار و؟ العرب و تفله فيها، و تمزيقه إياها و بکائها، و رجوعها إلي قبر أبيها رسول الله صلي الله عليه و آله باکية حزينا تمشي علي الرمضاء قد أقلقتها، و استغاثتها بالله و بأبيها رسول الله صلي الله علهي و آله و نثلها بقول رقيقة بنت صيفي: [39] .



[ صفحه 18]





قد کان بعدک و هنبثة

لو کانت شاهدها لم يکبر الخطب



إنا فقدناک فقد الارض وابلها

و اختل أهلک فاشهدهم فقد لعبوا



أبدت رجال لنا فحوي صدورهم

لما نأيت و حالت دونک الحجب



لکل قوم لهم قرب و منزلة

عند الاله علي الادنين مقترب



يا ليت قبلک کان الموت حل بنا

أملوا أناس ففازوا بالذي طلبوا



و تقص عليه قصة أبي بکر و إنفاذه خالد بن الوليد و قنفذا و عمر بن الخطاب و جمعه الناس لاخراج أمير المؤمنين عليه السلام من بيته إلي البيعة في سقيفة بني ساعدة و اشتغال أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفات رسول الله صلي الله عليه و آله بضم أزواجه و قبره و تعزيتهم و جمع القرآن و قضاء دينه، و إنجاز عداته، و هي ثمانون ألف درهم، باع فيها تليده و طارفه و قضاها عن رسول الله صلي الله عليه و آله.

و قول عمر: أخرج يا علي إلي ما أجمع عليه المسلمون و إلا قتلناک، و قول فضة جارية فاطمة: إن أمير المؤمنين عليه السلام مشغول و الحق له إن أنصفتم من أنفسکم و أنصفتموه، و جمعهم الجزل و الحطب علي الباب لاحراق بيت أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و زينب وأم کلثوم و فضة، و إضر امهم النار علي الباب، و خروج فاطمة إليهم و خطابها لهم من وراء الباب.

و قولها: ويحک يا عمر ما هذه الجرأة علي الله و علي رسوله؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا و تفنيه و تطفئ نور الله؟ و الله متم نوره، و انتهاره لها.

و قوله: کفي يا فاطمة فليس محمد حاضرا و لا الملائکة آتية بالامر و النهي و الزجر من عند الله، و ما علي إلا کأحد المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بکر أو إحراقکم جميعا.



[ صفحه 19]



فقالت و هي باکية: أللهم إليک نشکو فقد نبيک و رسولک و صفيک، و ارتداد أمته علينا، و منعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في کتابک المنزل علي نبيک المرسل.

فقال لها عمر: دعي عنک يا فاطمة حمقات النساء، فلم يکن الله ليجمع لکم النبوة و الخلافة، و أخذت النار في خشب الباب.

و إدخال قنفذ يده لعنه الله يروم فتح الباب، و ضرب عمر لها بالسوط علي عضدها، حتي صار کالدملج الاسود، و رکل الباب برجله، حتي أصاب بطنها و هي حاملة بالمحسن، لستة أشهر و إسقاطها إياه.

و هجوم عمر و قنفذ و خالد بن الوليد و صفقه خدها حتي بدا قرطاها تحت خمارها، و هي تجهر بالبکاء، و تقول: وا أبتاه، و اسرسول الله، ابنتک فاطمة تکذب و تضرب، و يقتل جنين في بطنها.

و خروج أمير المؤمنين عليه السلام من داخل الدار محمر العين حاسرا، حتي ألقي ملاءته عليها، و ضمها إلي صدره و قوله لها: يا بنت رسول الله قد علمتي أن أباک بعثه الله رحمة للعالمين، فالله الله أن تکشفي خمارک، و ترفعي ناصيتک، فو الله يا فاطمة لئن فعلت ذلک لا ابقي الله علي الارض من يشهد أن محمدا رسول الله و لا موسي و لا عيسي و لا إبراهيم و لا نوح و لا ندم، [و لا] دابة تمشي علي الارض و لا طائرا في السماء إلا أهلکه الله.

ثم قال: يا ابن الخطاب لک الويل من يومک هذا و ما بعده و ما يليه أخرج قبل أن أشهر سيفي فافني غابر الامة.

فخرج عمر و خالد بن الوليد و قنفذ و عبد الرحمن بن أبي بکر فصاروا من خارج الدار، و صاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة مولاتک فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة ورد الباب، فأسقطت محسنا فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فانه لاحق بجده رسول صلي الله عليه و آله فيشکو إليه.

و حمل أمير المؤمنين لها في سواد الليل و الحسن و الحسين و زينب وأم کلثوم إلي دور المهاجرين و الانصار، يذکرهم بالله و رسوله، و عهده الذي بايعوا الله



[ صفحه 20]



و رسوله، و بايعوه عليه في أربعة مواطن في حياة رسول الله صلي الله عليه و آله [40] و تسليمهم عليه بامرة المؤمنين في جميعها، فکل يعده بالنصر في يومه المقبل، فإذا اصبح قعد جميعهم عنه ثم يشکو إليه أمير المؤمنين عليه السلام المحن العظيمة التي امتحن بها بعده.

و قوله لقد کانت قصتي مثل قصة هارون مع بني إسرائيل و قولي کقوله لموسي يا ابن أم إن القوم استضعفوني و کادوا يقتلونني فلا تشمت بي الاعداء و لا تجعلني مع القوم الظالمين [41] فصبرت محتسبا و سلمت راضيا و کانت الحجة عليهم في خلائي، و نقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول الله.

و احتملت يا رسول الله ما لم يحتمل وصي نبي من سائر الاوصياء من سائر الامم حتي قتلوني بضربة عبد الرحمن بن ملجم، و کان الله الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي.

و خروج طلحة و الزبير بعائشة إلي مکة يظهران الحج و العمرة و سيرهم بها إلي البصرة، و خروجي إليهم و تدکيري لهم الله و إياک، و ما جئت به يا رسول الله، فلم يرجعا حتي نصرني الله عليهما حتي أهرقت دماء عشرين ألف من المسلمين و قطعت سبعون کفا علي زمام الجمل، فما لقيت في غزواتک يا رسول الله و بعدک اصعب يوما منه ابدا، لقد کان من أصعب الحروب التي لقيتها، و أهولها و أعظمها فصبرت کما أدبني الله بما ادبک به يا رسول الله في قوله عز و جل فاصبر کما صبر أولوا العزم من الرسل [42] و قوله و اصبر و ما صبرک إلا بالله [43] و حق و الله يا رسول الله تأويل الآية التي أنزلها الله في الامة من بعدک في قوله و ما محمد



[ صفحه 21]



إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فان مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم و من ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيزي الله الشاکرين. [44] .

يا مفضل و يقوم الحسن عليه السلام إلي جده صلي الله عليه و آله فيقول: يا جداه کنت مع أمير المؤمنين في دار هجرته بالکوفة حتي استشهد بضربة عبد الرحمن ابن ملجم لعنه الله فوصاني بما وصيته يا جداه، و بلغ اللعين معاوية قتل أبي فأنفذ الدعي اللعين زيادا إلي الکوفة في مائة ألف و خمسين ألف مقاتل [45] فأمر بالقبض علي و علي اخي الحسين و سائر إخواني و أهل بيتي، و شيعتنا و موالينا و أن يأخذ علينا البيعة لمعاوية لعنه الله، فمن يأبي منا ضرب عنقه و سير إلي معاوية رأسه.

فلما علمت ذلک من فعل معاوية، خرجت من داري، فدخلت جامع الکوفة للصلاة، ورقأت المنبر و اجتمع الناس، فحمدت الله و أثنيت عليه، و قلت: معشر الناس عفت الديار، و محيت الآثار، و قل الاصطبار، فلا قرار علي همزات الشياطين و حکم الخائنين، الساعة و الله صحت البراهين، و فصلت الآيات، و بانت المشکلات، و لقد کنا نتوقع تمام هذه الآية تأويلها قال الله عز و جل و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فان مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم و من ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاکرين [46] فلقد مات و الله



[ صفحه 22]



جدي رسول الله صلي الله عليه و نله و قتل أبي عليه السلام و صاح الوسواس الخناس في قلوب الناس و نعق ناعق الفتنة، و خالفتم السنة، فيا لها من فتنة صماء عمياء، لا يسمع لداعيها و لا يجاب مناديها، و لا يخالف واليها، ظهرت کلمة النفاق، و سيرت رايات أهل الشقاق، و تکالبت جيوش أهل المراق، من الشام و العراق، هلموا رحمکم الله إلي الافتتاح، و النور الوضاح، و العلم الجحجاج، و النور الذي لا يطفي، و الحق الذي لا يخفي.

أيها الناس تيقظوا من رقدة الغفلة، و من تکاثف الظلمة [47] فوالذي فلق الحبة، و برء النسمة، و تردي بالعظمة، لئن قام إلي منکم عصبة بقلوب صافية و نيات مخلصة، لا يکون فيها شوب نفاق، و لا نية افتراق، لاجاهدن بالسيف قدما قدما، و لاضيقن من السيوف جوانبها [48] و من الرماح أطرافها، و من الخيل سنابکها، فتکلموا رحمکم الله.

فکأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة، إلا عشرون رجلا فانهم قاموا إلي فقالوا: يا ابن رسول الله ما نملک إلا أنفسنا و سيوفنا، فها نحن بين يديک لامرن طائعون، و عن رأيک صادرون، فمرنا بما شئت! فنظرت يمنة و يسرة فلم أر أحدا غيرهم.

فقلت: لي اسوة بجدي رسول الله حين عبد الله سرا، و هو يومئذ في تسعة و ثلاثين رجلا فلما أکمل الله له الاربعين صار في عدة و أظهر أمر الله، فلو کان معي عدتهم جاهدت في الله حق جهاده.

ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت: أللهم إني قد دعوت و أنذرت، و أمرت و نهيت، و کانوا عن إجابة الداعي غافلين، و عن نصرته قاعدين، و عن طاعته مقصرين و لاعدائه ناصرين، أللهم فأنزل عليهم رجزک، و بأسک و عذابک، الذي لا يرد عن القوم الظالمين و نزلت.



[ صفحه 23]



ثم خرجت من الکوفة راحلا إلي المدينة، فجاؤني يقولون: إن معاوية أسري سراياه إلي الانبار و الکوفة، و شن غاراته علي المسلمين، و قتل من لم يقاتله و قتل النساء و الاطفال، فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم، فأنفذت معهم رجالا و جيوشا و عرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية، و ينقضون عهدي و بيعتي، فلم يکن إلا ما قلت لهم، و أخبرتهم.

ثم يقوم الحسين عليه السلام مخضبا بدمه هو و جميع من قتل معه، فإذا رآه رسول الله صلي الله عليه و آله بکي و بکي أهل السماوات و الارض لبکائه، و تصرخ فاطمة عليها السلام فتزلزل الارض و من عليها، و يقف أمير المؤمنين و الحسن عليهما عن يمينه، و فاطمة عن شماله، و يقبل الحسين عليه السلام فيضمه رسول الله رسول الله صلي الله عليه و نله إلي صدره، و يقول: يا حسين! فديتک قرت عيناک و عيناي فيک، و عن يمين الحسين حمزة أسد الله في ارضه، و عن شماله جعفر بن ابي طالب الطيار، و يأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام وهن صارخات و أمة فاطمة تقول هذا يومکم الذي کنتم توعدون [49] اليوم تجد کل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا. [50] .

قال: فبکي الصادق عليه السلام حتي اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: لا قرت عين لا تبکي عند هذا الذکر، قال: و بکي المفضل بکاء طويلا ثم قال: يا مولاي ما في الدموع يا مولاي؟ فقال: ما لا يحصي إذا کان من محق.

ثم قال المفضل: يا مولاي ما تقول في قوله تعالي و إذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت [51] قال: يا مفضل و الموؤدة و الله محسن، لانه منا لا، فمن قال هذا فکذبوه.

قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا؟ قال الصادق عليه السلام: تقوم فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فيقول: أللهم أنجز وعدک و موعدک لي فيمن ظلمني و غصبني، و ضربني و



[ صفحه 24]



جزعني بکل أولادي، مفتبکيها ملائکة السماوات السبع و حملة العرش، و سکان الهواء، و من في الدنيا، و من تحت إطباق الثري، صائحين صارخين إلي الله تعالي، فلا يبقي احد ممن قاتلنا و ظلمنا و رضي بما جري علينا إلا قتل في ذلک اليوم ألف قتلة [52] دون من قتل في سبيل الله، فانه لا يذوق الموت و هنو کما قال الله عز و جل و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون. [53] .

قال المفضل: يا مولاي إن من شيعتکم من لا يقول برجعتکم؟ فقال عليه السلام: إنما سمعوا قول جدنا رسول الله صلي الله عليه و آله و نحن سائر الائمة نقول: و لنذيقنهم من العذاب الادني دون العذاب الاکبر [54] قال الصادق عليه السلام: العذاب الادني عذاب الرجعة، و العذاب الاکبر عذاب يوم القيامة الذي تبدل الارض الارض و السموات و برزوا لله الواحد القهار. [55] .

قال المفضل: يا مولاي نحن نعلم أنکم اختيار الله في قوله تعالي: نرفع درجات من نشاء [56] و قوله: الله أعلم حيث يجعل رسالاته [57] و قوله: إن



[ صفحه 25]



الله اصطفي آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم. [58] .

قال الصادق عليه السلام: يا مفضل فأين نحن في هذه الآية؟ قال المفضل: فو الله إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه و هذا النبقي و الذين آمنوا و الله ولي المؤمنين [59] و قوله: ملة أبيکم إبراهيم هو سماکم المسلمين [60] و قوله: عن إبراهيم و اجنبني و بني أن نعبد الاصنام [61] و قد علمنا أن رسول الله صلي الله عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام ما عبدا صنما و لا وثنا و لا اشرکا بالله طرفة عين.

و قوله: و إذا ابتلي إبراهيم ربه بکلمات فأتمهن قال إني جاعلک للناس إماما قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين [62] و العهد عهد الامامة لا يناله ظالم.

قال: يا مفضل و ما علمک بأن الظالم لا ينال عهد الامامة؟ قال المفضل: يا مولاي لا تمتحني بما لا طاقة لي به، و لا تختبرني و لا تبتلني، فمن علمکم علمت و من فضل الله عليکم أخذت.

قال الصادق عليه السلام: صدقت يا مفضل و لو لا اعترافک بنعمة الله عليک في ذلک لما کنت هکذا فأين يا مفضل الآيات من القرآن في أن الکافر ظالم؟ قال: نعم يا مولاي قوله تعالي: و الکافرون هم الظالمون [63] و الکافرون هم الفاسقون و من کفر و فسق و ظلم لا يجعله الله للناس إماما.

قال الصادق عليه السلام: أحسنت يا مفضل فمن اين قلت برجعتنا؟ و مقصرة



[ صفحه 26]



شيعتنا تقول: معني الرجعة أن يرد الله إلينا ملک الدنيا و أن يجعله للمهدي.

ويحهم متي سلبنا الملک حتي يرد علينا.

قال المفضل: لا و الله و ما سلبتموه و لا تسلبونه لانه ملک النبوة و الرسالة و الوصية و الامامة.

قال الصادق عليه السلام: يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شکوا في فضلنا أما سمعوا قوله عز و جل و نريد أن نمن معلي الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين و نمکن لهم في الارض و نري فرعون و هامان و جنودهما منهم ما کانوا يحذرون. [64] .

و الله يا مفضل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل و تأويلها فينا و إن فرعون و هامان تيم وعدي.

قال المفضل: يا مولاي فالمتعة؟ قال: المتعة حلال طلق و الشاهد بها قول الله عز و جل و لا جناح عليکم فيمال عرضتم به من خطبة النساء أو أکننتم في أنفسکم علم الله أنکم ستذکرونهن، و لکن لا تواعدوهن سرا، إلا أن تقولوا قولا معروفا [65] أي مشهودا و القول المعروف هو المشتهر بالولي و الشهود، و إنما احتيج إلي الولي و الشهود في النکاح، ليثبت النسل و يصح النسب و يستحق الميراث، و قوله و آتوا النساء صدقاتهن نحلة فان طبن لکم عن شيء منه نفسا فکلوه هنيئا مريئا [66] و جعل الطلاق في النساء المزوجات جائز إلا بشاهدين ذوي عدل من المسلمين و قال في سائر الشهادات علي الدماء و الفروج و الاموال و الاملاک: و استشهدوا شهيدين من رجالکم فان لم يکونا رجلين فرجل و امرأتان ممن ترضون من الشهداء. [67] .

و بين الطلاق عز ذکره فقال: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن و أحصوا العدة و اتقوا الله ربکم [68] و لو کانت المطلقة تبين بثلاث تطليقات



[ صفحه 27]



تجمعها کلمة واحدة أو أکثر منها أو أقل لما قال الله تعالي و أحصوا العدة و اتقوا الله ربکم إلي قوله: تلک حدود الله و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلک أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسکوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف و اشهدوا ذوي عدل منکم، و أقيموا الشهادة لله، ذلکم يوعظ به من کان يؤمن بالله و اليوم الآخر و قوله: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلک أمرا هو نکر يقع بين الزوج و زوجته، فيطلق التطليقة الاولي بشهادة ذوي عدل.

وحد وقت التطليق هو آخر القروء، و القرء هو الحيض، و الطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة و الحمرة، و إلي التطليقة الثانية و الثالثة ما يحدث الله بينهما، عطفا أو زوال ما کرهاه، و هو قوله: و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، و لا يحل لهن أن يکتمن ما خلق الله في أرحامهن إن کن يؤمن بالله و اليوم الآخر و بعولتهن أحق بردهن في ذلک إن أرادوا إصلاحا، و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجة و الله عزيز حکيم [69] هذا لقوله في أن للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلي تطليقة، إن أرادوا إصلاحا و للنساء مراجعة الرجال في مثل ذلک.

ثم بين تبارک و تعالي فقال: الطلاق مرتان: فإمساک بمعروف أو تسريح بإحسان.

و في الثالثة، فان طلق الثالثة بانت فهو قوله: فان طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنکح زوجا غيره [70] ثم يکون کسائر الخطاب لها.

و المتعة التي أحلها الله في کتابه و أطلقها الرسول عن الله لسائر المسلمين فهي قوله عز و جل: و المحصنات من النساء إلا ما ملکت أيمانکم کتاب الله عليکم و أحل لکم ما وراء ذلکم أن تبتغوا بأموالکم محصنين مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة و لا جناح عليکم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله کان عليما حکيما [71] و الفرق بين المزوجة و المتعة أن للزوجة



[ صفحه 28]



صداقا و للمتعة أجرة.

فتمتع سائر المسلمين [72] علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله في الحج و غيره، و أيام أبي بکر، و أربع سنين، أيام عمر، حتي دخل علي أخته عفرا فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر إلي درة اللبن في فم الطفل فأغضب و أرعد و أربد و أخذ الطفل علي يده، و خرج حتي أتي المسجد، ورقا المنبر و قال: نادوا في الناس إن الصلاة جامعة، و کان وقت صلاة يعلم الناس أنه لامر يريده عمر فحضروا فقال: معاشر الناس من المهاجرين و الانصار و أولاد قحطان من منکم يحب أن يري المحرمات عليه من النساء، و لها مثل هذا الطفل؟ قد خرج من أحشائها و هو يرضع علي ثديها و هي متبعلة؟ فقال بعض القوم: ما نحب هذا؟ فقال: ألستم تعلمون أن أختي عفرا [73] بنت خيثمة أمي و أبي الخطاب متبعلة؟ قالوا: بلي قال: فاني دخلت عليها في هذه الساعة، فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها أني لک هذا؟ فقالت: تمتعت.

فأعلموا سائر الناس! أن هذه المتعة التي کانت حلالا للمسلمين في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله قد رأيت تحريمها، فمن أبي أبي ضربت جنبيه بالسوط [74] فلم يکن



[ صفحه 29]



في القوم منکر قوله، و لا راد عليه، و لا قائل لا يأتي رسول بعد رسول الله أو کتاب بعد کتاب الله، لا نقبل خلافک علي الله و علي رسوله و کتابه.

بل سلموا و رضوا.

قال المفضل: يا مولاي فما شرائط المتعة؟ قال: يا مفضل لها سبعون شرطا



[ صفحه 30]



من خالف فيها شرطا واحدا ظلم نفسه، قال: قلت: يا سيدي قد أمرتمونا أن لا نتمتع ببغية و لا مشهورة بفساد و لا مجنونة و أن ندعو المتعة إلي الفاحشة، فان أجابت فقد حرم الاستمتاع بها، و أن نسأل أ فارغة أم مشغولة ببعل أو حمل أو بعدة؟ فان شغلت بواحدة من الثلاث فلا تحل، و إن خلت فيقول لها: متعيني نفسک علي کتاب الله عز و جل و سنة نبيه صلي الله عليه و آله نکاحا سفاح أجلا معلوما بأجرة معلومة و هي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلک أو أکثر، و الاجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو شيع نعل أو شق تمرة إلي فوق ذلک من الدراهم و الدنانير أو عرض ترضي به، فان وهبت له حل له کالصداق الموهوب من النساء المزوجات الذين قال الله تعالي فيهن: فإن طبن لکم عن شيء منه نفسا فکلوه هنيئا مريئا. [75] .

ثم يقول لها: علي ألا ترثيني و لا أرثک، و علي أن الماء لي أضعه منک حيث أشاء، و عليک الاستبراء خمسة و أربعين يوما أو محيضا واحدا، فإذا قالت: نعم أعدت القول ثانية و عقدت النکاح، فان أحببت و أحبت هي الاستزادة في الاجل زدتما، و فيه ما رويناه [76] فان أنت تفعل فعليها ما تولت من الاخبار عن نفسها و لا



[ صفحه 31]



جناح عليک. [77] .

أمير المؤمنين عليه السلام: لعن الله ابن الخطاب فلولاه ما زني إلا شقي أو شقية [78] لانه کان يکون للمسلمين غناء في المتعة عن الزنا ثم تلا و من الناس من يعجبک قوله في الحيوة الدنيا و يشهد الله علي ما في قلبه و هو ألد الخصام و إذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها و يهلک الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد. [79] .



[ صفحه 32]



ثم قال: إن من عزل بنطفته عن ززوجته فدية النطفة عشرة دنانير کفارة [80] و إن من شرط المتعة أن ماء الرجل يضعه حيث يشاء من المتمتع بها، فإذا وضعه في الرحم فخلق منه ولد کان لاحقا بأبيه.

ثم يقوم جدي علي بن الحسين و أبي الباقر عليهما السلام فيشکوان إلي جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل بهما ثم أقوم أنا فأشکو إلي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل المنصور بي، ثم يقوم ابني موسي فيشکو إلي جده رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل به الرشيد، ثم يقوم علي بن موسي فيشکو إلي جده رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل به المأمون، ثم يقوم محمد بن علي فيشکو إلي جده رسول الله صلي الله عليه و نله ما فعل به المأمون ثم يقوم علي بن محمد فيشکو إلي جده رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل به المتوکل، ثم يقوم الحسن بن علي فيشکو إلي جده رسول الله صلي الله عليه و آله ما فعل به المعتز.

ثم يقوم المهدي سمي جدي رسول الله، و عليه قميص رسول الله مضرجا بدم رسول الله يوم شج جبينه، و کسرت رباعيته، و الملائکة تحفه حتي يقف بين يدي جده رسول الله صلي الله عليه و آله فيقول: يا جداه وصفتني و دللت علي، و نسبتني و سميتني و کنيتني، فجحدتني الامة و تمردت و قالت ما ولد و لا کان، و أين هو؟ و متي کان و أين يکون؟ و قد مات و لم يعقب، و لو کان صحيحا ما أخره الله تعالي إلي هذا الوقت المعلوم، فصبرت محتسبا و قد اذن الله لي فيها باذنه يا جداه.

فيقول رسول الله صلي الله عليه و آله: الحمد لله الذي صدقناه وعده، و أورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين [81] (و يقول جاء نصر الله و الفتح و حق



[ صفحه 33]



قول الله سبحانه و تعالي هو الذي أرسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين کله و لو کره المشرکون [82] و يقرأ إنا فتحنا لک مبينا ليغفر لک الله ما تقدم من ذنبک و ما تأخر و يتم نعمته عليک، و يهديک صراطا مستقيما و ينصرک الله نصرا عزيزا. [83] .

فقال المفضل يا مولاي اي ذنب کان لرسول الله صلي الله عليه و آله؟ فقال الصادق عليه السلام: يا مفضل إن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: أللهم حملني ذنوب شيعة أخي و أولادي الاوصياء ما تقدم منها و ما تأخر إلي يوم القيامة، و لا تفضحني بين النبيين و المرسلين من شيعتنا فحمله الله إياها و غفر جميعها [84] قال المفضل: فبکيت بکاء طويلا و قلت: يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيکم قال الصادق عليه السلام: يا مفضل ما هو إلا أنت و أمثالک بلي يا مفضل لا تحدث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتکلون علي هذا الفضل، و يترکون العمل فلا يغني عنهم من الله شيئا لانا کما قال الله تبارک و تعالي فينا لا يشفعون إلا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون. [85] .

قال المفضل: يا مولاي فقوله ليظهره علي الدين کله ما کان رسول الله صلي الله عليه و آله ظهر علي الدين کله؟ قال: يا مفضل لو کان رسول الله صلي الله عليه و آله ظهر علي الدين کله ما کانت مجوسية و لا يهودية و لا صابئية و لا نصرانية، و لا فرقة و لا خلاف و لا شک



[ صفحه 34]



و لا شرک، و لا عبدة أصنام، و لا أوثان، و لا اللات و العزي، و لا عبدة الشمس و القمر، و لا النجوم، و لا النار و لا الحجارة، و إنما قوله ليظهره علي الدين کله في هذا اليوم و هذا المهدي و هذه الرجعة، و هو قوله و قاتلوهم حتي لا تکون فتنة و يکون الدين کله لله. [86] .

فقال المفضل: أشهد أنکم من علم الله علمتم، و بسلطانه و بقدرته قدرتم و بحکمه نطقتم، و بأمره تعملون.

ثم قال الصادق عليه السلام: ثم يعود المهدي عليه السلام إلي الکوفة، و تمطر السماء بها جرادا من ذهب، کما أمطره الله في بني إسرائيل علي أيوب، و يقسم علي أصحابه کنوز الارض من تبرها و لجينها و جوهرها.

قال المفضل: يا مولاي من مات من شيعتکم و عليه دين لاخوانه و لاضداده کيف يکون؟ قال الصادق عليه السلام: أول ما يبتدئ المهدي عليه السلام أن ينادي في جميع العالم: الا من له عند أحد من شيعتنا دين فليذکره حتي يرد الثومة و الخردلة فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الاملاک فيوفيه إياه.

قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يکون؟ قال: يأتي القائم عليه السلام بعد أن يطأ شرق الارض و غربها، الکوفة و مسجدها، و يهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنه الله لما قتل الحسين بن علي عليه السلام، و [هو] مسجد ليس لله ملعون ملعون من بناه.

قال المفضل: يا مولاي فکم تکون مدة ملکه عليه السلام؟ فقال: قال الله عز و جل فمنهم شقي و سعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيها ما دامت السموات و الارض إلا ما شاء ربک فعال لما يريد و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات و الارض إلا ما شاء ربک عطاء مجذوذ [87] و المجذوذ المقطوع أي عطاء مقطوع عنهم، بل هو دائم أبدا، و ملک



[ صفحه 35]



لا ينفد، و حکم لا ينقطع، و أمر لا يبطل إلا باختيار الله و مشيته و إرادته، التي لا يعلمها إلا هو، ثم القيامة و ما وصفه الله عز و جل في کتابه.

و الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي خير خلقه محمد النبي و آله الطيبين الطاهرين و سلم تسليما کثيرا کثيرا.

أقول: روي الشيخ حسن بن سليمان في کتاب منتخب البصائر هذا الخبر هکذا: حدثني الاخ الرشيد محمد بن إبراهيم بن محسن الطار آبادي أنه وجد بخط ابيه الرجل الصالح إبراهيم بن محسن هذا الحديث الآتي ذکره، و أراني خطه و کتبته منه، و صورته: الحسين بن حمدان، و ساق الحديث کما مر إلي قوله لکأني أنظر إليهم علي البراذين الشهب بأيديهم الحراب، يتعاوون شوقا إلي الحرب کما تتعاوي الذئاب أميرهم رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح، فيقبل الحسين عليه السلام فيهم وجهه کدائرة القمر، يروع الناس جمالا فيبقي علي أثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير و الکبير، و العظيم و الوضيع.

ثم يسير بتلک الرايات کلها حتي يرد الکوفة، و قد جمع بها أکثر أهل الارض يجعلها له معقلا، ثم يتصل به و بأصحابه خبر المهدي فيقولون له: يا ابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا؟ فيقول الحسين عليه السلام: أخرجوا بنا إليه حتي تنظروا من هو و ما يريد؟ و هو يعلم و الله أنه المهدي عليه السلام و إنه ليعرفه، و إنه لم يرد بذلک الامر إلا الله، فيخرج الحسين عليه السلام و بين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف، و عليهم المسوح، مقلدين بسيوفهم، فيقبل الحسين عليه السلام حتي ينزل بقرب المهدي عليه السلام فيقول: سائلوا عن هذا الرجل من هو و ما ذا يريد؟ فيخرج بعض اصحاب الحسين عليه السلام إلي عسکر المهدي علهي السلام فيقول: أيها العسکر الجائل من أنتم حياکم الله؟ و من صاحبکم هذا؟ و ما ذا يريد؟ فيقول أصحاب المهدي عليه السلام: هذا مهدي آل محمد عليه و عليهم السلام، و نحن أنصاره من الجن و الانس و الملائکة.

ثم يقول الحسين عليه السلام: خلوا بيني و بين هذا فيخرج إليه المهدي عليه السلام فيقفان



[ صفحه 36]



بين العسکرين، فيقول الحسين عليه السلام: إن کنت مهدي آل محمد صلي الله عليه و آله فأين هراوة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، و خاتمه، و بردته، و درعه الفاضل، و عمامته السحاب و فرسه، و ناقته العضباء، و بغلته دلدل، و حماره يعفور، و نجيبه البراق، و تاجه و المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام بغير تغيير و لا تبديل؟ فيحضر له السفط الذي فيه جميع ما طلبه.

و قال أبو عبد الله عليه السلام: إنه کان کله في السفط، و ترکات جميع النبيين حتي عصا آدم و نوح عليهما السلام، و ترکة هود و صالح عليهما السلام، و مجموع إبراهيم عليه السلام و صالح يوسف عليه السلام، و مکيال شعيب عليه السلام و ميزانه، و عصي موسي عليه السلام و تابوته الذي فيه بقية ما ترک آل موسي و آل هارون تحمله الملائکة، و درع داود عليه السلام و خاتمه، و خاتم سليمان عليه السلام و تاجه، و رحل عيسي عليه السلام، و ميراث النبيين و المرسلين في ذلک السفط.

و عند ذلک يقول الحسين عليه السلام: يا ابن رسول الله! أسألک أن تغرس هراوة رسول الله صلي الله عليه و آله في هذا الحجر الصلد و تسأل الله أن ينبتها فيه، و لا يريد بذلک إلا أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السلام حتي يطيعوه و يبايعوه، و يأخذ المهدي عليه السلام الهراوة فيغرسها فتنبت فتعلو و تفرع و تورق، حتي تظل عسکر الحسين عليه السلام.

فيقول الحسين عليه السلام: الله أکبر يا ابن رسول الله، مد يدک حتي أبايعک فيبايعه الحسين عليه السلام: و سائر عسکره إلا الاربعة آلاف من أصحاب المصاحف و المسوح الشعر [88] المعروفون بالزيديه فانهم يقولون: ما هذا إلا سحر عظيم.

أقول: ثم ساق الحديث إلي قوله: إن أنصفتم من أنفسکم و أنصفتموه نحوا مما مر و لم يذکر بعده شيئا.

بيان: الهود التوبة و الرجوع إلي الحق، وصبا يصبو: اي مال وصبا بالهمز اي خرج من دين إلي دين.



[ صفحه 37]



و اعلم أن تأريخ الولادة مخالف لما مر و المشهور أن سر من رأي بناها المعتصم و لعل المتوکل أتم بناءها و تعميرها فلذا نسبت إليه، و قال الفيروز آبادي: سر من من رأي بضم السين و الراء أي سرور و بفتحهما و بفتح الاول و ضم الثاني و سامرا و مده البحتري في الشعر أو کلاهمالحن و ساء من رأي بلد، لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلک علي عسکره فلما انتقل بهم إليها سر کل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم.

قوله: فبغير سنة القائم لعل المعني أن الحسين عليه السلام کيف يظهر قبل القائم عليه السلام بغير سنته فأجاب عليه السلام بأن ظهوره بعد القائم إذ کل بيعة قبله ضلالة.

قوله عليه السلام فها أناذا آدم يعني في علمه و فضله و أخلاقه التي بها تتبعونه و تفضلونه، و شحب لونه کجمع و نصر و کرم و عني تغير، قوله عليه السلام و يلزمهما إياه أقول: العلة و السبب في إلزام ما تأخر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لانهما بمنع أمير المؤمنين عليه السلام عن حقه، و دفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الائمة و مغلوبيتهم، و تسلط أئمة الجور و غلبتهم إلي زمان القائم عليه السلام و صار ذلک سببا لکفر من کفر، و ضلال من ضل، و فسق من فسق، لان الامام مع اقتداره و استيلائه و بسط يده يمنع من جميع ذلک، و عدم تمکن أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بعض تلک الامور في أيام خلافته إنما کان لما اسساه من الظلم و الجور.

و أما ما تقدم عليهما، فلانهما کانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحق عن مقامهم، و ما يترتب علي ذلک من الفساد، و لو کانا منکرين لذلک لم يفعلا مثل فعلهم، و کل من رضي بفعل فهو کمن أتاه، کما دلت عليه الآيات الکثيرة، حيث نسب الله تعالي فعال آباء اليهود إليهم، و ذمهم عليها لرضاهم بها و غير ذلک، و استفاضت به أخبار الخاصة و العامة.

علي أنه لا يبعد أن يکون لارواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلک الامور عن الاشقياء کما أن أرواح الطيبين من أهل بيت الرسالة، کانت مؤيدة للانبياء و الرسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الکربات، کما مر في کتاب



[ صفحه 38]



الامامة.

و مع صرف النظر عن جميع ذلک يمکن أن يأول بأن المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الاشقياء عليهما، و أنهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما.

قوله: و المنادي من حول الضريح.

أي أجيبوا و انصروا أولاد الرسول صلي الله عليه و آله الملهوفين المنادين حول ضريح جدهم.

قوله عليه السلام والخاف أي الجبل المطيف بالدنيا، و لا يبعد أن يکون تصحيف القاف، و الجزل بالفتح ما عظم من الحطب و يبس، و الرکل الضرب بالرجل و کذا الرفس.

قوله عليه السلام: لداعيها أي للداعي فيها إلي الحق و لا يجاب مناديها اي المستغيث فيها، و لا يخالف واليها أي يطاع والي تلک الفتنة في کل ما يريد و الجحجاح السيد قوله: جوانبها لعله بدل بعض، و کذا نظائره.

قوله عليه السلام: قال الله عز و جل فمنهم شقي و سعيد لعله عليه السلام فسر قوله تعالي إلا ما شاء ربک بزمان الرجعة بأن يکون المراد بالجنة و النار، ما يکون في عالم البرزخ، کما ورد في خبر آخر و استدل عليه السلام بها علي أن هذا الزمان منوط بمشية الله کما قال تعالي، معلوم للخلق علي التعيين، و هذا أظهر الوجوه التي ذکروها في تفسير هذه الآية.



[ صفحه 39]




پاورقي

[1] عنونه النجاشي ص 326 و قال: أبو عبد الله و قيل أبو محمد الجعفي، کوفي فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به، و قيل انه کان خطابيا، و قد ذکرت له مصنفات لا يعول عليها و عنونه العلامة في الخلاصة و قال: متهافت، مرتفع القول، خطابي و زاد الغضائري: أنه قد زيد عليه شيء کثير و حمل الغلاة في حديثه حملا عظيما لا يجوز أن يکتب حديثه.

أقول: کيف يکون في أصحاب الائمة عليهم السلام رجل فاسد المذهب، کذاب غال، مع أنهم عليهم السلام کانوا متوسمين: يعرفون کلا بسيماه و حليته و سريرته، و قد روي أنهم کانوا يحجبون بعض شيعتهم عن الورود عليهم، لفسقه أو فساد عقيدته أو عدم تحرجه عن الاثام.

فکيف لم يحجبوا مفضل بن عمر و أضرابه الموصوفين بکذا و کذا، و لم يلعنوهم و لم يکذبوهم و لم يطردوهم؟.

بل الظاهر الحق ان مفضل بن عمر الجعفي، و جابر بن يزيد الجعفي، و يونس بن ظبيان و أضرابهم ممن أخذوا عن الصادقين عليهما السلام کانوا صحيحي الاعتقاد، صالحي الرواية، صادقي اللهجة متحرجين عن الکذب و سائر الاثام، أنه قد کذب عليهم، و زيد في رواياتهم، و اختلق عليهم، و انما أتوا من قبل الغلاة و أشباههم ممن أرادوا أن يهدموا أساس المذهب، فکذبوا و زادوا و اختلقوا أحاديث و نسبوه إلي أصحاب الائمة الصادقين نصرة لمذهبهم و ترويجا لمرامهم الفاسد کما فعلت المرجئة و القدرية، فوضعوا أحاديث و نسبوه إلي المعروفين من أصحاب رسول الله.

فإذا لا بد و ان نحقق عن حال من اسند عنه فنري في الحديث محمد بن نصير و هو النميري الکذاب الغال الخبيث المدعي للنيابة علي ما في غيبة الشيخ ص 250 و قد مر في ج 51 ص 367 و 368 شطر من ترجمته يروي عن عمر بن الفرات الکاتب البغدادي الغالي ذو المناکير، عن محمد بن المفضل بن عمر: مهمل أو مجهول، و لکن الظاهر أن الکذب انما جاء من قبل البغدادي الکاتب ذي المناکير، و هو الذي کتب و صنف هذا الحديث و سردها بطوله، أو الجاعل هو نفس النميري.

و لذلک تري أنه يعرف في طيه محمد بن نصير النميري بعنوان نيابة الامام عليه السلام و أنه يقعد بصابر و هو اسم سکة في مرو، مع ما مر في ج 51 ص 368 عن غيبة الشيخ انه کان يدعي انه رسول نبي و يقول بالتناسخ و يقول في أبي الحسن الهادي بالربوبية و يقول بالاجابة للمحارم و تحليل نکاح الرجال و أنه من التواضع.

فاعتمد الکاتب إلي أحاديث صحيحة أو حسنة، و اخري ضعيفة أو مجعولة، فزاد عليها من مخائله.

و جمع بين مضامينها و لعب فيها کالقصاصين الدجالين فراجع ج 52 باب 23 و 24 تري مضامين هذا الحديث منبثة فيها بين صحيح و سقيم.

فالرجل أعني المفضل بن عمر الجعفي من أصحاب الصادق الممدوحين و قد عده الشيخ المفيد في الارشاد ص 270 من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام و خاصته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم، و بذلک وصفه الشيخ في کتاب الغيبة ص 223 و روي في مدحه أحاديث، و روي الکشي في ص 206 و 256 أحاديث في مدحه، و ذکر الکليني في روضة الکافي ص 373 حديثا يقتضي مدحه و الثناء عليه، فراجع.

[2] الاعراف: 186.

[3] النازعات: 42، و الظاهر أنها تکرار.

[4] لقمان: 34 و الزخرف: 61.

[5] القتال: 18.

[6] القمر: 1.

[7] الاحزاب: 63.

[8] و قبله: و ما يدريک لعل الساعة قريب يستعجل الاية 17 و 18 من سورة الشوري.

[9] براءة: 34.

[10] الانفال: 39.

[11] آل عمران: 19.

[12] آل عمران: 85.

[13] الحج: 78.

[14] البقرة: 128.

[15] يونس: 90.

[16] النمل: 31 و 44.

[17] آل عمران: 52.

[18] آل عمران: 83.

[19] الذاريات: 36.

[20] البقرة: 136.

[21] البقرة: 133.

[22] الاعراف: 155.

[23] آل عمران: 52.

[24] صابر بفتح الباء کهاجر سکة في مرو قاله الفيروز آبادي.

[25] عناز بالکسر جمع عنز و هي الانثي من المعز، و قيل إذا أتي عليها حول.

و عجاف أيضا بالکسر جمع عجفاء و هي المهزولة الضعيفة و الهراوة: هي العصا الضخمة.

[26] الزمر: 74.

[27] الفتح: 10.

[28] العنيزات: جمع عنيزة و هي تصغير عنز أنثي المعز و لاجل هزالها سماها عنيزات.

[29] يعلم الباحث المطالع أن صحف آدم و شيث و صحف نوح و إبراهيم و هکذا زبور داود عليهم السلام قد ضاعت بضياع أممهم، و ليس ألان رجل في أقطار الارض يقرء هذه الصحف أو يتدين بها.

[30] قد مر في باب 23 و 24 أن جيش السفياني يخسف بهم رجلين يحول وجههما إلي أقفيتهما، و أما أن قفاه إلي صدره فلا معني له معقول.

[31] هذا أيضا من مخائله، فان جيش السفياني لا تصل إلي المدينة بل يخسف بهم بالبيداء حين يتوجهون إليها من دمشق.

[32] الدالية المنجنون يديره الثور، و الناعورة يديرها الماء.

و کأنه يريد ماء الفرات.

[33] قد مر في ج 52 باب 24 أحاديث في ذلک مع ضعف اسنادها، و لکن کاتب هذا الحديث أبرزها بصورة قصصية تأباه سنة الله التي قد خلت من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا.

[34] کأن قاص هذا الخبر کان يقول بالکور و الدور و أن کل رجل يعيش في دار الدنيا في کل کور و دور فيکون عيشه في دار الدنيا مرات عديدة، و لذلک يستحثهما بالسؤال عن الافعال التي صدرت منهما في تلک الاکوار و الادوار.

[35] ذکره ابن قتيبة في کتابه الامامة و السياسة فراجع.

[36] في الاصل المطبوع: يثور سرابا فتحرر.

[37] و بعده: و تضع کل ذات حمل حملها وتري الناس سکاري و ما هم بسکاري و لکن عذاب الله شديد، الحج: 2.

[38] القصص: 5 و 6.

[39] في الاصل المطبوع: رقية و الصحيح ما في الصلب عنونها الجزري في اسد الغابة ج 5 ص 454 و قال بنت صيفي بن هاشم بن عبد مناف، و عنونها في الاصابة ج 4 ص 296 و قال رقيقة: بقافين مصغرة بنت ابي صيفي بن هاشم بن عبد المطلب.

و لکن نسب الاشعار أبو بکر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في کتابه السقيفة باسناده عن عمر بن شبة إلي هند ابنة أثاثة راجع کشف الغمة ج 2 ص 49، و فيها اختلاف.

[40] أخرج المصنف رضوان الله عليه أحاديث کثيرة في ذلک في أحوال مولانا أمير المؤمنين تراها في ج 37 ص 290 من الطبعة الحديثة، و ليس فيها ما يذکر أنهم بايعوه عليه السلام علي أمرة المؤمنين.

بل کانوا يسلمون عليه بامرة المؤمنين، نعم في أحاديث الغدير ما يذکر أنهم بايعوه علي ذلک فراجع ج 37 ص 217.

[41] الاعراف: 149.

[42] الاحقاف: 35.

[43] النحل: 127.

[44] آل عمران: 144.

[45] هو زياد بن عبيد الثقفي الذي استلحقه معاوية و جعله أخا له من ابي سفيان، و قد کان حين قتل علي عليه السلام عاملا له علي بلاد فارس و کرمان، يبغض معاوية و بشنأه.

فأطمعه معاوية و کاتبه و راسله بعد أن صالح مع الحسن السبط عليه السلام فخرج زياد من معقله بفارس بعد ما استوثق من معوية لنفسه، فجاءه في دمشق و سلم عليه بامرة المؤمنين.

فکما تري أراد کاتب هذا الحديث أن يعلل صلح الحسن السبط مع معوية بأنه عليه السلام کان مهضوما وحيدا لا يستطيع أن يبارزه، لکنه جاء بترهات من مخائله تخالف التاريخ الواضح المشهور من رأس.

[46] آل عمران: 144.

[47] في الاصل المطبوع و من تکانيف الظلمة فتحرر.

[48] کأن الضمير يرجع إلي دمشق الشام.

[49] الانبياء: 103.

[50] آل عمران: 30.

[51] التکوير: 8.

[52] توهم الکاتب أن القتل ألف قتلة اشد عليهم من نار الجحيم أعاذنا الله منه و اله تعالي يقول: لا يقضي عليهم فيموتوا و يحکي عنهم أنهم يقولون: يا مالک ليقض علينا ربک.

هذا مع ما ورد أنه لا سبيل بعد الحشر إلي الممات.

ثم العجب استثناؤه من هؤلاء الظلمة، الذين استشهدوا في سبيل الله لقوله تعالي بل أحياء و الحال أنه تعالي يقول لا يفلح الظالمون.

[53] آل عمران: 169 و 170.

[54] السجدة: 21.

و مراد الکاتب أن ضمير الجمع في قوله تعالي: لنذيقنهم يراد به رسول الله و الائمة عليهم السلام.

[55] إبراهيم: 48.

[56] الانعام: 83، يوسف: 76.

[57] الانعام: 124.

[58] آل عمران: 33.

[59] آل عمران: 68.

[60] الحج: 78.

[61] إبراهيم: 35.

[62] البقرة: 124.

[63] البقرة: 254، و ما بعده آية متوهمة لا توجد في القرآن کيف و الفاسق هو الذي دخل في جماعة المسلمين، لکنه فسق و خرج عن حکم الله، و الکافر لم يدخل في حکم الله بعد، و لذلک يقول الله عز و جل: ان المنافقين هم الفاسقون براءة: 68.

و يقول: و من لم يحکم بما أنزل الله فأولئک الفاسقون المائدة: 47 و غير ذلک.

[64] القصص: 5 و 6.

[65] البقرة: 235.

[66] النساء: 4.

[67] البقرة: 228.

[68] الطلاق: 21.

[69] البقرة: 228 و 229.

[70] البقرة: 230.

[71] النساء: 23.

[72] السائر بمعني الباقي، و قولهم سائر الناس همج: اي باقي الناس باتفاق أهل اللغعة کما في اللسان.

و قد يستعمل في کلام المولدين بمعني الجميع کما في هذا الکلام نعم، قال الجوهري في الصحاح: و سائر الناس: جميعهم.

[73] لم يعنونها أصحاب الرجال و انما عنونوا صفية بنت الخطاب کانت زوجة قدامة ابن مظعون، و أظن القصة مجعولة مختلقة، فان عمر بن الخطاب کان يتعصب لسنن الجاهلية و لذلک أنکر علي رسول الله صلي الله عليه و آله متعة الحج و لم يحل عن إحرامه في حجة الوداع مع أنه لم يسق الهدي، و قال أننطلق و ذکر أحدنا تقطر فالظاهر أنه کان يجد إنکار متعة النساء في نفسه من زمن رسول الله صلي الله عليه و آله.

لا أنه دخل علي عفراء الخ.

[74] بل کان أوعد علي المتعة بالرجم، ففي صحيح مسلم ج 1 ص 467 عن ابي نضرة قال: کان ابن عباس يأمر بالمتعة و کان ابن الزبير ينهي عنها، قال: فذکرت ذلک لجابر ابن عبد الله فقال: علي يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله فلما قام عمر أي بأمر الخلافة قال: ان الله کان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، و ان القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحج و العمرة کما أمرکم و الله و أبتوا نکاح هذه النساء، فلن أوتي برجل نکح إمرأة إلي أجل الا رجمته بالحجارة.

و في سنن البيهقي ج 7 ص 206 عن أبي نضرة مثل هذا الحديث و لفظه: قال: قلت: ان ابن الزبير ينهي عن المتعة! و ان ابن عباس يأمر بها؟! فقال: يعني جابر علي يدي جري الحديث تمتعنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله، و مع أبي بکر، فلما ولي عمر خطب الناس فقال: ان رسول الله صلي الله عليه و آله هذا الرسول، و ان القرآن هذا القرآن، و انهما کانتا متعتان علي عهد رسول الله و أنا أنهي عنهما و أعاقب عليهما: أحدهما متعة النساء و لا أقدر علي رجل تزوج إمرأة إلي أجل، الا غيبته بالحجارة.

و کيف کان فقد استفاض عنه قوله متعتان کانتا علي عهد رسول الله أنا أحرمهما و أعاقب عليهما کما تجده في أحکام القرآن للجصاص ج 1 ص 342، الحيوان للجاحظ ج 4 ص 278، البيان و التبيين له ج 2 ص 282، شرح النهج لا بن ابي الحديد ج 1 ص 182 (الخطبة الشقشقية) و هکذا ج 12 ص 251 (الخطبة 223) وفيات الاعيان للقاضي أحمد ابن خلکان ج 2 ص 359 (ط ايران ترجمة يحيي بن أکثم و نقله أرباب التفاسير عند قوله تعالي فما استمتعتم به منهن منهم الفخر الرازي في ج 10 ص 50 من تفسيره الکبير و الطبرسي في مجمع البيان ج 3 ص 32.

و في رواية اخري و أرسلها القوششي في أواخر مباحث الامامة من کتابه شرح التجريد ص 408 ط ايران 1301): أيها الناس ثلاث کن علي عهد رسول الله و أنا أنهي عنهن و أحرمهن، و أعاقب عليهن: متعة الاحج، و متعة النساء، وحي علي خير العمل.

و ان شئت فراجع الدر المنثور ج 2 ص 139، تري فيها روايات کثيرة في ذلک.

[75] النساء: 4.

[76] يجوز الاستزادة في المدة لکنه بعد انقضاء المدة أو بذلها بعقد جديد و ليس عليها عدة منه ففي الکافي ج 5 ص 458 عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداک الرجل يتزوج المرأة متعة فيتزوجها علي شهر ثم انها تقع في قلبه فيجب أن يکون شرطه أکثر من شهر، فهل يجوز أن يزيدها في أجرها و يزداد في الايام قبل أن تنقضي أيامه التي شرط عليها؟ فقال: لا، لا يجوز شرطان في شرط يعني أجلان في عقد قلت: فکيف يصنع؟ قال: يتصدق عليها بما بقي من الايام ثم يستأنف شرطا جديدا.

نعم نقل العلامة في المختلف جواز الزيادة في الاجل و المهر قبل انقضاء المدة ايضا فراجع.

و اعلم أن ما ذکره الکاتب في هذا الفصل مروي بروايات أهل البيت عليهم السلام، تراها منبثة في کتاب النکاح أبواب المتعة من الوسائل.

[77] يعني أنها ان کانت تفعل الزنا، لکنها قالت لک عندما سألت عنها: لا أفعل يکون الاثم عليها لا عليک، فان اخبار النساء عن نفسها محکمة، و انها مصدقة علي نفسها.

[78] کذا في الاصل المطبوع، و لعل الصحيح: الاشقي و شقية فان الزني لا يکون الا بين نفسين: شقي و شقية، لا أحدهما.

و أما لفظ الحديث قال علي عليه السلام: لو لا أن عمر بن الخطاب نهي عن المتعة ما زني الاشقي تراه في الکافي ج 5 ص 448، تفسير الطبري ج 5 ص 13، و تفسير الرازي ج 10 ص 50، الدر المنثور ج 2 ص 140، مجمع البيان ج 3 ص 32، أحکام القرآن للجصاص ج 2 ص 179 شرح النهج ج 12 ص 253 نقلا عن السيد المرتضي.

و قد يروي الحديث الاشفي بالفاء، قال الجزري في النهاية في حديث ابن عباس: ما کانت المتعة الا رحمة رحم الله امة محمد، لو لا نهيه يعني ابن الخطاب عنها ما احتاج إلي الزنا الا شقي، أي قليلا من الناس من قولهم غابت الشمس الا شقي اي الا قليلا من ضوئها عند غروبها.

أقول: هذا صحيح، بل هو تصحيف قطعا، فان قوله ما زني يحتاج إلي الفاعل و ليس يصلح للفاعلية الا ما يدل عليه لفظ الشقي.

فتقدير الکلام ما زني أحد أو ما احتاج إلي الزنا احد الا شقي فاستثني الرجل الشقي من عموم قوله احد، و القياس بقولهم غابت الشمس الا شقي صحيح فان فاعل غابت هو الشمس المذکور، فيکون الاستثناء من الغيبوبة، صحيحا لا غبار عليه، و فيما نحن فيه ليس کذلک فانه يصير المعني ما زني أحد ألا قليلا فيثبت الزني لکل أحد لکن لا بالکثير، بل في بعض الاوقات، و هو خلاف المراد قطعا.

[79] البقرة: 204 و 205.

[80] قال السيد الطباطبائي في عروة الوثقي (628 ط دار الکتب الاسلامية): و الاقوي عدم وجوب دية النطفة عليه اي من عزل نطفته و ان قلنا بالحرمة، و قيل بوجوبها عليه للزوجة و هي عشرة دنانير للخبر الوارد فيمن أفزع رجلا عن عرسه فعزل عنها الماء، من وجوب نصف خمس المائة عشرة دنانير عليه، لکنه في ما نحن فيه و لا وجه للقياس عليه مع أنه مع الفارق.

[81] الزمر، 74.

و بعده مأخوذ من أول سورة النصر.

[82] براءة: 34، الصف: 9.

[83] الفتح: 31.

[84] هذا من عقائد الغلاة، فانهم کانوا يعتقدون أن کل من و إلي الائمة عليهم السلام جاز لهم ترک العبادة اتکالا علي ذلک، و کان أصحابنا القدماء يمتحنون من رمي بالغلو في أوقات الصلاة قال النجاشي ص 253 في محمد بن أورمة أبو جعفر القمي ذکره القميون و غمزوا عليه و رموه بالغلو حتي دس عليه من يفتک به فوجدوه يصلي من أول الليل إلي آخره فتوقفوا عنه.

[85] الانبياء: 28.

[86] الانفال: 38.

[87] هود: 1056.

[88] المسوح: جمع مسح بالکسر ما يلبس من نسيج الشعر علي البدن تقشفا و قهرا للجسد، و کان فيما سبق ثوب الرهبان و المرتاضين السياحين.