من يضع الحجر الأسود


روي القطب الراوندي عن جعفر بن محمد بن قولويه (استاذ الشيخ المفيد) أنه قال: لما وصلت بغداد في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة للحج وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلي مکانه من البيت (فانهم هدموا الکعبة وأخذوا الحجر الأسود إلي الکوفة ونصبوه فيها، ثم أرادوا إرجاعه في تلک السنة إلي مکانه أوائل الغيبة الکبري) کان أکبر همّي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنه مضي في أثناء الکتب قصّة أخذه وانه ينصبه في مکانه الحجة (ع) کما ان زمان الحجاج وضعه زين العابدين في مکانه فاستقر.

فاعتللت علة صعبة خفت منها علي نفسي ولم يتهيّأ لي ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام وأعطيته رقعة مختومة اسأل فيها عن مدة عمري وهل تکون المنية في هذه العلة، أم لا؟ وقلت: همي إيصال هذه الرقعة إلي واضع الحجر في مکانه واخذ جوابه وإنما أندبک لهذا.

قال: فقال المعروف بابن هشام: لما حصلت بمکة وعزم علي إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمکنت معها من الکون بحيث أري واضع الحجر في مکانه وأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فکلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم.

فأقبل غلام اسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مکانه، فاستقام کأنه لم يزل عنه، وعلت لذلک الأصوات وانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مکاني أتبعه وادفع الناس عنّي يميناً وشمالاً حتي ظن بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتي انقطع عني الناس فکنت أسرع السير خلفه وهو يمشي علي تؤدة ولا أدرکه.

فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف والتفت إلي فقال: هات ما معک، فناولته الرقعة، فقال: من غير ان ينظر فيها قل له: لا خوف عليک في هذه العلة ويکون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة.

قال: فوقع عليّ الزمع حتي لم أطق حراکاً وترکني وانصرف، قال أبو القاسم فأعلمني بهذه الجملة، فلما کان سنة سبع وستين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلي قبره، وکتب وصيته واستعمل الجد في ذلک.

فقيل له: ما هذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضل الله تعالي بالسلامة فما عليک مخوفة.

فقال: هذه السنة التي خوفت فيها، فمات في علته. [1] .


پاورقي

[1] کشف الغمة: ج2 ص502 الباب 25، والصراط المستقيم: ج2 ص213، الحادي عشر صاحب الزمان؟، ح14.