کيف يکون حيا بجسمه الحيواني في سرداب و لا يراه الناس؟


قالوا: کيف يمکن أن يکون شخص حيّ بجسمه الحيواني موجوداً في سرداب يري الناس ولا يرونه، ومن الذي يأتيه بطعامه وشرابه ويقوم بحوائجه؟

والجواب: أنّ هذا جهل ممّن يري أنّ الشيعة تعتقد وجود المهدي (عليه السلام) في سرداب بسرّ من رأي يري الناس ولا يرونه، فإنّ ذلک لا أصل له ولا يعتقده ذو معرفة من الشيعة، بل الشيعة تعتقد بوجود المهدي حيّاً في هذه الدنيا يري الناس ويرونه ولا يعرفونه، وقد رفع مولانا الصادق (عليه السلام) في الاحاديث المرويّة عنه في المهدي (عليه السلام) استبعاد ذلک بأنّ إخوة يوسف تاجروه وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته فلم يعرفوه.

قال (عليه السلام): وما تنکر هذه الاُمّة أن يکون الله يفعل بحجّته ما فعل بيوسف، أن يکون يسير في أسواقهم، ويطأ بسطهم، وهم لا يعرفونه، حتّي يأذن الله عزّ وجلّ أن يعرفهم نفسه کما أذن ليوسف.

وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): إنّ في صاحب هذا الامر سنناً من الانبياء. إلي



[ صفحه 551]



أن قال: وأمّا سنّته من يوسف فالستر، جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه.

وقد نشأت شبهة أنّ الشيعة يعتقدون بوجود المهدي في سرداب بسرّمن رأي، من زيارتهم لذلک السرداب وتبرّکهم به وصلاتهم فيه وزيارة المهدي (عليه السلام) فيه، فتوهّموا أ نّهم يقولون بوجوده في السرداب، وتقوّل بعضهم عليهم بأ نّهم يأتون في کلّ جمعة بالسلاح والخيول إلي باب السرداب ويصرخون وينادون: يا مولانا اخرج إلينا، وقال: إنّ ذلک بالحلّة، ثمّ شنع عليهم تشنيعاً عظيماً، ونسبهم إلي السخف وسفاهة العقل [1] ، وهذا ليس بعجيب من تقوّلاتهم الکثيرة علي الشيعة بالباطل، وهذا الذي زعمه هذا القائل لم نره ولم يسمع به سامع من غيره، وإنّما أخذه قائله من أفواه المتقوّلين، أو افتراه من نفسه، حتّي أ نّه لم يفهم أنّ السرداب بسامراء لا بالحلّة.

وسبب زيارة الشيعة لذلک السرداب وتبرّکهم به، أ نّه سرداب الدار التي کان يسکنها الامامان عليّ بن محمّد الهادي، وابنه الحسن بن عليّ العسکري، وابنه الامام المهدي (عليهم السلام)، وتشرّف بسکناهم له، وقد رويت للامام المهدي (عليه السلام) فيه معجزة، ورويت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فيه زيارة للمهدي (عليه السلام)، فلذلک يزورونه فيه بتلک الزيارة، ورويت فيه أدعية وصلوات يفعلونها فيه [2] .



[ صفحه 552]




پاورقي

[1] راجع تأريخ ابن خلدون 1: 352، وکتاب المهدية في الاسلام / لسعد محمّد حسن: 129 ـ 130، والصراع بين الاسلام والوثنية / القصيمي: 42.

[2] أعيان الشيعة 2: 62، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 73.