يقول القرآن الحکيم


«وَلَقَدْ کَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّکْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» [1] .

فالإسلام ما هو إلا امتداد للرسالات السماوية السابقة والتي تبشر کلها بمستقبل سعيد للإنسانية فلابد وأن يکون حکم الأرض وسيادة العالم للطليعة المؤمنة الصالحة.. وحينما يکون الحکم بيد طليعة مؤمنة صالحة فتلک هي فرصة السعادة وعهد الرخاء.

ويقول تعالي:

«إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ» [2] .

فالرسل هم دعاة السعادة والعدالة والحرية وأتباعهم الذين نذروا أنفسهم لخدمة تلک الأهداف المقدسة.

هؤلاء الرسل وأتباع الرسل کم عانوا من الأذي والألم والاضطهاد!

إن معاناة الرسل والأتباع أشد من معاناة سائر الناس، لأن الرسل وأتباعهم کانوا يتزعمون جبهة النضال والجهاد من أجل سعادة البشرية وکرامتها، ولذلک فقد اتجهت حراب الظلم والطغيان نحو صدورهم السامية، مما صيّر حياة الأنبياء وأتباعهم قطعة من الألم والعذاب في سبيل اللّه. ولکن اللَّه تعالي يتعهد لجميع الرسل والمؤمنين بأهدافهم النبيلة.. يتعهد لهم بإتاحة الفرصة لهم في هذه الحياة ليقطفوا ثمار جهادهم وجودهم وليتذوقوا حلاوة النصر العاجلة في الدنيا بالإضافة إلي ثواب اللَّه الآجل في الآخرة.

ويقول اللَّه سبحانه وتعالي:

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ» [3] .

وقد تکررت هذه الآية ثلاث مرات في القرآن الکريم لتؤکد وعد اللَّه بسيطرة الدين الإسلامي علي ربوع المعمورة وظهوره الفعلي والتطبيقي بعد فشل جميع المبادئ والأديان الأخري.

ويقول تبارک وتعالي:

«وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» [4] .

فالفئات المضطهدة المستضعفة المحرومة في الأرض والتي من أظهر مصاديقها أئمة الحق أهل بيت محمد صلوات اللَّه عليهم أجمعين... سيمن اللَّه عليهم وسيتيح لهم المجال ليکونوا أئمة العالم وقادته عملياً وليرثوا مکاسب وثروات الکون في ظل دولة العدالة والإيمان.

إنها لآيات صريحة کلها تؤکد انتصار الحق أخيراً، وأخذه بزمان العالم إلي شاطئ الأمن والإيمان.

ولاشک أن هذه الوعود لم تتحقق فيما مضي من تاريخ الإنسان وليس هي الآن متحققة في واقع الإنسان. فليس أمامنا إذن إلا التشکيک بصدق هذه الوعود -والعياذ باللّه- أو الإيمان بأنها ستحقق في المستقبل. وإذا کان لا يمکننا التشکيک في صحة هذه الوعود وصدقها لأنها «وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ» [5] ، و «إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» [6] فلابد لنا إذن من الاطمئنان بأن هذه الوعود ستصبح حقيقة واقعة في مستقبل الحياة وإن طال الأمد.


پاورقي

[1] سورة الأنبياء، الآية 105.

[2] سورة غافر، الآية 51.

[3] سورة التوبة، الآية 33.

[4] سورة القصص، الآية 5.

[5] سورة الروم، الآية 6.

[6] سورة آل عمران، الآية 9.