معرفته بحديث النفس و ما في الضمير


57- روي الشيخ بإسناده عن محمّد بن احمد الانصاري قال: وجّه قوم من المفوّضة والمقصّرة کامل بن إبراهيم المدني إلي أبي محمّد (عليه السلام) ليناظره في أمرهم.

قال کامل: فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي، وقال بمقالتي، قال: فلمّـا دخلت علي سيّدي أبي محمّد (عليه السلام) نظرت إلي ثياب بيض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان، وينهانا عن لبس مثله؟ فقال متبسّماً: يا کامل، وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن علي جلده، فقال: هذا لله وهذا لکم، فسلّمت وجلست إلي باب عليه ستر مرخي، فجاءت الريح فکشفت طرفه، فإذا أنا بفتي کأ نّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي: يا کامل بن إبراهيم، فاقشعررت من ذلک واُلهمت أن قلت: لبّيک يا سيّدي، فقال: جئت إلي وليّ الله وحجّته وبابه تسأله، هل يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتک، وقال بمقالتک؟ فقلت: إي والله، قال: إذن والله يقلّ داخلها، والله إنّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّية، قلت: يا سيّدي، ومن هم؟ قال: قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقّه، ولا يدرون ما حقّه وفضله.

ثمّ سکت (عليه السلام) عنّي ساعة، ثمّ قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة، کذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله فإذا شاء شئنا، والله يقول: وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله.

ثمّ رجع الستر إلي حالته، فلم أستطع کشفه، فنظر إليّ أبو محمّد (عليه السلام) متبسّماً فقال: يا کامل، ما جلوسک وقد أنبأک بحاجتک الحجّة من بعدي، فقمت وخرجت



[ صفحه 60]



ولم اُعاينه بعد ذلک [1] .

58- وفي (منتخب الاثر) عن أربعين الخاتون آبادي، قال الفضل بن شاذان: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، قال: لمّـا همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي، وهو رجل شديد النصب، وکان مولعاً بقتل الشيعة، فاُخبرت بذلک، وغلب عليّ خوف عظيم، فودّعت أهلي وأحبّائي، وتوجّهت إلي دار أبي محمّد (عليه السلام) لاُودّعه، وکنت أردت الهرب، فلمّـا دخلت عليه، رأيت غلاماً جالساً في جنبه، وکان وجهه مضيئاً کالقمر ليلة البدر، فتحيّرت من نوره وضيائه، وکدت أنسي ما کنت فيه من الخوف والهرب. فقال: يا إبراهيم، لا تهرب، فإنّ الله تبارک وتعالي سيکفيک شرّه، فازدادت حيرتي، فقلت لابي محمّد (عليه السلام): يا سيّدي، جعلني الله فداک، من هو وقد أخبرني عمّـا کان في ضميري؟! فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي، وهو الذي يغيب غيبة طويلة، ويظهر بعد امتلاء الارض جوراً وظلماً، فيملاها عدلاً وقسطاً. فسألته عن اسمه، قال: هو سميّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) وکنيّه، ولا يحلّ لاحد أن يسمّيه باسمه، أو يکنّيه بکنيته إلي أن يظهر الله دولته وسلطنته، فاکتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منّا اليوم إلاّ عن أهله، فصلّيت عليهما وآبائهما، وخرجت مستظهراً بفضل الله تعالي واثقاً بما سمعته من الصاحب (عليه السلام) فبشّرني عليّ بن فارس بأنّ المعتمد قد أرسل أبا احمد أخاه، وأمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أبو احمد في ذلک اليوم، وقطّعه عضواً عضواً [2] .



[ صفحه 61]




پاورقي

[1] الانوار البهيّة: 289.

[2] منتخب الاثر: 353 / 3.